ملفات

الطاقة المتجددة فى أفريقيا.. وقود التنمية الاقتصادية

الطاقة المتجددة

منذ عام 2000، تشهد أفريقيا نمواً اقتصادياً سريعاً وتحسناً فى الظروف الاجتماعية حيث بلغ متوسط الناتج المحلى الإجمالى الحقيقى %3.6 خلال عام 2017، ومن المتوقع أن يرتفع إلى حوالى %4 خلال عام 2019 بحسب تقرير بنك التنمية الأفريقى 2018.
واحتلت 6 اقتصادات أفريقية ضمن أسرع 10 اقتصادات نمواً فى عام 2018 وفقاً لبيانات البنك الدولى وبالنظر إلى العدد الكبير والمتزايد للسكان فى القارة فمن المتوقع أن يتضاعف الطلب على الطاقة بحلول عام 2040.
وتتمتع أفريقيا بموارد كبيرة من الطاقة المتجددة، وهى فى وضع يمكنها من اعتماد تكنولوجيات مبتكرة ومستدامة ولعب دور رائد فى العمل العالمى لتشكيل مستقبل للطاقة المستدامة.
وتمثل عدم موثوقية الإمداد مشكلة تعرقل التنمية الاقتصادية، حيث تواجه معظم البلدان انقطاعاً متكرراً وتعتمد غالبًا على حلول باهظة الثمن وملوثة للبيئة.
وتقلل حلول الطاقة المتجددة النظيفة والمحلية التكلفة للقارة وتزيد فرص تحقيق أهدافها الاقتصادية والاجتماعية والبيئية والمناخية فى حين أن التنمية والاستخدام المستدامين لثروات القارة الضخمة، والطاقة الحرارية الأرضية، والكهرومائية والشمسية وطاقة الرياح يمكن أن تغيير الحقائق على الأرض بسرعة.

شركات توريد وحدات الطاقة تدعم الشبكات الحكومية بالمدن النامية
المشروعات الصغيرة المستفيد الأول من الوحدات الرخيصة

