في خطوة غير مسبوقة، قد تغيّر ملامح سوق العقارات المصري، أصدرت المحكمة الدستورية العليا حكماً بعدم دستورية تجميد الأجرة السنوية للأماكن السكنية الخاضعة لقانون الإيجار القديم لعام 1981، ودعت المشرّع إلى إيجاد توازن بين حقوق المؤجرين والمستأجرين.
هذا القرار، جاء بمثابة استجابة لمطالبات ملاك العقارات، الذين اشتكوا من ضآلة العائد الاستثماري لعقاراتهم لعدة عقود.
تفاصيل الحكم وتداعياته
أكّدت المحكمة في حيثياتها ضرورة إيجاد إطار قانوني جديد، يضمن تحقيق التوازن بين الطرفين، بحيث لا يُحمّل المستأجرون عبئًا لا يستطيعون تحمله، وفي نفس الوقت لا يُهدر حقوق الملاك.
أشارت إلى أن تجميد الإيجارات لعقود طويلة، قد أضر بالقيمة الاستثمارية للعقارات، وجعل عوائدها غير منصفة.
حددت المحكمة، أن أثر حكمها سيبدأ مع انتهاء دور الانعقاد التشريعي الحالي لمجلس النواب، لمنح البرلمان فترة زمنية كافية للتشريع.
مقترحات مجلس النواب لتطبيق الحكم
استجابةً لهذا الحكم، تعمل لجنة الإسكان بمجلس النواب، على إعداد مقترحات تهدف إلى تحقيق العدالة الاجتماعية وحماية الطرفين.
يقول رئيس لجنة الإسكان بمجلس النواب، محمد الفيومي: “تتضمن المقترحات، إنشاء لجان متخصصة لتقدير القيمة الإيجارية حسب المنطقة، أو أن يقوم كل محافظ بتحديد زيادات مناسبة للمحافظة”.
أضاف في تصريحات خاصة لـ”إيكونومي بلس”: “تدرس اللجنة أيضاً إمكانية الاعتماد على القيم التقديرية للعقارات من قبل الضرائب العقارية كأساس لزيادة الإيجارات“.
أوضح أن المجلس يدرس إمكانية تطبيق زيادات تدريجية حسب المناطق، بحيث تتباين الزيادات وفقًا للقدرة الاقتصادية للمستأجرين.
كما قد يتم الأخذ بعين الاعتبار الفئات الأكثر تضرراً، خاصة في المناطق الشعبية، لتحقيق التوازن بين مصالح الطرفين.
مصير المستأجرين وحقوقهم
بالرغم من أن الحكم ينهي جدلاً استمر لعقود، إلا أن تطبيقه سيواجه تحديات عملية، خاصة فيما يتعلق بالمستأجرين في المناطق الشعبية الذين يواجهون صعوبات اقتصادية، وقد تتيح الزيادات التدريجية فرصة للتكيف مع الأعباء الجديدة.
يؤكد الفيومي، أن الزيادات ستشمل الجميع، مع مراعاة بعض الحالات الاجتماعية لضمان ألا تؤدي هذه التعديلات إلى تأثيرات سلبية على الفئات الأضعف.
أبعاد اقتصادية واجتماعية
يُعد قانون الإيجار القديم، من أقدم القوانين التي نظمت العلاقة بين المؤجر والمستأجر في مصر، وفرض قيوداً على إخلاء المستأجر من الوحدة طالما أنه ملتزم بسداد الإيجار.
أدت هذه القيود إلى عدد من المشكلات بين الطرفين، حيث اتجه بعض الملاك إلى إهمال عقاراتهم لقلة العائد من الإيجار.
مع صدور هذا الحكم، قد تتجدد آمال الملاك في تحسين العوائد، بينما يُتوقع أن يُحدث تغييرات جوهرية في السوق العقاري المصري.
القرار يفتح الباب أمام مستأجرين وملاك العقارات، لإعادة النظر في عقودهم، ويشكّل خطوة نحو تحقيق توازن أكثر عدالة بين حق الملكية وحق السكن، لكنه يضع على عاتق المشرّع مسؤولية كبيرة في تنفيذ آلية جديدة، تحفظ الحقوق وتراعي الاستقرار الاجتماعي.
لمتابعة أخر الأخبار والتحليلات من إيكونومي بلس عبر واتس اب اضغط هنا