ملفات

الحقيقة المرة.. شركات المشروبات فى مواجهة ضريبة السكر

تحفز ضرائب السكر التى تستهدف المشروبات المحلاة دائماً النقاش الساخن حيث يرى المؤيدون أن الضرائب وسيلة لزيادة أسعار المشروبات الغازية وبالتالى كبح الاستهلاك، وتشجيع المصنعين على إعادة صياغة طرق التصنيع أو خلق بدائل، وأيضاً تحقق إيرادات للإنفاق على الصحة العامة.
لكن المعارضين يقولون إنه لا يوجد دليل قوى على أن ضرائب السكر فعالة، وغالباً ما يكون من الصعب إثبات السبب والنتيجة، قائلين إنها تتسبب فى خسارة وظائف مما يضر بالعاملين الأقل دخلاً.
وتستهدف ضرائب السكر بشكل عام المشروبات المحلاة بالسكر خاصة العصائر ومشروبات الألبان كما أن هناك دعوات فى بعض البلدان لتوسيع الضرائب على البضائع السكرية لتشمل سلع مثل الحلويات.
والحقيقة المرة أن الضريبة على السكر فى طريقها لتصبح ظاهرة عالمية، وتحتاج شركات المشروبات الكبرى والصغرى على حد سواء مواجهة ذلك بواقعية.

خريطة ضريبة السكر العالمية.. اتساع نطاق المعركة

الحكومات تفرضها بقوة القانون لأغراض حماية الصحة العامة

وضع رسوم تصاعدية النمط السائد فى تحديد معدل الضريبة

«كوكاكولا» تواجه الضرائب الإنجليزية بتخفيض وزن العبوة

لاتزال ضرائب السكر تتصدر العناوين الرئيسية فى نحو 30 دولة حول العالم ويلقى التقرير التالى نظرة على 20 دولة منها تسعى جميعها إلى معالجة البدانة التى باتت مصدر قلق كبير للعديد من الحكومات، ويمكن تسليط الضوء على النقاش الدائر حول ضريبة السكر فى عدد من الدول:

1 – الولايات المتحدة الأمريكية
بينما يبدو أن ضرائب السكر تكتسب زخماً فى الولايات المتحدة قبل بضع سنوات، حيث جرى فرض ضرائب على الصودا فى مقاطعات وولايات عدة ومنها بيركلى وأوكلاند وسان فرانسيسكو وسان نافو نيشن وفيلادلفيا وسياتل، انقلب المد إلى حد ما فى العامين الماضيين مع رفض سكان سانتا ضريبة الصودا فى عام 2017، وألغيت الحكومة فى مقاطعة كوك بولاية إلينوى ضريبة الصودا بعد أشهر من فرضها.
وبينما أيدت المحكمة العليا فى ولاية بنسلفانيا ضريبة المشروبات المحلاة فى فيلادلفيا خلال يوليو 2018 إلا أن مشروع قانون قدمه ممثل الولاية بمجلس النواب مارك موستيو لوقف العمل بضريبة 1.5 سنت / أوقية على المشروبات المحلاة بالسكر ما يزال قيد البحث.
وقد أصدرت كل من كاليفورنيا وميشيجان قوانين لوقف ضرائب المشروبات والضرائب الغذائية المحلية الجديدة، ويشعر أعضاء جماعات الدفاع عن الصحة بالإحباط جراء ما يعتبرونه تأثيراً لنفوذ شركات المشروبات مثل كوكاكولا وبيبسى وريد بول على صانعى القرار.
وتقول جمعية المشروبات الأمريكية، أن هذه الضرائب “لا تجعل الناس أكثر صحة، بل أكثر فقراً”، ولكن مركز العلوم فى المصلحة العامة (CSPI) يؤكد أن الضرائب قد خفضت استهلاك المشروبات السكرية وزيادة استهلاك البدائل الصحية.
لكن دراسة أجريت عام 2017 أشارت إلى أن ضريبة الصودا لم تنتقل بالكامل إلى المستهلكين فى بيركلى بولاية كاليفورنيا ومع ذلك انخفض استهلاك سكان بيركلى من المشروبات المحلاة بالسكر بنسبة %9.6 فى حين ارتفعت مبيعات المشروبات غير الخاضعة للضريبة بنسبة %3.5، كما لم تنخفض إيرادات المتاجر فى بيركلى وفى المقابل ارتفعت مبيعات المشروبات المحلاة فى المدن التى لا تفرض ضريبة بنسبة %6.9.
ورصدت الولايات المتحدة قائمة بالمشروبات غير الصحية للأطفال وعلى رأسها الصودا، واستجابت العديد من المطاعم الكبرى ففى حدائق ديزنى الترفيهية، أصبحت وجبات الأطفال تأتى تلقائياً مع مشروب أكثر صحة بدلاً من المشروبات الغازية بجانب الفواكه والخضراوات بدلاً من البطاطس المقلية ولم تتأثر المبيعات سلباً.

