ساهمت صناعة النفط على مدار العشرين عامًا الماضية في خفض العجز التجاري الأمريكي أكثر من أي صناعة أخرى، والآن مع انهيار أسعار الخام إلى أدنى مستوياتها منذ 2021، بات هذا الإنجاز مهددًا، وفقا للكاتب الصحفي المتخصص في قطاع الطاقة جافيير بلاس.
أضاف في مقال رأي نشرته وكالة بلومبرج، أن ثورة النفط الصخري حولت قبل عقدين من الزمن عجزًا تجاريًا في قطاع النفط بنحو 400 مليار دولار سنويًا إلى فائض قدره 45 مليار دولار خلال العام الماضي، والآن يُخاطر الرئيس دونالد ترامب، بتدمير هذه الصورة تمامًا، بدعوته المستمرة لخفض أسعار النفط ناهيك عن تأثير الرسوم الجمركية.
تأثير ترامب على أسعار النفط
تراجعت أسعار النفط قرابة 17% خلال الأسبوع الماضي، تحت ضغط مخاوف تداعيات الحرب التجارية من جهة، والضغط الدبلوماسي الذي مارسته إدارة ترامب على منظمة أوبك وحلفائها لزيادة الإنتاج من جهة أخرى، بغرض خفض أسعار النفط للتخفيف من الضغوط التضخمية المتوقعة، كأحد تداعيات الحرب التجارية، وفقا لجافيير بلاس.
أضاف أن إدارة ترامب تدفع باتجاه سعر نفط بحدود 50 دولارًا للبرميل، وهو ما أكده كبير مستشاري البيت الأبيض، بيتر نافارو أكثر من مرة، إلا أن وصول خام غرب تكساس إلى هذا المستوى، سيسفر عن عواقب وخيمة أبرزها اتساع العجز التجاري للولايات المتحدة في وقت يسعى ترامب إلى خفضه.
“ببساطة الشركات المنتجة للنفط الأمريكي، قد تواجه خطر الإفلاس عند تدهور الأسعار إلى مستويات الـ50 دولارا للبرميل، وهذا يعني توقف الإنتاج والحاجة إلى استيراد النفط بدلا من تصديره كما هو الحال حاليًا”.. قال جافيير بلاس.
خلال الأسبوع الماضي لامس خام غرب تكساس الوسيط أدنى مستوى له في أربع أعوام عند 55.12 دولارًا للبرميل، إلا أنه تعافى لاحقًا إلى قرابة 60 دولارًا للبرميل بعد إعلان البيت الأبيض عن تجميد جانب كبير من الرسوم لمدة 90 يومًا.
أزمة منتجي النفط الأمريكي
أكد جافيير بلاس، أن منتجي النفط في الولايات المتحدة، لا يمكنهم تحقيق أرباح عند أسعار أقل من 65 دولارًا للبرميل، فيما يمكنهم الاستمرار في العمل بدون صعوبات كبرى عند سعر 60 دولارًا.
دفع إعلان إدارة ترامب في 2 أبريل الحالي، فرض رسوم جمركية شاملة على جميع الشركاء التجاريين لبلاده، العديد من بنوك الاستثمار العالمية لمراجعة توقعاتها لمتوسط أسعار النفط بالخفض.
على سبيل المثال، تشير تقديرات جولدمان ساكس حاليًا إلى احتمالية لوصول الأسعار إلى 55 دولارًا للبرميل في ديسمبر المقبل.
فيما خفضت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية الأسبوع الماضي، توقعاتها لأسعار خام غرب تكساس خلال العام الحالي بأكثر من 9.5%، إلى نحو 63.9 دولار للبرميل.
يشار إلى أن العجز التجاري الأمريكي في عام 2008، وصل إلى قرابة 800 مليار دولار، ونحو 50% من هذا الرقم، كان ناجمًا عن زيادة واردات أمريكا من النفط.
“وقتها قال جورج بوش الابن بعبارته الشهيرة، أمريكا أصبحت مدمنة على النفط الأجنبي، إذ استوردت في 2008 أكثر من 11 مليون برميل يوميًا من الخام والمنتجات النفطية الخام”.. قال جافيير بلاس.
بحسب بلاس، كان هذا قبل ثورة النفط الصخري، لكن الآن وصل إنتاج الولايات المتحدة من النفط إلى 20.1 مليون برميل يوميًا، مقارنة بـ6.7 مليون برميل في 2008، وتحولت واردات النفط الصافية البالغة 11 مليون برميل يوميًا، إلى صادرات صافية تجاوزت مليوني برميل يوميًا، وأي تراجع في الإنتاج سيقابله تراجع في هذه الصادرات، وهذا ما يجعل انهيار النفط خطرًا على عجز الميزان التجاري للولايات المتحدة.
لمتابعة أخر الأخبار والتحليلات من إيكونومي بلس عبر واتس اب اضغط هنا