تسير روبوتات فضية شبيهة بالبشر في مصنع للسيارات على طول خطوط التجميع لتقوم بالمهام التي كان يؤديها البشر حصرا من فحص وأحزمة الأمان وتثبيت الملصقات على المركبات.
هذا المشهد لم يأت من فيلم للخيال العلمي، ولكنه ثمرة تعاون بين شركة “يو بي تك” للروبوتات التي تتخذ من مدينة شنتشن بمقاطعة قوانجدونج جنوبي الصين مقرا لها، وشركة “نيو” الصينية لصناعة السيارات الكهربائية، ما يُسلط الضوء على التقدم السريع المُحرز في صناعة الروبوتات البشرية في الصين.
مع احتدام المنافسة بين الشركات المصنعة، يتم دمج الروبوتات البشرية بشكل متزايد في مختلف القطاعات، بينما تقود التطبيقات الصناعية تطوير هذه المهمة.
وفي هذا السياق، أعلنت شركة “يو بي تك” في وقت سابق من الشهر الجاري أنها ستعمل مع شركة “فاو-فولكس فاجن” إحدى أوائل شركات صناعة السيارات المشتركة في الصين، لتطوير مصنع للسيارات بدون سائق، حيث تهدف هذه المبادرة إلى نشر روبوتات “ووكر إس” الصناعية الشبيهة بالبشر التابعة لشركة “يو بي تك”، في مصنع “فاو-فولكس فاجن” في تشينغداو بشرقي الصين، حيث ستقوم هذه الروبوتات بمهام مثل شد البراغي وتجميع المكونات والتعامل مع قطع غيار السيارات، بحسب شينخوا.
ويعتبر خبراء أن التطبيقات الأساسية للروبوتات البشرية في مجالات التصنيع الصناعي والخدمات التجارية والرفقة العائلية ستكون من بين التطبيقات التي تتحضر لقيادة قطاع التصنيع الصناعي.
وخلال مؤتمر الابتكار 2024 الذي عُقد في شنتشن التي تعتبر مركزا تكنولوجيا هاما في جنوبي الصين خلال عطلة نهاية الأسبوع، قال بانج جيان شين نائب رئيس “يو بي تك” إن الروبوتات البشرية تخترق بشكل متزايد القطاعات الحيوية في الصناعة التحويلية، بما في ذلك السيارات وأجهزة الكمبيوتر والاتصالات والإلكترونيات الاستهلاكية.
وقال بانغ: “إن الطبيعة الموحدة للتصنيع الصناعي تجعله مجال تطبيق أوليا ومثاليا للروبوتات البشرية”، مؤكدا أن القاعدة الصناعية القوية للصين توفر أرضا خصبة لتطوير الروبوتات البشرية.
أضاف أن الاندماج العميق في التصنيع الصناعي سيعزز بشكل كبير قدرات التلاعب بالأدوات وتنفيذ المهام للروبوتات البشرية.
وتهدف الصين إلى إنشاء نظام ابتكار أولي للروبوتات البشرية بحلول عام 2025، وفقا لدليل توجيهي أصدرته وزارة الصناعة وتكنولوجيا المعلومات، حيث ستشهد البلاد بحلول عام 2027 نظاما صناعيا وسلسلة توريد آمنا وموثوقا به، كما سيتم دمج المنتجات ذات الصلة بعمق في الاقتصاد الحقيقي.
تقف شركات الروبوتات الصينية في طليعة تطوير تكنولوجيا الروبوتات البشرية، وتحقيق اختراقات كبيرة في كل من وظائف الأطراف السفلية والعلوية.
واجهت شركة “ليمكس ديناميكس” تحدي التحكم الديناميكي في حركة الأطراف السفلية للروبوتات البشرية من خلال تطوير خوارزميات متخصصة لتخطيط الحركة وتقدير الحالة والتنسيق بين الجسم بالكامل، إلا أن الروبوت البشري الذي طورته الشركة حاليا يقوم بحركات تشغيل مستمرة، ومزامنة حركات الذراع بسلاسة مع وظائف الأطراف السفلية.
وفي الوقت نفسه، وفي مجال تصميم الأطراف العلوية، تحقق شركات مثل “باشينني” للتكنولوجيا اختراقات هامة من حيث الحساسية والتنسيق، حيث يتميز الروبوت “باتشيني”البشري بوجود أيدٍ لمسية قادرة على التمييز بين جلد شخص مسن وجلد طفل.
وأكد نيه شيانج رو المؤسس المشارك للشركة المذكورة على أهمية الإدراك اللمسي في أيدي البشر. ولتكرار هذه القدرة، قامت الشركة بشكل مستقل بتصميم مستشعرات لمسية متعددة الأبعاد، ما يعزز قدرة الروبوت على الإدراك والاستجابة بشعور مرن من اللمس يشبه القدرات البشرية.
من جانبه، قال شيونج رونج الأستاذ في جامعة تشجيانج إن الروبوتات البشرية صممت في شكل بشري لتحقيق أقصى قدر من التنوع وتسهيل الاندماج السلس في البيئات الاجتماعية.
ووفقا لتقرير صدر في المؤتمر الصيني الأول لصناعة الروبوتات البشرية في شهر أبريل الماضي، من المتوقع أن يصل حجم السوق الصيني لصناعة الروبوتات البشرية إلى 2.76 مليار يوان (حوالي 387 مليون دولار أمريكي) في عام 2024، و 75 مليار يوان بحلول عام 2029.
وعلى الرغم من كل التطورات، حذر الخبراء خلال المؤتمر الذي عُقد خلال عطلة نهاية الأسبوع من أن الرحلة نحو استخدام الروبوت البشري في كل مكان لا تزال في مهدها، لا سيما في البيئات المنزلية والتجارية المعقدة حيث تتطلب التفاعلات بين الإنسان والروبوت المرونة والقدرة على التكيف.
وقال بانج إن التطوير المستقبلي للروبوتات البشرية يتطلب مزيدا من البحث والتطوير للمحركات عالية الأداء وأجهزة الاستشعار والمكونات الأساسية الأخرى.
وأضاف: “ربما يمكن لمواد جديدة مثل العضلات الاصطناعية أن تحدث ثورة في تصميم الروبوت البشري، ما يتيح التحول من الآليات الصلبة إلى الآليات المرنة التي تعمل بالطاقة”.
لمتابعة أخر الأخبار والتحليلات من إيكونومي بلس عبر واتس اب اضغط هنا