2 – المملكة المتحدة

أدخلت المملكة المتحدة ضريبة لصناعة المشروبات الغازية فى أبريل 2018 ولديها مستويان: معدل أقل قدره 18 بنس لكل لتر للمشروبات التى تحتوى على 5 جرامات من السكر لكل 100 مل أو أكثر؛ ومعدل أعلى من 24 بنس لكل 8 جرامات سكر أو أكثر.
وفى عام 2016، أعلنت الحكومة عزمها فرض الضريبة وجرى منح المصنعين عامين لإعادة ترتيب الأوضاع أو إعادة التوازن لمحفظة منتجاتهم والتزم العديد من العلامات التجارية الكبرى مثل سبرايت وكابرى صن وإيرن برو.
وتوقعت الحكومة انها ستجمع أكثر من 500 مليون إسترلينى كضريبة، لكنها جمعت 380 مليون تقريباً بفضل التزام عدد كبير من الشركات بخفض نسبة السكر فى منتجاتها، كما تراجع الاستهلاك منها.


3 – أيرلندا
فرضت أيرلندا ضريبة السكر فى مايو 2018 على المشروبات المحلاة بالسكر الخاصة بنفس الطريقة التى فعلنت بريطانيا باستخدام نظام ثنائى المستوى.
بالنسبة للمشروبات المحلاة بالسكر التى تحتوي على نسبة 5 جرامات من السكر أو أكثر لكل 100 مل، يتم تطبيق ضريبة بقيمة 20 سنتاً أما بالنسبة للمشروبات التى تحتوى على 8 جرامات من السكر أو أكثر، فإن السعر هو 30 سنتاً، ومن المتوقع أن تصل عائدات ضريبة السكر فى تقديرها النهائى للسنة المالية الحالية 2018-2019 حوالى 45 مليون دولار فى عامها الأول.
4 – إسبانيا
أعلنت إسبانيا فى عام 2016 عن خطط لفرض ضريبة على المشروبات المحلاة بالسكر، لكن منذ ذلك الحين تم وضع جدول أعمال لتنفيذه من قبل الحكومة.
ولجأت مدريد بدلاً من ذلك إلى وضع برنامج إعادة صياغة طوعى مع مصنعى الطعام والشراب بهدف تقليل الملح والسكر والدهون فى 3500 منتج بنسبة %10 بحلول عام 2020.
من ناحية أخرى، فرضت منطقة كاتالونيا المتمتعة بالحكم الذاتى ضريبة على المشروبات السكرية منذ مايو 2017 بهدف تشجيع تغيير عادات الاستهلاك على النحو الذى أوصت به منظمة الصحة العالمية.
وتضاف ضريبة تبلغ 0.08 يورو لكل لتر على المشروبات التى تحتوى على نسبة سكر بين 5 و8 جرامات لكل 100 مل، وترتفع إلى 0.12 يورو لكل لتر للمشروبات التى تزيد على 8 جرامات لكل 100 مل.
ويعارض المصنّعون الأسبان الإجراء الكاتالونى على أساس أنه يعطل السوق ويهدد مجموعة من أصحاب المصلحة بما فى ذلك مجموعة تجارة المواد الغذائية والمشروبات، وFIAB، ورابطة المشروبات ANFABA باللجوء إلى القضاء لوقف أى تشريع ضريبى من هذا النوع.
5 – إستونيا
أعلنت إستونيا عن خطط لفرض ضريبة على المشروبات المحلاة بالسكر فى عام 2016، لكن ليس من المقرر أن تدخل حيز التنفيذ حتى الآن وتشمل الضريبة مشروبات الألبان مثل الزبادى المحلى والحليب وبدائل الحليب النباتية مثل منتجات يدخل فيها فول الصويا.
وفقًا لتقرير صادر عن الحكومة الإستونية، فإن الصلة بين المشروبات السكرية وزيادة الوزن أقوى من أى أطعمة أو مشروبات أخرى.
ويلاحظ أن ما يقرب من %90 من أطفال المدارس الإستونية يشربون المشروبات المحلاة بالسكر بشكل عام، و57 ٪ يشربونها مرة واحدة على الأقل فى الأسبوع.
6 – فرنسا
لسنوات، فرضت فرنسا ضريبة منخفضة المستوى على المشروبات السكرية بقيمة 7.53 يورو لكل 100 لتر لجميع المشروبات التى تحتوى على السكر بغض النظر عن كمية السكر فى المشروبات، وفى يوليو 2018، أدخلت الحكومة معدل الضريبة المتدرجة التى تختلف وفقاً لمحتوى السكر.
وترتفع الضريبة تدريجياً إلى حوالى 20 يورو لكل 100 لتر للمنتجات التى تحتوى على أكثر من 11 جراماً من السكر المضاف لكل 100 مل، وانخفض محتوى السكر فى معظم المشروبات الغازية بنسبة تتراوح من 30 إلى %70 فى غضون أسابيع قليلة كما أن عائدات الضرائب جرى تخصيصها لتمويل نفقات الضمان الاجتماعى.