قال رئيس نيجيريا محمدو بوهارى، إن الإمداد المستقر للطاقة أمر بالغ الأهمية لمساعدة الشركات الصغيرة فى أكبر دول أفريقيا من حيث عدد السكان، فى وقت لا يزال العديد من الشركات الصغيرة بما فيها محلات الحلاقة ومحلات الأسواق التجارية تفتقر إلى إمكانية الوصول لإمدادات مستقرة من الكهرباء، حتى فى المناطق التى تغطيها الشبكة الكهربائية فى البلاد.
وهذه مشكلة يأمل مصنعو الألواح والبطاريات الشمسية فى حلها، من خلال توفير وحدات مستقلة يمكنها أن تحل محل مولدات الديزل وتزويد الشركات الصغيرة بقدرة آمنة على تعويضها عن الأوقات التى تتوقف فيها الشبكة عن العمل.
وأشار تقرير لصحيفة «فاينانشيال تايمز» البريطانية إلى أنه بعد طفرة مبدئية فى مجال الطاقة الشمسية كانت تهتم فى الغالب بتوفير الطاقة للقرى الريفية النائية، أصبح سكان المدن والشركات هم محور الموجة الثانية من الطاقة الشمسية فى أفريقيا عموماً.
ومن المتوقع أن يزداد عدد الأشخاص الذين يعيشون فى مدن أفريقيا من حوالى 500 مليون شخص اليوم إلى أكثر من 1.4 مليار شخص فى العقود القليلة المقبلة وبحلول عام 2025، سيكون هناك 100 مدينة أفريقية تضم أكثر من مليون شخص، وفقاً لمؤسسة «ماكينزى البحثية».
ويقول أليستير جوردون، الرئيس التنفيذى لشركة «لوموس»، التى توفر 80 وات عبر الألواح الشمسية والبطاريات فى نيجيريا، إن شبكة الكهرباء الحكومية لا يمكنها مواكبة النمو السريع لسكان المناطق الحضرية.
أضاف أن تركيز الاستثمار الرسمى فى نيجيريا بمجالات بعيدة عن الشبكة لإنهاء انقطاع التيار الكهربائى، وكلما تحركت الشبكة لتغطية أبعد من وسط المدن، فإن الأمر يزداد سوءاً.
أوضح أن تخوم المدن هى المكان الذي يوجد فيه الكثير من الناس لديهم شبكة ضعيفة لا تلبى الكثير من طلباتهم، وفى حين أن %60 من سكان نيجيريا يمكنهم الوصول إلى شبكة الكهرباء، فإن %33 فقط يمكنهم الحصول على كهرباء بوتيرة مستقرة.
ويساعد استخدام الألواح الشمسية والبطاريات صغيرة الحجم فى دعم عمل الشركات الصغيرة بدءاً من مصففى الشعر إلى تسويق مصابيح الطاقة والمراوح وأجهزة التليفزيون الصغيرة وشواحن الهواتف المحمولة خاصة مع الانخفاض السريع فى تكلفة الألواح الشمسية والتحسينات فى كفاءة بطاريات أيونات الليثيوم، كما ساعدت أنظمة الطاقة الشمسية الصغيرة على تقديم الخدمات بأسعار معقولة للغاية.
كما أدى الاستخدام المتزايد لمدفوعات الهاتف المحمول إلى تسهيل إجراءات التأجير لوحدات الطاقة الشمسية أو الملكية بسهولة تنافسية من حيث التكلفة مع الكيروسين وأكثر كفاءة من المولدات التى تعمل بالديزل.
وتعتبر المولدات الكهربائية غير فعالة؛ نظراً إلى أنه يجب تشغيلها بقوتها الكاملة بغض النظر عن مقدار الطاقة اللازمة، ما يؤدى إلى تبديد الوقود والطاقة المنتجة، فضلاً عن خلق أبخرة ملوثة للبيئة.
وبدأت شركة «زولا» بيع مجموعات صغيرة من الطاقة الشمسية والبطارية فى خمس دول بأفريقيا وهى شركة متخصصة فى الطاقة الشمسية ومقرها أمستردام، وتركز الشركة الهولندية جهودها على توفير الطاقة للشركات الصغيرة فى المدن الأفريقية.
ويقول بيل لينيهان، الرئيس التنفيذى لشركة «زولا”، إنهم يختارون أكثر أشكال الطاقة استقراراً فى أى وقت من الأوقات، كما أن أنظمة التشغيل تحمى الأجهزة من ارتفاع التيار الكهربائى المفاجئ، ويمكن للعملاء تركيب بطاريات إضافية لتلبية الأحمال الكبيرة أو زيادة وقت تشغيل النظام.
وتتصل الوحدات، أيضاً، بشبكة الهاتف المحمول لخدمة أكبر قطاع فى المدن، ما يجعلها سوقاً ضخماً لوحدات الطاقة الشمسية، فالهدف لم يعد تلبية طلب استهلاك الطاقة، ولكن دعم عدد من الشركات التى تعانى طاقة غير مستقرة، ولا يمكنها تحمل الفوضى الناجمة عن ذلك.
وعلى حافة المدن، يتصل الكثير من الناس بشبكة الكهرباء الحكومية، لكنها لا تفعل الكثير من أجلهم، فى حين أن أنظمة الطاقة الشمسية والبطارية يمكن أن توفر الكهرباء للشركات الصغيرة والأسر الحضرية، فضلاً عن النمو الصناعى فى المدن الأفريقية الذى يتطلب الكثير من الطاقة بكميات أكبر وبسعر تنافسى.
ويقول تود موس، الذى يدير مؤسسة غير ربحية تسمى «الطاقة من أجل النمو”، إن على البلدان أن تستثمر الآن فى إمدادات الطاقة على نطاق أوسع لضمان تطوير الصناعة وخلق فرص عمل.
وفى حين أن نيجيريا لديها 12 جيجاوات من القدرة المولدة، لكن ما جرى تركيبه فقط على الشبكات الوطنية 4 جيجاوات مقارنة بـ1000 جيجاوات فى الولايات المتحدة.
ويقول «موس»، الذى عمل سابقاً فى الحكومة الأمريكية ويركز على أفريقيا تحت قيادة وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس: «ستكون بطاريات Solar Plus مفيدة فى بعض الأماكن، لكنها لن تكون الحل فى كل مكان».
أضاف أن أنظمة الطاقة الشمسية المنزلية ستكون جزءاً من مزيج الأسر الريفية، وربما لن تكون جزءاً من مزيج صناعى أو حضرى.

