تشهد الأسواق المصرية تحولاً ملحوظاً في سلوك المستهلكين والمستثمرين تجاه المعادن النفيسة، إذ تزايدت مؤخراً عمليات شراء الفضة في مختلف المحافظات، في وقتٍ تشهد فيه أسعار الذهب ارتفاعات قياسية غير مسبوقة، جعلت المعدن الأصفر بعيداً عن متناول شرائح واسعة من المواطنين.
مع ارتفاع أسعار الذهب إلى مستويات غير مسبوقة، تجاوزت القدرة الشرائية للكثيرين، برزت الفضة كبديل اقتصادي يجمع بين الزينة والاستثمار، لتستعيد مكانتها في الأسواق المحلية، وتُصبح أكثر حضوراً في واجهات محال الصاغة ومواقع التجارة الإلكترونية، وحتى في محافظ المستثمرين الأفراد الباحثين عن أدوات تحوط جديدة.
الفضة.. البديل الشعبي للذهب
بحسب تصريحات سعيد إمبابي، المدير التنفيذي لمنصة آي صاغة المتخصصة في تجارة الذهب والمجوهرات لـ”إيكونومي بلس” فإن الفضة أصبحت أحد الملاذات الآمنة بالتوازي مع الذهب، لافتاً إلى أن العام الجاري شهد قفزة في الإقبال بنسبة 100% على شراء المعدن الأبيض، بعد أن تحوّل إلى خيار مفضل للمستثمرين الصغار والراغبين في الادخار بعيداً عن المخاطر الكبيرة.
أضاف إمبابي أن سعر جرام الفضة ارتفع إلى نحو 90 جنيهاً حالياً، مقارنة بـ48 جنيهاً فقط في مارس الماضي، أي بزيادة تقدر بنحو 87.5% خلال أقل من سبعة أشهر، موضحاً أن هناك طلباً متزايداً من مستثمرين أفراد على سبائك الفضة، وهو ما شجّع بعض المصانع المحلية على البدء في إنتاجها.
أشار إلى أن سعر الكيلوجرام من الفضة يبلغ حالياً نحو 95 ألف جنيه، مع تسجيل طلبات لشراء كميات كبيرة تتراوح بين 2 و3 كيلوجرامات، وهو ما يُظهر أن الفضة لم تعد مجرد سلعة للزينة، بل اتخذت مساراً استثمارياً واضحاً داخل السوق المصرية.
تصحيح سعري بعد مكاسب قياسية
رغم الزخم الكبير، شهدت أسعار الفضة في الأسواق المحلية والعالمية تراجعاً مؤقتاً خلال الأسبوع الماضي، بعد أن وصلت إلى أعلى مستوياتها التاريخية.
انخفضت الأسعار المحلية بنحو 9%، حيث تراجع عيار 800 إلى 74 جنيهاً مقابل 81 جنيهاً، بينما سجل عيار 925 نحو 86 جنيهاً، وبلغ عيار 999 نحو 93 جنيهاً، واستقر جنيه الفضة عند 688 جنيهاً.
أما عالمياً، فقد تراجعت الأوقية إلى 49 دولاراً بعد أن كانت قد بلغت 55 دولاراً في 16 أكتوبر، وهو أعلى مستوى في أربعة عقود، قبل أن تتعرض السوق لموجة تصحيح طبيعية بعد تسع أسابيع متتالية من الارتفاعات المتواصلة، مدفوعة بموجة جني أرباح وتحسن شهية المستثمرين تجاه الأصول عالية المخاطر.
الذهب يحتفظ بمكانته رغم المنافسة
يرى طاهر مرسي، خبير الأسواق المالية والذهب، أن الفضة رغم صعودها اللافت تظل أداة استثمار محفوفة بالتقلبات، موضحاً أن الذهب ما زال الأصل الأكثر أماناً والأكثر قدرة على حفظ القيمة، بفضل استقراره التاريخي ومكانته العالمية كأداة للتحوط ضد التضخم والأزمات.
قال مرسي لـ”إيكونومي بلس” إن الذهب لا يتعرض لتقلبات حادة كالفضة، التي شهدت منذ عام 1980 فترات طويلة من الهبوط والتذبذب، مضيفاً أن المعدن الأصفر يواصل تسجيل ارتفاعات تاريخية كل عقد تقريباً، ما يجعله الخيار الأمثل للادخار طويل الأجل.
أشار إلى أن الاستثمار في الفضة أكثر تعقيداً من الذهب، بسبب ضعف السيولة في السوق وصعوبة التسعير الدقيق، إضافةً إلى محدودية قنوات التداول الرسمية، وهو ما قد يؤثر على العائد النهائي مقارنةً بالذهب، الذي يتمتع بسوق أكثر شفافية واتساعاً.
لمتابعة أخر الأخبار والتحليلات من إيكونومي بلس عبر واتس اب اضغط هنا