كان عام 2019 جيدًا للمتداولين فى تركيا.. لكن مديرى الأموال والخبراء الاستراتيجيون، قالوا إن 2020 قد يعيد المخاوف فى السوق من جديد.
وأثبتت التخفيضات الحادة فى سعر الفائدة من جانب البنك المركزى فى البلاد، وتحسن الشهية للأصول ذات المخاطر، توجهات قوية عززت جميع الأصول التركية وخصوصا الأسهم فى النصف الأخير من العام. ولكن قد يواجه المستثمرون طريقًا صعبًا فى 2020.
قال خبراء السوق، إن الانتخابات الأمريكية يمكن أن تغير اتجاه تركيا والتى كانت محمية من العقوبات، بفضل العلاقة الشخصية الودية بين رئيسى البلدين.
ومما يثير القلق أيضًا، علامات الضعف فى الانتعاش الاقتصادى الناشئ فى تركيا، ما أثار تكهنات بأن صانعى السياسة سيضطرون إلى تعزيز سياسة التحفيز على حساب العملة والتباطؤ الأخير فى الأسعار.
وأوضح المحلل لدى بنك «كريدى أجريكول»، جيليام تريسكا، أن الأسواق «راضية للغاية» عن أنقرة.. لكنه يتوقع أن ثمة خطر متزايد من أن الأصول التركية ستتخلى عن مكاسبها فى 2020.
وذكرت وكالة أنباء «بلومبرج»، أن مؤشر بورصة إسطنبول القياسى قفز بنسبة 22% العام الحالى، فى حين أن الليرة انخفضت بنسبة 10٪ مقابل الدولار. وتراجع العائد على سندات الليرة 10 سنوات، بحوالى 398 نقطة أساس.
أضاف تريسكا: «النصف الثانى من عام 2020 قد يكون أكثر صعوبة، ونتوقع أن تؤدى استراتيجية نمو الائتمان للحكومة إلى تفاقم اختلالات التوازن الكلى، وأن يكون رد فعل البنك المركزى لإعادة التأهيل بطيئًا».
وكشفت الوكالة عن بعض المشكلات التى يقول المحللون ومديرو الأصول، إنها ستكون مهمة لتوقعات الأصول التركية العام المقبل.
أولاً: الانتخابات الأمريكية والعقوبات المحتملة
قال فيكتور زابو، مدير الاستثمار لدى شركة «أبردين» لإدارة الأصول فى لندن، إن فوز الديمقراطيين الأمريكيين يمكن أن يغير نهج البيت الأبيض الودى تجاه تركيا.
ومنذ شراء تركيا، نظام الدفاع الصاروخى الروسى، سعى أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكى إلى تعزيز العقوبات على البلاد.
وأوضحت الوكالة الامريكية أن مثل هذا الاقتراح، من شأنه أن يعاقب قادة تركيا وصناعة الطاقة والنظام المالى الضالعين فى العمل العسكرى فى الأراضى السورية التى يسيطر عليها الأكراد.
وقبل الانتخابات الأمريكية، قد تزداد الدعوات لاتخاذ تدابير قوية، مما يزيد التقلبات ويؤجج مخاوف المستثمرين.
وقال الخبير الاستراتيجى لدى «سوسيتيه جنرال» فى لندن، فينيكس كالين، إن الضغط على الرئيس ترامب، لتنفيذ العقوبات على تركيا قد يولد مخاطر متفرقة على الأصول التركية.
أضاف أن وضع المرشحين للرئاسة فى السياسة الخارجية تجاه تركيا، قد يدعو المستثمرين إلى التدقيق فى الأصول التركية، رغم أننا فى النهاية لا نعتقد أن تركيا ستواجه عقوبات خطيرة فى العام المقبل.
ثانيًا: البنك المركزى
أوضحت «بلومبرج» أن أسعار الفائدة هى الخطر الرئيسى الذى تواجهه أصول تركيا فى 2020.
وأشارت إلى أنه بعد قيام محافظ البنك المركزى الجديد، بخفض أسعار الفائدة بمقدار 1200 نقطة أساس سيركز المستثمرون على السرعة التى سيتم بها تخفيض الأسعار إلى الأرقام الفردية، والتى وعد بها الرئيس رجب طيب أردوغان.
وقال بيوتر ماتيس، الخبير الاستراتيجى فى شركة «رابوبنك» إنه سيكون على محافظ البنك المركزى إبطاء وتيرة تخفيف السياسة النقدية السريعة.
ثالثًا: التضخم
رغم تجاوز البيانات المحققة، التقديرات فى وقت سابق من العام الحالى، فقد ارتفع مؤشر أسعار المستهلكين مرة أخرى بأرقام مضاعفة سنويًا فى الشهر الماضى.
