ملفات

الاستثمار المؤثر.. العائد على التمويل مشروط بتحقيق الأهداف

الاستثمار

تموج الخريطة العالمية باضطرابات اجتماعية غير أن البعض يرجعها إلى مشكلات سياسية أو خلافات حزبية قومية.. إلخ، لكن إجمالاً يمكن التأكيد أن هذه البؤر المتوترة تمثل انعكاسا لفشل الحكومات والمجتمع الدولى فى تلبية احتياجات البشر الأساسية من تعليم وصحة وغذاء وغيره من متطلبات العيش الكريم بعيداً عن سياط الفقر الملهبة.

وفى بارقة أمل بدأت تؤتى ثمارها، بدأ التركيز ينصب على الاستثمار المؤثر بعد فشل تجربة الجهات المانحة التى فى كثير من الاحيان «لا تمنح» أى تتنصل من تعهداتها ومن أبرز صوره السندات ذات التأثير.

وتشير «سندات التأثير» إلى شكل محدد من عقود التعاقد القائمة على النتائج أو الدفع مقابل النجاح فى تحقيق أهداف محددة سلفاً والتى توظف غالباً رأس المال الاستثمارى المؤثر ويهدف هذا النموذج الذى يعرف أيضاً بـ«رابطة التأثير» إلى تحسين نتائج التطوير لفئات أو مستفيدين محددين.

وتتمتع السندات ذات التأثير بالعديد من المزايا، فعندما يرتبط الاستثمار بالنتائج بدلاً من الأنشطة، يكتسب مقدمو الخدمات مرونة أكبر فى تكييف برامجهم وتحسينها؛ ولدى الحكومات أيضاً القدرة على نقل المخاطر المالية لبرنامج ما إلى القطاع الخاص من خلال الدفع فقط مقابل نتائج البرنامج عند تحقيق الهدف المتفق عليها مسبقاً.

وقد تساعد هذه الأدوات فى تعزيز ثقافة إنشاء البيانات واستخدامها وإدارة الأداء ولا تزال التجربة فى عقدها الأول لكنها تعطى مؤشرات أن العقد الحالى سيكون إطاراً للازدهار وتحقيق نتائج أفضل.

تعزيز الاستثمار المسئول أمل الطبقات الاجتماعية المطحونة

176 إصدارا عالميا للسندات االمؤثرة خلال العقد الأخير 
17صفقة فقط للدول النامية.. والدول المتقدمة لها نصيب الأسد

استضافت المجموعة العالمية التوجيهية للاستثمار المؤثر القمة السنوية فى «بوينس آيرس» فى ختام 2019 بعد تغيير المكان فى اللحظة الأخيرة من «سانتياجو» بعد أسابيع من الاضطرابات المدنية فى تشيلى.

وهذا هو التجمع الدولى الثالث إلى جانب قمة «أبيك» والمؤتمر العالمى للتغير المناخى الذى تم إلغاؤه وسط التوترات المتزايدة المرتبطة بعقود من عدم المساواة فى الدخل بالبلاد.

ومع توجيه الأنظار صوب شيلى، لفت المتظاهرون الانتباه إلى القضايا الحرجة التى تؤثر على الملايين فى جميع أنحاء العالم وهى الفقر، وانعدام الأمن الوظيفى، وضعف الوصول إلى التعليم والرعاية الصحية الجيدة.

ومع بقاء 11 سنة فقط من عمر مخطط تحقيق الأهداف الطموحة للتنمية المستدامة الذى وضعته الأمم المتحدة، يركز المجتمع الدولى على توفير وتوليد تمويل أفضل للتنمية.

ويتمثل جزء رئيسى من ذلك المخطط فى ضمان وصول التمويل إلى السكان المحرومين من خلال موفرى الخدمات الأكثر فاعلية.

ويشير مصطلح موفرى الخدمات الأكثر فاعلية إلى أولئك الذين يقدمون المزيج الصحيح من الخدمات لتناسب احتياجات المستفيدين.

وتتيح السندات ذات التأثير أو المؤثرة كنوع من التمويل المستند إلى النتائج حيث يوفر المستثمرون الخاصون «المؤثرون» رأس المال الأولى لمقدمى الخدمات المرونة فى الإدارة لدفع تحسيناتها بما يلائم الظروف المحيطة.

