يترقب سوق السيارات المصري، تداعيات تطبيق آخر شريحة من الخفض الجمركى على السيارات تركية المنشأ، مع التفعيل النهائى لاتفاقية التجارة الحرة بين مصر وتركيا.
وتشهد الفترة الحالية العديد من التساؤلات حول قيمة تأثير الخفض المتوقع فى المستويات السعرية للسيارات من جانب، إضافة إلى ما إذا كانت الاتفاقية ستسرى فى ظل التوترات السياسية المتلاحقة بين تركيا ومختلف دول العالم.
وستلغى الاتفاقية قيمة الرسوم الجمركية المتبقية والبالغة نسبتها 10% على إجمالى القيمة الجمركية على السيارة.
وتباينت الآراء حول الجدوى الاقتصادية من تفعيل تلك الاتفاقية، إذ يرى بعض المتعاملين فى السوق، أن قيمة الخفض الإجمالى لن تزيد بأى حال من الأحوال على 2% إلى 2.5% على الأكثر، وتُعد أبرزها التى تنتظر إلغاء الرسوم الجمركية «تويوتا كورولا»، و«فيات تيبو»، و«رينو ميجان».
اتفاقيات تجارية
ووقعت مصر عدة اتفاقيات تجارية مع مختلف دول العالم؛ لإقامة منطقة تجارية حرة تسمح بحرية تبادل السلع والمنتجات الصناعية دون قيود جمركية، قد تعوق حركة التجارة بين البلدان أطراف الاتفاقيات.
وتعد السيارات أحد المنتجات المهمة سواء للصناعة بصفة عامة أو للمستهلك المصرى بصفة خاصة.
وبموجب تلك الاتفاقيات ستُعفى بعض الواردة منها من الرسوم الجمركية بصورة كاملة، لا سيما أنه تم بالفعل التطبيق الكامل لبعض هذه الاتفاقيات، على رأسها اتفاقية الشراكة المصرية الأوروبية بين مصر والاتحاد الأوروبى.
ولن يقتصر الإعفاء الجمركى على تلك السيارات، بل ستلحق بها الواردة من دول أمريكا الجنوبية؛ وهى الأرجنتين، والبرازيل، وباراجواى، وأوروجواى.
فى البداية، استبعد مصدر مسئول فى مصلحة الجمارك، إدخال أى تعديلات جديدة فى اتفاقية التجارة الحرة بين مصر وتركيا، مؤكداً أن العمل بهذه الاتفاقية يسرى كما هو دون تعديل.
وسيتم الإعفاء الجمركى الكامل على جميع الواردات من تركيا، مطلع العام المُقبل، مشيراً إلى أن قرار تعطيل العمل بالاتفاقية أو إلغائها لا يأتى من جانب اقتصادى فقط، بل وفقاً لقرارات سيادية.
وأوضح المصدر، أن الشريحة الجمركية النهائية التى سيتم إلغاؤها مطلع 2020 تمثل 10% من الرسوم الجمركية على السيارة، مشيراً إلى أن هذه النسبة لا تمثل فارقاً كبيراً فى تسعير السيارات تركية المنشأ؛ نظراً إلى انخفاض عددها فى مصر، مقارنة بتطبيق اتفاقية المشاركة الأوروبية وإلغاء الجمارك عليها، ما أحدث هزة فى السوق.
ولفت إلى أن هبوط سعر الليرة التركية، بنحو كبير سيسهم فى انخفاض أسعار السيارات التركية.
دعم الاقتصاد
وقال السفير جمال بيومى، أمين عام اتفاقية الشراكة الأوروبية، إنَّ الاتفاقيات التجارية التى وقعتها مصر مع مختلف الدول أسهمت فى دعم الاقتصاد، مشيراً إلى أن مصر قامت بتحرير الجمارك على السيارات مع الاتحاد الأوروبى باتفاقية الشراكة، ومع أفريقيا ومعظم الدول العربية بموجب اتفاقية «أغادير» التى تضم كلاً من مصر والأردن والمغرب وتونس، بالإضافة إلى الاتفاقية التجارية الحرة بين مصر وتركيا التى سيبدأ تفعيلها بنسبة 100% مطلع العام المقبل.
وأوضح أن الاتفاقية ستؤتى ثمارها المرجوة لصالح مصر، مقارنة بالجانب التركى، لا سيما أن الصادرات المصرية إلى تركيا أكبر من الواردات.
وأوضح «بيومى»، أن أبرز الواردات التركية إلى مصر، يتمثل فى السيارات وقطع غيارها، والملابس الجاهزة، فى حين تتمثل الصادرات المصرية فى المواد الكيماوية والأسمدة.
أكد «بيومى»، أن مصر استفادت من تطبيق الاتفاقية الأوروبية بحصولها على إعفاء من الرسوم الجمركية على جميع الصادرات المصرية، منذ توقيع الاتفاقية عام 2004، ما أدى إلى تضاعف الصادرات المصرية للاتحاد الأوروبى بما يزيد على 4 أمثالها قبل توقيع الاتفاقية.
وأضاف أن زيادة التصدير تعنى زيادة الإنتاج وتوفير وظائف جديدة، بالإضافة إلى دعم الاتحاد الأوروبى للاقتصاد المصرى، وبرامج دعم الحكومة المصرية.
وأشار «بيومى» إلى أن الاتفاقيات التجارية التى توقعها مصر، لم تؤثر إطلاقاً على عمليات توطين الصناعة محلياً، مؤكداً أن تلك الاتفاقيات تفتح باباً جديداً لتصدير ما يتم تجميعه فى مصر دون جمارك لدول الاتفاقيات.
