طرأت تغيرات جذرية على الإنفاق الاستهلاكى للمصريين، منذ تحرير سعر الصرف فى نوفمبر 2016، حيث تأثرت به كافة السلع سواء مستوردة أو محلية.
فالقرار دفع الشركات إلى إعادة ترتيب حساباتها بما يتناسب مع التغيرات الجديدة غير المعتادة على السوق الذى يعد أكبر سوق استهلاكى فى منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا.
واتجه بعض المستوردين إلى التصنيع المحلى لتوفير منتجاتهم بأسعار أقل من المستورد، فيما تسعى الشركات المصنعة لتصنيع مستلزمات الإنتاج محلياً؛ لتخفيض التكلفة.
أما المستهلكون الذين باتوا يبحثون عن المنتج ذات السعر الأرخص، فلم يتوقفوا عن البحث عن حلول توفر لهم احتياجاتهم من منطلق أفضل جودة بأقل سعر.
وفى بعض القطاعات مثل الأثاث، أصبح المنتج «العمولة» المجهز داخل ورش صغيرة، هو الحل الذى بلجأ إليه الغالبية العظمى من المستهلكين فى ظل ارتفاع الأسعار.
ويرى خبراء أن مستقبل الاستثمار فى مصر محفوف بالمخاطر في ظل انخفاض القدرة الشرائية للمستهلكين، ولذلك يجب على الحكومة التدخل لطرح مميزات جديدة جاذبة للاستثمار، وعلى الشركات أن تفتح لنفسها أبواباً جديدة لطرح منتجات جيدة بسعر منخفض بجانب التوجه بجزء كبير من إنتاجها إلى السوق الخارجي لزيادة الصادرات.
المصانع تعيد صياغة خطط الإنتاج والتسويق طبقاً للأوضاع الجديدة
عانت الشركات المحلية من تراجع ملحوظ فى مبيعاتها منذ تعويم الجنيه قبل أكثر من 3 سنوات، ما دفعها لإعداد خطط جديدة تتناسب مع انخفاض القدرة الشرائية للمستهلكين.
وتمثلت حلول الشركات فى طرح منتجات جديدة بأسعار اقتصادية، أو التحول من الاستيراد للتصنيع المحلى، أو الانتظار لانفراجة قريبة مع تراجع سعر الدولار مقابل الجنيه.
قال علاء البهى، رئيس مجلس إدارة شركة فانسى فوود للصناعات الغذائية، إنَّ اتجاه المستهلكين إلى ضغط نفقاتهم، سيفتح باباً جديداً للاستثمار فى توفير المنتجات المحلية، بدلاً من نظيرتها المستوردة.
وأوضح أن المستهلك يسعى للتغيير بطبيعته، حتى وإن وقع تحت ضغط ترشيد نفقاته.. لذلك ثمة فرصة كبيرة أمام المستثمرين للتوجه نحو المنتجات الجديدة التى كانت تتوافر من خلال الاستيراد فقط.
ورهن «البهى»، الاستفادة من الوضع الراهن بتصنيع المنتجات المستوردة بجودة مرتفعة وأسعار تتماشى مع النمط الاستهلاكى.
وتابع: «الاستثمار أصبح باهظاً جداً، ويحتاج إلى جرأة وشجاعة، والصبر على جنى الثمار، إذ إنَّ الأرباح تأتى متأخرة قليلاً.. وهناك فرصة كبيرة ظهرت مع التغيرات التى طرأت على السوق المصرى جراء برنامج الإصلاح الاقتصادى».
وأشار «البهى»، إلى أن الفترة الأخيرة، شهدت ظهور شركات محلية مُصنعة لأعلاف الأسماك، فى ظل التوسع فى إنشاء المزارع السمكية، وكذلك ظهرت فى الأسواق أطعمة للكلاب والقطط محلية الصنع بأسعار أقل من بدائلها المستوردة.
كما توجد فرصة كبيرة، لتوفير طلبات الفنادق والمطاعم الكبرى والمؤسسات العالمية التى كانت تعتمد على منتجات مستوردة. والاتجاه لخفض التكاليف سيكون تحد أمام المستثمرين الجدد.
وقال علاء السبع، رئيس مجلس إدارة شركة السبع أوتوموتيف للسيارات، إنَّ السيارات سلع باهظة الثمن، وبالتالى كانت من أكثر القطاعات تضرراً من التغيرات التى طرأت على الاقتصاد المصرى منذ عام 2011، وليس فقط قرار «التعويم» وبرنامج الإصلاح الاقتصادى.
أضاف: «قبل عام 2010، كنا نستهدف الوصول بمبيعات السيارات إلى 500 ألف سيارة سنوياً بحلول 2015.. والآن بالكاد تتراوح مبيعات السيارات بين 150 و160 ألف سيارة سنوياً منذ 2016».
وأشار إلى أن انخفاض مبيعات السيارات جاء نتيجة أن مرتبات المستهلكين لم ترتفع بالتوازى مع ارتفاع أسعار المنتجات.
