حذر صندوق النقد الدولي من أن عبء الدين الحكومي في الولايات المتحدة يتجه إلى تجاوز مستوياته في كل من إيطاليا واليونان للمرة الأولى خلال القرن الحالي، في إشارة إلى تدهور أوضاع المالية العامة داخل أكبر اقتصاد في العالم.
سيرتفع إجمالي الدين الحكومي الأمريكي بأكثر من 20 نقطة مئوية ليصل إلى نحو 143.4% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2030، متجاوزًا المستويات القياسية التي سجلها عقب جائحة كورونا، وفقًا لتوقعات الصندوق.
كما تشير التقديرات إلى أن عجز الموازنة الفيدرالية سيبقى أعلى من 7% من الناتج المحلي الإجمالي سنويًا حتى نهاية العقد الحالي، وهو أعلى معدل بين الدول المتقدمة التي يتابعها الصندوق.
في المقابل، يتوقع الصندوق أن تسلك كل من إيطاليا واليونان مسارًا تنازليًا في مستويات الدين، مع نجاحهما في خفض عجز الموازنات وتحسين السيطرة على الإنفاق العام، بعد أكثر من عقد على أزمة الديون السيادية في منطقة اليورو.
بلغ الدين الحكومي في إيطاليا بنهاية العام الماضي إلى نحو 135% من الناتج المحلي الإجمالي، فيما سجلت ديون اليونان مقابل الناتج المحلي الإجمالي نحو 153.6%.
اقتصاد متقدم ودين متفاقم
يرى محللون أن تجاوز الولايات المتحدة للدولتين يعكس تحولًا في هيكل المخاطر المالية العالمية.
قال رئيس قسم الاقتصاد الكلي في معهد أموندي للاستثمار، محمود برادان، في تصريح لصحيفة “فايننشال تايمز”، إن هذا يعكس أثر العجز الدائم في المالية الأمريكية، رغم أن احتفاظ الولايات المتحدة بميزة عملتها كاحتياطي عالمي يمنحها قدرة أكبر على الاقتراض.
من جانبه، قال الخبير الاقتصادي لدى بنك “آي إن جي”، جيمس نايتلي، إن كثيرًا من المستثمرين الأمريكيين ينظرون إلى أوروبا بوصفها منطقة تعاني ضعف النمو، لكن الأرقام الحالية تظهر أن المشكلة الحقيقية قد تكون داخل الولايات المتحدة نفسها.
يُرجع صندوق النقد تفاقم العجز المالي الأمريكي إلى الزيادة المستمرة في الإنفاق الحكومي، مقابل تباطؤ جهود ضبط الميزانية، رغم الأداء القوي في سوق العمل وبقاء البطالة عند مستويات منخفضة.
من جانبه، أكد المستشار الاقتصادي لوزير الخزانة الأمريكي، جو لافورجنا، أن إدارة ترامب أحرزت تقدمًا في خفض الإنفاق وزيادة الإيرادات من خلال الرسوم الجمركية، لكنه أقر بأن التحسن لا يزال محدودًا.
مهمة معقدة لإنقاذ المالية الأمريكية
تُظهر بيانات الصندوق أن إجمالي الدين العام الأمريكي كان أقل من نظيريه الإيطالي واليوناني منذ مطلع الألفية، لكن الاتجاه التصاعدي الحالي قد يغير ذلك للمرة الأولى.
ومع ذلك، يشير جو جاجنون، الباحث في معهد بيترسون، إلى أن مقياس صافي الدين الحكومي ما زال يظهر الولايات المتحدة دون مستوى المديونية الإيطالية، وإن كان في مسار صعودي أيضًا.
فيما يرى موري أوبستفيلد، كبير الاقتصاديين السابق في صندوق النقد الدولي، أن أي افتراض باستدامة الوضع المالي الأمريكي يعتمد على تفاؤل مفرط بشأن نمو الإنتاجية أو أسعار الفائدة، مشيرًا إلى أن الخلافات الحزبية بين الجمهوريين والديمقراطيين تجعل الإصلاح المالي شبه مستحيل.
أضاف أن الديمقراطيون لا يريدون خفض الإنفاق، والجمهوريون لا يريدون زيادة الضرائب، وكلاهما متمسك بموقفه، وهذا ما يجعل مسار الدين الأمريكي مقلقًا على المدى الطويل.
منذ بداية الشهر الجاري، تعاني الولايات المتحدة من إغلاق حكومي، بعد فشل الكونجرس في التوصل إلى اتفاق حول مشروع قانون تمويل جديد مع بداية السنة المالية، ويتجه هذا الإغلاق لتجاوز الإغلاق القياسي الذي استمر 35 يوماً في أواخر عام 2018.
لمتابعة أخر الأخبار والتحليلات من إيكونومي بلس عبر واتس اب اضغط هنا