كما أن هذه الاتفاقيات، ستوفر المكونات الخاصة بالإنتاج، مشيراً إلى أن مصر بعيدة عن صناعة سيارة مصرية ما لم تصنع الموتور والشاسيه، لكى نستطيع أن نقول «صنعنا سيارة مصرية تستطيع المنافسة».
الاستفادة من الإعفاء الجمركى
وتوقع أمين عام اتفاقية الشراكة الأوروبية، اتجاه الوكلاء لتوريد السيارات تركية المنشأ إلى السوق المصرى بهدف الاستفادة من الإعفاء الجمركى، بدلاً من الاستيراد من الدول غير المتمتعة باتفاقيات تجارية مع مصر.
وطالب «بيومى» بتدخل جهاز حماية المستهلك؛ لوضع آلية محددة لتسعير السيارات التى تم إلغاء الجمارك عليها؛ تجنباً لحدوث أى تجاوزات فى عملية التسعير واستغلال المستهلك.
وقال علاء السبع، عضو شعبة السيارات بالاتحاد العام للغرف التجارية، إنه بموجب تطبيق الشريحة الأخيرة من اتفاقية التجارة الحرة بين مصر وتركيا، مطلع العام المقبل، ستنخفض الرسوم الجمركية على السيارات تركية المنشأ بنسبة 10% لتصبح تلك السيارات معفاة تماماً من الجمارك، موضحاً أن تلك النسبة ستمثل 4% فقط من القيمة الإجمالية للرسوم الجمركية التى تعادل 40% من القيمة الرسمية لفاتورة السيارة، وتمثل قيمة التخفيض الجمركى من 2% إلى 2.5% من إجمالى ثمن السيارة، لافتاً إلى أن أسعارها ستنخفض بنحو طفيف.
وأشار «السبع» إلى أن السياسات التسعيرية المتبعة داخل كل شركة، بالإضافة إلى اختلاف الاحتياجات بين كل شركة ومثيلتها من شأنه أن يؤثر فى أسعار السيارات بجانب الإعفاءات الجمركية، موضحاً أن بعض الشركات ستطلق عروض تخفيضات أكبر من قيمة التخفيض الجمركى؛ نظراً إلى عدم تقديمها أى عروض تخفيض أو حملات صيانة مجانية الفترة الماضية.
واستبعد أن يتجه الوكلاء والموزعون، الذين قدموا عروضاً من قبل لتقديم المزيد منها بعد الإعفاء الجمركى على السيارات التركية. وسيقتصر تراجع سعرها وفقاً لنسبة التخفيض الجمركى فقط.
وهناك شركات أخرى لديها طلبات أكثر مقارنة بالمعروض من سياراتها، وبالتالى لن تتراجع أسعارها، وفقاً لآلية العرض والطلب، وهى طبيعة الحال على غرار سائر الأسواق العالمية.ورجح عضو شعبة السيارات بالاتحاد العام للغرف التجارية، أن يؤثر تطبيق الإعفاء الجمركى الكامل على سيارات المنشأ التركى، على مبيعات السيارات خلال الربع الأخير من 2019.
سعر الصرف
وأكد أن العامل المؤثر الرئيسى فى أسعار السيارات فى مصر، هو سعر صرف العملة الأجنبية أى الدولار، مقابل العملة المحلية، متوقعاً تراجع أسعار السيارات الفترة المقبلة حال انخفاض قيمة الدولار.
وانتقد «السبع» اتجاه الدولة إلى تقليص واردات السيارات كخطوة سابقة لتعزيز ودعم الصناعة المحلية، مشدداً على ضرورة توطين الصناعة المحلية للسيارات، وزيادة الإنتاج المحلى، ما يسمح بزيادة المعروض منها، وهو ما سينعكس على أسعار السيارات بشكل عام.
وأشار إلى أن انخفاض الدولار، أسهم بشكل كبير فى زيادة واردات السيارات؛ نظراً إلى انخفاض التكلفة، ما ساعد على زيادة الإقبال على السيارات المستوردة ذات الجودة العالية والأسعار المناسبة للمستهلك بفعل الاتفاقيات التجارية التى تسمح بنفاذ بعضها دون جمارك، وهو ما نتج عنه تغير وجهة المستهلك.
ولفت عضو شعبة السيارات بالاتحاد العام للغرف التجارية، إلى عدم وجود أى محفزات من شأنها دعم صناعة السيارات محلياً، قد تدفعها لمنافسة المنتجات العالمية، مستنكراً فرض رسوم ضريبية إضافية على السيارات المستوردة ومحلية الصنع على حد السواء، مع تقديم محفزات حال زيادة الإنتاج المحلى أو رفع نسب مساهمة المكون المحلى فى عمليات تجميع السيارات.
وشدد على ضرورة تقديم محفزات غير مشروطة بما يتماشى مع الوضع الحالى للشركة؛ حتى تتحلى السيارة محلية الصنع بميزة تنافسية عن نظيرتها عبر إعفاء المستلزمات الخاصة بإنتاجها من الرسوم الجمركية، ما يسهم فى تراجع سعر السيارة بنحو كبير، وهو ما سينعكس بدوره على تقليص الواردات وزيادة السيارات المجمعة محلياً، ويعد البديل الأنسب لفرض رسوم ضريبية على جميع السيارات وزيادة أسعارها ثم تقديم الحافز للصناعة المحلية عند أداء معين.
وطالب الحكومة، بأن تتوجه للمصنعين وتطالبهم بتخفيض أسعار السيارات مقابل بعض الامتيازات للتجميع والتصنيع المحلى، ما يعمق الصناعة المحلية.
لمتابعة أخر الأخبار والتحليلات من إيكونومي بلس عبر واتس اب اضغط هنا