وأشار «السبع»، إلى أن الشركات تعتمد على أبحاث ودراسة خاصة بها حول مبيعات السيارات التى تقل أسعارها عن 200 ألف جنيه حينما كان سعر صرف الدولار أقل من 6 جنيهات، وكذلك حين وصل سعر الدولار إلى أعلى مستوياته.
وتشمل تلك الأبحاث التغيرات التى طالت الفئة الواحدة من الموديل نفسه على مدار السنوات العشر الماضية.
وأوضح أن حركة مبيعات السيارات المستعملة لم تكن أفضل حالاً من الجديدة، إذ اضطر المستهلكون لبيع سياراتهم القديمة بأسعار مرتفعة، لتقليص الفارق الذى سيضطر لدفعه نقداً لشراء سيارة جديدة.
وقال إبراهيم إمبابى، رئيس شعبة الدخان بغرفة الصناعات الغذائية باتحاد الصناعات، إنَّ استهلاك السجائر ارتفع بعد «التعويم»، ليصل إلى نحو 85 مليون سيجارة يومياً منذ عام 2017 وحتى الآن، مقابل نحو 80 مليون سيجارة يومياً قبل 2016.
وأضاف أنه ممنوع ضخ استثمارات جديدة فى قطاع التدخين؛ نظراً إلى التزام مصر باتفاقيات دولية مع منظمة الصحة العالمية، بشأن حظر بناء مصانع سجائر جديدة.
وقال خالد إبراهيم، نائب رئيس غرفة صناعة التكنولوجيا باتحاد الصناعات، إنَّ ارتفاع الأسعار بنسبة كبيرة بعد التعويم، كان له أثر سلبى كبير على حركة المبيعات؛ لتراجع القدرة الشرائية للمستهلكين. أضاف أن تراجع المبيعات، طال كل المنتجات الإلكترونية والأجهزة المنزلية خصوصاً الذكية، مثل التليفزيونات والثلاجات والبوتاجازات. وأشار إلى وجود تحسن نسبى فى المبيعات منذ بداية العام الماضى، تأثراً بتراجع سعر الدولار والأسعار العالمية.
أكد »إبراهيم«، أن الشركات تضع فى اعتبارها بحوث الدخل والإنفاق التى يُصدرها الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء، لكنها تعتمد على إدارات بحثية خاصة بها لدراسة السوق والشرائح التى تستهدفها كل شركة.
وقال مجدى الوليلى، رئيس مجلس إدارة مجموعة الوليلى للتنمية والاستثمار، إنَّ حركة المبيعات تراجعت خلال السنوات الثلاث الماضية؛ بسبب تغير الحالة الاقتصادية لمختلف فئات المجتمع، واضطرار الأسر لتخفيض نفقاتها وترشيد احتياجاتها، لذلك على الدولة أن تتدخل لوضع آليات جديدة لدعم القطاعين الصناعى والزراعى.
وطالب بخلق مميزات تفضيلية لدعم القطاعات الإنتاجية، حيث لا يجب مساواة التجارة بالصناعة مثلاً، وذلك من خلال إصدار ما يسمى »الدولار التصديرى« أسوة بالدولار الجمركى، ويكون سعره أعلى من السعر الموجود بالبنوك، ويكون موجه للشركات المصدرة لتشجيع المُنتجين على الاتجاه للتصدير فى ظل انخفاض مبيعات السوق المحلى.
وأشار إلى أن دعم القطاع الصناعى، سيساعده على طرح أسعار أقل من الحالية، ما سيسهم فى إعادة تنشيط المبيعات، والحفاظ على استدامة معدلات استهلاك ما قبل تحرير سعر الصرف.وكشف رئيس مجلس إدارة مجموعة الوليلى للتنمية والاستثمار، أنَّ شركته تتجه لطرح نحو 100 نوع جديد من منتجاتها خلال العام الجارى، بعدة أسعار وعلامات تجارية مختلفة بما يتناسب مع جميع المستهلكين، ويسد احتياجاتها بالأسعار التى تناسبها.
وأكد »الوليلى«، أن تنويع محفظة دخل الشركة من خلال الاستثمار فى تصنيع عدة منتجات بات ضرورة للتغلب على تقلبات السوق، وهو ما دفعهم مؤخراً للاتجاه نحو الصناعات المتعلقة بالتمور، إذ إنه مجال واسع، ويحظى باهتمام خاص من الدولة، خصوصاً بعدما شدد الرئيس عبدالفتاح السيسى على ضرورة الوصول إلى نحو 5 ملايين نخلة فى مصر خلال المرحلة المقبلة.
وقال فتح الله فوزي، رئيس لجنة التشييد والبناء بجمعية رجال الأعمال المصريين، إنَّ السوق العقارى شهد حركة ملحوظة عقب التعويم مباشرة، وإقبالاً على الشراء من جانب المستهلكين، بهدف الحفاظ على قيمة مدخراتهم.
وأوضح أن المصريين طوال الـ40 عاماً الماضية، كان ينظرون للعقارات على أنها مخزن للقيمة، خصوصاً غير القادرين على الاستثمار فى مجالات أخرى، ولا يتجهون لتسييلها قبل مُضى نحو 5 أو 10 سنوات على شرائها، لتمر بدورة كاملة ترفع من سعرها ضعفين أو ثلاثة أضعاف.