وتصدرت شركة سبرايت المرتبة الأولى فى فئة تخفيض السكر كرد فعل على الضريبة، حيث قللت من نسبة السكر من 6.6 جرام لكل 100 مل إلى 2 جرام، أى ما يعادل انخفاضاً بنسبة تزيد على %70، وأعقبها فى ذلك شركة شويبس التى خفضت السكر بنسبة %40.
اللافت للنظر أن شركة كوكاكولا لم تغير صياغة علامتها التجارية الأصلية لتجنب الضريبة، لكنها خفضت تدريجياً حجم زجاجات معينة تباع فى محلات السوبر ماركت من 2 لتر إلى 1.75 لتر ومن 1.5 إلى 1.25 وفى بعض المنتجات رفعت السعر قليلاً لتحميل المستهلك جزء من الضريبة.
7 – البرتغال
فرضت البرتغال ضريبة على المشروبات المحلاة بالسكر فى عام 2017، مع توجيه العائدات نحو النظام الصحى الوطنى.
ويتم تطبيق الضريبة على عدة مستويات، ففى ميزانية عام 2019 وضعت الحكومة خططًا لزيادة الرسوم فى الشريحة الضريبية الأعلى، وتفرض البرتغال أيضاً ضريبة على الأطعمة التى تحتوى على نسبة عالية من الملح.
8 – جنوب أفريقيا
دخلت ضريبة السكر فى جنوب أفريقيا حيز التنفيذ خلال أبريل 2018 حيث تم تصميم هذه الخطوة لزيادة أسعار المشروبات الغازية.
ويبلغ رسم الضريبة 2.1 سنت لكل جرام من محتوى السكر الذى يتجاوز 4 جم لكل 100 مل «مع احتساب أول 4 جرام لكل 100 مل بدون ضريبة».
ويشير مصطلح «السكر» إلى السكريات الداخلية والمضافة وأى مواد تحلية أخرى، ومع ذلك فإن عصير الفاكهة معفى من الضريبة، وفى أول 6 أشهر، تم تحقيق 56.2 مليون دولار عائدات ضريبية.
9 – تشيلى
فرضت تشيلى ضريبة على المشروبات المحلاة بالسكر عام 2014 تستهدف أى مشروبات غير كحولية أضيفت إليها مواد تلوين أو مواد سكرية أو مواد تحلية. ويتم تطبيقها على المشروبات بتركيز سكر إضافى يبلغ 6.25 جرام لكل 100 مل أو أكثر، مع رفع الضريبة السابقة من %13 إلى %18.
من ناحية أخرى، فإن المشروبات التى تقل مستويات السكر فيها عن هذه النسبة تستفيد من انخفاض الضريبة من %13 إلى %10، مما ينتج عنه فرق ضريبى بنسبة %8.
وساهمت الضريبة فى انخفاض بنسبة %22 بحجم مبيعات المشروبات الغازية السكرية، ومع ذلك شوهدت أكبر انخفاضات فى المجموعات الاجتماعية والاقتصادية المتوسطة والعالية مع انخفاض بنسبة %12 فقط فى حجم الشراء للمجموعة الاجتماعية والاقتصادية المنخفضة.
10 – المكسيك
ظهرت ضريبة السكر فى المكسيك أيضاً عام 2014، ووجدت دراسة عام 2017 للمعهد الوطنى المكسيكى للصحة العامة أن استهلاك الصودا انخفض بنسبة 5.5% فى العام الأول بعد تطبيق الضريبة، وتلاه انخفاض بنسبة %9.7 فى السنة الثانية.
وقد تردد صدى هذه البيانات فى نتائج المبيعات الشهرية والتى سجلت انخفاضاً بنسبة %7.3 فى مبيعات المشروبات المحلاة بعد عامين من ضريبة السكر فى المكسيك، مقارنة بين عامى 2007 و2013.
11 – بربادوس ودومينيكا
فرض كل من بربادوس ودومينيكا ضريبة بنسبة %10 على المشروبات المحلاة بالسكر فى عام 2015.
12 – البرازيل
فى البرازيل، على الرغم من عدم وجود مقترحات وشيكة لضريبة السكر، أعلنت وزارة الصحة فى البلاد مؤخراً عن اتفاق مع 68 شركة لخفض مستويات السكر فى 1147 منتجاً.
ووبموجب الاتفاق تنخفض مستويات استخدام السكر فى المشروبات المحلاة بمقدار 144 ألف طن بحلول عام 2022.
13 – كولومبيا
اقترحت كولومبيا فرض ضريبة بنسبة %20 على المشروبات المحلاة بالسكر، لكن تم قتلها فى اليوم الأخير من عام 2016 بعد أن تم إسقاطها من حزمة إصلاح الضريبة الأكبر.
14 – الفلبين
منذ بداية عام 2018، تم فرض ضرائب على المشروبات المحلاة بموجب قانون الإصلاح الضريبى فى الفلبين.
وتم وضع معدل 6 بيسو “عملة الفلبين المحلية” لكل لتر على المشروبات التى تحتوى على مواد تحلية ذات سعرات حرارية أو بدون سعرات حرارية و12 بيسو فلبينى لكل لتر على المشروبات التى تحتوى على شراب الذرة عالى الفركتوز.
