ملفات

«بريكست».. تأثير «تقشعر له اﻷبدان» على الاستثمارات البريطانية

لطالما كانت المملكة المتحدة معروفة بقدرتها على تأمين الاستثمارات الخارجية.
ولكن مغادرتها الاتحاد اﻷوروبى يعرض تلك القدرة للخطر، خصوصاً أن فرص العمل ورأس المال الأجنبى فى البلاد سجلا انخفاضاً حاداً منذ استفتاء الخروج.
أفاد تحليل حديث أجرته صحيفة «فاينانشيال تايمز» البريطانية، بأن المملكة المتحدة استطاعت جذب استثمارات كبيرة القيمة على مدى العقود الأربعة الماضية، بفضل البيئة الصديقة للأعمال، وقدرة الشركات الأجنبية العاملة فى بريطانيا على بيع السلع والخدمات إلى باقى دول الاتحاد الأوروبى.
وبالتالى.. أصبحت بريطانيا ثالث أكبر بلد على مستوى العالم من حيث قيمة الاستثمار اﻷجنبى المباشر، بعد الولايات المتحدة والصين، وفقاً لتقرير صادر عن مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية فى يونيو الماضى.
ومع ذلك، أوضحت بيانات شركة «إف. دى. أى ماركتس»، وهى قاعدة بيانات مملوكة للصحيفة البريطانية، وتعمل على تعقب الاستثمارات الجديدة، أن عدد الوظائف المتاحة فى المملكة المتحدة، الناتجة عن الاستثمار الأجنبية الجديدة فى مرافق إنتاج جديدة أو التوسع فى أخرى متواجدة حالياً، انخفض بنسبة %19 ليصل إلى نحو 183 ألف وظيفة فى السنوات الثلاث السابقة حتى يونيو الماضى، مقارنة بالفترة ذاتها السابقة لاستفتاء الخروج.
وخلال الفترة نفسها، انخفض رأس المال الأجنبى الموجه للاستثمارات الجديدة بنحو %30 ليصل إلى 83.4 مليار دولار.
وفى الوقت الذى لا تزال فيه المملكة المتحدة جزءاً من الاتحاد الأوروبى، يتسبب عدم اليقين المتعلق بعلاقات البلاد المستقبلية مع أكبر سوق لها فى إلحاق الضرر بجاذبية البلاد كوجهة استثمارية.
وأصر رئيس الوزراء البريطانى بوريس جونسون، على أن بلاده ستغادر الاتحاد الأوروبى بصفقة أو دونها فى 31 أكتوبر المقبل. ولكنه لم يقدم بعد مقترحات توضح علاقات بريطانيا طويلة الأجل مع الكتلة.
ورغم عدم تغير الظروف الحالية للتجارة والاستثمار بعد، فإنَّ انعدام اليقين بشأن الحدود والتعريفات المستقبلية بين المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبى قد أضر تدفقات الاستثمار الأجنبى المباشر الواردة، وهى أنباء سيئة بالنسبة للاقتصاد، وفقاً لما قاله إنغو بورشرت، كبير المحاضرين فى مجال الاقتصاد فى جامعة ساسكس البريطانية.
وخلال الـ12 شهراً المنتهية فى مارس الماضى، انخفض عدد المشاريع الجديدة وعمليات الدمج والاستحواذ التى شاركت فيها الشركات الأجنبية فى المملكة المتحدة بنسبة %14 لتصل إلى أدنى مستوياتها فى 6 أعوام، وفقاً لبيانات وزارة التجارة الدولية البريطانية الصادرة فى يونيو الماضى.
وأفاد تقرير صادر عن شركة «إى. واى» للمحاسبة فى يونيو الماضى، بأن مستثمراً واحداً من كل خمسة مستثمرين أجانب، قام إما بإلغاء وإما تعليق خططه للاستثمار فى المملكة المتحدة منذ استفتاء مغادرة الاتحاد الأوروبى.
