أجمع عدد كبير من العاملين في قطاع الصناعات الغذائية المصرية، أن القطاع لم يفقد جاذبيته الاستثمارية بعد، رغم الأزمات التي يمر بها طوال الفترة الماضية عالميًا ومحليًا، وبالتحديد منذ اندلاع الغزو الروسي في أوكرانيا، لكنه يُعاني للأسباب نفسها ويحتاج إلى تنمية عاجلة.
ما الذي يحدث؟
منذ أن اندلع الغزو الروسي لأوكرانيا، تأثر الاقتصاد الدولي على كافة الأصعدة، ليقل المعروض من المواد الخام والغذائية منها بالتحديد، لترتفع أسعارها العالمية بشكل جنوني لأشهر، قبل أن تتراجع مرة أخرى لتصطدم مباشرة بأزمة العملة الصعبة محليًا، ولا ننسى الأزمة الطاحنة في سوق الطاقة العالمي التي أثرت كثيرًا على عمليات إنتاج الخامات خاصة في أسواق أوروبا.
تضاعف أسعار الخامات
قفزت أسعار معظم خامات ومستلزمات الإنتاج فوق الضعف بعد الغزو الروسي في أوكرانيا، وفق أحمد كمال، أحد مستوردي النكهات الصناعية للقطاع الغذائي في مصر.
لا يستطيع موردو الخامات الغذائية إبرام تعاقدات جديدة من الأسواق الخارجية في ظل نُدرة جزء كبير من خامات الإنتاج فى بلاد المنشأ، أوضح كمال.
العملة الصعبة محليًا
مثل باقي القطاعات، يُعاني قطاع الصناعات الغذائية من نقص العملة الصعبة اللازمة لاستيراد المواد الخام، ونظرًا لأن القطاع يوفر جزء كبير من احتياجاته للمواد الخام الأولية والوسيطة عبر الاستيراد تتفاقم الأزمة، وفق مصدر تحدث إلى “نشرة الصناعات الغذائية من ايكونومي بلس”.
المصدر الذي رفض ذكر اسمه، قال إن نقص العملة الصعبة يضغط على المصانع بشكل مُباشر، ويقلل من قدرتها على توفير المواد الخام اللازمة للتصنيع في أغلب القطاعات، ما يرفع أعباء التكاليف ويُقلل الإنتاج بصورة لا تُغطي كافة الطلبات المحلية والتصديرية.
الطاقة والبحث عن بدائل للخامات
صعوبة توفر الخامات ليس بسبب عدم وفرة النقد الأجنبي فقط وإنما لقلة توافر هذه الخامات عالميًا، إذ أن العديد من المصانع وسلاسل الإمداد على مستوى العالم توقفت عن الإنتاج لأسباب مختلفة، وفق رئيس المجلس التصديري للصناعات الغذائية، هاني برزي.
اتجهت شركات محلية، للبحث عن مناشئ بديلة للاستيراد بسبب نقص المعروض العالمي من مُستلزمات الإنتاج على إثر أزمة الطاقة في أوروبا، وأخرى تتفاوض مع شركات عالمية لجذبها إلى التصنيع في السوق المصري.
“موردون أجانب يرفضون إبرام تعاقدات جديدة لتوريد خامات في المستقبل، بسبب نقص الخامات الأولية لديهم، على خلفية ضعف سلاسل الإمداد وعدم توفر الخامات اللازمة للتصنيع”، أوضح برزي.
يرى برزي أنه لا يوجد ميزة تنافسية لمصر لجذب تلك الشركات للعمل بها حاليًا، وخصوصًا فى بعض المواد الدقيقة التي يصعب توافر مادتها الخام محليًا مثل زيوت الذرة ولبن البوردة.
أضاف برزي: “بالفعل، فالصناعات الغذائية قطعت شوطًا كبيرًا لتوطين صناعة المواد الخام بنسبة 80%، مثل مُكسبات الطعم واللون، واستقطبت الكثير من الشركات العالمية للمواد التى يمكن تصنيعها على مدار 30 عاما مضت”.
ويقول رئيس مجلس إدارة شركة سيما للصناعات الغذائية، أحمد فندي، إن شركات أخرى اضطرت خلال الأشهر الماضية إلى تدبير مستلزمات إنتاجها من وكلاء محليين بعد تعثر الشركات العالمية فى توريد المادة الخام.
ضغوط تضخمية
تواجه شركات الأغذية في مصر ضغوطًا تضخمية مدفوعة بالنمو المُطرد في تكاليف التصنيع خلال الفترة الأخيرة، ما دفع هذه الشركات لتمرير قفزات التكلفة إلى المُستهلكين بصفة عامة، لكن بما لا يؤثر على قدراتهم في الطلب، وفق مُحللين للقطاع الغذائي المحلي.
المُحلل الذين رفضوا ذكر اسمهم، قالوا: “تحريك أسعار المنتجات دعم نمو إيرادات الكثير من الشركات بين 25 و60% لدى بعض الشركات، ما انعكس على نمو الأرباح رغم الضغط على هوامش الربحية، وفي النهاية فإن تحسين ضغوط التكاليف سيعظم من نتائج القطاع ويجذب له استثمارات أكثر”.
مطلوب استراتيجية
يوجد الكثير من الإجراءات التي يمكن أن تتخذها الدولة على المدى القصير و المتوسط و البعيد، وأصبحت في حاجة ملحة لوضع استراتيجية للصناعة في مصر تهتم بعامل التنمية المُستدامة خلال 10 سنوات مُقبلة، وفق رئيس المجلس التصديري هاني برزي.
قطاع الصناعات الغذائية يصدر 70 سلعة لدول للعالم، من خلال 2198 مصدر يعملون في السوق المصري، وبالفعل، بدأنا نتميز في بعض المنتجات الكثيرة مثل الفراولة المجمدة، والزيتون، والبصل المجفف، ونُريد الاستمرار في باقي المنتجات لتحقيق طفرة كبيرة على مستوى الإنتاج للسوقين المحلي والتصدير، أوضح برزي.
استراتيجية الـ10 سنوات، طالب بها أيضًا عضو لجنة الزراعة بمجلس النواب، عامر الشوربجي، والذي أكد على أهمية توطين الصناعات محليًا، وتقليل الواردات، خاصة الزراعية منها مع الاستمرار في الاستغلال الأمثل لموارد الدولة من الغاز الطبيعي والبترول ومشتقاته لزيادة احتياطي النقد الأجنبي.
تذليل العقبات أمام القطاع الخاص بشكل عام والصناعة الوطنية بشكل خاص لتجاوز التحديات الاقتصادية والاجتماعية، من خلال ترجمة فعلية للخطط التنموية الطموحة للدولة لتحسين البيئة الحاضنة للاستثمار الصناعي في مصر، من أبرز مطالب التنمية في الفترة الحالية.
لمتابعة أخر الأخبار والتحليلات من إيكونومي بلس عبر واتس اب اضغط هنا