انهارت العلاقة القوية بين السعودية وروسيا بشكل مذهل الأسبوع الماضى، حيث انخرط 2 من أكبر منتجى الطاقة فى العالم فى “حرب أسعار بترول” أحدثت فوضى فى الأسواق العالمية التى تعانى بالفعل من وباء فيروس “كورونا“.
وفى الوقت الذى يستعد فيه الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، لمعركة انتخابية تحت سحابة اندلاع فيروس «كورونا» تهدد حرب البترول الخام الروسية السعودية الصناعة الأمريكية الصخرية المتنامية وتؤثر على الشركات الأمريكية المثقلة بالديون وتزيد الضغط على انهيار أسواق الأسهم.
وذكرت صحيفة «فاينانشيال تايمز»، أن حرب الأسعار اندلعت عندما رفضت روسيا مناشدة من المملكة العربية السعودية لإجراء تخفيضات أكبر فى إنتاج البترول لوقف الانحدار فى الأسعار مع انتشار الفيروس المستجد، منهية بذلك 3 سنوات من التعاون بين الاثنين بشأن إنتاج الخام.
واستجابت الرياض، العضو البارز فى منظمة «أوبك» بحكم الأمر الواقع، بأكثر إجراءاتها قوة فى مجال البترول منذ عقود مهددة بإغراق السوق بـ2.6 مليون برميل إضافية بأسعار مخفضة للغاية، وبعد هذه الأخبار انخفضت أسعار البترول الخام القياسية بأكثر من 30% الأسبوع الماضى.
وأوضحت الصحيفة البريطانية، أن هدف موسكو من هذه الحرب هو القضاء على صناعة البترول الصخرى فى الولايات المتحدة التى ارتفع إنتاجها بمقدار 4.5 مليون برميل يوميًا منذ اتفقت السعودية وروسيا على التعاون بشأن تخفيضات الإنتاج فى عام 2016، مما قلص حصتهما فى السوق.
وتراهن المملكة العربية السعودية أكبر مصدر فى العالم على أن زيادة حجم المبيعات سيخفف من التأثير المالى لانخفاض الأسعار ويعزز حصتها فى السوق ويعيد موسكو إلى طاولة المفاوضات أو يعيد تشكيل صناعة الطاقة.
ونقلت «فاينانشيال تايمز» عن مصدر مقرب من الديوان الملكى السعودى رفض الكشف عن هويته أنه من مصلحة الممكلة السماح لهذه الحرب أن تستمر لفترة من الوقت لإحداث تغيير هيكلى فى الصناعة.
وأضاف المصدر: «سوف يتخلص السوق من لاعبى البترول الصخرى الضعفاء ويرسل رسالة قوية إلى عالم «تسلا» والطاقة البديلة أن هناك الكثير يمكن أن يغير الصورة الكاملة للبترول»، ومع ذلك، من المرجح أنها ستكون مقامرة كبيرة، نظرًا لاعتماد المملكة على البترول.
وأشارت الصحيفة البريطانية إلى أن هذه الخطوة جاءت مقترنة بتأثير الفيروس الجديد الذى يخاطر بتعطيل الاقتصاد للمرة الثانية خلال 6 سنوات، بينما تسبب فى إلغاء خطط ولى العهد المتمثلة فى التنويع الاقتصادى.
وسوف تتحمل روسيا أيضًا بعض الألم، لكنها تفتخر باحتياطى كبير من المخزون والاعتماد الأقل على مبيعات البترول، وتفيد الإشارات الواردة من موسكو إلى أن هذه الحرب سوف تبقى لفترة طويلة.
وقال المتحدث باسم الكرملين، إن الزعيم الروسى «ليس لديه خطط» للتحدث مع الأمير الشاب محمد بن سلمان أو والده الملك فى الوقت الحالى، وبالنسبة للمملكة العربية السعودية، فهى تعتقد أن كل دولة قاتلت المملكة فى حرب أسعار خطيرة خسرت.
وقالت آمى مايرز جافى، زميلة فى مجلس العلاقات الخارجية «إننا نواجه وضعاً غير مسبوق من صعود البترول الصخرى وانتشار «كورونا» مضيفة أن الأسعار المنخفضة لن تؤدى بالضرورة إلى تجدد الطلب».
وأشارت جافى، إلى أن الأضرار الجانبية سوف تمتد من بغداد إلى تكساس، وقبل عقد من الزمن، كان من الممكن أن تستفيد الولايات المتحدة بشكل واضح من انخفاض أسعار البترول، ولكن بروزها السريع كأكبر منتج فى العالم غيّر هذه الحسابات.
وذكرت «فاينانشيال تايمز»، أن الولايات الأمريكية التى كانت مستفيدة من الطفرة الصخرية مثل تكساس ونورث داكوتا وبنسلفانيا ستكون ضحية حرب لا تسعى فقط إلى خفض الأسعار، ولكن لتحطيمها.
ومنذ فترة طويلة اعتبر الكرملين، أن عقوبات واشنطن ضد روسيا مدفوعة جزئياً بالرغبة فى خلق مساحة أكبر للبترول الصخرى الأمريكى وهو الأمر الذى يزيد المشكلة تعقيدا بين واشنطن وموسكو.
وقال إيجور سيشين، الرئيس التنفيذى لشركة «روسنفت» فى أكتوبر الماضى، إن الزيادة فى حصة البترول الأمريكى فى السوق العالمية لا تتحقق فى كثير من الأحيان بالطرق الاقتصادية بقدر ما تتم عبر الأساليب السياسية من خلال الإطاحة باللاعبين الأساسيين ومنتجات التداخل.
وينتظر تجار البترول حول العالم قياس مدى وكيفية قيام 2 من أقوى ممالك البترول فى العالم بالتراجع عن الحرب مع الحفاظ على ماء الوجه، وقالت جافى: «حتى لو تم حل حرب الأسعار، فإن الاحتمالات هى أن المشاعر السلبية ستستمر ولا أرى تسوية سريعة فى الوقت الحالى».
لمتابعة أخر الأخبار والتحليلات من إيكونومي بلس عبر واتس اب اضغط هنا