وباستثناء عصير البودرة، تشمل الضرائب المشروبات شائعة التناول المحلاة بالسكر مثل المشروبات الغازية والمشروبات الرياضية ومشروبات الطاقة.
وفى السابق، احتجت مختلف الأطراف على ضريبة السكر، بما فى ذلك الرابطة الفلبينية للمحلات المتنوعة والمطاعم الصغيرة.
15 – ماليزيا
أعلن وزير المالية الماليزى ليم جوان إنج عن فرض ضريبة على المشروبات المحلاة بالسكر فى شهر سبتمبر الماضى عندما سلم ميزانية الدولة للعام المالى 2018-2019.
وتبلغ الرسوم 0.40 رينجيت ماليزى لكل لتر وبدأ تنفيذها فى 1 أبريل الماضى على المشروبات غير الكحولية التى تحتوي على سكريات إضافية تزيد عن 5 جرامات لكل شراب 100 مل؛ وتزيد نسبة السكريات المسموحة فى عصير الفاكهة أو الخضار الذى يحتوى على سكريات إضافية تزيد فقط إلى 12 جراماً لكل شراب 100 مل وفوق ذلك تطبق الضريبة بنفس المعدل لكل جرام زيادة.
16 – أستراليا
تسببت الصراعات الانتخابية بين الأحزاب السياسية فى تجنب وجود سياسات من المحتمل أن تؤدى إلى فرض ضريبة على السكر.
وحرصت أحزاب الحكومة الائتلافية التى تشمل الحزب الليبرالى الأسترالى، والحزب الوطنى الأسترالى والحزب الليبرالى الريفى، فضلاً عن حزب العمل الأسترالى المعارض الرئيسى على طمأنة الناخبين بأنه لن تكون هناك ضريبة على المشروبات المحلاة.
وجرت الانتخابات الفيدرالية الأسترالية فى مايو الماضى، لكن الأحزاب تستعد لانتخابات مجلس النواب ومجلس الشيوخ الإقليمى فى نوفمبر المقبل.
ومع ذلك، فإن المهنيين الصحيين فى البلاد يواصلون الضغط من أجل العمل، فى حين أن الصناعة تكثف التزاماتها الطوعية لخفض مستويات السكر تجنباً لضريبة قاسية، وبالفعل فى العام الماضى التزمت بعض شركات المجلس الأسترالى للمشروبات بتعهده بخفيض %20 من السكر عبر منتجاتها بحلول عام 2025.
ويحظى تعهد المجلس الأسترالى للمشروبات بدعم عدد من الشركات الكبرى منها كوكاكولا وبيبسى وغيرهما.
17 – نيوزيلندا
قال قطاع المشروبات النيوزيلندى إنه سيدرس تحركات مماثلة لتلك التى حدثت فى أستراليا، وسط مخاوف من تزايد الدعوات لفرض ضريبة على السكر.
جاء ذلك على خلفية صدور بيان لهيئة توجيه المشروبات النيوزيلندية يسلط الضوء على الضرورة الملحة لفرض ضريبة على المشروبات السكرية فى نيوزيلندا.
وطالب البيان بفرض ضريبة على المشروبات السكرية باعتباره أمر منطقى وضرورى وسوف يسهم فى تخفيف عبء أمراض السمنة ومرض السكرى من النوع الثانى وتسوس الأسنان وعدد من الأمراض الأخرى.
وفى الآونة الأخيرة، قام وزير الصحة النيوزيلندى الدكتور ديفيد كلارك بتعيين محام مشهور لوضع مقترح تشريعى لضرائب السكر.
18 – سنغافورة
لم تذكر حكومة سنغافورة ضريبة السكر فى ميزانيتها الجديدة على الرغم من مخاوف قطاع الأغذية والمشروبات من أنها قد تكون وضعت مقترح مماثل للعديد من الدول الأخرى فى تقديم الضريبة.
وتوجد شائعات بأن سنغافورة تدرس تجارب دول مثل الفلبين وسريلانكا وبروناى لفرض ضريبة على المشروبات المحلاة بالسكر وغيرها من المنتجات.
19 – سريلانكا
شهد العام الماضى جدلاً حول ضريبة المشروبات المحلاة فى سريلانكا عام 2018 بعد أن أدخلته حيز التنفيذ فى نوفمبر 2017 جراء تراجع مبيعات الشركات الكبرى وزيادة التكاليف والتى تحولت للمستهلكين.
وأمرت وزارة المالية فى البلاد بتخفيض فورى بنسبة %40 فى ضريبة السكر حيث خفضت الضريبة من 50 سنتاً لكل جرام إلى 30 سنتاً فقط.
فى حين أن هذه الخطوة قد رحبت بها الشركات لكن الحكومة متهمة من قبل المجموعات الصحية بالتراجع فى مكافحة مرض السكرى.