وعلى الصعيد العالمى تم التعامل مع 173 إصدار للسندات المؤثرة لكن معظم هذه الصفقات كان فى البلدان ذات الدخل المرتفع وفى البلدان النامية لا يوجد حالياً سوى 18 سنداً من ذلك النوع بعيد الأثر.
ومن بين هذه الصفقات يوجد 11 سندا ذى تأثير على التنمية «DIBs»، حيث يكون ممول النتائج طرفاً ثالثًا، مثل الجهة المانحة، وبالنسبة للستة سندات الباقية فإن الحكومة المحلية هى التى تمولها، وبالتالى هى سندات للتأثير الاجتماعى وليس هدفها الربح المادى «SIBs»، وعلى الرغم من أن العديد منهم لديهم أيضاً ممول كطرف ثالث.

وكان القطاعان الرئيسيان المستفيدان حتى الآن هما الصحة والتوظيف، رغم أن الاهتمام بالتعليم آخذ فى الازدياد، مع بذل الجهود لإطلاق أموال فى الهند وأفريقيا والشرق الأوسط.

وتشمل بعض المبادرات فى هذه القطاعات تدخلات من أجل صحة الأم والطفل فى الهند والكاميرون، وتنمية الطفولة المبكرة فى جنوب أفريقيا والعمالة فى كولومبيا والأرجنتين وفلسطين.
وفى حين تم التعاقد على السندات ذات التأثيرلأول مرة فى بلد مرتفع الدخل فى عام 2010، كانت أداة التمويل نشطة فقط فى البلدان النامية منذ عام 2015، والتى تمثلت فى إطلاق «Educate Girls DIB» لتعليم الفتيات فى الهند، و DIB للكاكاو والبن المستدام فى بيرو.
وعلى الرغم من الاهتمام الكبير من جانب مجموعة واسعة من الجهات الفاعلة فى مجال التنمية باختبار هذا النموذج والتعلم منه، إلا أن نمو السوق كان بطيئاً نسبياً.
وبالنسبة لتقرير معهد «بروكينجز» الأمريكى لعام 2017 تم إصدار أربعة فقط من هذه السندات المؤثرة.
ومنذ ذلك الحين، دخلت تسعة سندات أثر إضافية حيز التنفيذ، بالإضافة إلى أربعة مشاريع قيد الدراسة كما أن أكثر من نصف الصفقات المعلن عنها فى 2017 لم توقع بعد عقوداً بين جميع الأطراف.
ولعبت مجموعة من الجهات الفاعلة أدواراً مختلفة عبر الصفقات المتعاقد عليها فعلياً بما فى ذلك الجهات الممولة غير الربحية والمستثمرين ومقدمى الخدمات والوسطاء، فضلاً عن المنظمات الأخرى التى تقدم تمويل المنح والمساعدة التقنية.
وتشارك مجموعة متنوعة من المنظمات الممولة بهدف تحقيق نتائج متعلقة بمستوى التعليم أو الرعاية الصحية عبر 17 إصداراً للسندات.
وهناك 7 مشاريع تتضمن مؤسسة دورها تحسين التمويل بالإضافة إلى 9 مشاريع تشمل جهات متعددة أو ثنائية و7 تتضمن تمويل عبر الحكومة المحلية لتحقيق نتائج اجتماعية.
ويمكن وصف معظم الاستثمارات الصغيرة فى البلدان النامية على نحو أدق بأنها هجينة حيث تكون فى جزء منها تمويل يهدف الى تحقيق نتائج اجتماعية من كل من الحكومة المحلية بالإضافة إلى وجود ممول الطرف الثالث.
وعلى سبيل المثال، يجمع سند التعليم فى مرحلة الطفولة المبكرة فى جنوب أفريقيا بين التمويل من وزارة التنمية الاجتماعية وصندوق «أبيكسهى الخيرى».
وشاركت مجموعة واسعة من أنواع المستثمرين فى السندات المؤثرة فى البلدان النامية ومع ذلك نجد أن المؤسسات وجهات تحسين التمويل هم النوع الأكثر شيوعاً من المؤسسات التى توفر رأس مال مقدم فى هذه الصفقات بهدف الربح مع مشاركة واحدة على الأقل فى 12 من أصل 18 صفقة.
ويشمل ذلك على سبيل المثال، «UBS Optimus Foundation»، التى استثمرت فى جميع سندات الأثر الاجتماعى الثلاثة فى الهند، بالإضافة إلى «Fundación Corona» و«Fundación Bolivar Davivienda» و«Fundación Mario Santo Domingo»، وقد استثمر كل منهما فى كل من «Colombia Workforce SIB» و«Cali Employability».
