يضع التفشي السريع لفيروس كورونا القادم من الصين، بعض القطاعات الصناعية في مصر أمام تحد صعب، نظرا لاعتماد هذه القطاعات بشكل كبير على المواد الخام ومستلزمات الإنتاح المستوردة من الصين.
ولا تقتصر هذه التحديات على السوق المصرية فحسب، بل إن تفشي فيروس كورونا القاتل يمتد أثره السلبي إلى الاقتصاد العالمي، بحسب ما أكدته مجموعة كبيرة من البحوث والتقارير الصادرة عن كبريات المؤسسات المالية.
ورغم بعد المسافة بين الدول العربية ومقاطعة “ووهان” الصينية، إلا أن بعض الدول لم تسلم من “كورونا”، فالإمارات والسعودية تأثرا بالوباء.
وتقول التقارير البحثية للمؤسسات العالمية، إن تأثير فيروس كورونا على الاقتصاد العالمي لم يظهر بعد، في إشارة منها إلى أن الآثار قد تطفو تباعا خلال الفترة المقبلة، إذ أن من بين القطاعات التي ستتأثر سلبا “السياحة”، فمن المتوقع أن تشهد السياحة انخفاضا كبيرا خلال النصف الأول من 2020، حال ارتفاع المخاطر المتعلقة بانتشار كورونا.
وبعد أن حققت مصر قفزة في القطاع السياحي خلال الفترة المقبلة، فمن المتوقع طبقا لبعض المختصين أن تواجه السياحة المصرية تحديا جديدا خلال العام الحالي، وقد يمتد الأمر الأمر إلى بعض القطاعات الأخرى.
ورصد استطلاع، أجراه “إيكونومي بلس” أهم قطاعات الاقتصاد المصري التي يمكن أن تتأثر باستمرار انتشار “كورونا”، وتلك التي تعتمد في ارداتها من المواد الخام على الصين خلال الفترة المقبلة، والقطاعات الأخرى التي من المتوقع أن تشهد تأثيرا هامشيا.
“كورونا” قد يمنع وصول قطع غيار السيارات الصيني إلى مصر
من جانبه، قال رئيس رابطة تجار السيارات، أسامة أبو المجد، إن انتشار فيروس كورونا في الصين، قد يؤدي إلى صعوبة الطرازات الحديثة من السيارات المصنعة في الصين إلى مصر، خلال الفترة المقبلة.
وأضاف أبو المجد، في تصريحات لـ”إيكونومي بلس” أن الصين تنتج حاليا أكثر من ثُلث سيارات العالم، ما يزيد عن 93 مليون سيارة، منها ما يتم تصنيعه في الصين، والبعض يتم تجميعه داخل مصانع تابعة لبعض العلامات غير الصينية.
وأشار إلى أن 45 % من أدوات تغذية السيارات يتم تصنيعها في الصين، وهو ما قد يشكل أزمة كبيرة خلال الفترة المقبلة، ليس في مصر فقط، بل لجميع الدول التي تستورد أدوات تغذية صناعة السيارات من الصين، نظرا لتوقف المصانع.
وحول البدائل التي قد تعوض المنتج الصيني، قال أبو المجد، إنه من الصعب حاليا إيجاد بدائل لقطع غيار السيارات صينية الصنع، موضحا أنه في حال إمكانية تطبيق ذلك، فإن الأمر قد يستغرق عدة أشهر، وهو ما قد يتسبب في أزمة لتجار قطع غيار السيارات في مصر.
توقف مصانع الصين يرفع أسعار الهواتف المحمولة
قال وكيل شعبة المحمول بالاتحاد العام للغرف التجارية، محمد المهدي، في تصريحات صحفية، إن استمرار العطلات بالصين، والتي تعد المسيطر الأكبر على سوق الهواتف الذكية عالميا، قد يؤثر على شحنات الأجهزة الواردة إلى مصر، وبالتالي قد نرى ارتفاعا في الأسعار.
