يعول الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، على دول الخليج في تمويل إعادة إعمار غزة التي تُقدَّر بنحو 70 مليار دولار، بحسب تقديرات الأمم المتحدة لإعادة بناء القطاع.
كشفت مصادر مطلعة على مواقف المسؤولين الخليجيين لـ”وكالة بلومبرج” أن إقناع دول مثل قطر والإمارات والسعودية بضخ تلك الأموال لن يكون بالسهولة التي يتحدث عنها ترامب، فلكل منها تحفّظاته الخاصة بشأن تقديم التمويل دون شروط واضحة.
يأتي ذلك قبل أسابيع قليلة من مؤتمر دولي لإعادة إعمار غزة، من المقرر أن تستضيفه مصر الشهر المقبل، وستكون الدول الخليجية في مقدمة المشاركين فيه.
السعودية مقيدة ماليًا وتضغط على قطر والإمارات
أضافت المصادر أن السعودية، التي ساهمت في جهود وقف إطلاق النار وسعت إلى تعزيز الاعتراف الدولي بالدولة الفلسطينية، مقيّدة ماليًا بسبب تراجع أسعار النفط بأكثر من 10% هذا العام، ما دفعها إلى خفض الإنفاق على مشاريع رئيسية ضمن رؤية ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان.
كشفت المصادر أيضًا أن السعودية تضغط على قطر والإمارات وربما الكويت لتحمّل الجزء الأكبر من تمويل إعادة الإعمار، باعتبارها تمتلك سيولة مالية أعلى.
يقول الكاتب والمحلل السعودي، علي الشهابي، المقرب من دوائر صنع القرار، إن المملكة أنهت تقليدها القديم في تقديم المنح غير المشروطة.
“أصبحت المملكة تتحسس من كتابة شيكات مفتوحة بعد عقود من الفساد وسوء استغلال المساعدات في العالمين العربي والإسلامي”، تابع الشهابي.
وضوح الصورة السياسية في غزة شرط الإمارات
من جانبه، قال أنور قرقاش، المستشار الدبلوماسي لرئيس الإمارات، إن بلاده لن تخصص أموالًا كبيرة لغزة قبل وضوح الصورة السياسية، وضمان الترتيبات الأمنية على الأرض، ووضع رؤية طويلة المدى نحو إقامة دولة فلسطينية.
أما قطر، التي تستضيف قيادات من حماس في الدوحة منذ أكثر من عقد وتلعب دور الوسيط في مفاوضات السلام، فهي تركز على التأكد من التزام إسرائيل بتطبيق بنود الاتفاق قبل ضخ أي أموال في إعادة الإعمار، وفقًا لمصادر مطلعة على موقف الدوحة.
رغم قبول قطر ودول عربية أخرى استبعاد حماس من القيادة المؤقتة لغزة كما ورد في خطة ترامب، إلا أن مسؤولًا عربيًا مشاركًا في إعداد الخطة أشار إلى أن استبعاد الحركة بالكامل من الحياة السياسية الفلسطينية أمر غير واقعي، وأن البديل هو بحث دور محتمل لـ”كيان فلسطيني مُعاد هيكلته” مستقبلًا.
تبقى مشاركة حماس في أي مستوى من مستويات الحكم خطًا أحمر لكل من إسرائيل والولايات المتحدة، اللتين ترفضان أي انخراط لها بعد أحداث أكتوبر 2023.
بحسب ما نقلته بلومبرج عن تقارير لم تحددها، ناقش نائب الرئيس الأمريكي، جي دي فانس، وصهر ترامب، جاريد كوشنر، خطة لتقسيم غزة إلى منطقتين، بحيث تبدأ إعادة الإعمار فقط في الجزء الخاضع للسيطرة الإسرائيلية — وهي خطة لا تزال في مراحلها الأولى.
ترامب يعول على قطر
من جانبه، يرى فراس مقصد، مدير إدارة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مجموعة أوراسيا، أن ترامب سيعتمد على قطر لتوفير حصة كبيرة من التمويل، خاصة بعد منحه الدوحة ضمانة أمنية هذا الشهر، لكنه أشار إلى أن قطر ستطلب بالمقابل نفوذًا سياسيًا في غزة.
“الدوحة تريد أن يكون لها تأثير في غزة، سواء من خلال حماس منزوعة السلاح جزئيًا، أو جناح سياسي خالٍ من المكوّن العسكري، أو صيغة أخرى، وذلك سيكون “إشكاليًا بالنسبة لإسرائيل”، تابع مقصد.
ياسمين فاروق، مديرة مشروع الخليج في مجموعة الأزمات الدولية، قالت إن الدول الخليجية تتفق جميعًا على أنها لن تضخ أموالا في غزة قبل ضمان عدم تكرار ما حدث، في إشارة إلى هجوم حماس والحرب التي تلته.
أضافت، هذا يتطلب الحصول على ضمانات من حماس بعدم مهاجمة إسرائيل، ومن إسرائيل بعدم استئناف الحرب.
مصر تدفع بشركاتها الخاصة
أما مصر، التي ترى غزة ضمن مجال نفوذها الطبيعي، فتهدف إلى إشراك شركاتها الخاصة في مشروعات إعادة الإعمار، خاصة في مجالات الطاقة والغاز، وفقًا لإبراهيم سيف، وزير الطاقة والتخطيط الأردني الأسبق.
اتفق سيف في تحفّظ دول الخليج على أن ضخ الأموال مفهوم في ظل احتمال تجدد الصراع، وتجاربها السابقة في غزة، والأسئلة المفتوحة حول مدى شمول عملية الإعمار، وقال” هل هي مجرد ترميم لما تضرر، أم خطة شاملة تتضمن ميناء وكهرباء ومياه وصرفًا صحيًا حقيقيًا للقطاع؟”
وقال: “من السهل التعهد بالتمويل، لكن تنفيذ تلك التعهدات فعليًا أمر مختلف تمامًا.”
لمتابعة أخر الأخبار والتحليلات من إيكونومي بلس عبر واتس اب اضغط هنا