يواصل الذهب الصعود منذ قرابة العامين مع استراحات قصيرة عن الارتفاع لا يمكن أن نسميها تراجعات، فهي انخفاضات غير معتبرة عند النظر لتحركاته بشكل عام.
في الأسابيع الأخيرة، لا تكف الصحافة الاقتصادية المحلية أو العالمية ومتابعي الاقتصاد بشكل عام، عن استخدام مصطلع “قياسي” عند الحديث عن الذهب.
والفكرة الرئيسية هي أن إيمان الإنسان بالذهب وأنه هو الملاذ الآمن متجذر في العقلية البشرية منذ آلاف السنين، حتى أن قدماء المصريين كانوا يكتنزونه في قبورهم معتقدين أنه سينفعهم في الحياة الآخرة.
ارتفاعات الذهب التي تكاد تكون متواصلة منذ نهايات 2022 عندما كانت الأوقية تتداول عند مستويات 1700 دولارا، دعمتها بشكل رئيسي حالة الضبابية المستمرة.
بداية الضبابية كانت في حرب أوكرانيا ومخاوف من تحول الصراع المستمر منذ نهاية فبراير 2022، إلى حرب عالمية وسط إصرار غربي على دعم كييف كأداة لدرء مخاوف أوروبا والولايات المتحدة من طموحات الدب الروسي.
الغرب يريد أن يدعم أوكرانيا، لكن ليس لدرجة أن تعتبر موسكو هذا الدعم عدوانا عليها فيتحول الصراع إلى حرب عالمية ثالثة لا تبق ولا تذر.. في الوقت نفسه، فإن هذا الدعم الحذر لا يُمَكّن كييف من إنهاء الصراع المستمر منذ أكثر من عامين ونصف العام، كما أنه يمنع روسيا بالطبع من تحقيق أهدافها كاملة.
التوتر ينتقل للشرق الأوسط
الحرب على غزة تقترب من إتمام حالها الأول، لكن وما أن بدأ معدل القتل الجماعي في التراجع، والذي يبدو أن إسرائيل تتبناه لمعاقبة المدنيين سواق في غزة أو حتى في الضفة على فرحتهم بما قامت به المقاومة في 7 أكتوبر، حتى استدارت تل أبيب إلى لبنان، وكأنها تقول سأعاقبكم واحدا تلو الآخر.
القلق مستمر والفائدة ستنخفض
طبعا العالم لا يدور في فلك الشرق الأوسط وحده، فهناك توترات الصين وتايوان، ومحاولات ترامب المضنية للعودة إلى المكتب البيضاوي، وهي التحركات التي تحفر في الذاكرة اقتحام أتباعه ذوي الأزياء الغريبة للكابيتول، وربما تثير القلق فيما يمكن أن يحدث هذه المرة إذا خسر ترامب، والأمر يستوي إذ ما كانت هذه الخسارة أمام العجوز بايدن الذي أدرك مؤخرا أنه شاخ على الترشح للرئاسة، أو خليفته ونائبته هاريس.
أما عن الفائدة فحدث ولا حرج، ففي البداية كانت المؤشرات تقول إن الفيدرالي عليه أن يبدأ في مسيرة الخفض، لكنه آثر التأجيل، وعندما اتخذ قراره كان بمعدل أكبر من التوقعات ليظل الإرباك هو سيد الموقف.
وبشكل أوضح، فالتوقعات في أغلبها كانت تشير لخفض قدره 25 نقطة أساس، وتخفيض إجمالي حتى نهاية العام الجاري بـ75 نقطة أساس.
لكن قرار الفيدرالي بخفض الفائدة 50 نقطة دفعة واحدة في سبتمبر، دفع التوقعات لأعلى من سابقتها، فبات المحللون يرون أن الفيدرالي قد يتم التخفيضات إلى نقطة مئوية كاملة بنهاية العام، وهو ما يعني إضعاف أكثر للدولار وبالتالي زيادة سعر أي شئ يبتاع به وفي مقدمته ماذا؟!.. الذهب طبعا.
لعبة الذهب
الحروب والصراعات العالمية إلى جانب بدء دورة التيسير النقدي في الولايات المتحدة بدفعة أقوى من المتوقع، يضاف إليها مخاوف من تعثر اقتصادي في مصنع العالم وثاني أكبر اقتصاداته وهو الصين، كان الرابح الأبرز منها هو الذهب.
فباتت مكاسب المعدن الأصفر يومية تقريبا، ومستوياته القياسية لا يمكن اللحاق بها، وناهزت مكاسب سعر الأوقية العالمي الـ1000 دولار كاملة تعادل نحو 60%، منذ نهايات أكتوبر 2022 وحتى الآن.
الخلاصة أن حالة القلق العامة التي باتت تحيط بكل شئ تقريبا، يكاد الذهب والمراهنون على صعوده هم الرابحون الرئيسيون منه.
لمتابعة أخر الأخبار والتحليلات من إيكونومي بلس عبر واتس اب اضغط هنا