وأشار، رئيس لجنة الصناعة بجمعية رجال الأعمال المصريين، إلى أن السوق شهد ظهور منتجات اقتصادية جديدة تتناسب مع متغيرات الحالة الاقتصادية الجديدة للمستهلك.
وأضاف أن كل شركة تعتمد على الأبحاث التسويقية الخاصة بها، ولا تنظر إلى دراسات الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، إلا فى الإحصاءات العامة، خصوصاً أن كل شركة تحتاج إلى دراسات خاصة بطبيعة المستهلك المستهدف وقدراته المالية والمنتجات التى تناسبه.
وقال فتحى الطحاوى، نائب رئيس شعبة الأدوات المنزلية بغرفة القاهرة التجارية، إنَّ هناك تغيراً ملحوظاً فى السلوك الإنفاقى للمستهلكين منذ التعويم، حيث شهد تراجعاً كبيراً خلال السنوات الماضية.
وأضاف: «بالنسبة لأطقم البورسلين، بدلاً من شراء 160 قطعة، أصبح التوجه نحو 110 قطع. وفى أطقم حلل التيفال، بدلاً من شراء الأطقم الـ14 قطعة، توجهوا إلى الـ9 قطع فقط.. والبعض توجه للقطع الفردية وليس أطقم كاملة».
وأشار «الطحاوى»، إلى أن التوجه لإنشاء مدينة الأدوات المنزلية بالمنيا، كان ضرورة لمواجهة التغير الذى طال السوق المحلى، فالمنتجات المستوردة ارتفع سعرها بشدة نتيجة ارتفاع سعر الدولار بعد تحرير سعر السرق، بالإضافة إلى القيود الشديدة التى تم وضعها على الواردات، حتى أصبح التوجه للتصنيع ضرورة، خصوصاً فى منتجات، البورسلين المنزلى، والألومنيوم، والزجاج.
وقال طارق صادق، مدير عام مصانع سيراميكا رويال، إنَّ تراجع المبيعات عقب تحرير سعر الصرف بسبب ارتفاع سعر الدولار، كان له أثر إيجابى، وهو الاتجاه لتصنيع بعض المنتجات المستوردة محلياً فى السوق المحلى.
وأضاف أن ارتفاع تكلفة التصنيع، كان لها شق سلبى على التصدير، إذ إنَّ بعض الدول التى كانت أسواقاً مهمة لمصر، اتجهت للتصنيع المحلى، ومنها السعودية.
وأوضح أن التكلفة الصناعية لمنتج السيراميك تأثرت بعدة عوامل، منها ارتفاع سعر المكون الأجنبى الذى يمثل نحو %35 من تكلفة التصنيع، واحتساب سعر الغاز بـ7 دولارات ثم 5.5 دولار لكل مليون وحدة، رغم أن السعر العالمى 2.8 دولار، فضلاً عن ارتفاع أسعار الكهرباء والمياه.
وأشار إلى أن العديد من الشركات المصنعة للسيراميك، اضطرت لتخفيض طاقتها الإنتاجية خلال الفترة التى شهدت ارتفاعاً فى التكلفة؛ لذلك إذ حدث تحسن فى حركة المبيعات مستقبلاً، فلن يتم ضخ استثمارات جديدة، ولكن ستعود للعمل بكامل طاقة المصنع الإنتاجية.
ولفت »صادق«، إلى أن متوسط الدخل هو المؤشر الحقيقى لاتجاهات السوق، خصوصاً أن المكون الأهم فى شرائح المستهلكين هو أفراد الطبقة المتوسطة.
وقال رفيق عباسى، رئيس شعبة المصوغات الذهبية بغرفة الصناعات المعدنية باتحاد الصناعات المصرية، إنَّ السوق شهد حركة مبيعات كبيرة منذ 2009، وصلت ذروتها فى 2011، وما زالت مستمرة حتى الآن، إذ اتجه المنتجون إلى تصدير الذهب بدلاً من استيراده كسابق الحال منذ نحو 15 عاماً.
وأوضح أن الذهب الذى يتم بيعه من جانب المستهلكين سنوياً فى مصر يبلغ نحو 100 طن، يتم إعادة إنتاج نحو 30 طناً ويُصدر نحو 70 طناً، فى حين كان يتم إنتاج نحو 300 طن سنويا منذ 15 عاماً، وكنا نستورد 200 طن لتلبية احتياجات السوق.
وأشار إلى أن %80 من مبيعات الذهب فى مصر تعتمد على الطبقة المتوسطة، لذلك لن تتحسن مبيعاته إلا بتحسن أوضاع تلك الطبقة.
وقال حسن مبروك، رئيس شعبة الأجهزة الكهربائية بغرفة الصناعات الهندسية باتحاد الصناعات، إنَّ الشركات اتجهت منذ تحرير سعر السرف قبل حوالى 3 سنوات، إلى صناعة موديلات جديدة اقتصادية تناسب انخفاض الإنفاق الاستهلاكى للمصريين.
