توقع مركز أبحاث شركة سيجما كابيتال أن تكون نسبة الاحتياطي الإلزامي هي الأداة التي سيعتمد عليها البنك المركزي المصري على زيادة المعروض النقدي في الاقتصاد.
أدوات السياسة النقدية
قالت سيجما أنه في إطار السياسة النقدية، عادة ما يكون لدى البنوك المركزية ثلاث أدوات تمكنهم من السيطرة على السياسة النقدية ليتمكنوا من الوصول إلى مستهدفاتها. والأداة الأكثر شيوعاً وتثير تحولات في العرض والطلب بأسواق النقد هي أسعار الفائدة. وتتضمن تلك الأداة أسعار الفائدة على الإيداع لليلة واحدة، وسعر الفائدة على الإقراض لليلة واحدة، وسعر الفائدة على العمليات الرئيسية ومعدل الخصم. واستخدم البنك المركزي المصري هذه الأداة للتخفيف من الضغوط الواقعة على التضخم في الاقتصاد المصري خلال الثلاث سنوات الماضية منذ تراجع قيمة الجنيه المصري في نوفمبر 2016. وكانت دورة التيسير النقدي هي الاستراتيجية التي تبناها البنك المركزي المصري، وبالتالي انتهج خفض أسعار الفائدة في اجتماعات لجنة السياسة النقدية السابقة.
أدوات السياسة النقدية خلاف أسعار الفائدة
ذكرت سيجما أن أدوات السياسة النقدية الأخرى ضمن عمليات السوق المفتوحة ونسبة الاحتياطي الإلزامي على العملة المحلية. وتلجأ البنوك المركزية إلى عمليات السوق المفتوحة للتحكم في سيولة العملة من خلال شراء أو بيع أذون خزانة، وتعد هذه الأداة إحدى الأدوات التي يعمل بها البنك المركزي المصري بالفعل.
وسلطت سيجما الضوء في تقريرنا على الأداة الأخيرة ألا وهي نسبة الاحتياطي الإلزامي على العملة المحلية نظراً لأنها أحدث أداة استخدمها البنك المركزي المصري. وبعد استخدام أداتي أسعار الفائدة و عمليات السوق المفتوحة، نتوقع أن تكون نسبة الاحتياطي الإلزامي هي الأداة التي سيعتمد عليها البنك المركزي المصري على زيادة المعروض النقدي في الاقتصاد. والغرض من السياسة النقدية هو إحداث تغييرات في كمية النقد المستخدمة في الاقتصاد من أجل التأثير على مستهدفات معدلات نمو الناتج المحلي الإجمالي، ومعدلات التضخم، ومعدلات البطالة، وغيرها من المستهدفات الاقتصادية الأخرى.
نسبة الاحتياطي الإلزامي أداة المركزي المصري خلال الفترة المقبلة
يستخدم أغلب البنوك المركزية في الأسواق الناشئة نسبة الاحتياطي الإلزامي على العملة المحلية للسيطرة على المعروض النقدي في الاقتصاد والسيولة في النظم المالية. ونسبة الاحتياطي الإلزامي هي جزء من الودائع التي يطلب البنك المركزي من البنوك الاحتفاظ بها كاحتياطيات وليست قروض. ويُستثنى من ذلك شهادات الاستثمار لأجل أكثر من 3 سنوات. ويتم احتسابها من خلال ضرب نسبة الاحتياطي الإلزامي في متوسط رصيد ودائع عملاء البنك لمدة 14 يوم باستثناء شهادات الاستثمار المذكوره أعلاه. بالإضافة إلى ذلك، يتعين على البنوك الاحتفاظ باحتياطيات بنسبة 10% من الودائع الدولارية في شكل ودائع مرتبطة بفائدة الليبور لمدة 3 أشهر في البنك المركزي مستحقة كل 3 أشهر. استخدم البنك المركزي المصري هذه الأداة مرة واحدة بعد تخفيض قيمة الجنيه في نوفمبر 2016، حيث رفعها من 10% إلى 14%. كانت هذه الزيادة في أكتوبر 2017 وكانت تهدف إلى التقليل من المعروض النقدي في الاقتصاد من أجل الحفاظ على معدل التضخم الذي كان يبلغ وقتها حوالي 31%.
