ملفات

الاضطرابات تغذى أزمة الديون المرتفعة والعجز الكبير فى لبنان

الوقود

أدت استقالة سعد الحريرى، من رئاسة الوزراء فى لبنان إلى تعميق أزمة اقتصاد البلاد، بعد أن دخلت فى حالة من عدم اليقين، مع استمرار المحتجين فى احتلال الساحات العامة مطالبين باستبعاد النخبة السياسية بأكملها.
يأتى ذلك فى الوقت الذى تواصل فيه البنوك إغلاقها للأسبوع الثانى على التوالى، وسط مخاوف من أن تؤدى الاضطرابات إلى هروب رأس المال من جانب العملاء القلقين من ودائعهم بالدولار.
وقالت علياء موبايد، العضو المنتدب فى بنك الاستثمار الأمريكى جيفريز إنترناشيونال: «بالنظر إلى التوقعات السياسية غير المؤكدة، فإن مخاطر هروب رؤوس الأموال مرتفعة للغاية إذا ما فتحت البنوك أبوابها من جديد».
وأضافت أن فرض مراقبة مؤقتة لرأس المال أمر ضرورى ، من أجل احتواء مزيد من المخاطر السلبية على الائتمان، وتجنب ردة فعل عامة خطيرة ضد البنوك وبنك لبنان المركزى.
وأوضح محللون أن فقدان الثقة فى البنوك، يمكن أن يعرض ربط العملة بالدولار للخطر، والذى حافظت عليه البلاد منذ عقدين من الزمان.. الأمر الذى سيؤدى إلى انخفاض قيمة العملة المحلية بشكل غير منتظم، وتفاقم عدم الاستقرار السياسى والاقتصادى.