برامج إصلاح اقتصادى خالية من التلوث

توفر مصادر الطاقة المتجددة الفرصة للقفز إلى مستقبل مستدام ومزدهر للجميع وتعد زيادة فرص الحصول على موارد طاقة موثوقة وميسورة التكلفة ونظيفة أولوية رئيسية لا سيما فى دول أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى حيث لا يزال نحو 600 مليون شخص فى أفريقيا لا يحصلون على الطاقة، ويمثلون %48 من سكان القارة البالغ عددهم حوالى 1.2 مليار نسمة وفقاً لبيانات منظمة التعاون الاقتصادى والتنمية.
وأشار تحليل للوكالة الدولية للطاقة المتجددة إلى دمج هدف التنمية المستدامة فى مجال الطاقة ضمن الأهداف الاجتماعية والاقتصادية والاستدامة لجدول أعمال أفريقيا لعام 2063.
وتعد الطاقة المستدامة فى طليعة خطط التنمية للدول الأفريقية، مع الاعتراف بدورها الرئيسى فى تحقيق جميع الأهداف الإنمائية للأمم المتحدة للتخفيف من وطأة التكيف مع تغير المناخ.
ومن بين 53 مساهمة وطنية محددة على المستوى القومى تحتوى 45 منها على أهداف محددة للطاقة المتجددة مما يعنى أن حكومات الدول الأفريقية تقر بالفرص الوفيرة التى تقدمها الطاقة المتجددة الهائلة للقارة لوضعها على طريق التنمية النظيفة.
ويمكن لأفريقيا أن تلبى ما يقرب من ربع احتياجاتها من الطاقة المتجددة الأصلية والنظيفة بحلول عام 2030، كما يمكن أن توفر المصادر المتجددة 310 جيجاوات هى نصف القدرة الإجمالية لتوليد الكهرباء فى القارة فى حين حققت 42 جيجاوات ما يعنى أن الزيادة قد تصل إلى 7 أضعاف مما يحتاج تمويل لهذا الحجم بقطاع الطاقة فى إفريقيا سنوياً حوالى 70 مليار دولار حتى عام 2030، ما يؤدى لتخفيضات فى انبعاثات ثانى أكسيد الكربون تصل إلى 310 ميجا طن سنوياً.
وبفضل السياسات الصناعية البعيدة المدى وتنمية المهارات المستهدفة، يمكن توفير ملايين الوظائف الجديدة فى أفريقيا مع مضاعفة حصة مصادر الطاقة المتجددة بحلول عام 2030 الأمر الذى سيخلق معه قيمة اقتصادية إضافية عن طريق زيادة الناتج المحلى الإجمالى العالمى بنسبة تصل إلى %1.1 وهذا من شأنه أن يدل على تحسن بنسبة %3.7 فى الرفاهية والوظائف العالمية لأكثر من 24 مليون شخص بقطاع الطاقة المتجددة.
ويتيح هذا التطور الكبير المزيد من الفوائد الاقتصادية مثل تحسين خدمات الرعاية الصحية خاصة فى المناطق النائية، كما أنها ستدعم كذلك تمكين المرأة التى تمثل %35 من القوى العاملة بمجال الطاقة المتجددة والتى سيصبح دورها أكثر بروزاً لاسيما من خلال استخدام منتج للطاقة المتجددة.

