أخبار

وعد ترامب بخفض أسعار النفط.. فرصة أم تهديد للاقتصادات الناشئة؟

الأمريكية

تعهد الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، بالالتزام بشعار “احفر” لخفض تكاليف الطاقة إلى النصف، وهو وعد أثار قلق حكومات الدول المنتجة للنفط في الأسواق الناشئة بشأن عائداتها الدولارية.

في المقابل، بعث هذا الوعد الأمل لدى الدول الفقيرة المستوردة للنفط.

تأثير محدود للولايات المتحدة على أسعار النفط

من الناحية العملية، لا يستطيع ترامب – الرئيس القادم لأكبر منتج للنفط في العالم – السيطرة الكاملة على الأسعار، حيث تمتلك الولايات المتحدة تأثيرًا محدودًا على منظمة “أوبك بلس”، كما أن الولايات المتحدة لا تمتلك شركة نفط وطنية يمكن لترامب أن يصدر لها أوامر بزيادة الإنتاج.

تدفع التوقعات الاقتصادية غير المستقرة خاصة في الصين، بالإضافة إلى احتمالات زيادة المعروض النفطي، المستثمرين إلى التحوط من تأثير وعد ترامب الانتخابي.

قال مدير محفظة الديون في الأسواق الناشئة لدى “جانوس هندرسون” توماس هوجارد: “ستكون هناك تحديات ومشاكل محددة لكل دولة بسبب انخفاض أسعار النفط، لكن أكثر من نصف استثمارات الأسواق الناشئة تتمثل في دول كبيرة مستوردة للنفط، ما يعني أن هناك رابحين وخاسرين نتيجة مثل هذه الصدمة”.

تأثير الأسعار المنخفضة على المنتجين

ستتعرض الميزانيات العمومية للمنتجين العالميين – بما في ذلك أكبر منتج في أوبك السعودية – لضربة كبيرة، نتيجة انخفاض أسعار النفط.

لكن المملكة، بفضل صناديق الثروة السيادية المتعددة وإمكانية الوصول إلى الاقتراض العالمي، تتمتع بقدر من العزل.

تسعى السعودية ودول خليجية أخرى مثل الإمارات، خاصة بعد انهيارات أسعار النفط في السنوات الأخيرة، إلى تنويع اقتصاداتها وتعزيز أسواق الدين المحلية.

تشير “جي بي مورغان” إلى أن انخفاض الأسعار قد يدفع السعودية إلى تقليص خططها لمشاريع ضخمة، مثل مدينة المستقبل “نيوم” التي تبلغ قيمتها 500 مليار دولار.

المنتجون الفقراء سيكونون أكثر تضررا، مثل أنجولا، والإكوادور، ونيجيريا، على عكس السعودية حيث تعتمد معظم هذه الدول على النفط للحصول على العملة الأجنبية، وتحتاج أسعارا تقارب 100 دولار للبرميل لتحقيق توازن في ميزانياتها.

أوضح كبير الاقتصاديين في الأسواق الناشئة بشركة “شرودرز” ديفيد ريس، أن هذه الدول ليس لديها مدخرات تعتمد عليها، وتعاني بالفعل من الديون ومن محدودية الوصول إلى الاقتراض بأسعار معقولة، لافتا إلى أنه “إذا تلقيت ضربة كبيرة لعائدك الأساسي، فإن ذلك يؤدي إلى تفاقم أعباء الديون بشكل كبير”.

الأسعار الحرجة وتحقيق التوازن المالي

تحتاج معظم الدول المنتجة للنفط إلى أسعار تفوق 40 دولارا للبرميل لتحقيق التوازن في ميزانياتها، وقد يدفع هذا الضغط المستثمرين إلى تجاهل التطورات الإيجابية، مثل إصلاحات دعم الوقود والعملات الأجنبية في نيجيريا، أو الإسراع بسداد الديون في أنجولا.

قالت رئيسة قسم الأبحاث في إفريقيا والشرق الأوسط لدى “ستاندرد تشارترد” رازية خان: “عندما تتعرض أسعار النفط لهذا النوع من الضغوط، يميل المستثمرون إلى التعامل مع جميع الدول المنتجة للنفط بنفس المنظور”.

مكاسب محتملة للمستوردين

بالنسبة للمستوردين، يمكن أن يؤدي انخفاض أسعار النفط إلى خفض التضخم وتخفيف الطلب على العملات الأجنبية، حيث تنفق الصين أقل بقليل من 300 مليار دولار لاستيراد النفط، تليها الهند بنحو 200 مليار دولار، ويمكن أن تستفيد الدول الأصغر حجما مثل إندونيسيا، وكينيا، وباكستان، وجنوب إفريقيا، وتايلاند، وتركيا.

أشار كبير الاقتصاديين في الأسواق الناشئة بشركة “شرودرز” ديفيد ريس، إلى أنه إذا تم افتراض أن السعر يبلغ 40 دولارًا للبرميل طوال العام، فإن التضخم في أسعار الطاقة سينخفض بنحو 15 نقطة مئوية بدلاً من أن يظل عند الصفر تقريبا.

الدول الناشئة التي تدعم الوقود الأحفوري قد تحقق مكاسب أكبر؛ إذ تنفق فنزويلا وإيران أكثر من 20% من ناتجهما المحلي الإجمالي على هذه الإعانات.

تحذير من التفاؤل المفرط

لا يضمن انخفاض الأسعار وحده تحقيق مكاسب اقتصادية، خاصة إذا ترافق مع حرب تجارية قد تؤدي إلى صدمة طلب عالمي وتداعيات سلبية على الاقتصاد العالمي.

قد تتأثر الدول التي تعتمد على صادرات السلع الأساسية، مثل جنوب إفريقيا، إذا انخفضت أسعار السلع الأخرى، خاصة الفحم والحديد.

بالإضافة إلى ذلك، قد تؤدي الميزانيات العمومية الأضعف للدول الغنية المنتجة للنفط إلى تداعيات غير مباشرة.

قد تواجه الدول المستوردة المثقلة بالديون مثل مصر، وكينيا، وباكستان، والتي تعتمد على تمويل أجنبي، ضغوطا إذا أغلقت دول الخليج صناديقها أثناء التعامل مع انخفاض الأسعار.

يؤدي انخفاض أسعار النفط إلى تأخير التحول عن الوقود الأحفوري، مما يضر بآفاق بعض الدول المستوردة للطاقة على المدى الطويل، ويزيد من التكاليف التي تواجهها بسبب التغير المناخي.

أوضح كبير مسؤولي الاستثمار في الأسواق الناشئة في أمريكا لدى “يو بي إس لإدارة الثروات العالمية” أليخو سيروونكو، أن الأسعار المنخفضة بشكل ملحوظ يمكن أن ترتبط بفترات من النشاط الاقتصادي العالمي المتدهور، وهو أمر غير مفيد للأسواق الناشئة، لذا فإن الأسباب الكامنة وراء انخفاض الأسعار هي الأهم.

لمتابعة أخر الأخبار والتحليلات من إيكونومي بلس عبر واتس اب اضغط هنا

الأكثر مشاهدة

النفط يصل لأعلى مستوياته منذ شهر وسط توقعات بارتفاع الطلب

استقرت أسعار النفط اليوم الخميس لتقترب من أعلى مستوى في...

منطقة إعلانية