وتشمل أنواع المؤسسات الأخرى التى تعمل كمستثمرين للمنظمات غير الربحية وصناديق الاستثمار والبنوك التجارية.
وتعتبر المنظمات غير الحكومية والمنظمات غير الربحية إلى حد بعيد مقدمى الخدمات الأكثر شيوعاً، حيث تعمل عبر 14 من أصل 18 سنداً مؤثراً وثلاثة منها تشمل الخدمات التى تقدمها المنظمات التى تهدف للربح ويتم توفير التعليم الجامعى من قبل هذه المؤسسات.
وشاركت العديد من المنظمات الثنائية والمتعددة الأطراف فى السندات المؤثرة، وعلى سبيل المثال، قدمت الأمانة السويسرية للشئون الاقتصادية التمويل للنتائج الاجتماعية لجميع سندات الاثر فى كولومبيا، فى حين أن بنك التنمية للبلدان الأمريكية كان بمثابة ممول أساسى فى نفس الصفقات.
وتعد وزارة التنمية الدولية البريطانية «DFID» ممولاً للسندات الاجتماعية كما هول الحال فى «Village Enterprise DIB» فى كينيا وأوغندا واللجنة الدولية للصليب الأحمر.
وخضع 17 مشروعاً للتحليل من قبل باحثى معهد «بروكينجز» مع التركيز على العوامل الحاسمة للتمويل الفعال والفعال القائم على النتائج الاجتماعية والأهم من ذلك هو رصد الدور الذى قد تلعبه السندات فى تغيير العقليات لكل من الممولين المحليين وممولى التنمية بحيث يتم تلبية احتياجات جميع المواطنين.
وكان عام 2019 حافلاً بالأحداث بالنسبة لسوق السندات ذات التأثير، حيث تم التعاقد مع 18 صفقة جديدة بعد ما يقرب من عقد من الزمان منذ إطلاق أول سند تأثير اجتماعى «SIB» فى المملكة المتحدة، ولا يزال هناك الكثير لنتعلمه عن أداة التمويل المبتكرة خاصة فى تحديد الظروف التى تضيف فيها السندات المؤثرة القيمة الأكبر.
ونظراً لأن الغالبية العظمى من السندات ذات الأثر كما ذكرنا قد تم التعاقد عليها حتى الآن فى البلدان ذات الدخل المرتفع، فهناك فجوة معرفية واسعة فى تطبيقها فى البلدان النامية، حيث يكمن تركيز بحث معهد «بروكينجز».
وفى تقرير «بروكينجز»، يراجع الباحثون مشهد ربط السندات والتعليم ذى الصلة على مدار العام الماضى مع تسليط الضوء على المكان الذى سيكون التركيز عليه فى العام المقبل.
وواصلت سوق السندات ذات التأثير نموها فى جميع أنحاء العالم، من خلال صفقات جديدة فى عشرة بلدان وتم التعاقد مع معظم الصفقات الجديدة بواقع 3 فى فرنسا و3 فى البرتغال و3 فى المملكة المتحدة، فى حين أن فلسطين وروسيا وكمبوديا تعاقدت جميعها مع سندات للمرة الأولى.
وعلى الصعيد العالمى، اعتبارًا من 1 يناير 2020، تم التعاقد على 176 سنداً مؤثراً معظمها من هذه المشاريع التمويلية فى قطاعى الرعاية الاجتماعية والتوظيف.
وكان النمو فى البلدان النامية بطيئاً حيث تم التعاقد مع أربعة فقط من المشاريع الجديدة فى عام 2019 فى البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل، وقد شمل ذلك اثنين فى فلسطين الأول لسند يربط أثر التنمية «DIB» بعلاج مرض السكرى من النوع الثانى فى مخيمات اللاجئين فى الضفة الغربية، والسند الآخر كان لدعم التوظيف فى الضفة الغربية وقطاع غزة، وتم إطلاق سند للتوظيف فى كولومبيا بمدينة كالى، فى حين تم التعاقد مع بنك دبى الإسلامى لتحسين الوصول إلى الصرف الصحى فى كمبوديا.
