يتوقع محللون أن تخفض الحكومة المصرية أسعار الغاز الطبيعي للمصانع خلال الربع الأول من العام وسط تخمة معروض بعد تحقيق الاكتفاء الذاتي وتهاوي الأسعار العالمية للغاز إلى مستويات غير مشجعة للتصدير، وفقا لتقرير أعدته وكالة رويترز.
تبيع مصر الغاز إلى مصانع الاسمنت، التي يتكبد أغلبها خسائر فادحة، بسعر ستة دولارات للمليون وحدة حرارية، وبسعر 5.5 دولار لصناعات الحديد والصلب والألومنيوم والنحاس والسيراميكك التي تعاني هي الأخرى من مشكلات مالية ويتكبد أغلبها خسائر أيضا.
وقد يسهم خفض تكلفة الغاز في انتشال تلك الشركات من أزمتها في وقت تسعى فيه مصر جاهدة لإنعاش القطاع الخاص غير النفطي من أجل تدعيم معدلات النمو وخلق فرص العمل.
وتوقعت رضوى السويفي، رئيسة البحوث في بنك الاستثمار فاروس، خفض أسعار الغاز للمصانع خلال الربع الأول، قائلة “الحكومة تتحدث عن ضرورة إنقاذ الصناعة، كيف سينقذونها؟”.
وأضافت “الأسعار العالمية ليست بيد أحد وسعر الصرف يقوى لدينا. ليس أمامهم غير خفض التكلفة بتقليل أسعار الكهرباء والغاز… نهوض الصناعة من جديد في مصر أهم من تصديره للخارج وسط تدني أسعاره”.
ويتجاوز إنتاج مصر من الغاز الطبيعي سبعة مليارات قدم مكعبة يوميا واستهلاكها المحلي بين 6.2 و6.4 مليار قدم مكعبة يوميا.
وبلغ متوسط سعر الغاز العالمي أقل من دولارين لكل مليون وحدة حرارية بريطانية في نهاية يناير، في حين كان متوسط سعره في 2019 نحو 2.57 دولار للمليون وحدة حرارية، نزولا من 3.15 دولار في الأربع سنوات الأخيرة.
وقال محمد أبو باشا، محلل الاقتصاد المصري في المجموعة المالية هيرميس، “المعروض من الغاز وفير جدا بمصر الآن والأسعار بأسواق التصدير ليست مغرية، وبالتالي قرار خفض أسعار الغاز محليا سيكون منطقيا… القطاع الخاص يحتاج لبعض القرارات الحكومية لتنشيطه”.
واتفق معه عمرو الألفي، رئيس البحوث في شعاع لتداول الأوراق المالية، الذي قال “تخفيض أسعار الطاقة للشركات الصناعية في مصر أصبح حتميا لتنشيط هذا القطاع الحيوي ليساعد على استمرار معدلات النمو الاقتصادية… أتوقع الخفض خلال النصف الأول من العام”.
وقالت مريم رمضان محللة القطاع الصناعي في اتش. سي لتداول الأوراق المالية إن متوسط تكلفة الغاز على الحكومة “أقل من ثلاثة دولارات لكل مليون وحدة حرارية لكنها تبيع للمصانع بأغلى من ذلك، ولذا أمامها فرصة لخفض تلك الأسعار”.
واستبعدت أن يكون لذلك أي علاقة ببدء وصول الغاز الإسرائيلي لمصر في منتصف يناير كانون الثاني ”لأنه للتصدير.“
بدأت إسرائيل توريد ما يصل إلى 200 مليون قدم مكعبة من الغاز إلى مصر التي تقول إنه لتصديره للخارج.
وأعقب ذلك تقارير صحفية عن خفض إنتاج حقل ظُهر نحو 600 مليون قدم مكعبة يوميا بسبب تراجع الاستهلاك المحلي، وهو ما لم تنفه وزارة البترول المصرية في أي بيان رسمي حتى الآن.
وقالت عبلة عبد اللطيف، المديرة التنفيذية بالمركز المصرى للدراسات الاقتصادية، “مراجعة أسعار الغاز مطلوبة لتحفيز الصناعة خاصة وأنها المصدر الأكبر لفرص العمل. لكن لا يمكن تحديد السعر الصحيح في غياب خريطة للاستثمار الصناعي مبنية علي تحليل سلاسل القيمة للصناعات المختلفة واستهداف ما تحتاجه الدولة لتعظيم التصدير وخفض الاستيراد”.
لكن عالية المهدي، رئيسة الجمعية المصرية لصناعة الحديد والصلب، قالت إن الجمعية طالبت ”بخفض أسعار الغاز للصناعة إلى 2.5 دولار للمليون وحدة حرارية.
وأضافت “التوقعات العالمية لأسعار تصدير الغاز المسال لا تتجاوز 3.5 دولار في 2020، وهو ما يعني أن الحكومة المصرية لن تتمكن من تصديره بأسعار أعلى من ذلك. لذا يتوجب عليها مراجعة أسعار بيع الغاز للصناعة المحلية”.
وألغت مصر في الربع الأخير من 2019 عددا من عطاءات بيع الغاز المسال بسبب تدني الأسعار.
وقال محمد فرج عامر، رئيس لجنة الصناعة بمجلس النواب، إن اللجنة “طالبت الحكومة بخفض أسعار الغاز للقطاع الصناعي إلى ثلاثة دولارات… أنا متأكد من أن الدولة ستساعد الصناعة لتقف على أقدمها بأسرع وقت ممكن”.
وقرر مجلس الوزراء المصري في أكتوبر الماضي مراجعة أسعار بيع الغاز الطبيعي للمصانع كل ستة أشهر بحيث لا تقل عن متوسط تكلفة إنتاج الغاز وفي ضوء تغيرات الأسعار العالمية، ولم تعلن الحكومة حينها ما متوسط سعر التكلفة للغاز الطبيعي.
ويرى هاني توفيق الخبير الاقتصادي أن “تخفيض تكلفة الطاقة للمصانع أمر حتمي لأنه مصدر الإنتاج والتشغيل… يجب أن نكف عن النظر تحت أقدامنا والنظر إلى الفوائد الاجتماعية والاقتصادية لخفض أسعار الطاقة للصناعة والتي تتمثل في التشغيل وزيادة الصادرات”.
لمتابعة أخر الأخبار والتحليلات من إيكونومي بلس عبر واتس اب اضغط هنا