كتبت: هدى السهيلي
بعد إعلان نتائج الثانوية العامة، فتحت البلوجر”سوزي الأردنية” بثًا مباشرًا على تيك توك وهي تحتفل بنجاحها بنسبة 50%.
البث لم يكن مجرد لحظة فرح بالـ50%، بل تحول إلى مصدر دخل حقيقي، بعدما بدأ المتابعون في إرسال رموزا وهدايا رقمية، أبرزها “الأسد”، الذي يعادل 30 ألف جنيه. وخلال أقل من ساعة، جمعت سوزي مبلغًا يعادل ما قد يجنيه موظف مرتفع الدخل في أعوام.
“فود بلوجر”، “يوتيوبر”، “إنستاجرامر”، كلها وظائف لم يكن لها وجود قبل سنوات قليلة، لكنها اليوم صارت الحلم الأول لكثير من الشباب، في ظل ما يجنيه المشاهير منهم لمبالغ طائلة.
الظاهرة التي يراها البعض تطورًا طبيعيًا في عصر التكنولوجيا، يعتبرها آخرون نتيجة مباشرة لغياب البدائل وفرص العمل الحقيقية.
مواقع التواصل: بيزنس جديد أم وهم مؤقت؟
يرى سعيد صادق، أستاذ علم الاجتماع السياسي، أن هذه الظاهرة تستحق الفهم لا الهجوم، مشيرًا إلى أن ما يحدث هو انعكاس لتغيرات في طبيعة الاقتصاد وطموحات الأجيال الجديدة.
وقال صادق خلال حديثه لـ”إيكونومي بلس”: “الشباب انهاردة بيستخدموا التيك توك واليوتيوب لنشر محتوى بسيط – أحيانًا لا يتعدى النكات – ويحققون من خلاله أرباحًا”.
“أصبح الأمر بالنسبة للبعض بيزنس حقيقي”، تابع صادق.
وقال، “لدي طالبة سابقة التقيت بها مؤخرًا، قدمت نفسها على أنها إنستاجرامر، وتحول الأمر بالنسبة لها إلى مشروع تجاري فعلي”.
اقتصاد حقيقي؟
الخبير الاقتصادي هاني توفيق شدد على أن الحل لا يكمن في مهاجمة هذا الاتجاه، بل في معالجة جذوره. ويرى أن الدولة هي المسؤولة.
وقال لـ”إيكونومي بلس”: “على الدولة أن تفتح المجال للاستثمار، وأن تخلق مناخًا اقتصاديًا يساعد على إنشاء مصانع ومشروعات حقيقية. حينها، سيجد الشباب فرصًا حقيقية، ولن يضطروا للاعتماد على وسائل غير مستقرة”.
تابع، “مع التحولات الاقتصادية والاجتماعية المتسارعة، بات عدد متزايد من الشباب يفضل الاتجاه إلى الربح السريع من خلال منصات السوشيال ميديا، بدلاً من البحث عن وظيفة تقليدية”.
اللوم ليس على الشباب
يرفض هاني توفيق إلقاء اللوم على الشباب الذين اتجهوا إلى السوشيال ميديا كمصدر للرزق، معتبرًا أن غياب البدائل هو السبب الحقيقي وراء هذا التحول.
وقال توفيق، إن السوشيال ميديا اليوم مثل الإذاعة والتليفزيون، وسيلة مشروعة للكسب.
“ما المشكلة إذا كان الشاب يقدم مادة تجذب الجمهور، سواء كان يقرأ القرآن أو يغني أو يرقص، فهو موهوب في مجاله”، تابع توفيق.
وأضاف أن المشكلة الحقيقية تكمن في غياب فرص العمل، وتراجع دور القطاع الخاص، ما أجبر الكثير من الشباب على البحث عن بدائل خارج الإطار التقليدي.
دخل سريع واستقرار مؤجل
سعيد صادق يرى أن العصر الذي نعيشه اليوم تتغير فيه طبيعة الوظائف بشكل مستمر، فتختفي مهن تقليدية وتظهر أخرى، لكنه حذر من أنه ورغم الدخل الجيد الذي قد توفره مواقع التواصل الاجتماعي، إلا أنها لا توفر بالضرورة أمانًا وظيفيًا طويل الأجل، إذ تعتمد في نجاحها على عوامل عديدة غير مستقرة.
لفت صادق إلى أن استخدام هذه المنصات لا يقتصر على المحتوى الترفيهي، بل امتد إلى مجالات مهنية مثل الطب، حيث بدأ بعض الأطباء في تقديم استشارات ونصائح عبر الإنترنت، ما يسهم في الترويج لخدماتهم.
تابع، “رغم ذلك، فإن هذه الأدوات تظل وسائل مكملة، ولا يمكن اعتبارها بديلاً عن العمل المهني الحقيقي، خاصة أنها جزء من منظومة اقتصادية أكبر لا يجوز اختزالها في مفاهيم النجاح السريع فقط”.
لمتابعة أخر الأخبار والتحليلات من إيكونومي بلس عبر واتس اب اضغط هنا