بدأت الولايات المتحدة محادثات مع جمهورية الكونغو الديمقراطية، بشأن صفقة محتملة تتيح لها الوصول إلى المعادن الاستراتيجية في البلاد، في أحدث خطوة ضمن جهود إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، لتأمين الموارد في الخارج بحسب ما نقلته “فاينانشيال تايمز”.
اقترحت الكونغو – التي تمتلك احتياطات هائلة من النحاس والكوبالت واليورانيوم – الشهر الماضي، اتفاقاً يمنح الولايات المتحدة حقوق استكشاف المعادن، مقابل دعم لحكومة الرئيس فيليكس تشيسكيدي، وفقاً لوثائق رسمية.
سعى المسؤولون الكونغوليون إلى تعزيز دعم تشيسكيدي من خلال هذه الصفقة، في ظل مواجهته صراعاً مسلحاً في شرق البلاد، حيث سيطر متمردو “حركة 23 مارس” المدعومون من رواندا، على مساحات غنية بالمعادن، إضافة إلى أكبر مدينتين، هما غوما وبوكافو.
ازدادت جدية المحادثات مع واشنطن في الأيام الأخيرة – بحسب مصادر مطلعة – رغم استمرار وجود عقبات، تعيق التوصل إلى اتفاق نهائي، حيث لا تزال المناقشات في مراحلها الأولية.
أكد متحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية لصحيفة فاينانشيال تايمز، أن الكونغو الديمقراطية تتمتع بحصة كبيرة من المعادن الحيوية اللازمة للتكنولوجيا المتقدمة، والولايات المتحدة منفتحة على شراكات في هذا القطاع تتماشى مع أجندة ترامب “أمريكا أولاً”.
أضافت الخارجية الأمريكية أن “الشراكة مع الشركات الأمريكية ستعزز اقتصاد كل من الولايات المتحدة والكونغو الديمقراطية، وتخلق وظائف ذات مهارات أعلى، وتدمج البلاد في سلاسل القيمة الإقليمية والعالمية”.
أرسل السيناتور الكونغولي بيير كاندا كالامباي، أواخر الشهر الماضي، رسالة إلى وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو، مقترحاً بمنح الشركات الأمريكية حقوق استخراج المعادن، والتعاون في تطوير مخزون استراتيجي منها.
طلبت الرسالة، في المقابل، دعماً أمريكياً لتدريب وتجهيز القوات المسلحة الكونغولية.
لم يتم الاتفاق بعد على شروط الصفقة، لكن اهتمام الولايات المتحدة يعكس تركيز إدارة ترامب على تأمين الموارد الطبيعية حول العالم.
منذ توليه منصبه، اقترح الرئيس ترامب السيطرة على غرينلاند، وسعى إلى إبرام صفقة مع أوكرانيا بشأن المعادن، من المتوقع توقيعها قريباً.
يُتوقع أن تعزز المشاركة الأمريكية في الكونغو الديمقراطية موقف واشنطن في مواجهة النفوذ الصيني، حيث تهيمن الشركات الصينية على معظم عمليات التعدين الكبرى في البلاد.
جاء في الرسالة الموجهة إلى روبيو: “بينما هيمنت الصين تاريخياً على سلاسل توريد المعادن في الكونغو الديمقراطية، يوفر التحول السياسي الأخير الذي قاده الرئيس تشيسكيدي فرصة نادرة للولايات المتحدة لإنشاء سلسلة توريد مباشرة وأخلاقية”.
لم تشهد الكونغو الديمقراطية وجوداً كبيراً لشركات التعدين الأمريكية منذ أن باعت “فريبورت – ماكموران” حصتها في منجم “تنكي فونغوروميه” للنحاس عام 2016.
تجري هذه المحادثات في وقت تزداد فيه هشاشة الوضع السياسي في البلاد، حيث يبدو موقف تشيسكيدي ضعيفاً أمام خصومه السياسيين الذين يسعون لاستغلال ذلك لصالحهم.
وصفت إنديغو إيليس، المديرة في شركة الاستشارات JS Held، هذه الصفقة المقترحة بأنها “تصرف يائس”، معتبرة أن من تقدموا بهذا الاقتراح يحاولون إيجاد وسيلة لجذب اهتمام الولايات المتحدة.
اتهمت تقارير عديدة صادرة عن الأمم المتحدة رواندا باستغلال الصراع في شرق الكونغو لنهب الموارد المعدنية، مثل الذهب والكولتان المستخدم في صناعة الهواتف المحمولة.
أكد مسؤولون أمميون أن رواندا أرسلت آلاف الجنود لدعم “حركة 23 مارس” في الجولة الأخيرة من القتال التي تصاعدت في يناير، وهو ما تنفيه كيغالي، لكن الولايات المتحدة فرضت الشهر الماضي عقوبات على وزير الاندماج الإقليمي الرواندي والقائد العسكري السابق جيمس كاباريبي.
أدى النزاع إلى تدخل جيوش أخرى من دول مجاورة، بما في ذلك بوروندي وأوغندا، مما يهدد بإحياء الحرب الإقليمية الكبرى التي اجتاحت المنطقة قبل عقدين.
علّقت المتحدثة باسم تشيسكيدي، تينا سلامة، عبر منصة X، على الصفقة المقترحة قائلة “الرئيس الكونغولي دعا الولايات المتحدة، التي تحصل شركاتها على المواد الخام الاستراتيجية من رواندا، وهي مواد تُنهب من الكونغو الديمقراطية وتُهرب إلى رواندا بينما يُقتل شعبنا، إلى شرائها مباشرة من أصحابها الشرعيين”.
رفض البيت الأبيض التعليق على هذه المحادثات.
لمتابعة أخر الأخبار والتحليلات من إيكونومي بلس عبر واتس اب اضغط هنا