وقال أندى بالدوين، الشريك فى شركة «إى. واى»، إن عدم اليقين المستمر الذى شهدته البلاد خلال الأعوام الثلاثة الماضية يقود المستثمرين للانتقال إلى أماكن أخرى. فهم فقدوا القدرة على اتباع نهج التريث والترقب بشأن مفاوضات الخروج بعد الآن.
وأشارت الصحيفة البريطانية إلى أن صانع السيارات اليابانى «نيسان»، ألغى فى فبراير الماضى، خطط إنتاج طراز جديد من سيارات «إكس تريل» الرياضية فى مصنع الشركة فى مدينة سندرلاند البريطانية، التى أقرها بعد استفتاء الخروج فى 2016، وأعادت عمليات إنتاج السيارة إلى اليابان. بالإضافة إلى ذلك، أعلنت شركتا «باناسونيك» و«سونى» للإلكترونيات اليابانيتان، العام الماضى، عن خططهما لنقل مقريهما الأوروبيَين من المملكة المتحدة إلى هولندا؛ بسبب خطر اندلاع اضطرابات ناتجة عن خروج بريطانيا من الاتحاد اﻷوروبى.
وقال سواتى دهينغرا، الباحث فى كلية لندن للاقتصاد، إنَّ عدد الاستثمارات والتوسعات اﻷجنبية الجديدة سجل انخفاضاً مثيراً للقلق منذ استفتاء الاتحاد الأوروبى.
وأوضحت بيانات مكتب الإحصاء الوطنى البريطانى، أنه كان هناك نحو 26 ألف شركة مملوكة للأجانب فى المملكة المتحدة، تسيطر الشركات اﻷوروبية على غالبيتها، فى عام 2017.
وقال الخبراء، إن الاستثمار الأجنبى يوفر مزايا تقنية وإنتاجية للمملكة المتحدة، بجانب توفير وظائف ذات أجور جيدة نسبياً.
بالإضافة إلى ذلك، تركز الاستثمارات اﻷجنبية فى بريطانيا على بعض الصناعات ذات الأهمية الاستراتيجية، بما فى ذلك تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والتصنيع، ولكن يبدو أن هذه القطاعات لم تعد تجنى فوائد الاستثمارات الأجنبية.
وأفادت حسابات «فاينانشيال تايمز» المستندة إلى بيانات «إف. دى.آى ماركتس»، بانخفاض أعداد الوظائف البريطانية فى قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، الناتجة عن الاستثمارات الواردة فى المشاريع الجديدة، بنسبة %47 خلال الثلاثة أعوام المنتهية فى يونيو الماضى، مقارنة بالفترة ذاتها قبل استفتاء الخروج فى 2016.
وفى الأشهر الـ12 حتى يونيو الماضى، انخفض عدد الوظائف الصناعية فى المملكة المتحدة الناتجة عن الاستثمارات اﻷجنبية، إلى أدنى مستوياتها منذ عام 2003 على الأقل.
وقال الخبراء، إنهم لم يتوقعوا أن ينقل المستثمرون الأجانب الأصول بشكل مفاجئ إلى خارج المملكة المتحدة؛ بسبب مغادرة الاتحاد الأوروبى.
ولكنهم حذروا من أن تراجع الاستثمار الأجنبى قد يضر بالجهود المبذولة لتعزيز النمو الاقتصادى عن طريق تحسين الأداء الضعيف للإنتاجية فى البلاد. ويعتقد «بالدوين»، الشريك فى شركة «إى. واى»، إمكانية تباطؤ نمو الاقتصاد البريطانى تدريجياً وسط فشل البلاد فى جذب مستوى الاستثمار الرأسمالى اللازم حتى تصبح قادرة على العمل بعد مغادرة الاتحاد اﻷوروبى.

لمتابعة أخر الأخبار والتحليلات من إيكونومي بلس عبر واتس اب اضغط هنا

الأكثر مشاهدة

النفط يصل لأعلى مستوياته منذ شهر وسط توقعات بارتفاع الطلب

استقرت أسعار النفط اليوم الخميس لتقترب من أعلى مستوى في...

مصنع “بيراميدز” يبدأ إنتاج إطارات السيارات الملاكي

شهد رئيس الوزراء مصطفى مدبولي بدء إنتاج والتشغيل التجريبي الأول...

منطقة إعلانية