علاقة صناعة المشروبات بالسكر.. نهاية غير سعيدة

حملات للتصدى لإعلانات وسائل التواصل الاجتماعى الموجهة للأطفال

استشارات مجانية للمعلنين لوضع خطط دعاية ملتزمة بالمسئولية الأخلاقية

فرضت دول عديدة ضريبة السكر ولحقت بها مؤخراً المملكة المتحدة، واضطرت الشركات إلى إعادة صياغة الأسعار أو تعديلها لتجنب الخسائر ومع تزايد هذه الضرائب فى أنحاء كثيرة من العالم من الصعب ألا نتساءل عما إذا كانت الصناعة ستضطر إلى تغيير جذرى فى علاقتها بالسكر.
وباختصار فإن النظر إلى مخاطر تناول المشروبات المحلاة والمشروبات الغازية بات لا يقل عن مخاطر تناول المشروبات الكحولية بحسب تقرير موقع «درينكانسيت نيتويرك»، مما دفع الغالبية العظمى من الشركات إلى تقديم مزيج منخفض السعرات الحرارية ومضاف إليه عناصر صحية مثل الفيتامينات والزنجبيل لمواجهة تحول الجمهور العدائى تجاه السكر.
وما يمنع انهيار مبيعات المشروبات المحلاة هو حيرة المستهلكين بين البحث عن مشروبات صحية دون المساومة على المتعة أكثر من اللازم وهو ما يفسر استمرار الإقبال الكبير على مشروب الصودا رغم أوجاع زيادة الضرائب عليها.
ويقول مايك سبيرلينج الشريك الإدارى فى بارفلاى، إن ضريبة السكر البريطانية حتى الآن أدت إلى خفض أكثر من %50 من الشركات المصنعة لمحتوى السكر من المشروبات منذ الإعلان عنها فى مارس 2016 أى ما يعادل 45 مليون كيلوجرام من السكر كل عام.
وأضاف أنه مع ذلك توجد بعض الشركات لم تعيد ترتيب أوضاعها ويجب الآن تصعيد الضريبة على هذه المشروبات كما حدث بصورة تدريجية لضريبة التبغ بحيث تخفض الحكومة الحد الحالى البالغ 5 جرامات و8 جرامات لكل 100 مل تدريجياً وتزيد مبلغ الرسوم المدفوعة تدريجياً أيضاً، كما يجب أيضاً إدخال اللبن المخفوق بنسبة سكر عالية مثله مثل عصائر الفاكهة إذا لم يتم تقليل نسبة مواد التحلية بحلول عام 2022.
ويعد استهلاك مشروبات الطاقة فى المملكة المتحدة مشكلة متنامية أيضاً، خاصة بين الأطفال والمراهقين بين فئة 10 و14 عامًا، والتى تحتوى على مستويات مذهلة من السكر والكافيين المرتبط بفقدان النوم المزمن والإدمان بدرجة قد تصل إلى تسمم الدم.

وحظرت العديد من محلات السوبر ماركت الكبرى بيع مشروبات الطاقة إلى الأطفال دون سن 16 عاماً، لكن المتاجر الصغيرة تبيع كميات كبيرة وتدعو منظمات الصحة الإنجليزية إلى إصدار قانون ملزم بحظر بيعها لأقل من 16 عاماً من جميع المنافذ.
وبالنسبة لكوثر هاشم أخصائية تغذية فى شركة بيلفوير فإن أهم مميزات ضريبة السكر أنها فرضت على الشركات علاقة خاصة مع المستهلك حيث باتت احتياجاته وصحته لها أولوية.
وتنتج شركو بيلفوير مشروبات غازية عالية الجودة لأكثر من 30 عاماً، لكنها لم تلجأ يوماً للمحليات الصناعية المضرة وفى نفس الوقت تسعى حالياً إلى الاستجابة لاتجاه تقليل السكريات رغم أنها تحسن من التذوق وتحافظ على النكهة لكن يجب البحث عن حلول للقيام بذلك دون التنازل عن الذوق أو الجودة بحسب هاشم.
ويعتقد جريج ستيلتينبول، المدير التنفيذى ومؤسس مزارع كاليفورنيا أنه على قطاع المشروبات أن يتكيف مع الضرائب التى تنتشر كالنار فى الهشيم منتقداً افتقاره إلى التشاور بين شركاته.
وأضاف أن إحداث التوازن بين الضرائب ونسبة السكر فى المشروبات هو الأمثل فكل شىء يتميز بالاعتدال والتوازن يكون مفيد للجميع والسكر ليس استثناء فى ذلك.