وأضاف أن الشريحة الأعلى التى كانت تتجه لشراء المستورد اتجهت لتلبية احتياجاتها من المنتجات البديلة محلياً.
وأشار «مبروك»، إلى إضافة نحو 25 موديلاً جديداً بالأسواق منذ التعويم، كى تناسب مع الفئات المتوسطة ومحدودة الدخل، بمتوسط موديلين فقط من كل صنف، ولم تضطر الشركات إلى ضخ استثمارات جديدة؛ لأنه تمت تلبية احتياجات السوق بواسطة خطوط الإنتاج القائمة بالفعل.
وأكد رئيس شعبة الأجهزة الكهربائية بغرفة الصناعات الهندسية باتحاد الصناعات أن كل شركة لها أبحاثها الخاصة ولا تعتمد على أبحاث «المركزى للتعبئة والإحصاء»؛ لأن أبحاثه تصدر متأخرة.
تراجع الاستهلاك يؤثر سلباً على الاستثمارات المباشرة
يرى خبراء، أن انخفاض الإنفاق الاستهلاكى سيؤثر سلباً على جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، خلال السنوات المقبلة، إذ إنَّ السوق المصرى يتميز بكونه أكبر سوق استهلاكى فى منطقة الشرق الأوسط. وأى تغير فى تلك السمة سيفقده ميزته الأساسية، لذلك على الحكومة أن تكثف مجهوداتها لخلق مميزات جديدة.
قالت الدكتورة عالية المهدى، عميدة كلية الاقتصاد والعلوم السياسية الأسبق، إنَّ انخفاض الإنفاق الاستهلاكى للمصريين، سيؤثر سلباً على جذب الاستثمارات الكبيرة فى المستقبل سواء المحلية أو الأجنبية.
وأوضحت لـ«البورصة»، أن عامل الجذب الأبرز للاستثمار فى مصر هو حجمها كأكبر سوق استهلاكى فى منطقة الشرق الأوسط، وتراجع النمو الاستهلاكى فى مصر، بالطبع سيؤثر سلباً على جذب استثمارات جديدة أو حتى توسعات بالمشروعات القائمة بالفعل.
وبحسب أحدث بحوث الدخل والإنفاق الصادرة عن الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء، فإنَّ متوسط الاستهلاك الفعلى السنوى للأسرة المصرية، بحسب الأسعار الثابتة، حقق تراجعاً من 36.7 ألف جنيه خلال 2015 إلى 33.1 ألف جنيه خلال (2017/2018)، بنسبة انخفاض بلغت نحو %9.7. (يتم حساب الأسعار الثابتة لسنة 2015).
وعند حسابها بالأسعار الجارية، نجدها حققت ارتفاعاً من 36.7 ألف جنيه خلال 2015 إلى 52.6 ألف جنيه خلال (2017/2018)، بنسبة ارتفاع بلغت نحو %43.6.
وأكدت المهدى، أن ذلك سيتسبب فى عدم القدرة على خلق فرص عمل جديدة، وهو الهدف الرئيسى من استقطاب الاستثمارات بمختلف أنواعها. لذلك فإنَّ الحكومة ملزمة خلال الفترة المقبلة بتذليل كل العقبات أمام كل أنواع الاستثمار المحلية والأجنبية والكبيرة والصغيرة.
وأشارت إلى أن ذلك لن يتم إلا من خلال دراسة مشكلات كل نوع من الاستثمار على حدة، إذ إنَّ المشكلات التى تواجه الاستثمارات الكبيرة تختلف عن مشكلات الاستثمارات الصغيرة.
واقترحت «المهدى»، تيسير الإجراءات أمام مختلف المستثمرين الجدد، وتوفير الطاقة بالأسعار العالمية لتخفيض التكاليف الصناعية وخلق عناصر جذب جديدة داخل مصر، فضلاً على تيسير إجراءات الحصول على أراضٍ بأسعار رخيصة.
وبحسب الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، فإنَّ متوسط صافى الدخل السنوى للأسرة (بالأسعار الثابتة)، حقق تراجعاً من 44.193 ألف سنوياً فى عام 2015 إلى نحو 35.839 ألف جنيه خلال (2017-2018)، بنسبة %18.9.
أما عند احتسابه بالأسعار الجارية، فإنَّ الدخل حقق ارتفاعاً من 44.193 ألف جنيه خلال 2015، إلى 58.854 ألف جنيه خلال (2017- 2018)، بنسبة ارتفاع %33.2.
وقال محمد أبوباشا، كبير محللى الاقتصاد الكلى فى «هيرميس»، إنَّ السوق المصرى يتسم بكونه مستهلكاً، ولا يعتمد على التصدير بصورة كبيرة، لذلك تعتمد الشركات على مبيعاتها داخل مصر، وتتأثر سلباً بتراجع الإنفاق الاستهلاكى بها.
أضاف «أبوباشا»، أن مبادرات البنك المركزى الأخيرة كان الهدف الرئيسى منها هو تنشيط الاستهلاك والمبيعات ودعم المصانع، ولكن تأثير هذه المبادرات محدود، ولن يتجاوز فترة سريانها.. لذلك على الشركات التوجه لحلول توفر لها استدامة الإنتاجية.