الطاقة المتجددة

أسس التخطيط الناجح لرفع كفاءة إنتاج الطاقة النظيفة

نماذج لتحليل البيانات لرصد الإمكانات المتاحة فى كل بلد

تدريب الكوادر المحلية على برامج تحليل المعلومات لتحديث التقديرات

طورت أفريقيا من نمط التخطيط لديها لخدمة أهداف زيادة الاعتماد على الطاقة النظيفة مما خلق أعمالاً ليست وطنية فحسب بل وإقليمية تتمتع بإطار قوى لبناء المعرفة والقدرات التقنية وأنشأت بيئات استثمارية أكثر ملاءمة فى عدد متزايد من البلدان ويمكن أن يعزى هذا النجاح إلى العديد من العوامل الرئيسية.
1 الاعتماد على الالتزام والدعم السياسى رفيعى المستوى من قبل الحكومات:
تعتمد مرحلة التنفيذ باستمرار على كفاءة القيادة والتوجيه المحليين وكان هذا الالتزام واضح منذ وضع استراتيجية تنفيذ الممر الأفريقى للطاقة النظيفة (ACEC) من خلال الوزراء المعنيين الذين أقروا خطة عمل مشتركة فى يناير 2014 وساهموا فى تطوير برنامج العمل المناخى الرئيسى ومبادرة الطاقة المتجددة فى أفريقيا.
وجرى اعتماد ممر غرب أفريقيا للطاقة النظيفة (WACEC)، الذى يتمتع بدعم سياسى إقليمى واسع، من قبل مجلس وزراء المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (ECOWAS) كمرفق لمعاهدة الإيكواس فى ديسمبر 2016، كما جرى اعتماد ذلك فى قمة رؤساء دول وحكومات الإكواس يونيو 2017.
2 الدعم القارى:
أوصى الاتحاد الأفريقى بدمج ممرات الطاقة النظيفة فى جداول الأعمال الوطنية للطاقة المتجددة وتغير المناخ كما تبنت جامعة الدول العربية مبادرة الطاقة النظيفة فى حين أن خريطة الطريق لتجمع دول وسط أفريقيا تم المصادقة عليها تقنياً فى نوفمبر 2018.
3 خلق شراكات استراتيجية:
وتكون تلك الشراكات موجهة نحو تحقيق نتائج محددة لمختلف المنظمات الأفريقية وشركاء التنمية النشطين فى مجال مصادر الطاقة المتجددة ما أدى لتعزيز الجهود الحالية وتجنب الازدواجية وتعظيم الأثر طويل الأجل، وتساعد الروابط القوية بالبرامج والمبادرات الإقليمية فى الاستفادة من أوجه التعاون والتكامل.
4 تطوير البنية التحتية:
منذ البداية تمت مواءمة جميع الجهود مع برنامج تطوير البنية التحتية فى أفريقيا (PIDA) ومنذ مارس 2018 تحتفظ الوكالة الدولية للطاقة المتجددة بمركز المراقب لدى اللجنة التوجيهية بالبرنامج وشاركت مع الاتحاد الأفريقى والشراكة الجديدة لتنمية أفريقيا (NEPAD) فى صياغة المرحلة التالية من هذا البرنامج الطموح.
وتهدف المرحلة التالية إلى تسخير إمكانات الطاقة المتجددة الهائلة فى أفريقيا من خلال التخطيط للبنية التحتية القارية حتى عام 2030، بما يتجاوز التركيز الحالى على الطاقة الكهرومائية والموارد الحرارية الأرضية.
5 وفرة البيانات:
تعتمد الخطط الاستراتيجية للطاقة على الأطلس العالمى للطاقة المتجددة والذى يضم بيانات صادرة عن أكثر من 50 مؤسسة بحثية دولية وأكبر مجموعة فى العالم من الخرائط العامة الحديثة والدقيقة لموارد الطاقة المتجددة.
ويلعب هذا الأطلس العالمى دوراً رئيسياً فى مشاريع أفريقيا وبناءً على معلومات الرياح والطاقة الشمسية فى الأطلس تم رسم خرائط تقسيم المناطق لجميع الدول المشاركة فى برامج التطوير.
وترصد هذه المراكز والدراسات تقييمات لكمية موارد الطاقة المتجددة المحتملة بالإضافة إلى العديد من المعايير التي تدعم قرارات الاستثمار، مثل التضاريس والمسافة والشبكة المحلية ومراكز التحميل والبنية التحتية للنقل والمناطق المحمية.
وتم تدريب أصحاب المصلحة فى الدول المتعاونة على استخدام هذه المنهجية والخرائط حتى يتمكنوا لاحقاً من إعادة تشغيل النموذج ببيانات جديدة أو محدثة للحصول على نتائج تقسيم المناطق حسب إمكاناتها.
ووضعت الوكالة الدولية للطاقة المتجددة أيضاً تقييماً لإمكانات توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح باستخدام خرائط الأقمار الصناعية لنظام المعلومات الجغرافية من الأطلس العالمى لدعم التخطيط طويل الأجل للطاقة.
ومن بين البيانات المهمة يساعد تحليل الملاءمة فى تحديد المناطق المناسبة لمشاريع الطاقة الشمسية وطاقة الرياح المتصلة بالشبكة وخارجها وجرى تنفيذ هذا التمرين على المستوى الإقليمى فى غرب إفريقيا وكشف عن إمكانات تقنية إجمالية تصل إلى 171 جيجا وات للرياح و1830 جيجاوات الطاقة الشمسية الكهروضوئية.
وعند محاولة إنشاء إمكانات الطاقة المتجددة لمنطقة كبيرة، يعد تحليل الملاءمة وتقسيم المناطق من الأدوات الجغرافية المكانية المتميزة ولكن المتكاملة.
6 وفرة البيانات التحليل المالى:
لدعم استثمارات الطاقة المتجددة والقرارات المالية التى حددتها البلدان الأفريقية ذات الأولوية طورت الوكالة الدولية خدمة أخرى بخلاف تقييم الموقع وهى التحليل المالى للجدوى الاقتصادية لتقديم تعريفة قياسية للكهرباء للمساعدة فى توجيه التفاعلات بين الحكومات ومطورى المشاريع وبهذه الطريقة فإن السلطات المحلية ومطورى المشاريع المحتملين يكتسبون فهماً أوضح للجدوى الاقتصادية والاستثمار اللازم لتطوير المواقع.
وتم استخدام خدمة تقييم الموقع حتى الآن لتقييم 92 موقعًا من مشاريع الطاقة الشمسية الكهروضوئية والرياح فى كاب فيردى وجزر القمر وإسواتينى ومالى وموزمبيق ونيجيريا والسودان وتوغو وزامبيا وزيمبابوى يصل حجمها إلى 262 ميجاوات من الطاقة الشمسية الكهروضوئية و1184 ميجاوات من مشاريع الرياح.