وأشار في تصريحات لـ”إيكونومي بلس”، إلى ضرورة تكثيف الاستيراد من أسواق بديلة مثل الهند وتايوان وكوريا الجنوبية، ومؤكدا في الوقت ذاته على أن الأزمة الحالية تؤكد أهمية تشجيع التصنيع المحلي.
وتوقع المهدي، ارتفاع أسعار أجهزة الهواتف الذكية بنسبة 15 % تقريبا بسبب تمديد العطلات الرسمية في الصين بعد انتشار فيروس كورونا.
وتستحوذ شركات الموبايل الصينية على ما يزيد عن ثلثي سوق الأجهزة الذكية بالعالم، وكان قد بلغ إجمالي شحنات الأجهزة العالمية 2.15 مليار وحدة في 2019.
من جانبه قال إيهاب سعيد، رئيس شعبة الاتصالات بالاتحاد العام للغرف التجارية، إن استيراد أجهزة الهواتف الذكية من الصين سوف يتأثر خلال الفترة المقبلة، إذا لم تستأنف المصانع الصينية عملها نهاية الشهر الحالي، أو مطلع شهر مارس المقبل على أقصى تقدير.
وأضاف سعيد، لـ”إيكونومي بلس” أنه يجب التجار عدم الاعتماد على السوق الصيني، والبحثث عن أسواق بديلة في أقرب وقت، مشيرا إلى أن مصنع “سيكو” المصري لإنتاج الهاتف المحمول يعمل على تلبية احتياجات السوق خلال الفترة المقبلة، وسد الفجوة بين العرض والطلب، إلا أن مصنعا واحدا لا يكفي لتلبية احتياجات المستهلكين.
وطالب في الوقت ذاته بعدم الاعتماد على المنتجات المستوردة، والعمل على إحلال المنتج المحلي كبديلا لنظيره المستورد.
تأثير محدود على الأدوات المنزلية
وفي هذا السياق، قال رئيس شعبة الأدوات المنزلية بغرفة القاهرة التجارية، أشرف هلال، إنه حتى الآن لم يظهر تأثير واضح لفيروس كورونا على ورادات مصر من الصين، مشيرا إلى أن إجراءات الاستيراد حاليا تشهد بعضا من التأخير، نظرا لتعطل بعض الجهات الحكومية والمصانع في الصن.
وأضاف هلال، أنه إذا لم تلجأ السطات الصينية إلى اتخاذ تدابير وقائية عاجلة، وأكثر فاعلية لمحاصرة الفيروس وإعادة تشغيل المصانع المتوقفة، فإن الآثار الناجمة عن هذا التوقف ستكون مضرة للدول التي تستورد جزءا من مستلزمات إنتاجها المحلي من الصين، متوقعا أن تبدأ آثار فيروس كورونا في تلاشي بدءا من منتصف شهر مارس المقبل.
وأوضح رئيس شعبة الأدوات المنزلية بغرفة القاهرة التجارية، أن مصر تستورد نحو 25% من احتياجاتها من الصين، ما يعادل 15 مليار دولار، حيث تعد الصين من أكبر الدول الموردة لمصر في كل الأنشطة والقطاعات التجارية والصناعية، مشيرا إلى أن المستوردين يراقبون الوضع في الصين خلال الفترة الحالية، ولن يغامر أحد بالاستيراد.
ولفت إلى أنه قد تتعطل خطوط الإنتاج المصرية في الكثير من السلع التي تنتجها، وهو أمر ليس بالهين لكن يمكن التغلب علية بإتمام الصفقات عبر المراسلات الإلكترونية.
وأضاف، أن فيروس كورونا لن يؤثر على الحركة التجارية بين الدولتين في الوقت القصير، لكن قد يؤثر على المدى الطويل حال استمرار انتشار المرض.
