رئيس التحرير / أسامه سرايا | المشرف العام / خالد أبو بكر |
أخبار

ديون المطورين العقاريين في دبي تقفز إلى 6 مليارات دولار

يدفع جنون الطلب على العقارات في دبي مطوري القطاع إلى زيادة الاقتراض ليصل إلى 6 مليارات دولار، مع توسع غير مسبوق، في استخدام أدوات الدين من الصكوك الإسلامية إلى الائتمان الخاص، في ظل واحدة من أطول دورات الازدهار العقاري التي تشهدها الإمارات منذ سنوات.

تظهر بيانات بلومبرج أن إصدارات السندات والصكوك المقومة بالدولار قفزت بأكثر من 12 مِثلاً منذ عام 2021، لتبلغ 6 مليارات دولار، ما يعكس اعتمادا متسارعا من المطورين على أسواق الدين العالمية لتمويل التوسع في المشاريع الجديدة وشراء الأراضي.

بينما كانت أسواق الدين الدولية، محصورة لسنوات طويلة على الشركات الإماراتية الكبرى، تغير المشهد سريعا، إذ ظهرت مؤسسات لم تكن معروفة سابقا مثل “Arada Developments”، و”Binghatti Holding”، و”Omniyat Holdings” كمُصدّرين منتظمين للصكوك، لتنضم إلى أسماء راسخة مثل “Emaar Properties” و”Aldar Properties” و”DAMAC Properties”.

كما تستعد شركات مثل “Samana Developers” لاختبار أسواق الدين للمرة الأولى، فيما تدرس “Arada” إصدار صكوك قابلة للتحويل، وهي خطوة لا تزال نادرة في سوق الشرق الأوسط.

سباق محموم نحو الأراضي والسيولة
يأتي هذا التوسع في الاقتراض في إطار سباق متصاعد بين المطورين لزيادة السيولة بهدف شراء مواقع جديدة في ظل اشتداد المنافسة على الأراضي الأكثر تميزا داخل الإمارات.

يعكس الاعتماد على أدوات تمويل بديلة مثل الائتمان الخاص تنامي دور المستثمرين المحليين والدوليين في تمويل طفرة المشاريع العقارية في دبي.

ارتفعت أسعار العقارات في دبي بأكثر من 70% منذ عام 2019، مع استمرار القفزات السعرية أيضا في أبوظبي والشارقة، ما خلق بيئة تدفع المطورين إلى توسيع محفظة المشاريع بوتيرة متسارعة.

لكن هذه الطفرة التمويلية جاءت مصحوبة بتحدٍ واضح، وهو جدار متنامٍ من استحقاقات الدين يصل إلى 8 مليارات دولار بحلول 2030، وبينما يرى بعض المحللين ضرورة الحذر من طول دورة الازدهار العقاري، يشير آخرون إلى أن الأساسيات الاقتصادية للقطاع ما تزال قوية، مدعومة بعمليات بيع مسبقة قياسية، وتدفّق ملحوظ من مشترين دوليين ذوي ثروات كبيرة.

قال أبوستولوس بانتيس، المدير العام للاستشارات في الدخل الثابت لدى Union Bancaire Privée: “الطلب على السندات والصكوك العقارية الإماراتية لن يتراجع في أي وقت قريب، إذ يستمر المستثمرون العالميون في التوجه نحو المطورين ذوي الجودة العالية الذين يقدمون عوائد أعلى مقارنة بالأسواق المتقدمة”.

الرياح ليست مواتية بالكامل
رغم الزخم القوي، لا يخلو المشهد من المخاطر؛ فقد يؤدي تباطؤ عالمي أو توترات جيوسياسية أو انخفاض أسعار النفط إلى اهتزاز ثقة السوق، ما قد يؤثر على قدرة المشترين على الاستمرار في تنفيذ عمليات الشراء، خاصةً إذا لم يتمكن بعض المطورين من الالتزام بجداول التسليم.