التعاون الدولى.. تنمية للقارة وتصدٍ لمشكلات المناخ العالمية

%25 من كهرباء مصر عبر مصادر طاقة متجددة فى 2030

تدعم الدول الكبرى من خلال الوكالة الدولية للطاقة المتجددة جهود التنمية النظيفة فى أفريقيا بشأن مصادر الطاقة المتجددة. وقامت دول القارة مع شركاء التنمية بصياغة أولويات الطاقة المتجددة خلال منتدى تشاورى رفيع المستوى فى يوليو 2011.
وكشف البيان الوزارى لهذا المنتدي الذى عقد تحت عنوان «الطاقة المتجددة لتسريع تنمية أفريقيا»، أن إمكانات أفريقيا الكبيرة فى مجال الطاقة المتجددة يجب استغلالها فى إطار القضايا المتعلقة بتخفيف آثار تغير المناخ والتكيف معه.
وللاستفادة من هذه الإمكانات، أكدت مناقشات المنتدى فى ذلك الوقت، أهمية وجود تعاون استراتيجى تقوده الوكالة مع الشركاء الأفارقة.
وعلى مر السنين، تمت متابعة ذلك من خلال تطوير ما يسمى «ممرات الطاقة النظيفة»، وهى مكون رئيسى لجهودها لتعزيز تكامل السوق الإقليمى للطاقة النظيفة.
وتساعد ممرات الطاقة النظيفة فى شرق وجنوب وغرب القارة البلدان الأفريقية على زيادة توليد الطاقة المتجددة وتجارة الكهرباء عبر الحدود؛ حيث تهدف الممرات إلى دعم الجهود الرامية لتلبية احتياجات القارة سريعة النمو من الكهرباء من خلال التطوير المتسارع والاستخدام الأمثل لموارد الطاقة المتجددة الوفيرة فى المنطقة.
وتركز ممرات الطاقة العابرة للحدود على تطوير نطاق المنفعة للكهرباء القائمة على مصادر الطاقة المتجددة ذات البعد التجارى للاستفادة من كفاءة استخدام الموارد ووفرتها بحجم هائل.
وتم إنشاء ممرات الطاقة النظيفة لأول مرة ضمن مجموعة تجمع دول شرق أفريقيا للكهرباء ثم تجمع دول جنوب أفريقيا وامتدت إلى تجمع دول غرب أفريقيا.