وأطلق البنك المركزى، خلال ديسمبر الماضى، عدة مبادرات لدعم الاقتصاد المصرى أبرزها، مبادرة لدعم الصناعة، خُصص لها نحو 100 مليار جنيه لتمويل رأس المال العامل وشراء آلات ومعدات بفائدة %10 متناقصة.
ومدد البنك، سريان مبادرة دعم السياحة حتى نهاية 2020 والتى كان مقرراً لها أن تنتهى بنهاية 2019، وزاد قيمتها من 5 مليارات جنيه إلى 50 مليار جنيه، ومبادرة التمويل العقارى المتوسط والتى خُصص لها نحو 5 مليارات جنيه، بفائدة %10 متناقصة لمدة 20 عاماً.
وأوضح «أبوباشا»، أنَّ الحل أمام الشركات لزيادة مبيعاتها هو خلق فرص تصديرية لها، ما يتطلب منها زيادة إنتاجيتها، وتوفير فرص عمل جديدة، وكذلك زيادة المرتبات، بما ينتج عنه أيضاً زيادة الدخل من العملة الصعبة للشركات والدولة ككل.
وكان البنك المركزى، قرر زيادة نسبة إجمالى أقساط القروض الشخصية والبطاقات الائتمانية والقروض بغرض شراء سيارة للاستخدام الشخصى، ليصبح حدها الأقصى %50، مقابل %35 من مجموع الدخل الشهرى، متضمنة القروض العقارية للإسكان الشخصى، عن %40 من مجموع الدخل الشهرى.
وأكد أنه حال نجحت الشركات الإنتاجية فى تعويض تراجع المبيعات محلياً من خلال زيادة المبيعات الخارجية، ستتعافى بشكل كبير، خصوصاً أن عودة الإنفاق الاستهلاكى محلياً بمعدلاته السابقة قبل التعويم، لن يحدث بين ليلة وضحاها، ولكن سيحتاج لفترة طويلة.
وقالت بسنت فهمى، عضو اللجنة الاقتصادية بمجلس النواب، إنَّ السوق المصرى يعانى من حالة ركود شديدة، وأكبر دليل على ذلك مبادرات البنك المركزى المتتالية لتنشيط القطاع المختلفة، سواء القطاع العقارى أو الصناعى أو السياحى وكذلك مبادرة القروض الشخصية.
وأضافت «بسنت»، أن السبب الرئيسى وراء حالة الركود التى حلت بالسوق المصرى، هو تغير مستوى المعيشة لمختلف الفئات المصرية بعد إجراءات الإصلاح الاقتصادى التى تتبعها الحكومة منذ 2016.
وتابعت: «لم يعد الإنفاق الاستهلاكى للمصريين هو المحور الأهم لجذب استثمارات أجنبية ومحلية جديدة خلال السنوات المقبلة، بل جد علينا متغير جديد وهو التوترات السياسية التى تعيشها منطقة الشرق الأوسط».
وتابعت: «الاقتصاد المصرى ككل فى وضع حرج، فى ظل تلك التغيرات، ما سيؤثر على توجهات رؤوس الأموال العالمية، بل إنها ستدخل فى حالة ترقب حسب مؤشرات استمراريت تلك الأوضاع».
وأشارت «فهمى»، إلى أنه أصبح واجباً على الدولة دعم المشروعات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة خلال المرحلة المقبلة، وتوجيه كل مجهوداتها واهتمامها نحو ذلك القطاع.
وأوضحت أن ذلك القطاع يمثل قاعدة الهرم، التى توفر فرص عمل حقيقية حتى وإن كانت ستوفر مصدر دخل لأسرة واحدة، وهو مطلوب فى ظل هذه الظروف المتوترة، التى يصعب خلالها جذب استثمارات كبرى أجنبية ومحلية أيضاً.
كيف تعايشت الأسر بعد التعويم؟
اضطرت الأسر المصرية لمُضاعفة إنفاقها بعد تحرير سعر الصرف، لمواكبة الزيادة فى أسعار الطعام والملابس وفواتير الكهرباء والغاز، والانتقالات.
كما تخلت الأسر عن نفقات الترفيه لصالح الاحتياجات الأساسية المتزايدة، كما لم تعد هناك أموال يمكن ادخارها.
3 قصص تروى كيف تعامل المستهلكين مع زيادة الأسعار فى ظل ثبات الدخل بعد التعويم.
القصة الأولى لفتاة مغتربة بالقاهرة تدعى «إيناس»، وهى مستقلة ماديًا عن أسرتها وتعمل مراجعة لغوية، تقول إنها منذ تحرير سعر الصرف قبل حوالى 3 سنوات، اضطرت إلى مضاعفة إنفاقها تقريبا ولم تعد أمامها أى فرصة للادخار، كما كان الحال قبل التعويم.
