مقالات

5 عوامل تفجر رياحا معاكسة للمستثمرين الرامين للمكاسب البعيدة

من السهل جدًا على المستثمرين الانغماس فى الأخبار قصيرة المدى، والتركيز على التحذيرات الأخيرة بشأن الأرباح، أوخطابات محافظ الاحتياطى الفيدرالى الأمريكى، لكن يجب على أولئك الذين يتبنون وجهة نظر طويلة الأمد، التركيز على خمسة عوامل تساعد فى دفع نمو الاقتصاد العالمى وعوائد الاستثمار، وهى الديموغرافيا، وإمدادات الطاقة، والديون، والتضخم، والجغرافيا السياسية.

تتفاعل هذه العوامل بطرق معقدة تجعل التنبؤ صعبًا بشكل خاص، فالديموغرافيا، تعنى التفاصيل العمرية للسكان الغربيين، و أنه سيكون من الصعب تحقيق النمو الاقتصادى العام فى المستقبل، كما أظهرت اليابان بالفعل، رغم أنها لم تفعل ذلك بشكل سيئ فيما يتعلق بنصيب الفرد من الناتج المحلى الإجمالى.

حتى الآن، ارتبطت شيخوخة السكان أيضًا بانخفاض التضخم وانخفاض أسعار الفائدة، لقد وفر جيل طفرة المواليد الأموال للتقاعد، ما أدى إلى الحفاظ على المعروض من المدخرات بينما أدى تباطؤ معدلات النمو الاقتصادى إلى تثبيط الاستثمار فى الأعمال التجارية.

كل ذلك قد يتغير، كما جادل تشارلز جودهارت ومانوج برادهان فى كتابهما «الانعكاس الديموغرافى العظيم»، وسينفق كبار السن مدخراتهم المتراكمة، لاسيما عندما يحتاجون إلى رعاية لظروف مثل الخرف، فى حين أن نقص العمال سيزيد من القوة التفاوضية للعمالة، وبالتالى الأجور الحقيقية، سيرتفع التضخم وأسعار الفائدة.

يعود الفضل فى الارتفاع الأخير فى الأسعار والفائدة، بالطبع، إلى عاملين من العوامل الخمسة، وهى الخلافات الجيوسياسية السياسية وإمدادات الطاقة.

على مدار العشرين عامًا الماضية أو نحو ذلك، تسببت الأزمات الجيوسياسية فى تذبذب السوق من حين لآخر، لكن المستثمرين تعلموا اعتبار الحروب والهجمات الإرهابية العرضية ظواهر قصيرة المدى.

ومع ذلك، فإن لها أهمية كبيرة على المدى الطويل.

سيبدو الاقتصاد العالمى مختلفًا كثيرًا، اليوم لو لم يحول دينج شياوبينج، الصين نحو كونها اقتصادًا موجهًا للتصدير ومتحملًا للسوق فى الثمانينيات.

وبدأ استخدام إمدادات الطاقة كسلاح جيوسياسى فى السبعينيات من القرن الماضى، مع الحظر النفطى الذى فرضته منظمة البلدان المصدرة للبترول «أوبك» ومضاعفة أسعار النفط الخام أربع مرات ما أدى إلى حدوث ركود تضخمى فى الاقتصادات الغربية.

وأظهر الغزو الروسى لأوكرانيا اعتماد أوروبا على نظام فلاديمير بوتين فى إمدادات الغاز، وبينما يحاول العالم الغربى الابتعاد عن الوقود الأحفورى، فإنه يواجه تحديًا جيوسياسيًا آخر.

إذ تنتج شركتان صينيتان أكثر من %50 من بطاريات السيارات الكهربائية فى العالم، بينما تبلغ حصة الصين من إنتاج الألواح الشمسية العالمية %80.

بالنظر إلى رغبة النظام الصينى التى يُعلن عنها كثيرًا فى «لم شمل» تايوان، الدولة ذات الحكومة المنتخبة ديمقراطيًا، فقد يكون هناك المزيد من بؤر التوتر الجيوسياسية القادمة.

قد تحدد تنمية الصين أيضًا توقعات التضخم العالمى، ربما لعبت السلع الرخيصة التى أنتجتها الصين على مدى الثلاثين عامًا الماضية دورًا أكبر من الخبرة المفترضة لمحافظى البنوك المركزية فى إبقاء التضخم منخفضًا.

إذا كان العالم قد انتقل إلى عصر من المرجح أن يرتفع فيه التضخم، فإن هذا له آثار مهمة على الأسواق، وسيتعين على البنوك المركزية إبقاء أسعار الفائدة أعلى مما كانت عليه خلال العقد الأول من القرن الحادى والعشرين.
وأحد الأسباب الرئيسة للرؤية المتشائمة للأصول الخطرة، مثل الأسهم، هى أن أسعار الفائدة المنخفضة تقلل من معدل الخصم الذى يجب تطبيقه على التدفقات النقدية المستقبلية، ما يعنى زيادة القيمة الحالية للأصول. وبالتالى، فإن الفائدة الأعلى يجب أن تقلل من التقييمات، علاوة على ذلك، تزيد العوائد المرتفعة على السندات والنقد من جاذبيتها على المدى القصير، مقارنة بالأسهم.
والمشكلة الأكبر هى أن المستهلكين والشركات والحكومات، استفادوا من أسعار الفائدة المنخفضة لاقتراض الأموال بثمن بخس.
فخلال جائحة كوفيد، بلغت نسبة ديون القطاع الخاص العام وغير المالى إلى الناتج المحلى الإجمالى العالمى ذروتها عند %257 خلال عام 2020، وفقًا لصندوق النقد الدولى.
ورغم أنه تراجع بمقدار %10 فى عام 2021، لكنه كان لايزال أكثر من ضعف مستواه فى أوائل الثمانينيات، عندما كانت أسعار الفائدة عند مستويات قياسية مرتفعة.
وهناك جزء فقط من هذا الدين سيتم إعادة تمويله فى أى سنة، لكن عندما يحدث ذلك، سيتعرض بعض المقترضين لضغوط، وكانت هناك بالفعل أزمة مصرفية صغيرة فى ربيع عام 2023، وكما أشار تورستن سلوك من شركة «أبوللو جلوبال أسيت مانجمنت»، فإن معدل التخلف عن السداد بدأ يرتفع على كل من السندات والقروض.
باختصار، يبدو أن خمسة عوامل كبيرة تؤدى إلى خلق رياح معاكسة كبيرة للأسواق العالمية على المدى الطويل. الديموغرافيا تعنى تباطؤ النمو، وقد تتعرض إمدادات الطاقة لاضطرابات أكثر، وسيكون التخلف عن السداد أكثر كلفة، إذا كان التضخم وأسعار الفائدة أعلى، وكل هذا سيتفاقم بفعل الصدمات الجيوسياسية.
هذا لا يعنى أنه لن يصبح ممكنا جنى الأموال من الأصول الخطرة. لكن من المحتمل أن يكون القيام بذلك أكثر صعوبة مما كان عليه فى 2010.

فيليب كوجان
صحفى بجريدة فاينانشال تايمز

لمتابعة أخر الأخبار والتحليلات من إيكونومي بلس عبر واتس اب اضغط هنا

الأكثر مشاهدة

النفط يصل لأعلى مستوياته منذ شهر وسط توقعات بارتفاع الطلب

استقرت أسعار النفط اليوم الخميس لتقترب من أعلى مستوى في...

منطقة إعلانية