أخبار

النفط يتراجع.. والسعودية تُعيد حسابات التمويل والإنفاق

البترول

تراجعت أسعار النفط إلى أدنى مستوياتها في أربع سنوات وسط مخاوف من تأثير حرب تجارية على النمو العالمي، وذلك عقب قرار مفاجئ من بعض منتجي “أوبك بلس”، بما فيهم السعودية، بزيادة خطط الإنتاج.

على غرار ذلك، واجهت السعودية ضغوطًا متزايدة للاقتراض أو تقليص الإنفاق بعد الانخفاض الحاد في أسعار الخام، مما صعّب خطط تمويل أجندتها الطموحة لتنويع اقتصادها.

قدّر صندوق النقد الدولي وعدد من الاقتصاديين، أن السعودية تحتاج إلى سعر نفط يتجاوز 90 دولارًا للبرميل لمعادلة ميزانيتها.

لكن، انخفض سعر خام برنت إلى ما دون 65 دولارًا هذا الأسبوع، ما قد يشكل أزمة للمملكة.

هددت هذه الانخفاضات بمحو عشرات المليارات من الدولارات من إيرادات السعودية النفطية، التي تعتمد ثروتها بشكل كبير على عائدات النفط، إلى جانب تراجع متوقّع في توزيعات أرباح شركة أرامكو العملاقة، المملوكة للدولة.

استعانت الحكومة السعودية بتمويلات من خارج الميزانية في تنفيذ برنامج “رؤية 2030″، لكنها اضطُرت للإنفاق على مشاريع بنية تحتية ضخمة مرتبطة بالرؤية التي تهدف إلى فك ارتباط الاقتصاد بما وصفته بـ”إدمان النفط”.

اعتمد صندوق الاستثمارات العامة – الذي يقود تنفيذ “رؤية 2030” – جزئيًا على النفط، وتُقدّر قيمة الأصول التي يديرها بنحو 925 مليار دولار بما في ذلك حصصه في أرامكو.

توقعات المحللين للاقتصاد السعودي

رجّحت كارين يونج، الزميلة في مركز سياسة الطاقة العالمية بجامعة كولومبيا، أن تعتمد السعودية على تمويل بالدين، مع احتمال تأجيل أو تقليص بعض العقود المخطط لها، خاصة مع دخول 2024 بعجز مزدوج في الميزانية والحساب الجاري.

توقّعت يونج – قبل إعلان الرسوم الأمريكية – ارتفاع الدين العام السعودي بمقدار 100 مليار دولار خلال ثلاث سنوات، ولكن أظهرت الأرقام الرسمية أنه قفز بنسبة 16% ليصل إلى أكثر من 324 مليار دولار في 2024.

توقّع المحللون أيضًا انخفاض توزيعات أرباح أرامكو بمقدار الثلث هذا العام، مما سيؤدي إلى فقدان الحكومة وصندوق الاستثمارات العامة نحو 32 مليار دولار و6 مليارات دولار على التوالي، بحسب ما ذكرته رويترز.

الجدير بالذكر ان إيرادات النفط شكّلت 62% من الإيرادات الحكومية السعودية العام الماضي.

لم تصدر الرياض توقعات لإيرادات النفط هذا العام، لكنها أشارت في ميزانية 2025 الصادرة في نوفمبر، إلى انخفاض إجمالي الإيرادات بنسبة 3.7%.

بحسب ما ذكره بعض المحللين، استعدّ صندوق الاستثمارات العامة لطلب تمويل إضافي بعدما أعلن محافظه ياسر الرميان العام الماضي نيته رفع الاستثمارات السنوية إلى 70 مليار دولار بين عامي 2025 و2030، صعودًا من 40 – 50 مليار دولار.

لكن رفض الصندوق الإدلاء بأي تعليق.

خطوات سعودية اقتصادية

برزت السعودية كأحد أكبر مُصدري الديون في الأسواق الناشئة العام الماضي، وقد جمعت الحكومة بالفعل 14.4 مليار دولار من إصدار السندات هذا العام.

أصدر صندوق الاستثمارات العامة ما قيمته 24.8 مليار دولار من السندات والقروض العام الماضي، وجمع بالفعل 11 مليار دولار في عام 2025، كما حصلت العديد من الكيانات المرتبطة بالدولة على مليارات إضافية.