وأوضحت أن ميزانيتها عندما دخلت سوق العمل واستقلت ماديًا عن أسرتها فى 2012، كانت تصل إلى 1000 جنيه، تكفى لسداد إيجار شقة (مكونة من غرفة واحدة كبيرة وحمام ومطبخ)، وسداد فواتير الكهرباء والغاز ومصاريف انتقالاتها، وكانت إعانات الأسرة لها بين الحين والآخر، توفر احتياجات أخرى سواء شراء الملابس أو أجرة الأطباء وتكاليف الأدوية.
وأشارت إلى أن أول تغيير فى تلك الميزانية كان خلال النصف الثانى من 2015، وبداية 2016، إذ اضطرت لمضاعفة تلك الميزانية إلى 2000 جنيه، بسبب ارتفاع أسعار الطعام والملابس والأدوية والانتقالات.
وأضافت أن ذلك تزامن مع توقف الإعانات المادية من الأسرة وتحولها لإعانات عينية على هيئة مأكولات تُعدها أمها لها عند زياراتها، لكن تلك الوجبات لم تكن تكفى إلا 3 أيام.
وعقب التعويم وخصوصًا بنهاية 2017 ومطلع 2018، ارتفعت ميزانيتها تدريجيًا حتى وصلت إلى 4000 جنيه، تشمل الإيجار بـ 600 جنيه وفواتير الكهرباء والغاز 200 جنيه، والتليفون والإنترنت 300 جنيه، والطعام 800 جنيه والانتقالات 500 جنيه، فضلا عن المصروفات الخاصة بالملابس والرعاية الصحية، والتى باتت باهظة جدًا، وتلتهم أحيانا نصف الميزانية كاملة.
وتابعت: «لم يعد فى وسعى توفير أية مدخرات، ولا حتى مصروفات للرفاهية وزيارة سينما أو مسارح أو رحلات ترفيهية».
القصة الثاني لامرأة عاملة ومتزوجة ولها طفلة تدرس فى المرحلة التمهيدية، تدعى «شيماء»، قالت إنه قبل التعويم وتحديدًا فى 2014 و2015، كان جزء كبير من راتب زوجها يكفى لإدارة البيت بما فى ذلك بنود الرفاهية مثل المصيف والسينما والملاهى لطفلتها الصغيرة.
وأضافت : «2000 جنيه كانت كافية لكل شىء، حتى مصروفات الرعاية الصحية، وحتى عندما بدأت أسعار الدولار فى الارتفاع كان هذا المبلغ كافى لسد احتياجات المنزل بالتخلى عن بعض بنود الرفاهية أحيانًا، أو استبدال المنتجات بالأوفر أو الأرخص، لكن بعد التعويم وحتى الآن، طرأ تغيير كبير على الأسرة، حتى أصبح راتبى وراتب زوجى مجتمعين غير قادرين على سد احتياجات المنزل، وبالكاد نغطى بنود الإيجار وفواتير الغاز والكهرباء والهاتف والإنترنت والطعام والانتقالات، ولم تعد هناك فرصة لتوفير مدخرات».
وأشارت إلى أن أى مصروفات خارج تلك البنود تتحول إلى مديونيات، وبالكاد توفر كسوة لطفلتها، وتضطر لشراء ملابس جديدة كل موسم، نظرًا لكونها فى مرحلة نمو، أما الأب والأم، فيكتفيان بالملابس الموجودة لديهم من المواسم السابقة.
القصة الثالثة لربة منزل غير عاملة، تدعى منى، وزوجها مغترب فى دولة عربية، تقول إنها تعيش فى شقة تمليك، ومصروفات البيت تصل إلى 1500 – 1700 جنيه رغم أنها تعيش بمفردها، ولا تشترى سوى احتياجات فرد واحد من الطعام والانتقالات وفاتورة الهاتف والإنترنت إلى جانب كروت الشحن الكهرباء وأنبوبة الغاز.
وأضافت : «إذا احتجت شراء ملابس جديدة أو زيارة طبيب أو شراء أدوية احتاج لميزانية جديدة خارج الميزانية الأساسية التى لا تكفى أى بنود إضافية، بينما يتوجه دخل زوجها إلى شقين، الأول مصروفات المنزل، والثانى لسداد أقساط الأجهزة الكهربائية التى اشتروها بالتقسيط.
شركات تتحول من الاستيراد للتصنيع
«مصائب قوم عند قوم فوائد».. رغم من حالة الركود التى تجتاح العديد من المنتجات لارتفاع سعرها، ظهر طريق جديد فى الأفق أمام الشركات المستوردة للتحول نحو التصنيع المحلى.
حتى المصانع القائمة بالفعل، ظهرت أمامها فرصة جديدة لتصنيع منتجات كانت تتوافر عبر الاستيراد فقط.
قال زكريا على، رئيس مجلس إدارة شركة إليجانت بلاست، إنه بدأ إنشاء مصنعه داخل مجمع مرغم للبلاستيك فى 2017، وصدَّر أول منتجاته فى 2018.
وأضاف لجريدة «البورصة»، أنَّ مصنعه متخصص فى صناعة العبوات الدوائية البلاستيكية، وكذلك عبوات مستحضرات التجميل، خصوصاً أن التعويم، تسبب فى تضاعف سعر المنتج المستورد، وخلق تعطشاً فى السوق نحو البديل المحلى لكل شىء مستورد.
