أخبار

كيف أثرت جائحة “كورونا” على الوظائف ومعدلات الفقر في مصر؟

الاقتصاد المصرى

أظهرت دراسة أعدها المعهد القومى للتخطيط، أن 824 ألف مصري معرضون لفقد وظائفهم منذ بداية أزمة جائحة كورونا حتى نهاية العام المالي الحالي 2019/ 2020، متوقعة زيادة معدلات البطالة فى مصر حال استمرار الأزمة حتى نهاية 2020.

وتوقعت الدراسة، زيادة عدد من سيفقدون وظائفهم إلى 1.2 مليون شخص حال استمرار الأزمة لنهاية 2020، نظراً لعدة أسباب أهمها زيادة أعداد المتعطلين وزيادة البطالة، السبب الثانى ارتفاع معدلات التضخم، والسبب الثالث تراجع مستويات الدخل .

وأشارت الدراسة إلى وجود 3 سيناريوهات توضح مدى تؤثر معدلات الفقر بالأزمة وهما السيناريو المتفائل والذى سيؤدى إلى زيادة معدلات الفقر بنسبة تصل إلى 38% بزيادة 5.5% أي بزيادة الفقراء الى 5.6 مليون فرد في عام 2020 – 20221 .

أما السيناريو الثانى “المتوسط”، فيشير إلى ارتفاع معدل البطالة بنسبة 40.2% أي ما يعادل 7.8 مليون نسمة في 2020 – 2021، بينما يتوقع السيناريو الثالث والأكثر تشاؤمًا أن ترتفع معدلات الفقر بنسبة تزيد على 44% أي ما يعنى زيادة الفقراء بنحو 12.5 مليون نسمة .

جاء ذلك ضمن دراسة، أصدرها معهد التخطيط القومي، التابع لوزراة التخطيط، بشأن تأثير أزمة فيروس كورونا على الاقتصاد المصري، والقطاعات الاقتصادية المختلفة، إضافة إلى تأثر أهم مؤشرات التنمية في مصر، وهما معدلات الفقر والبطالة.

واستندت الدراسة في قياس أثر أزمة جائحة كورونا على الفقر في مصر إلى 3 عوامل رئيسية، تتمثل في ارتفاع معدلات البطالة، وانخفاض مستوى الدخل، وارتفاع مستوى التضخم.

نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي

وأظهرت النتائج أن انخفاض نمو نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي بنحو 1%، يؤدي إلى زيادة نسبة الفقر في مصر بنحو 0.7%، وكذلك فإن زيادة معدل البطالة بنحو 1%، يؤدي إلى زيادة نسبة الفقر بنحو 1.5%، في حين أن زيادة معدل التضخم بنحو 1%، يؤدي إلى زيادة نسبة الفقر بنحو 0.4%.

أثر فيروس كورونا على معدل الفقر في مصر

أعلنت مصر عن أول حالة إصابة بالفيروس لمواطن مصري عائد من الخارج في 5 مارس 2020، وذلك بعد اكتشاف حالتين لشخصين أجنبيين، بينما تم الإعلان عن أول حالة وفاة نتيجة الفيروس لمواطن مصري في 12 مارس 2020، بعد الإعلان عن أول حالة وفاة والتي كانت لشخص أجنبي يحمل الجنسية الألمانية يوم 8 مارس 2020.

وقد ارتفع عدد إجمالي الحالات المصابة بشكل كبير بعد التوسع في الكشف عن المصابين، ليصل إلى نحو 12 ألف إصابة، ونحو 645 حالة وفاة حتى منتصف مايو 2020.

إجراءات للحد من انتشار فيروس كورونا

واتخذت الحكومة المصرية العديد من الإجراءات للحد من انتشار الفيروس، حيث تم تعليق جميع الفعاليات التي تتضمن أي تجمعات كبيرة، وتعليق الدراسة بالمدراس والجامعات، وتعليق حركة الطيران، وتخفيض عدد العاملين في المصالح والأجهزة الحكومية، تبعها فرض حظر انتقال جزئي للمواطنين في جميع أنخاء الجمهورية، وغيرها من الإجراءات.

وعلى الرغم من أهمية هذه الإجراءات، لمحاولة احتواء الأزمة والحد من انتشار الفيروس، إلا أنها كان لها تكلفة اقتصادية واجتماعية كبيرة على المجتمع المصري، مما دفع الحكومة لاتخاذ إجراءات لتحفيز النشاط الاقتصادي، والحد من هذه الآثار على المواطن المصري.

