تهدد أزمة تفشي فيروس “كورونا” حول العالم، بمحو أرباح بنوك الاستثمار الكبرى، في الوقت الذي تبدو فيه بنوك الاستثمار الأوروبية أكثر ضعفا من نظيرتها في الولايات المتحدة الأمريكية والتي تحقق أرباح أكثر.
وأظهر تقرير حديث أعدته شركة الاستشارات “أوليفر وايمن” وبنك الاستثمار مورجان ستانلي، أنه في السيناريوهات الأكثر تفاؤلا حيث تعود الأمور لطبيعتها سريعا خلال 6 أشهر أو نحو ذلك، قد تشهد بنوك الاستثمار تراجع الأرباح بنسبة 100% العام الجاري.
أما في السيناريو الأكثر تشاؤما – الذي يطلق عليه “الركود العالمي العميق” ويستمر عاما أو نحو ذلك – سوف تشهد البنوك الأضعف خسائر هائلة، بحيث قد تتراوح الخسائر بين 200 إلى 300 مليار دولار مقارنة بـ30 إلى 50 مليار دولار إذا تحقق تعافي سريع.
وقالت مجدالينا ستوكلوسا، مؤلفة التقرير من “مورجان ستانلي” بجانب جيمس دايفيس من “أوليفر وايمن”، إنه رغم تعزيز القطاع المصرفي لرؤوس أمواله ودعائم السيولة لديه منذ الأزمة المالية العالمية، فإن الإيرادات لم تكن أضعف من الوقت الحالي ما يدخل البنوك في اختبار تحمل أٌقسى ويجبرهم على اللجوء إلى خط دفاعهم الأول وهو الربحية قبل المخصصات.
وأضافت أن الضغوط على الأرباح قد تظهر أوجه الضعف الهيكلية في بعض نماذج الأعمال وأن الفجوة في الأداء بين البنوك سوف تكون واسعة، موضحة ان أكبر محرك للربحية هو نطاق الأعمال ما يعني أن بنوك وول ستريت – حيث يوجد “جى بي مورجان” البنك الأكثر ربحية على الإطلاق – سيكون لها الصدارة وستسمح لها الأزمة باتخاذ المزيد من الحصة السوقية من البنوك الأوربية الأصغر.
ويعد البنكان الألمانيان “دويتشيه” و”كومرز” الأسوأ وضعا من بين البنوم الكبرى، وليس لديهم ما يكفي من الأرباح لاستعاب موجة التعثر في القروض، بينما يعد بنكا “كريدي سويس” و”يو بي إس” السويسريان من بين البنوك الأوروبية الأكثر قدرة على تحمل الأزمة وهو ما يعود بقدر كبير إلى تحولهم عن الصيرفة الاستثمارية إلى إدارة الأصول والثروات.
وقالت صحيفة “فاينانشال تايمز” البريطانية إن مرونة البنوك تخضع لمراقبة شديدة وسط الاضطرابات الناتجة عن الإغلاقات المفروضة لاحتواء تفشي الوباء، ومع لجوء عدد قياسي من الشركات لطلب مساعدات من الحكومة.
وأطلقت الحكومات والبنوك المركزية تدابير لدعم البنوك بما في ذلك تحرير 500 مليار دولار من رؤوس الأموال من خلال تخفيف اشتراطات رأس المال، كما ضخت تريليونات الدولارات من الديون الرخيصة في النظام.
وأوضح التقرير أنه خلال السنوات الخمس الماضية ولدت البنوك الاستثمارية متوسط عائد على حقوق الملكية بنسبة 9% إلى 10%، ووفقا لأفضل السيناريوهات سوف ينتصف مقياس الربحية ذلك إلى 4% أو 5% ما بين 2020 و2022، أي دون مستوى 10% المستهدف من قبل المستثمرين، مع انخفاضه لدى البنوك الأضعف إلى صفر أو أقل.
ودخل القطاع المصرفي الأوروبي هذه الأزمة وهو في وضع ضعيف بشكل خاص، وأظهرت دراسة للبنك المركزي الأوروبي الأسبوع الماضي أن متوسط أرباح القطاع تراجعت إلى 5.2% في 2019، أي أقل من نصف نظيره الأمريكي.
وعلى عكس الأزمة المالية العالمية في 2008، لم يعد باستطاعة البنوك التعويض عن تراجع الأرباح من خلال خفض المليارات من التكاليف بسبب ارتفاع تكاليف التنظيمات والامتثال وتكنولوجيا المعلومات، وذكر التقرير أن بعض البنوك قد تضطر إلى بيع بعض الأصول أو التخارج من بعض الأعمال.
وداخل الأعمال المصرفية الاستثمارية، سوف يعوض الارتفاع في إيرادات التداول خلال التقلبات الأولية في الأسواق عن التراجع في رسوم عقد الصفقات والطروحات، وفي نفس الوقت سوف تضرر خدمات المعاملات البنكية والأوراق المالية نتيجة أسعار الفائدة المنخفضة عالميا وهو ما سيسبب المزيد من تآكل هوامش الأرباح، وفقا للتقرير.
لمتابعة أخر الأخبار والتحليلات من إيكونومي بلس عبر واتس اب اضغط هنا