ويشير تقرير لموقع «داون إيرث» إلى أن شركات المشروبات الغازية تستثمر بكثافة فى البلدان النامية منذ عام 2016 وهى سياسة تبنتها الشركات متعددة الجنسيات بالاتجاه إلى البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل مع تباطؤ المبيعات فى أمريكا الشمالية وأوروبا.
ويقول تقرير جديد صادر عن مركز العلوم فى المصلحة العامة الأمريكية إن المنتجين متعددى الجنسيات والمحليين من المشروبات المحلاة بالسكر يستثمرون بكثافة فى البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل فى أعقاب انخفاض المبيعات بالبلدان الغنية.
وآوضح التقرير، أن الشركات تنفق مليارات من الدولارات سنوياً فى دول مثل البرازيل والصين والهند والمكسيك لبناء مصانع تعبئة الزجاجات وإنشاء شبكات توزيع والإعلان عن منتجاتها لزيادة المبيعات إلى أقصى حد.
وسبقت شركات التبغ فى هذا النهج منذ سنوات طويلة فعندما تراجعت مبيعات السجائر فى الولايات المتحدة ودول أخرى من خلال برامج قوية لمكافحة التبغ سرعان ما ركزت شركات القطاع على العالم النامى للحفاظ على أرباحها بحسب رئيس مركز العلوم مايكل جاكوبسون.
وأضاف أن شركات المشروبات الغازية تجد أن نفس الاستراتيجيات تعمل على زيادة مبيعاتها فى هذه البلدان التى تتمتع بزيادة عدد السكان وتحسن مستوى الدخل بشكل متزايد وفى نفس الوقت، فإن الحكومات فيها أقل رغبة فى تبنى استراتيجيات عدوانية للحد من استهلاك المشروبات المحلاة.
وأشارت دراسة للمركز إلى أن الولايات المتحدة شهدت انخفاض استهلاك الفرد من المشروبات المحلاة بالسكر بنسبة %25 بين عامى 1998 و2014، وانخفضت المبيعات فى أمريكا الشمالية وأوروبا بنسب قريبة، بينما انخفض الاستهلاك الأمريكى %10 العام الماضى فى المناطق التى تطبق ضريبة السكر والصودا.
وتشير التوقعات إلى أن مبيعات الصودا فى آسيا والمحيط الهادئ ودول الشرق الأوسط وأفريقيا فى تزايد مستمر حيث يصل متوسط استهلاك الفرد إلى نص لتر يومياً فى أمريكا اللاتينية على سبيل المثال.
وبحسب مركز العلوم الأمريكى، فإن صناعة المشروبات الغازية الهندية لديها أعمال سنوية تبلغ 10 مليارات دولار وتنمو بمعدل يتراوح 6-%7 سنوياً.
وتعتبر «Thums Up» وهى العلامة التجارية المحلية التى اشترتها شركة كوكا المشروب الغازى رقم واحد فى الهند، لكن هناك 51 مليون هندى بالفعل يعانون من مرض السكرى وتتوقع مؤسسة علاج السكرى الهندية أن يرتفع هذا العدد إلى 80 مليون بحلول عام 2025.
وفى الصين تشير التقديرات إلى تخطى مبيعات المشروبات الغازية 16 مليار دولار العام الماضى، مما يمثل زيادة بنسبة %30 منذ عام 2013.
وشهدت الفترة بين عامى 2009 و2011 استثمار شركة كوكاكولا حوالى 3 مليارات دولار هناك ثم استثمرت أكثر من 4 مليارات دولار أخرى بين عامى 2015 و2017.
وفى المقابل عززت شركة بيبسى استثماراتها فى الصين لدعم حصتها السوقية هناك حيث تمتلك %27 من سوق المشروبات الغازية مقابل %58 لكوكاكولا واستثمرت 2.5 مليار دولار على مدى الفترة من 2013-2016.
وتعتبر شركة كوكاكولا أكبر شركة توظيف فى إفريقيا حيث يعمل لديها أكثر من 65 ألف موظف و160 مصنعاً وهى أرقام مناسبة مع وضع الشركة خطة لاستثمار 17 مليار دولار بين عامى 2010 و2020 فى القارة السمراء.
ورغم تعهد بيبسى وكوكاكولا بتبنى سياسة إعلانية لا تخاطب الأطفال تسويقياً لكن التعهدات مليئة بالثغرات فمن الواضح أن الشركتين تستهدفان الأطفال، وكذلك المراهقين، وذلك باستخدام شخصيات الرسوم المتحركة والمشاهير وترابط الموسيقى ووسائل التواصل الاجتماعى للوصول إليهم، كما تظهر إعلاناتهما على مداخل المدارس فى جنوب أفريقيا وغانا.