الطاقة المتجددة
ويجرى تعزيز التعاون الإقليمى مع شمال ووسط أفريقيا من خلال المبادرة العربية للطاقة النظيفة (PACE) التى تقوم على خطة عمل إقليمية لزيادة الطاقة المتجددة فى أنظمة الطاقة فى الدول العربية بدعم مقدم من الوكالة الدولية للطاقة المتجدة على مستوى الدول، كما هو الحال من خلال الإطلاق الأخير لتوقعات الطاقة المتجددة فى مصر.
والهدف من ذلك هو تعزيز إطار الاستثمار الذى سيمكن من توفير ما يصل إلى ربع إجمالى إمدادات الطاقة النهائية فى مصر من مصادر الطاقة المتجددة خلال عام 2030.
ووضعت أيضاً المجموعة الاقتصادية لدول وسط إفريقيا (ECCAS) خطة لتطوير خارطة طريق للطاقة المتجددة للمنطقة الإقليمية بدعم دولى؛ حيث توفر الخطة مجموعة من الإجراءات المحددة لتعزيز السياسات التمكينية والهياكل التنظيمية والمؤسسية والمالية لنشر الطاقة المتجددة على المستويين الإقليمى والوطنى.
وظهرت نتائج ملموسة لثمار التعاون الدولى؛ حيث جرى تصميم عدة مبادرات تراعى الاحتياجات والأولويات الإقليمية والوطنية لكل بلد ليتم تنفيذها من خلال ثلاثة مسارات عمل أساسية، وهى تقييم الموارد وتقسيم المناطق وتخطيط الطاقة على الصعيدين الوطنى والإقليمى، ووضع إطارات العمل التى تمكن الشركات من العمل، وتستكمل هذه الأنشطة بأنشطة بناء القدرات والتوعية الشاملة.
وحدد نموذج تقييم موارد الطاقة المتجددة وتحليل المناطق مواقع ذات إمكانات عالية الموارد وفعالة من حيث التكلفة لتوليد طاقة الرياح والطاقة الشمسية الكهروضوئية (PV) وتنمية الطاقة الشمسية المركزة عبر شرق وجنوب وغرب إفريقيا وبناء على هذا العمل تم تقييم الجدوى المالية والمصرفية لـ92 موقعاً من مشاريع الطاقة الشمسية الكهروضوئية والرياح فى 10 بلدان أفريقية حتى الآن.
ومن النتائج الملموسة للدعم الدولى الاستعانة بتقييمات الموارد كمدخلات أساسية فى عمليات التخطيط على المدى الطويل على الصعيدين الإقليمى والوطنى وجرى تصميم نموذج تخطيط نظام الطاقة من قبل الوكالة الدولية للطاقة المتجددة لدعم خطط التوسع طويلة الأجل لتوليد الطاقة على المستويات القارية والإقليمية والوطنية.
ويسمح ذلك لصانعى القرار بتقييم خيارات الاستثمار الأقل تكلفة فى ضوء هدف محدد للسياسة الحكومية، مثل زيادة تغلغل مصادر الطاقة المتجددة وتقليل الاعتماد على الواردات وتحسين القدرة على تحمل تكاليف الكهرباء.