وشدد هلال على ضرورة أن تستفيد مصر من هذه الأزمة، خاصة في ظل سعي الحكومة إلى دعم الصناعة المحلية، وإعادة تشغيل المصانع المتعثرة، مشيرا إلى أن تحركات الحكومة تعكس حرص الدولة على تفعيل قنوات الاتصال المباشر مع القطاع الصناعي ومجتمع الأعمال، للوقوف على جميع التحديات ووضع حلول جذرية لنمو الصناعة الوطنية.
وطالب هلال الحكومة بتوفير المزيد من الدعم المالي للشباب، خاصة أصحاب المشروعات الصغيرة والمتوسطة، قائلا “من الضروري جدا تمويل من لديهم أفكار من الشباب ولا يمتلكون المال”، موضحا أن ذلك سيحفز من إبداعهم، ويساعدهم في تحويل أفكارهم إلى مشروعات واقعية وواعدة.
صناعة الجلود بين أكثر المتضريين
من جانبه، قال رئيس غرفة صناعة الجلود باتحاد الصناعات، جمال السمالوطي، إن صناعة الجلود، خاصة الأحذية، من أكثر الصناعات التي تضررت بانتشار فيروس كورونا في الصين.
وأوضح السمالوطي، أن تجار المنتجات الجلدية، يدرسون خلال الفترة الحالية رفع أسعار بعض منتجاتهم التي يتم تصنيعها محليا، نظرا لتوقف خطوط الاستيراد من الصين، حيث أن 80 % من مستلزمات الإنتاج يتم استيرادها من الخارج، وتستحوذ الصين على 75% من مستلزمات الإنتاج الواردة إلى مصر.
وأكد في الوقت ذاته على أن مصر لن تعتمد بشكل كامل على الصين في مستلزمات صناعة الجلود، وتعمل خلال الفترة الحالية على التعاقد مع بعض الدول الأخرى، على رأسهم الهند وإيطاليا.
وأضاف السمالوطي، أن واردات مصر من المنتجات الجلدية كاملة الصنع، تراجعت خلال العام الماضي بنسبة 60%، بينما ارتفعت واردات مصر من (أوجه الأحذية والنعال) بنسبة 300%.
وطالب رئيس غرفة صناعة الجلود باتحاد الصناعات، التجار بإعادة النظر في قرار رفع أسعار منتجاتهم، لا سيما في ظل تحمل المواطن آثار الإصلاحات الاقتصادية.
شعبة المنظفات تدرس البدائل
قال رئيس شعبة المنظفات بغرفة الصناعات الكيماوية باتحاد الصناعات، محمد عبد الشافي، إن واردات مصر من المواد الكيماوية لن تتأثر خلال الفترة المقبلة، بسبب انتشار فيروس كورونا في الصين، موضحا أن هناك عدة بدائل قد تلجأ إليها مصر حال توقف الاستيراد بشكل تما من الصين.
وأضاف عبد الشافي، أن مقاطعة “ووهان” الصينية، التي انتشر منها فيروس كورونا إلى العالم، بعيدة عن المصانع التي تستورد منها مصر بعض المواد الكيماوية المستخدمة في صناعة المنظفات، مشيرا إلى ان المملكة العربية السعودية والهند، على رأس الدول التي قد تلجأ إليها مصر لاستيراد مستلزمات صناعة المنظفات، حال تعثر استمرار الاستيراد من الصين.
وأوضح عبد الشافي، أن بعض الصناعات الكيماوية تحتاج إلى استثمارات كبيرة لإنتاج الصناعات المغذية، خصوصاً صناعة المنظفات، مشيرا إلى أن مصر تشهد طفرة صناعية غير مسبوقة في عدد من القطاعات، ورغم ذلك لا يوجد مصنع مخصص لإنتاج المواد التي تدخل في صناعة المنظفات والزجاج.
لمتابعة أخر الأخبار والتحليلات من إيكونومي بلس عبر واتس اب اضغط هنا