أخبار

شهادات بنكية وذهب وعقارات وأسهم.. متى يتحول المدخرون إلى خاسرين؟

هل يمكن أن يكون المدخرون خاسرين؟.. سؤال يتردد كثيراً في الأذهان بعد أن شهدت الأوعية الادخارية إقبالاً كبيراً خلال الفترة الماضية في ظل تراجع قيمة الجنيه وما تبعه من معدلات تضخم قياسية.

تتنوع الأوعية الادخارية في مصر بين الشهادات البنكية والذهب والعقارات والبورصة وأذون الخزانة وكذلك الدولار، كل منهم له خصائصه ويختلف حسب مدة الادخار، ونوع العائد، ودرجة المخاطرة.

تعتبر شهادات الادخار بعائد يصل إلى 27% يصرف مرة واحدة في نهاية مدة الشهادة، أو عائد 23.5% يصرف شهريا، أحدث الأوعية الادخارية التي طرحت مؤخراً، والتي جاءت لامتصاص نحو 575 مليار جنيه سيولة طارئة على السوق، هي قيمة حصيلة الشهادات ذات عائد 25% التي طرحت يناير 2023.

آفة المدخرات

دفع التضخم المواطنين إلى البحث عن الملاذات التي تحفظ قيمة مدخراتهم من التآكل، وتختلف ميول أموالهم تجاه القنوات الاستثمارية والادخارية المتعددة، وإن كنت من بينهم فاحذر من الفائدة السلبية فهي “آفة المدخرات”.

الفائدة السلبية هي حصول المدخرون على عوائد أقل من معدل التضخم، وهذا يعني أنهم يفقدون جزء من قيمة مدخراتهم، فمثلاً إذا كان معدل التضخم 10%، وسعر الفائدة 5%، فسيفقد المدخرون 5% من قيمة مدخراتهم كل عام.

صحيح أن قوائم بحث جوجل ومنصات التواصل الاجتماعي لا تخلو من عمليات البحث عن أفضل الطرق للحفاظ على قيمة المدخرات، أو عن الوعاء الادخاري الأمثل والضامن لقيمة الأموال، لكن هذا لا يمنع الجواب عن السؤال بـ:”نعم يمكن أن يكون المدخرون خاسرين”.

“بالنسبة لكثير من الناس، فتسمية المدخرين “خاسرين” أشبه بإهانة معتقد راسخ”. هكذا شبه روبرت تي.كيوساكي في كتابه “الأب الغني.. الأب الفقير” من يعارض فكرة تحول المدخرات إلى خسائر.

أسهم مرتفعة لكن خاسرة

في البورصة المصرية بلغ عدد الأسهم التي حققت ارتفاعات تحت مستويات 30% نحو 33 سهماً بنهاية العام الماضي، في حين أن معدلات التضخم في البلاد كانت فوق مستوى 34% بنهاية نوفمبر، معنى ذلك أن بعض من مستثمري الأسهم خسر أكثر من 4% من أمواله المحفوظة في الأسهم رغم أنها مرتفعة بالأساس.

إذن كلما ارتفع معدل التضخم عن سعر العائد من أي وعاء ادخاري، كلما ازداد تآكل قيمة المدخرات.

لكن بالنظر إلى باقي الأسهم، فسنجد أن التي حققت ارتفاعات من 35% وحتى 500% وصل إلى 93 سهماً، منهم 71 سهماً حقق عوائد تعدت 50%.

لذلك حظى سوق المال المصري بشعبية واسعة خلال العام الماضي، وكان بمثابة وعاء ادخاري أمثل للعديد من المواطنين، إذ شهدت البورصة المصرية مستويات قياسية واجتذبت أكثر من 350 ألف مستثمر فرد جديد للعام الفائت.

التضخم والعوائد الثابتة

على جانب آخر، تعد الشهادات البنكية أحد أكثر الأوعية الادخارية شيوعاً وأماناً في الوقت نفسه، كما أنها تمتاز بسهولة تسييل الأموال، لذا يتجه إليها شريحة كبيرة من القطاع العائلي في مصر.

لكن التضخم لا يُفرق بين ما هو آمن أو ما يواجه المخاطرة، فالحال ينطبق أيضاً على الشهادات كلما كان معدل التضخم أعلى من عائد الشهادة، لتتحول الفائدة إلى سلبية على قيمة المال المدخر.

