مقالات

محمد العريان يكتب: العالم قد يحتاج المزيد من المحفزات لتخفيف الصدمات وتهدئة الهلع

محمد العريان

فى محاولة مفهومة ومثيرة للإعجاب لاحتواء الخسائر البشرية المأساوية لفيروس «كورونا»، راهنت الحكومات والبنوك المركزية رهانا كبيرا على «لعبة الجولة الواحدة – وفقا لمصطلحات نظرية اللعب، أى أنها راهنت على أن مجموعة واحدة حاسمة وقوية من المحفزات وتدابير الإغاثة سوف تكون كافية لمعالجة الاضطرابات الناتجة عن الوباء.

ولكن يكمن القلق حاليا فى أن الجولة الأولى من الاستجابات ينتهى بها الأمر بأن تكون عدوا يتضح فيما بعد أنه ماراثون.

ومن المستحيل تقريبا فى الوقت الحالى أن نتهم الاحتياطى الفيدرالى بعدم القيام بما يكفى لمواجهة تهديد الاختلالات فى السوق التى يمكن بدورها أن تلوث الاقتصاد المتضرر بالفعل، وبعد شهر واحد من التوظيف المتعدد لتدابير الطوارئ، ذهب الفيدرالى بالفعل إلى أبعد مما قام به أثناء الأزمة المالية العالمية، وقدرته على القيام بالمزيد لا تتعلق فقط بميزانيته – ناهيكم عن المخاطر غير الاعتيادية التى يتحملها – وإنما قد تتقلص قدرته نتيجة الصراع الذى بدأ بالفعل نتيجة الأرقام المذهلة التى ينطوى عليها الأمر بما فى ذلك الحزمة الإضافية المعلن عنها يوم الخميس الماضى بقيمة 2.4 تريليون دولار والمدفوعة بالأساس من وجهة النظر بأن المركزى قام بالكثير لوول ستريت والقليل جدا للاقتصاد الحقيقى.

ووظفت الحكومات بالفعل العديد من الأدوات المالية التى تم استخدامها خلال الأزمة المالية العالمية بأكملها، ولدى برامج دعم الأسر والشركات توقيتات محددة تسلط الضوء على الافتراض بأن معظم الارتفاع المقلق فى معدل البطالة سوف يكون مؤقتا ويمكن عكسه، وأنه سيتم تجنب الإفلاس الجماعى للشركات، ولكن إذا لم تتحقق هذه الافتراضات، سوف يتم تمديد البرامج بدون تردد، ولكن مع ذلك ستأتى تكاليف متزايدة وفيما يتعلق بحزم إنقاذ الشركات سوف تتداخل الحكومة مع نشاط القطاع الخاص، وكلما طال ذلك، ازداد الضرر المحتمل للإنتاجية والنمو المستقبلى فى بيئة تتسم بالمديونية العالية فى كل مكان.

وتشجع البنوك المركزية والحكومات المقرضين وأصحاب الأراضى وغيرهم على أن يكونوا أكثر تساهلا عندما يصبع العملاء غير قادرين على الدفع فى الوقت المحدد، ومجددا، يعد ذلك معقولا جدا، وليس فقط لتجنب تحول مشكلات السيولة إلى إفلاس وإنما أيضا فيما يتعلق بالأولويات الاجتماعية الهامة، ولكن كلما طال غلق الاقتصاد، ازدادت مخاطر تضرر حتى الميزانيات القوية، ما سيجعل التعافى أصعب.

واستجابة للأدوات السياسية الهائلة التى وظفها القطاع العام، شعر المستثمرون براحة أكبر لرفع أسعار الأصول بحدة وتفضيل فئات الأصول الأكثر خطورة وسندات الشركات، وهو ما سيتناقض مع موسم الإعلان عن نتائج الإعلان والذى سيتسم بأمرين الأول هو عدم تقديم توقعات أرباح من قبل الشركات والثانى بيانات عامة من قبل الشركات تجمع بين عدم وضوح الرؤية المستقبلة والمخاطر الهبوطية الكبيرة.

وفى نفس الوقت، سوف تزداد مخاطر تأخر الشركات عن سداد الديون وفى حالة الديون السيادية، سيرتفع التعثر فى الدول النامية.

ويظهر رهان المرة الواحدة كذلك على مستوى المؤسسات متعددة الأطراف، ولنأخذ صندوق النقد الدولى على سبيل المثال، والذى يستجيب استجابة مبهره لدعم الدول الأعضاء ويتعامل مع أكثر من 90 طلب مقدم للحصول على تمويل طاريء، وحتما سوف تكون هذه الأموال بدون شروط تذكر بالنظر إلى الحاجة لتقديمها سريعا، كما أن الكثير من القروض الموافق عليها لن تتضمن التركيز على استددامة الديون السيادية.

ولا يوجد الكثير من الدلائل التى تدعم الرهانات السياسية والاستراتيجية السوقية، كما أن المؤشرات المتاحة تفشل فى وضع قواعد قوية لمثل هذا الرهان خاصة فى يتعلق بأوجه عدم اليقين المرتبطة بمدة وحدة الإغلاق الاقتصادى وطبيعة العودة للعمل والمشهد بعد الأزمة، وكل هذه العوامل سوف تخضع للحكم الطبى الذى رغم التقدم الذى أحرزه لتقليل عدد حالات العدوى، فإنه لا يزال عليه التعامل مع القضايا الصعبة التى تتعلق بمتى وبأى طريقة يمكن رفع متطلبات التباعد الاجتماعى وكيفية الاستجابة للإشارات من آسيا فيما يتعلق باحتمالية مرض المرضى المتعافين مجددا.

وبالنظر إلى الخسائر البشرية المحتملة المتوقعة، من الطبيعى أن يضع القطاع العام هذا الرهان الكبير المالى والاقتصادى على أن يكون الدعم لمرة واحدة فقط، ومن مصلحة الجميع أن يتحقق هذه الرهان سريعا، ولكن للأسف، فى الوقت الحالى يبدو ذلك مجرد أمل أكثر منه أمر مؤكد.

والحل بالتأكيد ليس الامتناع عن وضع الرهانات، ففى الواقع أنا غير قادر على اقتراح نهج آخر واسع النطاق يكون مرغوبا ومقبولا فى هذه المرحلة، وبدلا من ذلك آمل مثل الجميع فى خروج مبكر وسلس من هذا الكابوس الصحى والاقتصادى، ودعونا نبقى عقولنا منفتحة ونفكر فى خطط طوارى تتعلق بما يمكن فعله لتخفيف العواقب غير المقصودة التى ستنتج عن الجولات المتعددة للإنقاذ وما ينتج عنها من مزيد من المرونة السياسية، وهو تحد ينطبق على جميع مستويات المجتمع والحكومات والبنوك المركزية والشركات والأسر، وهو تحد آمل أن أكون قادرا على الكتابة عنه فى الأسابيع المقبلة.

لمتابعة أخر الأخبار والتحليلات من إيكونومي بلس عبر واتس اب اضغط هنا

الأكثر مشاهدة

النفط يصل لأعلى مستوياته منذ شهر وسط توقعات بارتفاع الطلب

استقرت أسعار النفط اليوم الخميس لتقترب من أعلى مستوى في...

صندوق النقد: مستمرون في دعم مصر ولم نحدد موعد المراجعة المقبلة

أكدت المتحدثة باسم صندوق النقد الدولي، جولي كوزاك، خلال مؤتمر...

منطقة إعلانية