مقالات

إغراق السوق بالبترول أفضل رهان للسعودية

يتعين على السعودية التوقف عن محاولة إدارة سوق الخام العالمى وأن تعود إلى سياسة الضخ بأى كمية التى تبنتها لمدة قصيرة فى 2014 تحت قيادة وزيرها للبترول الأطول مدة، على النعيمى.
وفى العالم التجارى الذى نعيش فيه الآن حيث تقوم القرارات على المصالح الوطنية الضيقة، لا يوجد معنى لتقديم أرخص منتج للبترول فى العالم لدعم منتجى البترول الصخرى وغيرهم من الموردين مرتفعى التكلفة.
وبالطبع عندما تقوم بذلك، سوف تنهار أسعار البترول مثلما فعلت فى 1986 عندما تخلت الدولة أخيراً عن أسعار البيع الرسمية المثبتة، ومنذ ذلك الحين أصبح المستثمرين قلقين بشأن كل شىء سعودى مثل الطرح الأولى العام لشركة البترول الحكومية، والتمويل المطلوب لتمويل الشباب والسكان العاطلين، ورؤية 2030 الطموحة لمحمد بن سلمان والتى تستهدف تحويل الاقتصاد بعيداً عن اعتماده على البترول.
ورغم المخاطر، حان الوقت للاعتراف بأن محاولة إدارة السوق فشلت، رغم أن السعودية وحلفاؤها يقولون عكس ذلك، وكان من المفترض أن يقضى اتفاق «أوبك بلس» على المخزونات الفائضة خلال 6 أشهر، ولكن نحن نقترب من العام الرابع من قيادة السعودية لتحالف عالمى للمنتجين الذين يحاولون – ويفشلون – فى رفع أسعار البترول بشكل دائم.
وبدا لفترة أن تخفيضات الإنتاج حققت نتائجها المرجوة، وانخفضت المخزونات وارتفعت أسعار خام برنت من حوالى 45 دولاراً للبرميل فى يونيو 2017 إلى 86 دولاراً فى أكتوبر 2018، ولكنها انخفضت مجدداً سريعاً إلى 50 دولاراً للبرميل.
وفشلت الجولة الثانية من خفض الإنتاج فى رفع الأسعار فوق مستوى 50 دولاراً، ورغم الفقدان المؤقت لأكثر من نصف الإنتاج السعودى – ومعظم الاحتياطى العالمى – فى الهجوم على اثنين من أكبر منشآت التكرير فى المملكة، لم ترتفع أسعار البترول لأكثر من أيام قليلة.
وتظهر أحدث البيانات من «أوبك» نفسها – بجانب وكالة الطاقة الدولية والإدارة الأمريكية لمعلومات الطاقة – فشل تلك السياسة، ويرى ثلاثتهم زيادة مخزونات البترول العالمى فى النصف الأول من العام المقبل نتيجة ما بدأ يبدو كحرب تجارية أمريكية لا نهائية، كما أن الركود العالمى أدى إلى خفض توقعات النمو فى الطلب على البترول العام الجارى والمقبل.
وكان متوسط مستوى إنتاج السعودية فى الـ8 الأشهر الأولى من 2019 هو الأدنى منذ 2014، حتى عند استثناء التراجع فى الناتج بسبب هجمات 14 سبتمبر على البنية التحتية لمعالجة البترول فى المملكة، وسوف يتراجع الإنتاج أكثر العام المقبل إذا أردات المملكة مواصلة محاولة إدارة السوق.
وفى نفس الوقت، قامت روسيا، الشريك الرائد للمملكة فى مجموعة «أوبك بلس» التى تجمعت لإدارة المعروض، بزيادة معروضها كل سنة رغم هيمنتها على صناعة السياسة فى «أوبك بلس».
ويتيعن على السعودية ترك حفارات البترول الصخرى الأمريكية تواجه الأزمة، فبعد كل شىء، أليسوا هم منتجى براميل البترول بأدنى هامش أرباح؟ وطالما أن السعودية وأصدقائها يواصلون خفض الناتج ودعم البترول الصخرى فهم بذلك يأخرون فقط إجابة سؤال، ما هو السعر الحقيقى للبترول؟
وسوف تتعلم السعودية التكيف مع ذلك مع الوقت كما فعلت بعد 1986، وسوف تجد أن الأسعار لن تنخفض بقدر ما تخشى، فبعد كل شىء سوف يضطر منتجى البترول الصخرى لخفض الإنتاج أو ربما لا.
وإذا خفضوا، فسوف تحصل السعودية على دعم الأسعار الذى تتمناه، وبدون أن تضطر إلى خفض إنتاجها، ولكن إذا استطاع منتجى البترول الصخرى مواصلة الإنتاج فى ظل بيئة الأسعار الأقل، فذلك سوف يثبت إثباتا قاطعاً أن سياسة إدارة السوق بقيادة السعودية فشلت فى كل الأحوال، ولكن هل ستقوم السعودية بذلك؟ أشك فى الأمر.
ويجعل وزير البترول الحالى عبدالعزيز بن سلمان «ضمان عدم استمرارية المعروض الزائد» وظيفته الأساسية، وعلى الأرجح ستكون نتيجة اجتماعات «أوبك» و»أوبك بلس» فى ديسمبر هى الوعد بالمزيد من الخفض فى الإنتاج وستضخ السعودية بترولاً أقل فى محاولة لرفع الأسعار ولكن بلا جدوى، ولكن دعونا نأمل أن يكونوا قادرين على التغيير.

بقلم: جوليان لي

استراتيجي البترول بوكالة بلومبرج

لمتابعة أخر الأخبار والتحليلات من إيكونومي بلس عبر واتس اب اضغط هنا

الأكثر مشاهدة

النفط يصل لأعلى مستوياته منذ شهر وسط توقعات بارتفاع الطلب

استقرت أسعار النفط اليوم الخميس لتقترب من أعلى مستوى في...

البنك الأهلي يستحوذ على 24% من رأسمال “هايد بارك” العقارية

استحوذ البنك الأهلي المصري على حصة البنك العقاري المصري العربي...

منطقة إعلانية