اعترفت الحكومة الهندية التى أمضت شهورًا فى التقليل من شأن تباطؤ الاقتصاد بعد تصاعد الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين وتراجع الاقتصاد العالمى، بالمشاكل التى سبق وأنكرتها وأعلنت عن تخفيض مفاجئ فى ضرائب الدخل لجميع الشركات وتقديم حوافز إضافية للمصنعين.
وسافر رئيس الوزراء ناريندرا مودى، إلى الولايات المتحدة، للقاء الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، ومحاولة حل بعض النزاعات التجارية بينهما.
ذكرت صحيفة «نيويورك تايمز» أنه حتى العام الماضى، كانت الهند التى يبلغ عدد سكانها 1.3 مليار نسمة أسرع اقتصادات العالم نمواً،إذ سجلت نموًا بنسبة %8 أو أكثر.
ولكن فى الوقت الحالى تحاول الحكومة الحفاظ على معدل نمو بنسبة %5، وزادت إشعارات تسريح العمال، لتبلغ البطالة %8.4 وفقًا لمركز مراقبة الاقتصاد الهندي.
وأوضحت الصحيفة الامريكية، ان تراجع حظوظ الهند ناتج جزئيًا عن مشاكل محلية مثل المزارعين المهمشين، ولكن أصبح الوضع مشؤومًا أيضا بالنسبة للبلدان النامية الأخرى فى آسيا وإفريقيا وأمريكا اللاتينية التى تحاول الإبحار خلال الاقتصاد العالمى الضعيف وتصاعد النزاعات التجارية.
وقال كبير استراتيجيى الأسواق الناشئة فى بنك «إس إى بى» السويدى، بير هامارلند : «كان من المحتمل أن تكون الهند رائدة، ولكنها أصبحت الآن علامة على الاتجاه الاقتصادى العالمى فى الوقت الحالى،إذ تباطأ مستوى النمو العام الحالى أكثر من مستويات العام الماضى».
ووسط قوة الدولار، انخفضت قيمة الروبية الهندية وغيرها من عملات الأسواق الناشئة.. الأمر الذى جعل الواردات الحيوية للطاقة والالكترونيات ومعدات المصانع أكثر تكلفة.
يأتى ذلك فى الوقت الذى أدى فيه الهجوم على منشأتين نفطيتين فى المملكة العربية السعودية، نهاية الأسبوع الماضى، إلى ارتفاع الأسعار العالمية للبترول الأمر الذى أكد مدى ضعف الهند والبلدان النامية الأخرى عند النظر إلى عوامل خارجية خارجة عن إرادتها.
وتمضى الهند على خطى الصين وإندونيسيا، حيث تصارع البلاد تداعيات سنوات الإقراض المفرط التى تشجعها الدولة.
ولكن فى حالة الهند، أدى التخلف عن السداد فى الآونة الأخيرة من قبل الشركات المالية غير المصرفية، إلى كبح الإقراض للمستهلكين والشركات.
وقال خبراء الاقتصاد وقادة الأعمال، إن القرارات السياسية التى اتخذتها الحكومات المركزية وحكومات الولايات فى الهند، أدت إلى تفاقم الأزمة الاقتصادية فى البلاد.

وعلى سبيل المثال، تعرضت شركات صناعة السيارات لضربة ثلاثية بعد أن زادت معايير السلامة والانبعاثات الجديدة من تكلفة السيارات ورفعت 9 ولايات ضرائب على مبيعات السيارات، وأصيبت البنوك وشركات التمويل التى تمول التجار بـ%80 من مشتريات السيارات الاستهلاكية بالشلل من أزمة الائتمان.
وقال رئيس شركة «ماروتى سوزوكى»، آر بهارجافا، وهى أكبر شركة لصناعة السيارات فى الهند : «كل هذه العوامل جاءت فى غضون عام واحد نتج عنها تحول الركود الدورى العادى إلى كساد عميق فى قطاع السيارات»،.
وفى الوقت الحالى تطالب بعض الشركات المصنعة، الحكومة بتخفيض الضرائب على مشتريات السيارات الجديدة.
وانتقد المحللون مودى، فى ولايته الأولى لتجاهل الأدلة المبكرة على التباطؤ. فبعد فوزه الساحق فى إعادة انتخابه فى مايو الماضى، توقع كثير من الاقتصاديين أن يطلق حزمة تحفيز قصيرة الأجل، وأن يعالج قضايا طويلة الأجل مثل فقر المزارعين وإصلاح الأراضى.
ولكن بدلاً من ذلك، وجه ضربة قوية للاقتصاد بزيادة الضرائب غير المتوقعة على المستثمرين الأجانب، ما دفعهم إلى التخارج من سوق الأسهم والسندات الهندية.
ووعدت وزيرة المالية نيرمالا سيتارامان، مؤخرًا بأن الحكومة ستتدخل لمساعدة شركات صناعة السيارات والإسراع فى الإنفاق على البنية التحتية .. وقد وجهت البنوك المملوكة للحكومة لتقديم مزيد من القروض.
وتعد صناعة الغزل والنسيج التى توظف حوالى 45 مليون شخص، وتأتى فى المركز الثانى بعد الزراعة فى الهند رمزًا لمحنة البلاد.
فمنذ أوائل سبتمبر تعمل مصانع الغزل والنسيج على خفض الإنتاج، رغم تراجع السعر العالمى للقطن بسبب زيادة التعريفات الأمريكية على المنسوجات الصينية.
لكن أصحابها يقولون إن أسعار الغزل انخفضت أيضًا، مما يجعل من الصعب على شركات الغزل تحقيق أرباح.
وسجلت شركة «دولار اندسترى» التى صنعت ملابس داخلية للرجال منذ ما يقرب من نصف قرن، انخفاض المبيعات بنسبة %4 فى الربع الأخير وكان ذلك بمثابة صدمة للجميع.
وقال غوراف غوبتا، وهو أحد مؤسسى الشركة: «لم أرَ تباطؤًا مثل هذا. فبالنسبة للعميل الذى اعتاد شراء 6 قطع داخلية من الملابس قلص مشترياته الآن إلى أربعة».
وأضاف أن الموزعين وتجار التجزئة يواجهون مشكلة فى اقتراض الأموال لتمويل المخزون، مشيرًا إلى أن تأخر الحكومة فى دفع المبالغ المستردة من الضرائب للشركات الصغيرة يزيد من الأزمة النقدية.

لمتابعة أخر الأخبار والتحليلات من إيكونومي بلس عبر واتس اب اضغط هنا