وفى الهند، ترعى شركة كوكاكولا مسابقة «كأس كوكاكولا» وهى بطولة للكريكيت للأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 12 و16 عاماً وتكافئ بيبسى عمليات الشراء برصيد مجانى للهاتف فى نيكاراجوا وتستخدم المشاهير الشباب مثل دانييل باديلا وكاثرين برناردو للوصول إلى الشباب الفلبينيين.
ويمكن تفسير هروب الشركات الكبرى إلى الدول النامية من خلال مراجعة آثار ضريبة السكر فى استراتيجياتها بالدول المتقدمة خاصة على صعيد سياسات التسويق.
ومن الواضح أن هناك حجج قوية تؤيد تقليل كمية السكر التى يستهلكها الناس، فكما يقول جيمى أوليفر، رئيس الطهاة ورجل الأعمال فى بريطانيا، الذى دأب منذ فترة طويلة على تشجيع مثل هذه الضريبة فإن هذه الخطوة كانت «مهمة ورمزية» فى الكفاح من أجل حماية الأطفال من الأمراض المرتبطة بالنظام الغذائى مثل السكرى والسمنة.
وتشير تقديرات منظمة الصحة العالمية إلى أن السمنة تقتل سنوياً من البشر 3 أضعاف ضحايا مرض السرطان المميت، لكن شركة مثل كوكاكولا واجهت أول يوم تطبيق للضريبة فى بريطانيا بإطلاق حملة إعلانية جديدة ويبرز الإعلان حقيقة أن وصفة تركيبة مشروباتها ظلت بدون تغيير تقريباً منذ 132 عامًا.
وبالنسبة لقطاع الإعلان فإنه يتخذ خطوات لدعم التحرك نحو حماية المستهلك بشكل أكبر من المنتجات الغذائية غير الصحية.
وفى عام 2007، أدخلت هيئة معايير الإعلان البريطانية قواعد لتقييد جدولة الإعلانات التى تروج للمنتجات التى تحتوى على نسبة عالية من الدهون والملح والسكر فى وسائط الأطفال وهو إجراء صارم بالنسبة لشركات المشروبات الغازية والمشروبات المحلاة.
وفى العام الماضى، وسع القانون المنظم لهذه القواعد ليشمل الأنشطة الإعلانية المرتبطة بغير البث مثل وسائل التواصل الاجتماعى ويوتيوب التى تجاوزت التلفزيون من حيث كيفية استهلاك هذه الجماهير للمحتوى.
ويشمل ذلك أيضاً إعلانات الشركات على مواقعها الإلكترونية الخاصة ومساحات التواصل الاجتماعى.
وتدعم هذه القواعد الجهود الأوسع نطاقاً للتصدى لسمنة الأطفال والاستجابة لواقع حياة الوسائط المتعددة للأطفال.
وتراجع تعرض الأطفال لجميع إعلانات التلفزيون والمشروبات الغازية فى بريطانيا حالياً بنسبة %40 عما كان عليه فى عام 2010، ومع ذلك لم تنخفض معدلات السمنة فى مرحلة الطفولة بنفس المستوى.
وتشير الدراسات إلى أن التعرض للإعلان هو واحد فقط من بين عدة عوامل مثل اختيار الوالدين والسياسات المدرسية، وعدم ممارسة الرياضة.
وبشكل عام تواجه شركات المشروبات الغازية والمحلاة بيئة إعلانية صعبة بسبب تزايد القيود سواء من خلال اللوائح الجديدة أو المبادرات الاجتماعية.
وعلى المستوى التشريعى باتت شركات مشروبات الطاقة فى مرمى النيران ففى نقاش جرى مؤخراً فى مجلس العموم، أبدى النواب مخاوف بشأن بيع مشروبات الطاقة للشباب، مما زاد من احتمال أن تكون هذه الفئة من المشروبات هى التالية فى تلقى ضربات الرسوم العقابية، ولم يفلت دور التسويق من خلال التغليف والعلامات التجارية والترويج من التدقيق وصدرت دعوات لإيجاد طرق لتعزيز اللوائح حول هذه المنتجات.
بينما من المحتمل أن يتم الاحتفال بإدخال ضريبة السكر على أنها نجاح فى الصحة العامة، إلا أن الوقت سوف يحدد كيف ستؤثر هذه الخطوة على الموارد المالية للعلامات التجارية المعنية.
