بعد نحو ثلاثة أسابيع يحل علينا شهر رمضان، لكن يأتينا الشهر الكريم هذا العام وسط تحديات كبرى يواجهها المستهلكون على مستويات عدة، أبرزها بالتأكيد هو توافر احتياجاتهم من الغذاء وأسعاره بالطبع، ومدى قدرتهم على شراء متطلباتهم التي ترتفع خلال الشهر تلقائيًا، وفق خبراء تحدثوا مع “نشرة الصناعات الغذائية من ايكونومي بلس”.
ما القصة؟
يأتي شهر رمضان وسط تضخم أسعار الغذاء في الأسواق المحلية، وحال ارتفاع الطلب خلال الشهر كما يحدث كل عام بين 15 و20% تقريبًا، بالتأكيد سنجد مزيدًأ من تراجع المعروض من السلع وارتفاع جديد في الأسعار، قال محللون لأسواق الغذاء لـ”نشرة الصناعات الغذائية من ايكونومي بلس”.
الأسعار المرتفعة أصلًا، أثرت على طلبات المستهلكين بالفعل خلال الفترة الأخيرة، وحاليًا تتوقع أغلب شركات الأغذية تراجع كبير في نتائج أعمالها وأرباحها بنهاية العام على خلفية توتر السوق وعدم امتلاك المستهلكين القيمة المادية التي تُلبي احتياجاتهم في أغلب الفترات وبالتأكيد خلال شهر رمضان، أوضح المحللين.
شكل الأزمة
الأسعار المحلية في مصر، لم تتجاوب مع تراجعات الأسعار العالمية خلال الشهور العشرة الأخيرة، بسبب عوامل لها علاقة بأزمة العملة الصعبة وعدم قدرة مصر على إدخال كافة البضائع المستوردة المحتجزة في موانئها، قالت مصادر تحدثت لـ”النشرة”.
المصادر أشارت إلى نمو يصل إلى 25% في تكاليف إنتاج الغذاء بأغلب القطاعات منذ بداية العام الجاري فقط، وهذه نسبة كبيرة جدًا لم تستطع الشركات مجاراتها بزيادة أسعارها، وبالتالي تآكل هوامش الأرباح وتراجع المبيعات الإجمالية، وشهدنا ارتفاع اقتراب سعر كيلو الدواجن من 100 جنيهًا للمستهلكين، وارتفاع أسعار اللحوم الحية فوق 300 جنيه للكيلو، كسلع أساسية خلال الشهر الكريم.
“كثير من السلع الأساسية للمستهلكين لا تجد خامات تصنيع كافية، بسبب أزمة شح الدولار وتأخر الإفراجات الجمركية على البضائع المستوردة، ومنها القمح والذرة والفول الصويا مثلا”، قال عضو شعبة المطاحن وليد دياب.
دياب أوضح، أن المطاحن مثلًا لا تجد كامل احتياجاتها من القمح للعمل بطاقة إنتاجية طبيعية طوال الفترة الأخيرة، وكثير من المطاحن متوقفة تمامًا عن العمل، ما يوضح شكل تراجع المعروض من السلع ويُفسر ارتفاع أسعار المتاح منها.
لماذا لا تتراجع أسعار السلع محليا؟
مع الانخفاضات الكبيرة في أسعار السلع العالمية خلال الشهور الأخيرة، لم تتراجع الأسعار في مصر، وهو ما فسره مستشار وزير التموين، مدحت نافع، بأن بورصات الغذاء تمر بفترات إبطاء في بعض الأحيان فليس بالضرورة أن يواكب تراجع الأسعار العالمية انخفاضًا في الأسواق المحلية.
نافع قال، إن فترات الإبطاء تأتي بسبب عوامل عدة تؤثر بشكل إقليمي ومحلي على الأسعار، ومنها شهر رمضان الذي يرتفع فيه الطلب بشكل كبير وبالتالي زيادة الأسعار، وأيضًا موسم الشتاء الذي يرتفع فيه الطلب على الغذاء كنوع من أنواع الطاقة والدفء للبشر.
في مصر، كان من المفترض أن تؤثر التقلبات الأخيرة سلبًا على التضخم العام أكثر منه على التضخم الأساسي، لكن العكس هو ما حدث، فشهدنا ارتفاعا كبيرا في التضخم الأساسي خلال الفترة الأخيرة، وهو ما طلبنا من وزارة التخطيط تفسيره بشكل رسمي، أوضح نافع.
بلغ معدل التضخم الأساسي 31.2% في يناير الماضي، فيما بلغ معدل التضخم السنوي العام 26.8%.
التضخم العام والأساسي
الفارق بين معدل التضخم العام، والتضخم الأساسي يكمن في آلية الحساب، إذ يحسب الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء معدل التضخم العام من خلال قياس التغير في أسعار سلة تحتوى على نحو 1000 سلعة وخدمة مثل (الخضروات، اللحوم، الحبوب، أسعار الكهرباء، في حين أن التضخم الأساسي يتم حسابه بعد استبعاد نوعين من السلع والخدمات من سلة القياس في التضخم العام، وهذين النوعين هما؛ السلع التي تُحدد أسعارها إداريًا أي بواسطة الحكومة مثل الكهرباء والمياه والبنزين، والسلع شديدة التقلب في أسعارها وتحديدًا في بندي الخضروات والفاكهة.
كورونا والغزو
يرى نافع، أنه على الرغم من تخفيف حدة الإغلاقات التي شهدها العالم مع الإعلان عن تفشي فيروس كورونا في 2020، خاصة في الصين، لكن لا تزال العودة لم تؤت ثمارها على الأسواق العالمية، كما أن الغزو الروسي على أوكرانيا تُقلي بظلالها على المشهد العالمي، كما أن الزيادة السكانية لا تزال واحدة من التحديات الاقتصادية التي تواجه مصر في السنوات الأخيرة.
ثقافة رمضان
“يجب أن نعمل على تغيير ثقافة المصريين في التعامل مع شهر رمضان، خاصة من حيث ارتفاع عمليات الاستهلاك السلعي، وسواء توجد أزمة أم لا، فالارتفاع الكبير في الطلب خلال الشهر يخلق أزمة بالتأكيد”، أوضح مستشار وزير التموين.
أشار إلى أن وزارة التموين لديها احتياطي استراتيجي جيد من السلع الأساسية يكفي عدة أشهر، ولا يوجد تخوف من أن ينفذ في الأجل القريب، ومع الانفراجة الأخيرة فيما يخص الإفراجات الجمركية تحسن الوضع ولدينا سلعًا أكثر في الفترة الحالية.
شنط رمضان
طرحت العديد من المنافذ التجارية الخاصة والعامة شنط رمضان هذا العام لكن بأسعار أعلى من أسعار العام الماضي بالتأكيد.
هايبر وان، كان من المنافذ الخاصة التي طرحت شنط رمضان هذا العام على مستويات سعرية تصل إلى 240 جنيه للشنطة التي تضم 10 سلع غذائية.
أيضًا، تطرح وزارة التموين شنط رمضان من خلال الفروع التابعة لها، خاصة في المجمعات الاستهلاكية، وتبدء أسعارها من 55 جنيه للشنطة الواحدة بواقع 6 سلع أبرزها الأرز والسكر والزيت، وصولًا إلى أكبر كرتونة بسعر 136 جنيه تحتوي على 9 سلع.
لمتابعة أخر الأخبار والتحليلات من إيكونومي بلس عبر واتس اب اضغط هنا