أشار «زكريا»، إلى أن كبرى شركات الأدوية ومستحضرات التجميل تبحث عن المستلزمات المحلية لخفض تكلفتها وتنشيط مبيعاتها.
وقال مدحت رزيق، رئيس مجلس إدارة الشركة الهندسية الطبية، إنه أنشأ مصنع متخصص فى صناعة الجلوكوز والملح باستثمارات 100 مليون جنيه؛ فى ظل النقص الشديد الذى عانى منه السوق فى هذين المنتجين عقب التعويم.
أضاف أن المصنع يستهدف تلبية %10 من احتياجات السوق المحلى من الملح والجلوكوز، وسيعتمد فى صادراته على منتجات أخرى مثل بخاخات الربو وخيوط الجراحة؛ نظراً إلى منع تصدير الجلوكوز والملح؛ بسبب العجز فى السوق المحلى.
وقال سامر السيد، المستشار المالى، لشركة بولو إيجيبت، المتخصصة فى صناعة الأدوات الصحية، إنَّ الشركة تحولت من الاستيراد للتصنيع، بعد التعويم، وما صاحبه من تضييق الخناق على الواردات، لتوفير المنتجات المستوردة محلياً، بتكلفة استثمارية بلغت نحو 4 ملايين جنيه.
لكن سرعان ما اصطدم المصنع بعدة عقبات أبرزها، ارتفاع أسعار الطاقة، وكثرة المصاريف الإدارية.
وأضاف: «رغم ارتفاع تكلفة التصنيع، فإنه يظل أوفر من الاستيراد، حيث تعانى الواردات من رسوم جمركية مرتفعة، وإجراءات تسجيل المصانع المُصدرة لمصر».
وقال تامر أحمد، عضو مجلس إدارة شركة مكة ستيل لتشكيل المعادن، إنَّ ارتفاع سعر الدولار عقب التعويم، دفعه للتصنيع المحلى بدلاً من الاستيراد، لتوفير منتجات منخفضة السعر تناسب الحالة الاقتصادية الجديدة للمستهلك.
وقال محمد ناجى، المدير العام لشركة المتحدة للمشروبات والأغذية، الوكيل الحصرى لعلامة سينابون الأمريكية فى مصر، إنَّ الشركة تستهدف تخفيض وارداتها واستبدالها بمنتجات محلية الصنع، من خلال مصنع تابع لها؛ لتدبير مستلزمات الإنتاج بنفس جودة المستورد.
«العتبة».. ملتقى الهاربين من جحيم الأسعار
تبدو منطقة العتبة فى قلب القاهرة، وكأنها اقتصاد مستقل بذاته، ومقسم حسب تمركزات كل قطاع سلعى.
ثمة منطقة مخصصة للملابس، وأخرى للمفروشات، وثالثة للنجف والأثاث، ورابعة للأدوات المنزلية والكهربائية، وهكذا.
وظلت العتبة، ملاذاً لأبناء الطبقة المتوسطة على مدى عقود، لتوفير احتياجاتهم بأسعار منخفضة، مقارنة بالمعروض فى المتاجر المختلفة.
ومنذ قرار تعويم الجنيه، ورغم إجماع التجار هناك على تراجع حركة البيع، فإنَّ الملاحظ ظهور فئات جديدة فى هذه الأسواق تسعى للاستفادة من فارق الأسعار الذى لم يعد بسيطاً.
جولة فى منطقة التجارة الأشهر بالقاهرة
الحاج جمعة، عامل فى محلات أباظة المتخصصة فى بيع الستائر وأقمشة التنجيد، بمنطقة العتبة، يقول: «قبل ارتفاع الدولار، كنا نبيع للزبون الواحد ما لا يقل عن 50 متراً من أقمشة الستائر والتنجيد يوميًا، خصوصاً للعرائس.. واليوم بالكاد نبيع 20 متراً».
ويُضيف: «الزبون اتغير، وأصبح يكتفى بالقليل بسبب ضغوط المعيشة، ولا ينطبق ذلك على المستهلك البسيط أو المتوسط فقط.. بل امتد أيضاً للمستهلكين ميسورى الحال الذين كنا نسميهم واجهة المجتمع؛ لأنهم أصبحوا يفاصلون فى الأسعار بشدة، رغم أن منتجاتنا أرخص كثيراً من نظيراتها فى الأماكن الراقية».
ويُشير «جمعة»، إلى ارتفاع الطلب خلال الفترة الحالية على أقمشة التنجيد؛ نظراً إلى اتجاه المستهلكين منذ سنوات التعويم إلى تفصيل الأثاث بدلاً من شرائه تام الصنع، للهروب من ارتفاع الأسعار.
وقال وائل فهمى، صاحب مصنع صغير لإنتاج الأثاث الراقى، إنَّ معظم الطلبيات يتلقاها حالياً من عملاء يقطنون بالأماكن الراقية، ومنها مدن الرحاب والشيخ زايد والتجمع الخامس بالقاهرة الجديدة، كما يتلقى طلبات من فيلات وشقق دوبلكس كبيرة.