ضخّ الصندوق مئات المليارات من الدولارات في الاقتصاد المحلي في مجالات تمتد من شركة ألبان الإبل إلى مشروع مدينة نيوم في الصحراء.

شملت المشاريع استضافة دورة الألعاب الآسيوية الشتوية 2029، التي ستتضمن ثلوجًا اصطناعية وبحيرة مياه عذبة صناعية، إضافة إلى كأس العالم 2034، الذي سيتطلّب بناء 11 ملعبًا جديدًا وتجديد أخرى قائمة.

أفادت وزارة المالية بأنها تعيد المعايرة وتحديد الأولويات في الإنفاق لضمان قدرة الاقتصاد، بما في ذلك القطاع الخاص، على مواكبة التطورات من دون التسبب في تسخين مفرط للاقتصاد.

أكّد متحدث باسم الوزارة: “نحن بصدد تقييم التطورات الأخيرة ومستعدون لاتخاذ أي قرارات سياسية لازمة لضمان بقاء وضعنا المالي قويًا”.

أضاف: “ما زلنا واثقين من أن معظم أهداف رؤيتنا قد تحقّقت أو تسير في المسار الصحيح، وسننجز الأحداث الرئيسية التي نستضيفها”.

الى أين تتجه أسعار النفط؟

تزامن انهيار أسعار النفط مع تغيّرات جيوسياسية، حيث قلب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب النظام الاقتصادي العالمي القائم منذ الحرب العالمية الثانية.

ضغط ترامب على “أوبك” لخفض أسعار النفط، ودعا الرياض إلى استثمار تريليون دولار في الولايات المتحدة.

من المقرر أن يزور ترامب السعودية وقطر والإمارات في أول زيارة خارجية له في مايو المقبل.

توقّع نيل كويليام، الزميل في برنامج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بمعهد “تشاتام هاوس” في لندن، أن تؤدي أسعار النفط المنخفضة إلى إعادة ترتيب أولويات المشاريع الكبرى، وترشيد إضافي في السعودية، ومراجعة الجداول الزمنية للتنفيذ، وتقليص القوى العاملة في المشاريع.

يرى كويليام، أن الحكومة السعودية – على الأرجح – تعتبر أن المخاطر قصيرة الأجل الناتجة عن انخفاض الأسعار، تستحق العائد طويل الأجل، مشيرًا إلى أن المملكة تتمتع بنسبة دين منخفضة إلى الناتج المحلي وثقة قوية من المقرضين.

رفعت وكالة “ستاندرد آند بورز”، تصنيف السعودية إلى +A الشهر الماضي، ما يعكس التحولات الاقتصادية والاجتماعية المستمرة في المملكة، خاصة في إطار رؤية 2030 التي تهدف إلى تنويع الاقتصاد بعيدًا عن الاعتماد على النفط.

مع ذلك، أشارت الوكالة إلى أن الحساسية المستمرة لأسعار النفط قد تؤدي إلى اختلالات مالية وخارجية حتى عام 2028، وأن التغيرات غير المواتية في أسعار النفط قد تؤثر سلبًا على الوضع المالي للمملكة.

بالإضافة إلى ذلك، قد تؤدي الاستثمارات الممولة بالديون المرتبطة بتحقيق أهداف رؤية 2030 إلى زيادة أعباء الدين وتكاليف خدمته.

أكدت الوكالة على أهمية إدارة هذه الاستثمارات بحذر للحفاظ على الاستقرار المالي وتجنب أي تأثير سلبي على التصنيف الائتماني في المستقبل.

لمتابعة أخر الأخبار والتحليلات من إيكونومي بلس عبر واتس اب اضغط هنا

الأكثر مشاهدة

النفط يصل لأعلى مستوياته منذ شهر وسط توقعات بارتفاع الطلب

استقرت أسعار النفط اليوم الخميس لتقترب من أعلى مستوى في...

البيت الأبيض: لا اعتماد على الصين في التكنولوجيا 

قالت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارولين ليفيت، إن لا يمكن...

منطقة إعلانية