ملفات

كيف تفسد تركيا خطط الغاز الكبيرة لجيرانها؟

تركيا وغاز شرق المتوسط

أدت اكتشافات حقول الغاز الطبيعى الكبيرة على امتداد العقد الماضى، إلى رؤية دول منطقة الشرق الأوسط، المنقسمة فى كثير من الأحيان، تتعاون معا لاستغلال الاحتياطيات العملاقة فى منطقة البحر المتوسط.
ومن المفترض أن تساعد صادرات تلك الدول، على تقليل اعتماد أوروبا على الغاز الروسى.
وقالت وكالة «بلومبرج» إن تركيا لم تكن جزءًا من الصورة، ولكنها تلعب دور المفسد لمخططات جيرانها. وأضاف اتفاقها البحرى الأخير مع ليبيا توترا جديدا فى المنطقة.
وحاولت «بلومبرج» الإجابة على بعض الأسئلة التى تشغل بال العديد من المهتمين بتحليل الاضطرابات الأخيرة فى المنطقة.

أولًا: ما مقدار الغاز الذى يحمله شرق البحر المتوسط؟

قالت وكالة «بلومبرج» إن أكبر اكتشاف فى المنطقة كان حقل «ظهر» فى مصر، والذى يحتوى على ما يصل إلى 30 تريليون قدم مكعب من الغاز، أو ما يكفى من الوقود لتزويد أوروبا بأكملها لأكثر من عام ونصف العام.
وأوضحت الوكالة اﻷمريكية أن حقل «ظهر» يحتل المرتبة العشرين كأكبر حقول الغاز فى العالم.
يأتى ذلك فى الوقت الذى يحتفظ فيه حقلا «تمار» و «ليفاثان» قبالة سواحل إسرائيل بـ 11 و 22 تريليون قدم مكعب على التوالي. ويُعتقد أن حقل «أفروديت» قبالة قبرص يحتوى على 8 تريليونات قدم مكعب.
وقدّرت هيئة المسح الجيولوجى الأمريكية، فى عام 2010 أن الغاز القابل للاسترداد فى حوضى شرق المتوسط ودلتا النيل، سيكون العديد من مضاعفات هذه الكمية.

ثانيًا: ما رؤية التعاون؟

فى أوائل عام 2019، أسست قبرص وإسرائيل ومصر، مع جيرانها اليونان والأردن والسلطة الفلسطينية وإيطاليا ، منتدى غاز شرق المتوسط، فى محاولة لإقامة سوق غاز إقليمية ومركز تصدير إلى أوروبا، التى تحرص على تنويع مصادرها للحماية من انقطاع الإمدادات من روسيا.
وذكرت الوكالة اﻷمريكية أن التعاون ضرورى فى جزء منه، لأن خطوط الأنابيب ضرورية لربط المنتجين بالمستهلكين.
وفى يناير2019، وقعت اليونان وإسرائيل وقبرص اتفاقًا لبناء خط أنابيب بحرى بطول 1900 كيلومتر لربط حقول الغاز فى شرق البحر المتوسط بالأسواق الأوروبية عبر اليونان وإيطاليا.

ثالثًا: لماذا تم استبعاد تركيا؟

أشارت «بلومبرج» إلى أنه تم استبعاد تركيا بسبب تضمين جمهورية قبرص، العدو التاريخى لأنقرة ، إذ تم تقسيم قبرص فى الواقع عام 1963 عندما اندلع القتال بين القبارصة الأتراك فى الشمال والقبارصة اليونانيين فى الجنوب.
وأضافت الوكالة أن قبرص تم تقسيمها بالكامل عام 1974 بعد أن استولت تركيا على الثلث الشمالى للجزيرة، إثر انقلاب قام به أنصارها مع اليونان.
لكن الدولة القبرصية التركية الانفصالية فى الشمال، معترف بها فقط من قبل أنقرة، التى تواصل نشر قواتها هناك.

رابعًا: ماذا كان رد فعل تركيا على إنشاء منتدى غاز شرق المتوسط؟

يعارض المسؤولون الأتراك استغلال جمهورية قبرص، لموارد الغاز دون اتفاق على تقاسم العائد مع القبارصة الأتراك.
وعلاوة على ذلك، يقول المسئولون فى أنقرة، إن أى مشروع للطاقة فى المنطقة ليست لديه فرصة للبقاء دون مشاركة تركيا.
واستشهد المسئولون الأتراك بأن أقصر طريق لخط أنابيب الغاز من المنطقة إلى أوروبا سيخترق المياه الإقليمية لأنقرة.