ويبدو بالتأكيد أن هناك حاجة إلى نهج تشريعى لإقناع الصناعة باتخاذ إجراء مناسب حيال استخدام السكر فى المشروبات لكن الآن الكرة تتدحرج، ومع ذلك يجب على شركات التسويق حماية نفسها من تراجع العائدات بالبحث عن مزيد من التدخل الحكومى الذى يهدف إلى إجبار العلامات التجارية على حماية صحة العملاء والالتزام بالقيود الإعلانية على المواد الضارة.
ويدعم التدخل الحكومى فرض سريع لمتطلبات المسئولية الأخلاقية من جانب الشركات ومثل هذه القواعد رغم أنها صعبة إلا أنه يمكن التعامل معه إذا أصبحت أمر واقع والأفضل من ذلك أن تبادر الشركات طوعاً بدلاً من انتظار ظهور المنظمين وجعل حماية العملاء أولوية قصوى.
ويعنى وجود تنظيم فعال توفير فرص متكافئة للجميع وهذا أمر مناسب لحماية المنافسة فأولئك الذين لا يلتزمون بالقواعد طوعاً يواجهون عواقب خسارة العملاء للمنافسين الآخرين، ومن خلال ضمان معايير أعلى فإن التنظيم الفعال يمنح الناس ثقة أكبر فيما تقدمه الشركات.
وتقدم الشركات الإعلانية حلول لمساعدة الشركات فى صياغة حملات إعلانية ذات صلة بقضايا الصحة العامة أو حماية الطفل خاصة السجائر الإلكترونية والكحول والطعام والمشروبات الغازية التى تحتوى على نسبة عالية من الدهون والملح والسكر.
وبالفعل تقدم هيئة معايير الإعلان البريطانية المساعدة فى وضع حملات إعلانية بشكل صحيح فى المقام الأول من خلال خدمة الاستشارة المجانية للنسخ والمعلومات المجانية عبر الإنترنت كما تدير دورات تدريبية وتعلم إلكترونى، بما فى ذلك الإعلان عن الأطعمة والمشروبات الغازية، وتوجد معلومات متاحة فى هذا الصدد على موقع الهيئة الإلكترونى.
وتوجد قواعد صارمة لحماية الأشخاص، مع التركيز بشكل خاص على الأطفال، وعلى سبيل المثال، لا يمكن استهداف الأطفال بالكحول أو إعلانات المقامرة فى وسائط الأطفال أو أى وسائط حيث يشكل الأطفال %25 من الجمهور.
بعد آخر من الازمة يأتى من انتقال عدوى الحرب على السكر إلى الدول فى الشرق الأوسط وأفريقيا مثل السعودية فبحسب الهيئة العامة للزكاة والدخل فإن تطبيق الضريبة سيكون على سعر بيع التجزئة النهائى بما فى ذلك أى مشروب يحتوى على مواد تحلية أو سكر أو سوائل مركزة أو مسحوق أو خلاصات تستخدم فى صناعة المشروبات.
وستبدأ المملكة العربية السعودية تطبيق ضريبة %50 على المشروبات المحلاة ديسمبر المقبل.
وقالت الهيئة إن هذه المواد أثبتت ضررها على الصحة العامة للمواطنين وأنها تشجع الناس على الاتجاه لتناول الفاكهة والعصائر الطبيعية الغنية بالفيتامينات.
وسيتم إعفاء عدد من المنتجات من بينها تلك التى تمثل الألبان فيها %75 من حجم العبوة مثل ألبان الأطفال والمشروبات التى تحتوى سكر طبيعى مثل عصير الفاطهة غير المحلاة والمشروبات المستخدمة لأغراض طبية.
ويبدو أن علاقة شركات المشروبات بالسكر التى وصلت لحد الإدمان تلفظ أنفاسها فى ظل حصار مجتمعى وتشريعى فى الدول المتقدمة كما أن الهروب إلى الدول النامية يبقى حل مؤقت.

المصدر: جريدة البورصة

لمتابعة أخر الأخبار والتحليلات من إيكونومي بلس عبر واتس اب اضغط هنا

الأكثر مشاهدة

النفط يصل لأعلى مستوياته منذ شهر وسط توقعات بارتفاع الطلب

استقرت أسعار النفط اليوم الخميس لتقترب من أعلى مستوى في...

البنك الأهلي يستحوذ على 24% من رأسمال “هايد بارك” العقارية

استحوذ البنك الأهلي المصري على حصة البنك العقاري المصري العربي...

منطقة إعلانية