ملفات

السعودية وروسيا تجتمعان على مواجهة النفط الأمريكي

يبدو أن الطائرة التي تقل وزير الطاقة السعودي خالد الفالح اعتادت أن تحط في المطارات الروسية، فيما تعد إشارة واضحة على ارتفاع مستوى التعاون لأقصى درجة، وتطابق وجهات النظر بين السعودية أكبر منتج للنفط في العالم وقائدة دول أوبك من جهة، وروسيا من جهة أخرى التي تعد أكبر منتج للنفط خارج المنظمة الدولية.

مجدداً..وصل وزير الطاقة السعودى خالد الفالح، إلى ميناء «سابيتا» فى أقصى شمال روسيا، الأسبوع الماضى؛ لفتح محطة غاز طبيعى مسال بقيمة 27 مليار دولار.

وقال الوزير السعودى، «المملكة أصبح لها علاقات وثيقة مع روسيا فى سوق الطاقة، وأصبحنا شركاء فى العديد من المجالات».

وبحسب صحيفة «فاينانشيال تايمز»، برزت العلاقات الوثيقة بين السعودية وروسيا أثناء مفاوضات خفض إنتاج البترول رغم كونهما معارضتين لقضايا أخرى مثل النزاع السورى.

أضافت أن المنافسين التقليديين الذين ينتجون 20% من خام البترول فى العالم يتكلمون الآن بصوت موحد بشأن المسائل المتصلة بالطاقة.

وأشارت الصحيفة البريطانية إلى أن التقارب كان لا يمكن تصوره قبل بضع سنوات، ولكن حينما برز العدو المشترك، والمتمثل فى البترول الصخرى الأمريكى الذى أدى إلى انهيار الأسعار فى عام 2014، بدأ التعاون بين المنتجين لإعادة التوازن إلى السوق.

وفى حديثه إلى صحيفة «فاينانشيال تايمز» أعلن الفالح، أن التحالف بين المملكة وموسكو لديه القدرة ليصبح واحداً من أقوى شراكات الطاقة فى العالم.

ونمت جهود المملكة العربية السعودية وروسيا الرامية إلى كبح إنتاج البترول الخام، وتقليص المخزونات العالمية، وزيادة الأسعار، خلال العام الماضى، بما فى ذلك مقترحات للمشاريع المشتركة للشركات والاستثمارات والصفقات العسكرية.

وأكدّ «الفالح»، أن قوة الشراكة الاقتصادية والطاقة ستساعدان على تحقيق الثقة، مضيفاً أن المملكة تستثمر فى روسيا، وكذلك الأمر فى موسكو التى تهتم بالاستثمار فى السعودية.

وكشفت الصحيفة، أن صندوق الثروة السيادى السعودى خصص 10 مليارات دولار للاستثمار فى روسيا، وتم صرف مليار دولار حتى الوقت الراهن.

يأتى ذلك فى الوقت الذى تتطلع فيه الصناديق التى تتخذ من موسكو مقراً لها إلى فرص الاستثمار فى السعودية، وأنشأت الدولتان صندوقاً مشتركاً للتكنولوجيا بقيمة مليار دولار، وحددت مجالات التعاون المختلفة مثل البحث والتطوير.

وقال وزير الطاقة الروسى ألكسندر نوفاك، إن اقتصاديات البلدين متشابهة جداً من حيث البنية والتنويع والخطوات نحو تطوير قطاع التكنولوجيا الفائقة.

وكانت العلاقة بين البلدين قد اتسمت، فى الماضى، بانعدام الثقة المتبادل، والشك فى سياسة الطاقة وخاصة الجغرافيا السياسية؛ نظراً إلى التعاون السعودى التاريخى مع الولايات المتحدة.

وعندما بدأت أسعار البترول تتقلص من ذروتها البالغة 115 دولاراً للبرميل، وقفت السعودية وحدها فى محاولة لإقناع العالم بأن الطفرة الصخرية فى الولايات المتحدة ليست تهديداً طويل الأجل للمنتجين التقليديين.

ولكن، اليوم، أصبح للملكة حلفاء متعددون، وعلى رأسهم روسيا، ما يساعد نظام البترول القديم على القتال مرة أخرى فى مواجهة عودة الولايات المتحدة.

ومن المتوقع نمو إنتاج البترول الصخرى فى الولايات المتحدة بمعدل قياسى، العامين الجارى والمقبل، فى حين أن إنتاج الخام فى البلاد من المقرر أن يتجاوز المملكة العربية السعودية، ومن المتوقع أن تنافس روسيا التى لا تزال أكبر منتج.

ولكن ما زال بعض مراقبى سوق البترول يعربون عن مخاوفهم من أن زيادة الإنتاج الأمريكى قد تعوض وتلغى تأثير القيود التى فرضها المنتجون الآخرون حول العالم.

وقال «نوفاك»، إن البترول الصخرى ليس سوى نوع واحد من الإنتاج الحالى، ولا يستطيع تلبية الطلب الكلى، مضيفاً أننا بحاجة إلى رصد حالة السوق دون المبالغة فى قوة البترول الصخرى.

وساعد ارتفاع أسعار البترول إلى حوالى 70 دولاراً للبرميل على تضخم خزانات الرياض فى وقت يتم فيه تمهيد الطريق للحصول على تقييم أعلى لبيع الأسهم المخطط لها فى شركة «أرامكو» السعودية.

ورسم المسئولون فى البلدين اتفاق تعاون طويل الأجل فى قطاعى البترول والغاز والعمل معاً لتخطى صفقات الغاز ومشاريع البتروكيماويات إلى الشحن وتجارة الطاقة، كما توسعت الاتفاقات لتشمل المعدات العسكرية.

ووقعت روسيا، فى العام الماضى، صفقة لبيع أنظمة الدفاع الصاروخى إلى المملكة التى كانت أكبر متلقٍ للأسلحة الأمريكية فى الماضى.

ويأتى التحالف الجديد فى الوقت الذى توسع فيه روسيا نفوذها فى الشرق الأوسط، خاصة من خلال دعمها المحورى لنظام بشار الأسد فى سوريا، والتى تضع موسكو فى الجانب المعارض للمملكة العربية السعودية.

ووقعت روسيا على صفقات الطاقة والتمويل مع إقليم كردستان العراق وإيران عدو الرياض الإقليمى.

وبالنظر إلى المصالح الاستراتيجية المتباينة فى مجالات أخرى، فإنَّ بعض المراقبين ليسوا متفائلين بأن الشراكة الجديدة ستثبت مرونة قائلين إنها ستستمر فقط ما دامت أنها تأخذ السوق لإعادة التوازن.

وألقى أحد كبار المسئولين التنفيذيين فى شركة طاقة روسية ظلالاً من الشك على الموقف المريح بين موسكو والرياض بشأن البترول الصخرى فى الولايات المتحدة.

ويخشى المدير التنفيذى، الذى رفض الكشف عن هويته، تكرار كبار المنتجين أخطاء عام 2014 التى تمثلت فى التقليل من أهمية إنتاج الخام الأمريكى وأثره السلبى على الأسعار.

واشار إلى أنه من الصعب التقليل من أهمية ثورة البترول الصخرى فى الولايات المتحدة وأثرها على سوق البترول العالمى.

لمتابعة أخر الأخبار والتحليلات من إيكونومي بلس عبر واتس اب اضغط هنا

الأكثر مشاهدة

النفط يصل لأعلى مستوياته منذ شهر وسط توقعات بارتفاع الطلب

استقرت أسعار النفط اليوم الخميس لتقترب من أعلى مستوى في...

منطقة إعلانية