وفى المجموع، أكمل 47 سندًا مؤثرًا تقديم الخدمات وفقاً للبيانات المتاحة، وهو ما يمثل أقل من ثلث إجمالى العقود المتعاقد عليها حتى الآن.
ونظراً لأن الجهات الممولة بحسب النتائج تسدد العائدات للمستثمرين فقط فى حالة تحقيق مقاييس التأثير ولذلك فإن حالة سداد المستثمر هى إحدى الطرق للحكم على نجاح الخطة.
وتشير البيانات إلى أن غالبية السندات ذات الأثر المنجزة قد سددت للمستثمرين عائداتهم الأساسية بالإضافة إلى العائد الإيجابى، فى حين أن مشروعين فقط لم يسددا للمستثمرين.
وفى عام 2019، نشر معهد «بروكينجز» تقريرين عن السندات المؤثرة وركز على نموج الاستثمار المؤثر فى الهند التى تعاقدت مع أكثر السندات تأثيراً فى أى دولة نامية حتى الآن، مع اثنين فى مجال التعليم وواحد فى مجال الصحة.
وكشفت تجربة نيودلهى إمكانية الربط بين التمويل القائم على النتائج والتعليم من خلال ثلاثة عوامل رئيسية وهى مقدمو الخدمات التعليمية الجاهزون والقادرون وتوافر تكنولوجيا لجمع البيانات والتحليل واستعداد الحكومة للمشاركة.
ويسعى الباحثون إلى دارسة كيف يمكن أن يؤدى الدفع مقابل النتائج إلى تحسين تقديم الخدمات وتعزيز التعاون وتعزيز النظم.
كما يمكن القول إن السند الأكثر تأثيراً وطموحاً هو مجال التعليم حتى الآن، سواء من حيث الحجم وعدد أصحاب المصلحة ولذلك فإن المشروع يمثل حالة اختبار مهمة لإمكانات الأداة.
ويعد ربط المدفوعات بالنتائج إحدى الطرق لضمان تركيز التمويل على النتائج ما يعطيه قدرة على دفع التعاون نحو تحقيق النتائج، وتحسين نظم البيانات، وتوجيه التمويل نحو مقدمى الخدمات والتدخلات التى تحدث تأثيراً ملموساً.
ويرصد الباحثون تطور التجربة فى عام 2020 من خلال تحليل تجارب أصحاب المصلحة المختلفين المنخرطين فى روابط التأثير، وعوامل التسهيل للنجاح، والعقبات والتحديات مع توجيه اهتمام خاص بالتعليم والبلدان النامية.
ويعتبر الهدف من جمع البيانات وتحليلها هو الاستمرار فى بناء المعرفة من خلال المشاركة على نطاق واسع مع أصحاب المصلحة فى القطاعات المختلفة مع التطلع إلى التعلم من خبرات المشاريع الجارية المثيرة.
وكان أحد أهم ما تعلمه الباحثون خلال السنوات الخمس الماضية هو الدور الرئيسى للبيانات فى التمويل القائم على النتائج.
وفى وقت سابق من هذا العام حدد الباحثون الأنواع الأربعة من البيانات اللازمة للتمويل القائم على النتائج وهى: التكلفة وتكلفة عدم العمل والأداء فى الوقت الحقيقى وبيانات النتائج.
ومن المفيد للمراقبين التحرى حول كيفية مساعدة التكنولوجيا فى جمع وتحليل بيانات الأداء فى الوقت الحقيقى واتخاذ القرارات.
ويعمل الباحثون على تحديث أداة حساب تكلفة التنمية فى مرحلة الطفولة المبكرة «ECD» القياسية للسماح بتطبيقها على كل من برامج تنمية الطفولة المبكرة والتعليم فى نسخة سهلة الاستخدام على الإنترنت.
وأخيراً، فكر الباحثون كثيراً فى كيفية تأثير الروابط على حياة الأفراد المستفيدين منها ووراء الأرقام يوجد بشر يعتمدون فى رفاهتهم وحتى بقائهم على الخدمات التى يتلقونها.
ويعنى ذلك أنه من المهم للغاية استكشاف بعض قصص الأفراد الذين يقفون وراء روابط تأثير التعليم فى البلدان النامية من خلال الوسائط المرئية.
ومن خلال هذه القصص التى توفر منظوراً أكثر إفادة عن المصالح الإنسانية وحول آلية التمويل التى استمرت قرابة العقد، وها بالتاكيد دور الإعلام بشتى أنواعه.