وقال كبير المحللين فى شركة «ميدلى جلوبال» فى لندن، نايجل رينديل، إن التحسن قد وصل الآن إلى موقف ثابت.
أضاف: «مع انتعاش الاقتصاد المحلى فى 2020 مدفوعًا بتجديد الائتمان المصرفى، فإن أى مخاوف تتعلق بالتضخم قد تؤدى إلى عمليات بيع فى أسواق السندات والعملات، خصوصا إذا حدث هذا على خلفية مزيد من الانخفاضات فى سعر إعادة الشراء.
وأوضح ريندل، أنه مع قيام السلطات بتغذية نمو الائتمان لمحاولة إنعاش الطلب المحلى، فثمة خطر من أنه قد يشعل بداية دورة اقتصادية جديدة مزدهرة.
أضاف أن شركته «متشككة للغاية» فى إمكانية تحقيق تركيا انتعاشا اقتصاديا مستداما، وأن أى دفعة للنمو السريع تهدد بعواقب سلبية بالنسبة لمركز الحساب الجارى وبيانات التضخم ستظهر من خلال عمليات البيع.
رابعًا: الجغرافيا السياسية
لا تزال الجغرافيا السياسية ورقة قاسية للعام الجديد، إذ تسببت العملية البرية لتركيا داخل سوريا، فى عمليات بيع مبدئية للأصول فى أكتوبر الماضى، بالإضافة إلى تهديدات بفرض عقوبات من جانب كل من الولايات المتحدة وأوروبا.
ومما يزيد مخاوف اندلاع مواجة جديدة، توقيع تركيا اتفاقية بحريةمع ليبيا، وعرضها إرسال قوات إلى البلاد إذا كان هناك طلب، وهى خطوة أثارت انتقادات من الاتحاد الأوروبى.
وقالت أنستازيا ليفاشوفا، مديرة الصندوق فى “بلاك فريارز” لإدارة الأصول: «إذا قرر أردوغان، إرسال قوات كبيرة إلى ليبيا فهذا من شأنه أن يشكل خطراً إضافياً كبيراً على أنقرة».
وأضافت أن تدهور الوضع الجيوسياسى بالإضافة إلى العقوبات الأمريكية التى تلوح فى الأفق، بمثابة التهديدات الرئيسية المعلقة التى يمكن أن تغذى النفور من المخاطرة.
خامسًا: الأحزاب السياسية الجديدة
قالت «بلومبرج» إن تشكيل الأحزاب الجديدة من قبل رئيس الوزراء السابق أحمد داود أوغلو، ونائب رئيس الوزراء على باباجان، لا سيما ما إذا كان بإمكانهما جذب الناخبين بعيدًا عن حزب العدالة والتنمية، قد يكون له تأثير محدود على السوق فى 2020.
وفى وقت سابق من الشهر الماضى، أسس داود أوغلو، «حزب المستقبل» فى أنقرة فى حين أن قيصر الاقتصاد السابق باباجان، بصدد بناء أساس حزب جديد يخطط لقيادته.
وقال الخبير الاستراتيجى فى شركة «رابوبنك»، بيوتر ماتيس، إن أردوغان ربما سيحاول أن يقاوم الأحزاب الجديدة من خلال الدعوة لإجراء انتخابات مبكرة، رغم أنه سيكون القرار الأكثر خطورة فى حياته السياسية.
سادسًا: الميزانية
قال كبير استراتيجى الأسواق الناشئة فى شركة «إس بى سى» فى ستوكهولم، بير هامارلند، إن الحكومة عازمة على إنعاش النمو.. الأمر الذى سيتطلب تحفيز السياسة المالية بسبب ضعف القطاع المصرفى.
ورغم تحقيق تركيا فائضا فى الميزانية لمدة شهرين ( يوليو وأغسطس الماضيين) إلا أنها سجلت عجزا لمدة 11 شهرا حتى نوفمبر.
وقال كبير مسؤولى الاستثمار فى شركة «أطا برتوفاى» فى اسطنبول، محمد جيرز: «باستثناء التحويلات المبكرة من البنك المركزى، فإن فجوة الميزانية كانت ستتجاوز %4 من الناتج المحلى الإجمالى فى 2019».
وأضاف أنه بالنظر إلى الهدف المتمثل فى خفض معدلات التضخم وأسعار الفائدة، يجب أن يكون الإنفاق الحكومى فى عام 2020 أكثر تقييدًا.
وأشار إلى أنه إذا كان هناك إجراء توسعى آخر قصير الأجل، مثل صندوق ضمان الائتمان، فقد يفقد المستثمرون ثقتهم فى تراجع التضخم وقد تكون هناك عمليات بيع كبيرة.
لمتابعة أخر الأخبار والتحليلات من إيكونومي بلس عبر واتس اب اضغط هنا