لبنانوذكرت صحيفة «فاينانشيال تايمز» البريطانية، أن المظاهرات الضخمة التى أطاحت بالحريرى، اندلعت بسبب خطط الحكومة لفرض ضرائب على مكالمات «واتس آب» فى واحدة من أكثر البلدان المثقلة بالديون فى العالم، فى وقت يعانى فيه لبنان من العجز المالى لسنوات.
وأوضحت الصحيفة، أن البلاد اعتمدت تقليديا على التدفقات الكبيرة من ودائع العملات الأجنبية لتمويل سداد الديون.. ولكن هذه الانكماشات الآن بمثابة انعكاس لضعف ثقة المستثمرين فى الإدارة الاقتصادية للبنان.
وكان الحريرى، أعلن عن تدابير اقتصادية الأسبوع الماضى.. لكنها فشلت فى تهدئة المحتجين.
وقال فاروق سوسة، خبير اقتصاد الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لدى «جولدمان ساكس»، إن التحدى الآن يتمثل فى إعادة بناء الثقة. فثمة فجوة فى المصداقية حاليا، وانعدام ثقة واسع النطاق فى بيئة صنع السياسات الحالية.
وديون لبنان هى واحدة من أعلى الديون فى العالم مقارنة بحجم اقتصادها. وتستأثر خدمة الديون بحصة كبيرة من الميزانية.
وتوقع معهد التمويل الدول، أن تصل الديون إلى %50 تقريبًا من إيرادات الحكومة العام الحالى.
يأتى ذلك، رغم أن الدولة أوفت بالتزامات ديونها.. لكن الاقتصاديين يقولون إن الضغوط زادت.
وقالت «كابيتال إيكونوميكس» وهى شركة استشارية تتخذ من لندن مقراً لها إن الجمع بين العملة المبالغة فى القيمة والحيازة الواسعة للديون الحكومية للعملات الأجنبية فى القطاع المالى المحلى، يعنى أن هناك خطر التخلف عن السداد بالتزامن مع أزمات العملة والبنوك.
وأشارت إلى أن إعادة هيكلة الديون ستصبح ضرورة «حتمية».. وأن الطريقة الأكثر أمانًا للقيام بذلك ستكون بدعم صندوق النقد الدولى.
وقالت الصحيفة البريطانية، إن بنود الإنفاق الرئيسية الثلاثة للحكومة، المتمثلة فى خدمة الدين وفاتورة أجور القطاع العام والتحويلات إلى شركة الكهرباء المملوكة للدولة تتجاوز إيراداتها بانتظام.
ونتيجة لذلك، يعانى لبنان من عجز كبير بلغ فى المتوسط %11 من الناتج المحلى الإجمالى فى السنوات الأخيرة.
وتضمنت حزمة الحريرى، الاقتصادية، تخفيضاً هائلاً للعجز من %8.3 من الناتج المحلى الإجمالى المتوقع فى عام 2019 إلى %0.6 العام المقبل.
واعتمد هذا على تدابير لمرة واحدة بما فى ذلك ضريبة بنسبة %25 على البنوك التجارية والتمويل من البنك المركزى.
لكن شركة «جيفريز إنترناشيونال»، وصفت بعض التدابير بأنها غير واقعية، محذرة من أنها قد تضخم المخاطر السلبية.
أشارت «فاينانشيال تايمز» إلى أن لبنان يستهلك أكثر مما ينتج، ويعتمد اعتمادًا كبيرًا على الواردات التى قد تجد الآن صعوبة فى التمويل.
وكشفت البيانات أن العجز فى الحساب الجارى تجاوز %25 من الناتج المحلى الإجمالى خلال السنوات الثلاث الماضية.
وقال الاقتصاديون، إن هناك حاجة لسياسات تستهدف تحفيز قطاعات الصناعة والزراعة والتصدير المحلية مثل السياحة.
ومن الانتقادات الواسعة لإصلاحات رئيس الوزراء السابق أنها لم تقدم مخططًا لأى تحول للنموذج الاقتصادى للبلاد.
وكان الحريرى، يأمل فى إلغاء الحزمة الاقتصادية البالغة أكثر من 11 مليار دولار، من التدفقات الأجنبية للاستثمار فى البنية التحتية على مدى السنوات الست المقبلة، ووعد بذلك الجهات المانحة الدولية بما فيها صندوق النقد والبنك الدوليين ، العام الماضى. ولكن الأمر يتوقف على الإصلاحات.
وينتظر المانحون، معرفة من سيتم استبداله بالحريرى، فى حكومة تقاسم السلطة التى تشلها النزاعات الداخلية فى كثير من الأحيان لتهدئة الشوارع، وتقديم خطط مفصلة لكيفية تنفيذها للإصلاحات.
وقال مصرفى أجنبى: «هناك رغبة دولية حقيقية لمساعدة لبنان. ولن يكون لمشاريع البنية التحتية تأثير مباشر على الاقتصاد. لكن إذا تمت الموافقة على التدفقات ، فستعزز الثقة وتبين للأسواق أن هناك حكومة يمكنها اتخاذ القرارات والحصول على موافقة عليها من قبل مجلس الوزراء والبرلمان».
وهبطت احتياطيات البنك المركزى، من العملات الأجنبية بنحو %17 من أعلى مستوياتها على الإطلاق البالغ 36.8 مليار دولار قبل عامين، إلى 30.6 مليار دولار فى منتصف سبتمبر الماضى.
وكشفت بيانات «جولدمان ساكس» أنه فى مايو الماضى، أصبحت تدفقات الودائع الصافية سلبية لأول مرة منذ عقد من الزمان.
ذكرت «فاينانشيال تايمز» ان هذه الضغوط، تشير إلى أن الوقت ينفد أمام صانعى السياسة فى لبنان، لإيجاد طريقة لتعزيز مصداقيتهم لدى الشعب والمستثمرين.

 

لمتابعة أخر الأخبار والتحليلات من إيكونومي بلس عبر واتس اب اضغط هنا

الأكثر مشاهدة

النفط يصل لأعلى مستوياته منذ شهر وسط توقعات بارتفاع الطلب

استقرت أسعار النفط اليوم الخميس لتقترب من أعلى مستوى في...

البنك الأهلي يستحوذ على 24% من رأسمال “هايد بارك” العقارية

استحوذ البنك الأهلي المصري على حصة البنك العقاري المصري العربي...

منطقة إعلانية