حلول الطاقة المتجددة فى أفريقيا بعيون البنك الدولى

11.5 مليار دولار تمويل لبرامج الوقود النظيف بين 2018-2014

%87 من معدومى الكهرباء فى الريف

يعيش ما يقرب من مليار شخص أو حوالى %13 من سكان العالم دون كهرباء وفى أفريقيا حالياً لا يحصل شخص من بين كل ثلاثة أشخاص على الكهرباء، وغالباً ما يضطر إلى اللجوء لاستخدام الكيروسين أو قضاء ساعات فى الظلام.
و%87 من أولئك الذين لا كهرباء لهم يعيشون فى المناطق الريفية بينما من لديهم كهرباء غالباً ما يجدونها غير مستقرة الإمداد أو باهظة الثمن.
وتضاعفت نسبة عجز دول أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى من حيث الوصول للكهرباء أكثر من ضعف المعدل العالمى بين عامى 1990 و2016.
وعلى الرغم من التقدم المحرز فى جميع مناطق العالم، فإن العالم ليس على المسار الصحيح لتحقيق قدرة الحصول على الكهرباء عالمياً بحلول عام 2030 بسبب تخلف منطقة أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى عن الركب.
ويقول تقرير البنك الدولى للطاقة فى أفريقيا لعام 2019 إن الوصول الشامل إلى طاقة مستدامة وموثوقة ومستقرة هو جزء من هدف التنمية المستدامة السابع كما أنه لا يمكن تحقيق العديد من الأهداف الأخرى بدونه، فبغير الطاقة المستقرة لا توجد تنمية مستقرة بل ويقع دعم الحصول على الطاقة فى صميم الجهود المبذولة لمعالجة مشكلات التغير المناخى.
ويعتبر الوصول إلى الكهرباء عنصراً هاماً لتحقيق أمن المجتمعات بشكل أفضل، ويساعد الشركات الصغيرة على الازدهار، ويدعم الخدمات الأساسية مثل المدارس والخدمات فى العيادات الصحية.
ويرعى ويمول البنك الدولى برامج مساعدة البلدان فى الانتقال إلى أنظمة الطاقة منخفضة الكربون وضمان حصول الجميع فى العالم على طاقة مستدامة ومستقرة ومستدامة.
وبين عامى 2014 و2018، قدم البنك الدولى أكثر من 11.5 مليار دولار لتمويل الطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة للعمل على اتباع نهج شامل لزيادة وصول الكهرباء للناس وقد برزت الشبكات الصغيرة كلاعب رئيسى فى كهربة المناطق الريفية الفعالة من حيث التكلفة والاستقرار فى الإمداد ولديها القدرة على لعب دور هام فى الجهود المبذولة لتحقيق الوصول الشامل إلى الطاقة.
ويعد البنك حالياً أحد أكبر الممولين فى هذا القطاع حيث يدعم حوالى %25 من استثمارات الشبكات الصغيرة فى العالم النامى.
وعلى سبيل المثال، يمكن فى المناطق الريفية غير المتصلة بشبكة الكهرباء الرئيسية تركيب شبكات صغيرة هجينة شمسية بدلاً من الأنظمة القائمة على الوقود الأحفورى حيث تقل الانبعاثات بنسبة حوالى %80.
ويقوم البنك الدولى بدمج استثمارات القطاع الخاص النشط فى مبادرات الشبكات الصغيرة من خلال المساعدة فى وضع سياسات تنظيمية وإظهار نماذج أعمال قابلة للتطبيق وتوفير تمويل أساسى يمكن استخدامه لزيادة التمويل التجارى.
ويعرض تقرير البنك لعدة أمثلة فى مقدمتها نيجيريا حيث يهدف مشروع كهربة نيجيريا الذى يموله إلى توسيع نطاق الحصول على الكهرباء بتكلفة منخفضة تخدم حوالى 80 مليون شخص لا يستطيعون الوصول إليها فى الوقت الحالى.
ومن المتوقع أن تكون الشبكات الصغيرة جزءاً من الحل مع وجود 850 شبكة صغيرة توفر وصول الكهرباء إلى 300 ألف أسرة على الأقل و30 ألف شركة.
وفى موزمبيق، تدعم مؤسسة التمويل الدولية أول محطة للطاقة الشمسية على نطاق المرافق فى البلاد والتى ستساعد على زيادة مرونة المناخ فى قطاع الكهرباء وتوفير الطاقة للمناطق الريفية. ويشمل المشروع أيضاً دعماً من صناديق الاستثمار فى المناخ ومن المتوقع أن توفر الطاقة لدعم الشبكة الوطنية وانتاج طاقة كافية لخدمة حوالى 175 ألف أسرة.
وتدعم وكالة ضمان التأمين المتعددة الأطراف (MIGA) فى السنغال أول مزرعة رياح على نطاق مرافق الطاقة فى البلاد ومن المتوقع أن يزود المشروع حوالى 300 ألف أسرة بالكهرباء خاصة فى المناطق الريفية.
ويعتبر هذا المخطط هو أكبر مشروع للرياح فى غرب أفريقيا ودول جنوب الصحراء الكبرى وسيكون له أيضاً تأثير واضح فى دراسة الجدوى الفنية والمالية والمؤسسية تمتد إلى نطاق واسع فى البلد وفى المنطقة أيضاً.
وفى زامبيا جمع برنامج تطوير الطاقة الشمسية Scaling Solar جهود مجموعة من البنك الدولى واستثمارات مؤسسة التمويل الدولية والخدمات الاستشارية ووكالة التأمين المتعدد فى إطار مشاركة واحدة تهدف إلى إنشاء أسواق قابلة للحياة لمحطات الطاقة الشمسية الكهروضوئية المتصلة بالشبكة.
وسيتم بيع الكهرباء المولدة من محطة تصل قدرتها إلى 48 ميجاوات والموجودة خارج العاصمة لوساكا التابعة لشركة المرافق الزامبية من خلال اتفاقية شراء طاقة مدتها 25 عاماً.
وفى غانا يقدم البنك الدولى دعماً لمشروعات الطاقة المتجددة فى المجتمعات الريفية من خلال الاستثمار فى شبكات الطاقة الشمسية الصغيرة، وسيوفر المشروع كهرباء موثوقة لنحو 10 آلاف شخص فى المجتمعات الجزرية المحيطة ببحيرة فولتا وبسعة مركبة مجمعة تبلغ 1.7 ميجاوات.