 تركيا

خامسًا: ماذا فعلت تركيا؟

استخدمت تركيا سفنها الحربية للتدخل فى استكشاف الغاز. وبالفعل منعت السفن التركية فى عام 2018 سفينة تعاقدت معها شركة «إيني» الإيطالية من الاقتراب من موقع العمل قبالة سواحل قبرص.
ونشرت تركيا، سفن حفر تم شراؤها حديثًا للبحث عن الغاز فى المنطقة، حيث تقوم سفينة تدعى «الفاتح» بالتنقيب فى المياه الواقعة تحت شبه جزيرة كارباس، القبرصية بموجب اتفاق مع القبارصة الأتراك.

سادسًا: كيف تطالب كلا البلدين بحقوق الحفر؟

ذكرت «بلومبرج» أنه بموجب اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار، تحتفظ الدول الساحلية بمنطقة اقتصادية خالصة تصل إلى 200 ميل بحرى من سواحلها ،و يحق لها التمتع بحقوق الصيد والتعدين والحفر.
وعندما تتقاطع منطقتان، كما يحدث فى حالة تركيا وقبرص فإن الدول ملزمة بالتوصل إلى تسوية.. لكن تركيا لم تصدق على الاتفاقية.
يتطلب الأمر موقفًا غير اعتيادى يفيد بأن الدول الجزرية مثل قبرص، لا يحق لها سوى الحصول على حقوق داخل مياهها الإقليمية القانونية، التى لا تتعدى 12 ميلًا بحريًا ولذلك قدمت قبرص التماسا إلى محكمة العدل الدولية، للتدخل.

سابعًا: ما آخر التصعيدات؟

وافقت تركيا وليبيا فى ديسمبر الماضي، على صفقة ترسم خطًا بطول 18.6 ميلًا بحريًا أى ما يعادل 35 كيلومترًا، من شأنه أن يشكل الحدود البحرية لمناطقهما الاقتصادية.
وذكرت «بلومبرج» أن اليونان وقبرص ومصر ترى أن الصفقة بين أنقرة وليبيا محاولة تركية وقحة للهيمنة على شرق البحر المتوسط.
يأتى ذلك فى الوقت الذى تتعارض فيه ليبيا أيضًا مع اليونان، بسبب تراخيص التنقيب البحرية التى أصدرتها أثينا للمياه جنوب جزيرة كريت اليونانية الواقعة بين أنقرة وطرابلس .
وقال الرئيس التركى رجب طيب أردوغان، إن الاتفاق مع ليبيا سيمكننا من القيام بأنشطة استكشاف مشتركة فى البحر المتوسط.

ثامنًا: ما رد فعل الدول الأخرى على الاتفاق بين تركيا وليبيا؟

قالت الولايات المتحدة إنها تشعر بقلق عميق إزاء استكشافات الغاز التركية فى المياه قبالة قبرص، وحثت تركيا على وقفها.
واستجاب الاتحاد الأوروبي، لهذه العمليات من خلال تجميد معظم الاتصالات رفيعة المستوى مع تركيا وخفض تدفق الأموال إلى أنقرة ويدرس فرض عقوبات أيضًا.
واتهمت تركيا حلفاءها الغربيين بالوقوف إلى جانب قبرص، فى حين تعهدت أنقرة بمواصلة استكشافاتها، ما يدل على رغبتها فى لعب دور مستقل بشكل متزايد فى السياسات الإقليمية.

لمتابعة أخر الأخبار والتحليلات من إيكونومي بلس عبر واتس اب اضغط هنا

الأكثر مشاهدة

النفط يصل لأعلى مستوياته منذ شهر وسط توقعات بارتفاع الطلب

استقرت أسعار النفط اليوم الخميس لتقترب من أعلى مستوى في...

رئيس الوزراء: 27% انخفاضا في أسعار السلع الأساسية حتى الآن

تراجعت أسعار السلع الأساسية في السوق المحلية، التي تتضمن الزيت...

منطقة إعلانية