الهند تعيد إنتاج التجربة الدولية للاستثمار القائم على النتائج

تواجه الهند تحديات تعليمية كبيرة فأكثر من نصف الأطفال غير قادرين على قراءة وفهم نص بسيط فى سن العاشرة، والتفاوت فى مستويات التعلم قائم بين الولايات المختلفة وبين الأطفال الأكثر فقراً والأكثر ثراءً.
ولكن مع وجود نظام بيئى مزدهر للمؤسسات الاجتماعية وشهية بين المنظمات غير الحكومية وواضعى السياسات لاختبار الحلول الجديدة، تلعب الهند دوراً رائداً فى استخدامها للتمويل المبتكر من أجل التنمية.
وتتصدر السندات المؤثرة هذه الأدوات المبتكرة لأنها تقدم التمويل على أساس النتائج حيث يتم إعطاء رأس المال مقدماً لمقدمى الخدمات من قبل المستثمرين ويتحدد العائد وفقاً لحجم الأهداف المحققة.
وفى حين أن الأدلة على التمويل القائم على النتائج فى التعليم والسندات المؤثرة على وجه التحديد لا تزال آخذة فى الظهور فهناك دروس أساسية يجب استخلاصها من أجل تطبيق هذه الأدوات على التعليم فى الهند وفقاً لتقرير معهد «بروكينجز» الأمريكى حول تجربة نيودلهى.