بوتسوانا وناميبيا تستضيفان مشروع القرن للطاقة الشمسية

20 عاماً مدة تنفيذ مشروع محطات إقليمية لتوليد 5 آلاف ميجاوات

قدمت دول أفريقيا الصغيرة النامية تطبيقاً عملياً لأهمية الاستقرار السياسى فى نجاح خطط الاعتماد على الطاقة المتجددة وانعكس ذلك فى تدفق الاستثمار القوى للقطاع بفضل توفير الحكومات فى بوتسوانا وناميبيا على سبيل المثال، بيئات قانونية وتنظيمية جيدة.
ويمتلك البلدان قدرة جذب كبيرة للمستثمرين للمشاركة فى برنامج تنافسى واسع النطاق حيث تفوقا على بلدان أخرى فى الجنوب الأفريقى خاصة فيما يتعلق بمؤشر مكافحة الفساد والذى يعد أكبر عائق للتنمية بالقارة السمراء والمفاجأة أن بوتسوانا لديها أقوى تصنيف ائتمانى فى القارة.
ويمكن لهذه المبادرة خلق نموذج يعالج قصور التعاون تاريخياً بين القطاعين العام والخاص حتى وقت قريب لتطوير هذه المشاريع، مما أهدر الكثير من إمكانات الطاقة الشمسية الهائلة فى المنطقة غير المستغلة إلى حد كبير.
وتستعد بوتسوانا وناميبيا لتغيير هذا الاتجاه بدعم من مجلس المستقبل العالمى للطاقة التابع للمنتدى الاقتصادى العالمى حيث تتطلع حكومتا البلدين إلى تطوير مشروع يمكن أن يضيف ما يصل إلى 5 آلاف ميجاوات من الطاقة الشمسية الجديدة خلال العقدين المقبلين.
ويسهم فى تحقيق الاستقرار دور قطاع الطاقة فى خلق فرص العمل من خلال مشاريع تطوير محطات توليد الطاقة الشمسية سواء وظائف مؤقتة أو دائمة لدعم عمليات البناء والتشغيل والصيانة.
وحللت دراسة لمؤسسة «باور أفريكا» مشروعات بوتسوانا وناميبيا وهى 12 مشروعاً حيث ظهر أن تطوير محطة طاقة بقدرة 275 ميجاوات ومصنع طاقة بقدرة 500 ميجاوات يمكن أن يخلق 27 ألف وظيفة مؤقتة و857 وظيفة دائمة.
ومن الأهمية بمكان بالنسبة لنجاح هذه المشاريع وجود إرادة سياسية قوية، ففى مثال البلدين يوجد مقترح قيد الدراسة لتطوير مشروع ضخم للطاقة الشمسية عبر مناقصة تنافسية تنطلق فى مجال الطاقة الشمسية بدءاً من 300-500 ميجاوات لتلبية الطلب المحلى، وتعتبر هذه مرحلة أولية لتطور السوق وتبنى القدرات المحلية لإدارة التقنيات المطلوبة.
وفى المرحلة التالية من هذا المقترح يمكن إضافة 500-1000 ميجاوات ليتم بيعها إقليمياً فى توقيت الانتهاء من البينة الأساسية للتوصيل البينى الإقليمى.
وفى النهاية، يمكن لهذا البرنامج الضخم للطاقة الشمسية أن يضيف ما بين 1000 إلى 3000 ميجاوات أو أكثر ليتم تداوله عبر مجمعات الطاقة الإقليمية فى أفريقيا.
ويواصل أعضاء مجلس المستقبل العالمى للطاقة فى المنتدى الاقتصادى العالمى اتصالاتهم مع مسئولين من بوتسوانا وناميبيا لدفع هذا الجهد الطموح.
وفى قمة الأعمال الأمريكية الأفريقية فى يونيو الماضى التقى رئيس ناميبيا هاج جينجوب، ووزير الشئون الدولية فى بوتسوانا يونيتى داو، مع منسق الطاقة فى أفريقيا أندرو هيرسكويتز وممثلى البنك الدولى ومؤسسة التمويل الدولية لمناقشة الخطوات التالية، وتضمنت هذه الاجتماعات الالتزام الرفيع المستوى اللازم للبدء فى تصميم جهد بقيادة أفريقيا لتطوير الطاقة الشمسية الضخم فى المنطقة.

لمتابعة أخر الأخبار والتحليلات من إيكونومي بلس عبر واتس اب اضغط هنا

الأكثر مشاهدة

النفط يصل لأعلى مستوياته منذ شهر وسط توقعات بارتفاع الطلب

استقرت أسعار النفط اليوم الخميس لتقترب من أعلى مستوى في...

البنك الأهلي يستحوذ على 24% من رأسمال “هايد بارك” العقارية

استحوذ البنك الأهلي المصري على حصة البنك العقاري المصري العربي...

منطقة إعلانية