يراهن محللون على تباطؤ مستويات التضخم لمستويات الـ 20%، وإذا صحت التوقعات ستحقق الشهادات الجديدة عائد إيجابي لأصحابها يصل إلى 7% بحلول يناير 2025، ما يعني أنك إذا استثمرت مليون جنيه فسيكون العائد -بعد تلافي التضخم – 70 ألفا.

أحد أكثر الأوعية الادخارية التي تمتاز بقدر عالي من السيولة في فترة وجيزة أيضا هي أذون الخزانة والتي تختلف فترتها الزمنية من إذن لآخر تبدأ من 90 يوماً وحتى 12 شهراً، ويبدأ الاستثمار بها من مبلغ 25 ألف جنيها، لكن نجاحها أيضاً يعتمد على مسار معدلات التضخم.

العقار

من بين الاستثمارات والقنوات الأكثر والأوسع نطاقاً هو العقار، في مصر تضاعفت أسعار العقارات بشكل مطرد خلال العامين الماضيين وذلك نتيجة تصاعد التضخم وهبوط الجنيه أمام الدولار ما أثر على تكاليف مواد البناء وأسعار المباني والوحدات السكنية.

عوائد الاستثمار العقاري إذا تم تقييمها بالجنيه، تخطت 100%، نظراً لزيادة الطلب الناتجة عن تحوط المواطنين من الضغوط التضخمية وتقلبات العملة، لكنه أحد الوسائل التي يصعب تسييلها إذ استلزم الأمر، كما أنها تتعرض أحياناً للتسعير بأعلى من قيمتها.

رغم ذلك يتوقع أغلب المطورون والعاملون في القطاع ارتفاع أسعار العقارات بنسب تصل إلى 20% خلال 2024، وبعضهم مثل ياسين منصور، رئيس مجلس إدارة شركة بالم هيلز، يقول بين 50 و60%.

على كل حال، فرغم جاذبية العقار وإمكانية تحقيق عوائد منه عبر تأجيره، إلا أن تسييله ليس سهلا كالذهب مثلا، كما أنك قد تضطر لبيع وحدة بقيمة أكبر من ضائقة مالية تواجهها.

الذهب لا يصدأ

الذهب لا يصدأ، عقيدة عند جموع المصريين، فهو أحد أكبر الملاذات اجتذاباً لمدخراتهم، والتي ارتفعت أسعارها بأكثر من 100% خلال عام، وسجلت مستويات قياسية.

رغبة كثير من الأفراد في التحوط من التضخم كانت مائلة إلى الذهب، وفيما شهد السوق بعض الاضطرابات السعرية، لكن هذا لم يحد من الطلب المتنامي والمستمر في معظم الأوقات.

من بين العوامل التي ساهمت في ارتفاع أسعار الذهب لمستويات قياسية وبخلاف ارتفاعاته عالمياً، تسعيره من قبل التجار وفق حركة الدولار في السوق الموازية.

الدولار

مؤخراً، زادت شعبية الاستثمار في الدولار من قبل البعض واستغلال الفارق بين السعرين في السوق الرسمية والموازية والتي تخطت حالياً 70%.

لذلك تزايدت المضاربة على الدولار بشكل كبير خلال 2023، رغم أن الاستثمار في الدولار قد يكون خيارًا جذاباً لدى البعض لكنه يحمل درجة من المخاطرة إذ يحظر ويعاقب القانون المصري المتاجرين في العملة عبر قنوات غير رسمية.

قواعد أساسية

تحول المدخرون إلى خاسرين بفعل الفائدة السلبية الناتجة عن ارتفاعات التضخم، لذا ينصح الاقتصاديون عند الادخار بضرورة مراعاة عدة عوامل عند الادخار أولها الحذر من الفائدة السلبية والتوجه نحو الأوعية ذات درجة الأمان والعائد الثابت، والتي تمتاز بسهولة تسييلها لضمان الحصول على الأموال وقت الحاجة.

أما إن كنت تبحث عن العائد الأعلى؛ فهناك العديد من الأوعية التي تحقق مكاسب، لكن يجب الأخذ في الاعتبار أنه كلما ارتفع العائد ارتفعت معه المخاطرة.

لمتابعة أخر الأخبار والتحليلات من إيكونومي بلس عبر واتس اب اضغط هنا

الأكثر مشاهدة

النفط يصل لأعلى مستوياته منذ شهر وسط توقعات بارتفاع الطلب

استقرت أسعار النفط اليوم الخميس لتقترب من أعلى مستوى في...

منطقة إعلانية