تتوقع “Fitch Ratings” حدوث “تصحيح معتدل” في السوق العقارية بحلول أواخر 2025 ويمتد إلى 2026، بينما حذرت “UBS Group AG” من أن مخاطر الفقاعة العقارية في دبي ارتفعت منذ 2022، رغم بقاء المدينة دون فئة “المخاطر العالية” بفضل العوائد الإيجارية المرتفعة، والأسعار الأكثر قدرة على التحمل مقارنة بالمدن العالمية الكبرى.

في أسواق الدين، قد يختبر تدفّق الإصدارات العقارية الجديدة قدرة السوق على الاستيعاب، لا سيما مع اتجاه المستثمرين إلى تجنّب التعرض المفرط لقطاع واحد.

أشار فادي جندي، مدير محفظة الدخل الثابت لدى “Arqaam Capital”، إلى بروزر إشارات على “إجهاد المستثمرين”، مع تداول بعض الإصدارات الجديدة بأسعار أقل من سعر إعادة الطرح، وارتفاع الهوامش المطلوبة للإصدارات المقبلة.

الائتمان الخاص.. شريان تمويلي بديل
مع وصول المصارف التقليدية إلى الحد الأقصى لانكشافها على القطاع العقاري، ظهر الائتمان الخاص كأداة تمويل أساسية، فقد حصلت “Omniyat” على تسهيل ائتماني خاص بقيمة 100 مليون دولار من “Nomura” خلال العام، فيما يؤكد مستثمرون في هذا النوع من التمويل أن المطورين العقاريين في الإمارات أصبحوا اليوم أكبر مصدر للطلب على هذه القروض.

قال ديفيد بيكيت، رئيس تطوير الأعمال لمنطقة الشرق الأوسط في SC Lowy: “البنوك وصلت إلى حدود الإقراض للقطاع العقاري، وهي تفضّل المطورين المدعومين حكوميا، وهذا يترك المطورين الخاصين بحاجة لتمويل جديد وهم مستعدون لدفع أسعار أعلى للحصول على الائتمان”.

هل تمهد الطفرة التمويلية لطروحات عامة؟
رغم غياب خطط معلنة، تعمل شركات مثل “Binghatti” و”Samana” و”Arada” على دراسة إمكانية إطلاق اكتتابات عامة أولية خلال الفترة المقبلة.

يرى جندي أن زيادة الطروحات ستكون تطورا إيجابيا لأنها توفر تدفقات رأسمالية جديدة، وتحسّن مستويات الحوكمة والشفافية، مع ضرورة مراقبة سياسات توزيع الأرباح لحماية الهوامش المالية في حال حدوث تباطؤ اقتصادي مفاجئ.

لا يزال المستثمرون يتذكرون خروج “Damac Properties” من السوق في 2022، عبر صفقة خصخصة بسعر يقل كثيرا عن سعر إدراجها الأصلي، وهو درس ينسجم مع تحذيرات الخبراء بضرورة الحذر في تقييمات السوق الحالية.

الطلب يواصل دعم السوق على المدى القريب
رغم بعض إشارات الإرهاق، يبقى مزاج السوق إيجابيا؛ إذ يتوقع محللون ومطورون استمرار الطلب القوي، مدفوعا بتدفق مستمر للمقيمين الجدد والمستثمرين الدوليين إلى الإمارات.

يرى جندي أن المخاوف بشأن زيادة المعروض في 2026 أو 2027 قد تكون مبالغا فيها، لأن أرقام التسليم الفعلية غالبا ما تأتي أقل من التقديرات.

يضيف: “إذا حدث تصحيح حاد، فإننا نتوقع تباينا في أداء السندات بين المطورين، باختلاف نماذج أعمالهم ومؤشراتهم التشغيلية والمالية”.

لمتابعة أخر الأخبار والتحليلات من إيكونومي بلس عبر واتس اب اضغط هنا

الأكثر مشاهدة

النفط يصل لأعلى مستوياته منذ شهر وسط توقعات بارتفاع الطلب

استقرت أسعار النفط اليوم الخميس لتقترب من أعلى مستوى في...

تقلبات الـ”كريبتو” تمحو مليار دولار من ثروة عائلة ترامب

محت تقلبات سوق العملات المشفرة نحو مليار دولار من ثروة...

منطقة إعلانية