على مدى العقدين الماضيين، حولت مجموعة من رواد الأعمال من القطاع الخاص فى مقاطعة شاندونغ، الصينية تلك المنطقة الريفية المشهورة إلى مركز صناعى لتصبح أحد أكبر منتجى الألومنيوم فى العالم، لكن سنوات التوسع الكبيرة والقروض المالية حولت شركة «زوبينج» المنتجة للألومنيوم والعديد من الشركات المجاورة إلى نقطة ساخنة بعد التخلف عن سداد الديون وكان آخرها فشل شركة «اكزوانج جروب» المتخصصة فى إنتاج زيت الذرة فى سداد قروض بقيمة مليار يوان أى ما يعادل 143 مليون دولار.
وذكرت صحيفة «فاينانشيال تايمز»، أن الأزمة فى شاندونغ، تدق جرس إنذار للمخاطر المالية فى جميع أنحاء البلاد العام الحالى، وأوضحت بيانات وكالة «فيتش» للتصنيف الائتمانى أن موجة من التخلف عن سداد ديون الشركات دفعت معدل التخلف عن السداد فى القطاع الخاص فى الصين إلى مستوى قياسى بلغ %4.9 نهاية شهر نوفمبر الماضى ارتفاعًا من %0.6 فى عام 2014.
ومع تباطؤ النمو الاقتصادى بأدنى وتيرة فى 3 عقود والضغط المالى على الشركات يتساءل المستثمرون عن مدى استمرار بكين فى تخفيف حدة الضغط بين الشركات الخاصة.
وقال إدموند غوه، مدير الاستثمار فى الدخل الثابت فى آسيا لدى شركة «أبردين ستاندرد» فى شنغهاى إن الكثير من الناس يراهنون على أن الحكومة ستدعم هذه الشركات لأنها من دافعى ضرائب وأصحاب أعمال مهمة لكننا نعتقد أن هناك الكثير منهم ينبغى إنقاذهم.
وأوضحت الصحيفة البريطانية، أن التخلف عن سدداد قروض الشركات أمر جديد نسبياً بالنسبة للصين فقبل فترة التخلف عن السداد عام 2014 من قبل شركة للطاقة الشمسية واقعة فى شنغهاى، كانت البلاد قد مرت بأكثر من عقد بدون فترات التخلف عن السداد.
وكشفت بيانات الصحيفة البريطانية، أن قيمة سوق سندات الشركات فى الصين يبلغ حوالى 4.4 تريليون دولار، وكان هذا التشابه فى الاستقرار نتيجة ثانوية لطوفان الائتمان الذى يضمن أن الديون غير المسددة يتم ترحيلها أو إعادة تمويلها.
وكان الفائض الائتمانى السبب فى فتح شهية المؤسسات العاملة فى الصين حيث كان من الأرخص بالنسبة للشركات الكبرى أن تتوسع بسرعة وتوظف المزيد من العمال مما يعزز النمو الاقتصادى، لكن الوضع قد تغير حيث تباطأ النمو الاقتصادى بنحو 1.5 نقطة مئوية ليصل إلى %6 فى الربع الأخير.
ومع ذلك، تحول الائتمان السهل فى السابق إلى ديون سيئة مزعجة، مما أدى إلى شل العديد من البنوك الصغيرة بأكوام غير قابلة للإدارة من القروض المتعثرة ولذلك أصبحت السيولة ضعيفة فى العامين الماضيين.
وقال استراتيجى بارز فى مجموعة عالمية لإدارة الاستثمارات عن عقلية العديد من شركات القطاع الخاص التى تواجه الآن حالات عجز عن سداد الديون «لقد كانت هذه الشركات عدوانية جدًا فى التوسع ولكن الآن ليس لديها نفس القدرة على الحصول على الائتمان».
وأضاف أن افتقار بكين مؤخراً إلى دعم العديد من الشركات البارزة المملوكة للدولة قد أثار قلق بعض المستثمرين، وفى الأسبوع الماضى أجبرت شركة «تيوو جروب» تاجر السلع الأساسية، الدائنين على الحصول على خصومات كبيرة على السندات المقومة بقيمة 300 مليون دولار.
جاء ذلك بعد فشل شركة «فوندر جروب» للتكنولوجيا المدعومة من الدولة فى سداد مليار رنيمبى أوائل ديسمبر الحالى، ومع تراجع الدعم الحكومى للشركات الكبيرة المملوكة للدولة تدهورت التوقعات بين المحللين للقطاع الخاص فى الصين.
وقال جينى هوانغ، مدير أبحاث الشركات الصينية فى وكالة «فيتش»، إنه من المرجح أن تواجه الشركات الخاصة حالات التخلف عن السداد، مقارنة بالشركات المملوكة للدولة عندما يكون هناك تشديد فى السيولة وتراجع اقتصادى.
وأضاف: «لقد كان دعم المشروعات الخاصة انتقائيًا لأن الحكومات المحلية أصبح لديها موارد محدودة»، وفى مقاطعة شاندونغ، يتركز العديد من المجموعات الصناعية الكبيرة التى استخدمت الائتمان السهل فى العقد الماضى لتعزيز النمو.
وفى الوقت الحالى تعانى العديد من هذه الصناعات – البتروكيماويات والألومنيوم والصلب – من الطاقة المفرطة وقد أدى التباطؤ الاقتصادى إلى توتر ربحيتها وقدرتها على سداد الديون.
وذكرت «فاينانشيال تايمز»، أن السيطرة على المخاطر المالية كان أولوية قصوى بالنسبة إلى شى جين بينغ، رئيس الصين الذى ينظر إلى اضطراب السوق باعتباره تهديدًا لحكم الحزب الشيوعى، ومن المرجح أن تؤدى الضائقة المالية فى الشركات الكبيرة أيضًا إلى ارتفاع معدلات البطالة، والتى غالبًا ما تؤدى إلى عدم الاستقرار الاجتماعى، لكن الخبراء الماليين قد فسروا أيضًا ارتفاع معدل التخلف عن السندات كإشارة إلى أن الجهات التنظيمية أكثر ثقة فى قدرة الصين على التغلب على اضطرابات السوق وتسعى إلى القضاء على الشركات الضعيفة عن طريق السماح لها بالانهيار.
لمتابعة أخر الأخبار والتحليلات من إيكونومي بلس عبر واتس اب اضغط هنا