وتم التعاقد على ثلاث سندات مؤثرة فى الهند حتى الآن، ومنها اثنان فى قطاع التعليم، وفى السند الأول يتم الربط بين التمويل ومستوى تأثير تعليم الفتيات وقدمت مؤسسة «يو بى إس أوبتميوس» رأس المال بهدف جلب الفتيات غير الملتحقات بالمدارس إلى الفصل وتحسين نتائج التعلم للبنين والبنات أيضاً، وبعد ثلاث سنوات تجاوز المشروع أهداف الالتحاق والتعلم وسددت مؤسسة صندوق استثمار الأطفال «CIFF» رأس المال المستثمر.
وتبنت سند المشروع الثانى فى التعليم هيئة جودة التعليم فى الهند «QEI» بمشاركة تضم أربعة مزودين للخدمات هى «جيان شالا» ومؤسسة «كايفاليا التعليمية» وجمعية «التنمية الشاملة» و«المبادرات التعليمية».
وسعى المشروع إلى تنفيذ مجموعة من التدخلات بهدف تحسين نتائج التعلم على مدار فترة أربع سنوات حتى عام 2022.
ووفرت مؤسسة «يو إس بى أوبتميوس» رأس المال الأولى وإذا تم تحقيق المقاييس بنجاح فإن مؤسسة «مايكل أند سوزان ديل» إلى جانب مجموعة من الممولين للنتائج فى الصندوق الائتمانى البريطانى الآسيوى سيرد المبلغ المستثمر مقابل هذه النتائج.
وبالنسبة إلى أصحاب المصلحة المهتمين باستخدام روابط التأثير لحل تحديات التعليم فى الهند، تشير الدلائل إلى أن الدافع لاستخدام الأداة يجب أن يتم التفكير فيه بعناية.
وعلى سبيل المثال، يبدو أن روابط النتائج هى الأكثر ملاءمة للخدمات الوقائية بطبيعتها، ولديها حاجة قوية للتكيف مع الاحتياجات الفردية، وتؤدى إلى نتائج سهلة القياس وذات مغزى فى نفس الوقت.
وحتى الآن، على الصعيد العالمى، ركزت روابط التأثير على بناء الجودة فى أنظمة التعليم الحالية واستهداف الخدمات لمجموعات محددة، بدلاً من استخدامها على نطاق واسع لتوفير التعليم الأساسى.
وهذا جزء من انعكاس المرحلة المبكرة لنجاح سوق السندات ذات التأثير حيث ركزت العديد من الصفقات الحالية على اختبار النموذج وبناء المعرفة.
ومع ذلك، فإنه يشير أيضاً إلى أن البرامج الأكثر ملاءمة لتمويل السندات المؤثرة ليست برامج تجريبية دون وجود قاعدة من الأدلة تكون سبباً فى جذب المستثمرين أو برامج راسخة ذات نتائج مثبتة حيث قد يرغب الممولون فى الدفع فقط عند وجود فرص كبيرة للنجاح أو على الاقل وجود سبباً مقنعاً يكفى للمخاطرة أو بناء القدرات اللازمة لتحفيز مشاركة المستثمرين ومن ثم سداد مستحقاتهم فى نهاية التعاقد. ويعتبر ضمان أن المشاركات تستهدف السكان المحتاجين بفعالية أمراً بالغ الأهمية فى مرحلة تصميم السند.
وتلعب 3 عوامل دوراً مهما فى نمو التمويل القائم على النتائج للتعليم فى الهند وكانت مهمة لتعليم الفتيات وفقاً لبرامج السندات الممولة وفقاً للنتائج.
ويرتكز العامل الأول على مقدمى التعليم الجاهزين والقادرين، فعند دراسة الصفقة وجد تحليل أفقى لسوق مقدمى الخدمات فى الهند أن بعض المنظمات لم تكن مستعدة لتكييف نماذج البرامج الحالية مع أهداف المشروع وهى واحدة من الشروط المفترضة الرئيسية للاعتماد على النتائج التعاقد، وتم اختيار أربعة مزودى خدمة ممن يقدمون أفضل المدخلات.
وفيما يتعلق بالعامل الثانى فهو يقوم على إمكانيات التكنولوجيا لتسهيل جمع البيانات خاصة أن برنامج السندات لتعليم الفتيات لديه لوحة بيانات رقمية تحتاج للتغذى على البيانات لتوفير قياسات الأداء، كما أنه يشمل برنامج «Mindspark» وهو برنامج تعليمى يعتمد على الكمبيوتر ويوفر بيانات أداء فورية للمعلمين.
وأخيراً، وبالنظر إلى العامل الثالث وهو المشاركة الحكومية حيث لم تلعب الدولة دور الممول النهائى فقد انخرطت الحكومة مع كل من برنامج تعليم الفتيات ومؤسسات التعليم العالى ووقعت مذكرات تفاهم لتوفير الوصول إلى المدارس الحكومية.
