يتطلع الاتحاد الأوروبى، إلى تشديد ضوابط التصدير والاستثمار على التكنولوجيا الحساسة مع تزايد المخاوف بشأن اعتماد الكتلة على الصين.
لكن الاعتماد الكبير بنفس القدر على التجارة والاستثمارات الصينية يهدد بعرقلة الجهود الرامية إلى تخليص اقتصادها من المخاطر، وهذا ما وجده الأعضاء بالفعل.
وأعلنت المفوضية الأوروبية، مؤخرًا، عن أربع تقنيات رئيسة يمكن أن تخضع لرقابة أكثر صرامة، وهى أشباه الموصلات المتقدمة، والذكاء الاصطناعى، وتقنيات الكم، والتكنولوجيات الحيوية.
ويجرى النظر فى فرض ضوابط أقوى على الصادرات أو الاستثمارات فى الخارج على وجه التحديد، للتكنولوجيات التى يقول الاتحاد الأوروبى إنها يمكن أن تستخدم لأغراض عسكرية أو لانتهاك حقوق الإنسان.
وهذا من شأنه أن يعكس الإجراءات التى نفذتها الولايات المتحدة، رغم أنه من غير المتوقع الإعلان عن ضوابط تصدير محددة حتى الربيع المقبل على أقرب تقدير، حسب ما نقلته مجلة «نيكاى آسيان ريفيو« اليابانية.
تقول أليسيا جارسيا هيريرو، زميلة أبحاث بارزة فى مركز أبحاث بروجيل ومقره بروكسل، إنها «بداية جيدة لكن يبدو أن الأوروبيين تأخروا فيها».
يبحث الاتحاد الأوروبى أيضًا فى كيفية الحد من مخاطر تطوير «التكنولوجيا الحساسة» فى الصين على الأمن القومى المتعلق بالاستثمار الخارجى للشركات الأوروبية، وقد وقع البيت الأبيض فى واشنطن أمرًا تنفيذيًا يتعلق بهذا الأمر فى أغسطس.
وقال نيك راينر، كبير محللى التكنولوجيا الجيولوجية فى مجموعة أوراسيا، إن فرص اتخاذ الاتحاد الأوروبى خطوات ملموسة على هذه الجبهة فى الدورة السياسية الحالية، التى تستمر حتى 2024، «تبدو ضئيلة».
جاء رأى راينر، رغم أنه لم يستبعد مثل هذه الإجراءات على المدى الطويل مع تشديد الاتحاد الأوروبى لموقفه تجاه الصين.
كما أن المملكة المتحدة، التى لم تعد عضوًا فى الاتحاد الأوروبى، ركزت بشكل أقل على تكثيف التدقيق فى الاستثمار الخارجى.
عندما سُئلت عما إذا كانت الحكومة البريطانية تدقق فى الاستثمار فى الاتجاه الآخر، قالت وزيرة الدولة لوحدة أمن الاستثمار نصرت غنى: «نحن نركز فقط على
قانون الأمن القومى والاستثمار، الذى يتعلق بالاستثمار فى البنية التحتية الحيوية فى المملكة المتحدة».
يذكر أن هذا القانون يمنح الحكومة سلطة منع الاستثمار الداخلى فى قطاعات مثل التطبيقات النووية المدنية.
ولكن فى حين تعرض الاتحاد الأوروبى ككل للانتقاد بسبب تحركه البطيء للغاية على هذه الجبهة، فإن الدول الأعضاء تحركت بسرعة أكبر فى مجالات أخرى.
واستخدمت الحكومة الإيطالية «قوتها الذهبية» للحد من نفوذ المساهمين الصينيين على شركة صناعة الإطارات بيريللى فى يونيو، معتبرة أجهزة استشعار الإطارات «تكنولوجيا بالغة الأهمية ذات أهمية وطنية استراتيجية»
منعت المملكة المتحدة وثلاث مؤسسات رئيسة فى الاتحاد الأوروبى، الموظفين من استخدام تطبيق مشاركة الفيديو «تيك توك» على الأجهزة الحكومية الرسمية،
وقالت إنها ستزيل معدات المراقبة صينية الصنع من المواقع الحكومية الحساسة.
فيما أصدرت وكالة الاستخبارات الهولندية تحذيرًا شاملاً بشأن التطبيقات الواردة من دول لديها «برنامج إلكترونى هجومى»، مستشهدة باسم الصين.
وجاءت بعض التحركات وسط ضغوط من الولايات المتحدة، التى طالما حثت الحلفاء على الانضمام إلى جهودها للحد من طموحات الصين التكنولوجية.
تتزايد الضغوط لاستبعاد التكنولوجيا والاستثمارات الصينية من أجزاء من أوروبا، لكن الأمر ليس سهلاً دائمًا، وهذا هو الحال بشكل خاص فى البنية التحتية للاتصالات، حيث تعمت الشركتان الصينيتان «زد.تى.إى» و«هواوى» فى دول الاتحاد الأوروبى.
قبل ثلاثة أعوام، فرض الاتحاد الأوروبى توصيات لتقييد أو حظر «الموردين ذوى المخاطر العالية» من شبكات الجيل الخامس، لكن 10 دول أعضاء فقط فرضت قيودًا أو حظرًا اعتبارًا من يونيو 2023، وهو الأمر الذى انتقده مفوض الاتحاد الأوروبى تييرى بريتون ووصفه بأنها «خطوات بطيئة للغاية».
وقال بريتون إنه يدرس فرض حظر إلزامى فى جميع أنحاء الكتلة الأوروبية لأن عدم اتخاذ إجراء له تبعية كبيرة على الاتحاد الأوروبى ويشكل خطرًا.
وفى ظل اعتماد بعض الدول بشكل كبير على التجارة مع الصين، اقترحت جارسيا هيريرو العمل الجماعى، قائلة «نحن بحاجة إلى هيئة تنسيق على مستوى الاتحاد الأوروبى حتى لا تتمكن الصين من الانتقام إذا قررت دولة ما حظر شركة هواوى، لكن هذه التحركات مدفوعة بالعوامل الجيوسياسية والتكنولوجيا، أو إنها تستهدف بالأحرى التكنولوجيات الأكثر أهمية من الناحية الجيوسياسية».
لمتابعة أخر الأخبار والتحليلات من إيكونومي بلس عبر واتس اب اضغط هنا