وبدأ «فهمى» مشروعه عام 2017، عندما قرر إنتاج الأثاث الراقى فقط، المودرن والإستيل، وتنفيذ التصميمات التى يطلبها العميل، بجودة مرتفعة، ولاقى مشروعه نجاحاً ملحوظاً.
ويوضح «فهمى»، أنه بدأ مشروعه لاستهداف المستهلك الراقى منذ اللحظة الأولى، وهو ما دفعه لاستخدام أجود الخامات المتوفرة بالسوق، والتخصص فى نوعية الأثاث المودرن والإستيل.
وفى شارع الغورية، يقع العديد من المتاجر المتخصصة فى المفروشات بمختلف أنواعها، ويتوافر أغلى تلك المنتجات لدى السوريين؛ نظراً إلى اتجارهم فى منتجات تركية الصنع.
وتستقبل المتاجر، عادة المستهلك المتوسط وفوق المتوسط غالباً، فى حين يتوجه محدودو الدخل والفقراء إلى الباعة المتجولين.
يقول بائع مفروشات يدعى الحاج عصام: «كنا نعتمد على تجهيزات العرائس فى مبيعاتنا.. وكنا نبيع بالدستة من كل نوع، الآن لا يشترى المستهلك سوى 6 قطع، وفى بعض الأحيان أقل من ذلك بسبب ارتفاع الأسعار.. ومحدش بقى يشترى كتير.. الدنيا واقفة».
بنهاية الشارع، توجد متاجر متخصصة فى بيع الملابس المنزلية «البيجامات»، أغلبهم تجار جملة ويبيعون قطاعى بأسعار الجملة، إذ يعتمدون على تجهيزات العرائس؛ نظراً لانخفاض أسعارهم، مقارنة بالمحلات خارج «الغورية».
يقول أحمد عادل، تاجر جملة للملابس المنزلية، إنه يستقبل يومياً نوعين من الزبائن، إما مستهلكين عاديين يبحثون عن المنتجات التى يرونها فى المولات الكبرى بأسعار رخيصة، وإما تجار «أون لاين» يعتمدون فى بضاعتهم على تجار الغورية.
ويوضح: «لم نعد نعتمد على البيع للمستهلك العادى.. بل أصبح تجار الأون لاين والمحلات الصغيرة فى المناطق الشعبية هم مصدر دخلنا».
ويُضيف «عادل»، إنهم يعتمدون فى تدبير منتجاتهم على المصنع مباشرة للوصول لأقل الأسعار فى ظل وصول سعر «البيجامة» الواحدة إلى 300 ـ 400 جنيه.
أما فى منطقة درب البرابرة الشهيرة ببيع النجف، فالتقينا واحدة من الزبائن تدعى مى سعيد، فقالت إنها لجأت لشراء النجف ووحدات الإضاءة من العتبة للهروب من الأسعار المبالغ فيها فى متاجر أخرى، إذ إنها وجدت أن الأسعار بالعتبة أقل بنحو النصف تقريباً، رغم عدم وجود أى فارق بينهما، سواء فى بلد المنشأ أو خامات التصنيع أو الموديلات.
ويقول رامى محمد، تاجر نجف فى درب البرابرة، إنَّ المستهلك لم يعد يُقبل على النجف النحاس كما كان معتاداً سابقاً، بل أصبح التوجه للنجف المودرن. ولعل انخفاض أسعارها مقارنة بالنحاس أسهم فى انتشارها.
ويُضيف «محمد»، أنَّ أسعار النجف النحاس تبدأ من 1500 جنيه للثلاث أذرع، وتصل حتى 5 آلاف جنيه للثمانى أذرع، مشيراً إلى ضعف المبيعات بشكل عام إذ يعتبرها بعض المستهلكين رفاهية.
كما يتجه مالكو النجف القديم إلى تجديده وإصلاحه بدلاً من شراء جديد.
ويوضح «محمد»، أنه يتلقى طلبيات من أصحاب فيلات فى الأماكن الراقية، لتفصيل نجف بمواصفاتهم الخاصة، يتناسب مع الديكورات؛ هروباً من الأسعار الباهظة فى المتاجر ذات الماركات الشهيرة.
ويقول محمد النجار، شريك فى أحد المحلات بمنطقة الموسكى، إنه قرر الاتجاه للاتجار فى الملابس الأقل جودة وسعراً، لتنشيط مبيعاته، إذ لم يعد المستهلك يأبه بالجودة، ولكنه يبحث عن الأرخص فحسب.
ويُضيف: «خلال موسم الصيف الماضى، تاجرت فى ملابس صيفية متوسطة الجودة، وكان سعرها أرخص من نظيراتها فى المحلات الكبرى، ولكنها كانت أغلى من الأسعار المتداولة فى العتبة، لذلك أصبتُ بالركود ولم أتمكن من بيع أكثر من نصفها».
لمتابعة أخر الأخبار والتحليلات من إيكونومي بلس عبر واتس اب اضغط هنا