ومن غير المحتمل أن يكون هناك حل واحد لتحديات التعليم فى الهند لكن السندات ذات التأثير والتمويل القائم على النتائج يتيح الفرصة لتركيز التمويل وفقاً لمدى تحقيق الأهداف ومن ثم تعزيز أكثر التدخلات التعليمية فعالية وتطوير دور مقدمى الخدمات، وتحسين عملية صنع القرار وفقاً للبيانات والأدلة المتاحة.
وسيتطلب تحقيق أهداف التنمية المستدامة الطموحة بحلول عام 2030 ما يتراوح بين 5 و7 تريليونات دولار فى السنة عالمياً ومع وجود فجوة فى التمويل تبلغ 2.5 تريليون دولار فى البلدان النامية وحدها.
وتبلغ الفجوة فى الهند 565 مليار دولار، بينما شهدت البلاد تقدماً هائلاً عبر القطاعات الاجتماعية ولا تزال هناك تحديات هائلة، فعلى سبيل المثال، فقط ما يزيد قليلاً على نصف جميع الأطفال المسجلين فى المعيار 5 يمكنهم قراءة نص قياسى بمستوى 2 على الأقل، بينما تتلقى %21 فقط من الأمهات رعاية كاملة قبل الولادة.
ويتطلب سد هذه الفجوة اتخاذ إجراء على عدة جبهات؛ تعبئة مالية وفعالية فى تعبئة الموارد المحلية وجهود الجهات المانحة التى تركز على النتائج لضمان إنفاق الأموال بشكل جيد وتسخير رأس المال الخاص من أجل الخير.
وفى السنوات الأخيرة، ازداد الاهتمام على مستوى العالم بين الحكومات والأسواق لتطوير مناهج استثمارية جديدة، مثل الاستثمار المؤثر أو التمويل الموجه نحو الغرض، ويشير الاستثمار المؤثر إلى توفير التمويل للمؤسسات التى لديها توقعات واضحة بشأن العوائد المالية وكذلك النتائج الاجتماعية القابلة للقياس.
ووفقًا لتحليل حديث أجرته شبكة الاستثمار المؤثر العالمية «GIIN»، فإن أكثر من 1300 مؤسسة تدير 502 مليار دولار من الأصول الاستثمارية المؤثرة على مستوى العالم.
وجذب قطاع الاستثمار ذو التأثير فى الهند أكثر من 5.2 مليار دولار بين عامى 2010 و2016 محققاً أكثر من 1.1 مليار دولار فى عام 2016 وحده.
ومع ظهور الاستثمار المؤثر كفئة أصول جديدة فى الهند، لا يوفر المستثمرون رأس المال والدعم للشركات الاجتماعية فحسب، بل يتطورن أيضاً من حيث فهم إمكانات هذا الشكل الجديد من الاستثمار.
ونظراً للمخاطر والتعقيدات التى تواجه خدمة قطاع التمويل الاجتماعى، فقد ظهرت العديد من الابتكارات ليس فقط الطريقة التى يتم بها هيكلة رأس المال ولكن أيضاً كيفية تحقيق التأثير.
وسجلت التجربة ارتفاعاً فى الشراكات بين القطاعين العام والخاص، مدفوعة إلى حد كبير بقيود الميزانية الحكومية، وأخلاقيات الإدارة العامة الجديدة، وحقيقة أن الابتكار يتعاظم بشكل متزايد ويعتمد على هذه الشبكة العالمية.
ويعتبر تمويل التنمية من خلال وسائل من خارج الميزانية والشراكات بين القطاعين العام والخاص مساراً لتوفير حلول محتملة تركز على النتائج وتحسين إدارة الأداء لمقدمى الخدمات.
وتتمتع الهند بنظام بيئى اجتماعى مزدهر؛ إلا أن العديد من المنظمات تكافح للوصول إلى رأس المال الذى تحتاجه، ففى دراسة استقصائية للمؤسسات الاجتماعية الهندية، حدد %57 من المشاركين أن الوصول إلى الديون أو الأسهم يعتبر أكبر حاجز أمام النمو والاستدامة.
وعلى الرغم من تطور النظام البيئى وإمكانات الاستثمار المؤثر إلا أن الأدبيات المتعلقة بتأثير الاستثمار فى الهند محدودة، ولا يزال عدد المستثمرين المؤثرين فى الهند والقطاعات والمجالات التى يختارون الاستثمار فيها ومستقبل الأدوات غير واضح.
وضمن النطاق الأوسع لنماذج الاستثمار الاجتماعى، تتراوح الأساليب بين الاستثمار المحض القائم على الربح دون توقع التأثير الاجتماعى إلى المنح الخيرية الخالصة من قبل المانحين والمؤسسات.