ومع ذلك، معايير بازل III تحل محل نسبة الاحتياطي الإلزامي تدريجياً
وتتضمن معايير بازل III الجديدة التي تم استحداثها العام المالي 2013 استبدال الإحتياطي الإلزامي التقليدي بنسبة تغطية السيولة، التي يتم حسابها باستخدام الصيغة التالية:
نسبة تغطية السيولة = كمية الأصول السائلة عالية الجودة / إجمالي صافي التدفقات النقدية
وتعد الأصول السائلة عالية الجودة هي تلك الأصول المؤهلة للتحول إلى نقدية في فترة وجيزة. ويمكن تصنيفهم إلى ثلاث مستويات. المستوى الأول هو أصول المستوى الأول التي تتضمن الأرصدة لدى بنك الاحتياطي الفيدرالي والأوراق المالية التي تصدرها المؤسسات السيادية. ويمكن سحب هذه الموارد سريعاً. ولا يتم خصمها عند احتساب نسبة تغطية السيولة. ثانياً، الأصول من فئة 2-أ (LEVEL 2A) وهي الأوراق المالية التي تصدرها بشكل أساسي البنوك متعددة الجنسيات والأوراق المالية التي تصدرها الشركات التي ترعاها الحكومة. أما المستوى الثالث من الأصول هي الأصول من فئة-ب (LEVEL 2B) والتي تتضمن الأسهم وأوراق دين الشركات، ويتم خصمها باستخدام نسبة 50%. وتعتبر نسبة تغطية السيولة بمثابة سيناريو ضغط، إذ يظهر قدرة البنوك على تمويل التدفقات النقدية لمدة 30 يوماً في حالة اندلاع أي أزمة.
والحد الأدني من نسبة تغطية السيولة المطلوبة بمقتضى بازل III يبلغ حالياً 100%، وتم تطبيقها تدريجياً منذ العام المالي 2017 بدءً من 70% مع زيادات سنوية تدريجية بنسبة 10% حتى تصل إلى المستوى الحالي. ويمكن تطبيق هذه النسبة على جميع البنوك التي لديها أصول موحدة تزيد عن 250 مليار دولار أو 10 مليار دولار من مخاطر سعر الصرف داخل الميزانية.
وتم استبدال نسبة الاحتياطي الإلزامي بنسبة تغطية السيولة لأنه كان يُعتقد أن نسبة الاحتياطي الإلزامي بمثابة عبء ضريبي على البنوك، ما يؤدي بدوره إلى عدم كفاءة توظيف الودائع. ولذلك، قدمت نسبة تغطية السيولة بديلاً أفضل للتخفيف من المخاطر مع السماح للبنوك بتوظيف الودائع على النحو الأمثل. وبالتالي، إذا كانت سياسة البنك المركزي المصري تتجه نحو تبني بازل III، فهذا يدعم وجهة نظرنا حيال استخدام البنك المركزي لأداة الاحتياطي الإلزامي.
توقعات باستخدام نسبة الاحتياطي الإلزامي وتأثيره
أدى رفع نسبة الاحتياطي الإلزامي بالربع الأخير من 2017 حتى الربع الثالث من 2018 إلى تراجع المعروض النقدي في الاقتصاد بنحو 400 مليار جنيه،وفقاً لتقديراتنا. وبعد احتواء التضخم خلال الأشهر القليلة الماضية والتوقعات بمزيد من تراجعه، نتوقع أن يخفض البنك المركزي المصري نسبة الاحتياطي الإلزامي لزيادة المعروض النقدي في الاقتصاد. ووصل التضخم لأدنى مستوياته منذ أغسطس 2015، مسجلاً 4.3%، ما يجعل المركزي المصري بحاجة إلى استخدام أداة نسبة الاحتياطي الإلزامي. ونتوقع تراجع نسبة الاحتياطي الإلزامي مجدداً إلى 10% من 14%، ما قد يؤدي لارتفاع المعروض النقدي بنحو 70 مليار جنيه.
وسيكون مثل هذا القرار إيجابياً للغاية بالنسبة للبنوك التي تتمتع بنسبة مرتفعة من الودائع المستحقة في غضون 3 سنوات والبنوك ذات معدلات مرتفعة من توظيف الودائع.
لمتابعة أخر الأخبار والتحليلات من إيكونومي بلس عبر واتس اب اضغط هنا