واكتسبت المسئولية الاجتماعية للشركات «CSR»، والاستثمار المسئول اجتماعياً «SRI» والتركيز على البيئة والحوكمة الاجتماعية والشركات «ESG» قوة فى العقد الماضى فى الهند وخارجها.
وعلى الصعيد العالمى، كان الدافع وراء بعض هذه الاتجاهات هو التقدم الذى تقوده الحكومة فى جلب التحليل والدقة فى الإنفاق العام والنتائج الاجتماعية.
ويختلف الاستثمار المؤثر عن المسئولية الاجتماعية للشركات أو الاستثمار البيئى والاجتماعى أو الإدارة المسئولة أو الاستثمار المسئول اجتماعياً حيث يمثل خطوة أخرى لتشمل فقط تلك الاستثمارات التى حددت بوضوح النية لتحقيق تأثير «قابل للقياس» إلى جانب العوائد المالية.
ويركز المستثمرون المؤثرون أيضاً على الاستثمار فى المؤسسات الاجتماعية التى لا تخفف من الآثار السلبية فحسب، بل تولد أيضاً تأثيرات إيجابية تماماً بدون أية شائبة.
وقد تظهر التأثيرات الإيجابية بطرق مختلفة بداية من خلق فرص العمل وإمكانية التوظيف إلى خدمة المستهلكين ذوى الدخل المنخفض عبر الإسكان أو التعليم أو الرعاية الصحية الأفضل التى يمكن الوصول إليها أو التمويل الشامل.
وما يميز تأثير الاستثمار عن العمل الخيرى التقليدى هو دوافع الاستثمار والعائد للمستثمرين المؤثرين حيث تتدرج قابلية التوسع وخصائص رواد الأعمال والخبرات من جهة ومن جهة أخرى فإن المقارنة وفقاً للحجم تكون فى صالح مليارات الدولارات المستثمرة بموجب المسئولية الاجتماعية أو الاستثمار المسئول.
لكن هذا المجال جديد ويتطور بسرعة فى الهند فى ظل وجود ما يقرب من 30 شركة فى السوق ويتم تسجيل مجموعة فرعية منها مع مجلس المستثمرين المؤثرين «IIC» فى الهند.
وتشير التجربة إلى أن سوق الاستثمار المؤثر فى الهند يشبه اتجاهات وتحديات صناعة الاستثمار المؤثر عالمياً، ومع ذلك، هناك العديد من الجوانب المميزة للسوق الهندى والتى تجعل من المثير للاهتمام والحاسم أن تدرس من منظور السياسة المتبعة من قبل نيودلهى.
ونجحت الهند على صعيد العديد من الاتجاهات فى محاكاة التجارب فى السوق الدولية الناجحة وقدمت نماذجاً ناجحة محلياً تعتبر فريدة من نوعها للسياق الهندى والأهم أن النتائج الرئيسية التى رصدها المراقبون توضح كيف أن قصة الاستثمار الهندى تتطور وتتغير باستمرار إلى الأفضل بفضل تحليل البيانات الفورى والبناء عليه.
وتتحول الاستثمارات ذات التأثير من مجرد الوصول المالى والتمويل الأصغر إلى مصدر أساسى لإنعاش القطاعات الخيرية التقليدية مثل الصحة والتعليم والزراعة وفق مفهوم جديد قائم على قياسات النجاح.
وحقق الاستثمار المؤثر عوائد جيدة بالمقارنة بقطاعات اجتماعية ذات عوائد منخفضة جداً وذلك بفضل الدور الذى لعبه المستثمرون المؤثرون ومشاركتهم المختلطة سواء كمستثمرى الأسهم الخاصة أو كمسرعين للمشاريع أو حتى دور المؤسسات الحاضنة.
وحققت الهند طفرة نوعية فى التركيز القوى على الاستثمارات القائمة على التكنولوجيا لتحقيق الحجم المطلوب والوصول المستهدف لمستحقى الخدمات، لكنها تحتاج إلى بذل جهد أكبر لزيادة التماسك فى التدابير والمؤشرات على المستوى القطاعى والاستثمارى وبناء قاعدة معرفية أوسع مدعومة بالأدلة للتمويل الابتكارى والسندات المؤثرة مع الاعتراف بالحاجة إلى مزيد من الوقت لتحقيق ذلك.
ويجب الدفع نحو الابتكارات بما يتجاوز الحلول القائمة على التكنولوجيا وقبول أفضل الممارسات العالمية وتعزيز شفافية أكبر فى القياسات، من خلال التنسيق والتيسير من قبل المنظمات فى كل قطاع مثل مجلس المستثمرين المؤثرين ومجلس الجودة فى الهند «QCI» ويوصى تقرير «بروكينجز» بالتحقيق فى نتائج التعاقد على نطاق واسع من خلال إنشاء صندوق للنتائج على مستوى حكومى أو شبه حكومى لجمع البيانات من جميع الولايات بما فيها النائية وفى نهاية المطاف، سوف يعتمد سوق الاستثمار الهندى القوى على تحديد وتحسين العوامل المعيقة بدقة وبناء نظام بيئى قوى يلائم احتياجاته.

 

 

لمتابعة أخر الأخبار والتحليلات من إيكونومي بلس عبر واتس اب اضغط هنا

الأكثر مشاهدة

النفط يصل لأعلى مستوياته منذ شهر وسط توقعات بارتفاع الطلب

استقرت أسعار النفط اليوم الخميس لتقترب من أعلى مستوى في...

“نيسان مصر” تصدر 16 ألف سيارة محلية وتسعى لزيادة التصدير بنسبة 50%

كشف العضو المنتدب لشركة نيسان - مصر، محمد عبد الصمد،...

منطقة إعلانية