دعم قطاع الصحة وتوفير الاحتياجات الأساسية

ومن أهم هذه الإجراءات التي تستهدف مباشرة التداعيات الاجتماعية، دعم قطاع الصحة بنحو مليار جنيه لتوفير الاحتياجات الأساسية من المستلزمات الوقائية لمواجهة انتشار الفيروس، وتأجيل سداد أقساط القروض لمدة 6 أشهر، وإسقاط استحقاقات بنحو 10 مليارات جنيه لبعض العملاء، وإعفاء المديونية على المزارعين، وتقديم منحة شهرية لمدة 3 أشهر بقيمة 500 جنيه للعمالة غير المنتظمة.

وفي هذا الإطار، قامت بعض المؤسسات المحلية والدولية، بقياس الآثار الاقتصادية لجائحة كورونا على الاقتصاد المصري، فقد خفضت وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية، مستهدفاتها للنمو الاقتصادي إلى 4.2 % في العام 2019-2020 مقارنة بنحو 5.6% قبل الأزمة.

وقدر المركز المصري للدراسات الاقتصادية، نمو الاقتصاد المصري بنسبة تتراوح بين 2.3 إلى 3.5% في عام 2020، و3.1 إلى 4.7% في عام 2021.

كما توقع صندوق النقد الدولي، تحقيق مصر نمو اقتصادي في حدود 2 % في 2020، ليرتفع إلى 2.8 % في 2021.

كذلك توقع معهد سياسات أبحاث الغذاء الدولي، أن يفقد الناتج المحلي الإجمالي المصري ما بين 2.1 إلى 4.8 % في عام 2020.

مؤشرات الفقر في مصر قبل الأزمة

شهدت مؤشرات الفقر في مصر، معبرا عنها بنسبة الفقراء الذين يقل إنفاقهم أو دخلهم عن خط الفقر إلى إجمالي السكان، اتجاها عاما متزايدا خلال الخمسة عشر عاما الماضية.

فإذا تم الأخذ في الاعتبار خطوط الفقر الدولية الثلاثة التي يتبعها البنك الدولي للمقارنة بين مستوى الفقر في الدول المختلفة، يلاحظ ارتفاع نسبة الفقر المدقع (أقل من 1.9 دولار / يوم) في مصر بين عامي 1999 و2017 من 2 % إلى 3.2 %، بينما ارتفعت نسبة الفقر وفقا لخط الفقر (3.2 دولار / يوم) من 24.1 % إلى 26.1 %، أما نسبة الفقر وفقا لخط الفقر (5.5 دولار / يوم) فقد ارتفعت من 68.1 % إلى 70.4 %.

أما باستخدام خطوط الفقر الوطنية، وهي الخطوط التي تقوم بتقديرها كل دولة وفقا لخصائصها المختلفة، باستخدام سلة من السلع الغذائية ومستويات أسعارها، فقد ارتفعت نسبة الفقر المدقع من 2.9 % في عام 1999-2000 إلى نحو 6.2 % في عام 2017-2018، وهو أعلى معدل للفقر المدقع خلال العشرين عاما الماضية، وهو ما يعني زيادة عدد الفقراء المدقعين في مصر من 1.8 مليون نسمة إلى 6 ملايين نسمة خلال هذه الفترة، أي إضافة 4.2 مليون فرد.

وارتفعت نسبة الفقر في مصر وفقا لخط الفقر الأدنى بشكل متزايد من 16.7 % في عام 1999-2000 إلى 32.5 % في عام 2017-2018، أي أن ما يقرب من ثلث السكان في مصر في هذا العام يقعون تحت خط الفقر، وهذا يعني ارتفاع عدد الفقراء في مصر خلال هذه الفترة من 10.6 مليون نسمة، إلى 31.3 مليون نسمة، أي أن عدد الفقراء في مصر زاد بنحو 20.7 مليون فرد خلال هذه الفترة.

وتعد زيادة نسبة الفقر في مصر في عام 2017-2018 مقارنة بعام 2015 (4.7%) هي الأعلى خلال هذه الفترة وربما تكون الأعلى منذ البدء في قياس الفقر المادي في مصر.

خفض فاتورة الدعم للسلع والخدمات

ويأتي هذا في ضوء السياسات الاقتصادية التي تبنتها الدولة في ظل برنامج الإصلاح الاقتصادي، الذي يستهدف خفض فاتورة الدعم للسلع والخدمات، وترشيد الإنفاق الحكومي وما تبعها من ارتفاع معدلات التضخم إلى مستويات قياسية.

وفيما يتعلق بخصائص الفقراء وفقا للحالة العملية، فقد اشارت البيانات إلى أن أكثر من 43 % من العاملين بالقطاع الخاص داخل المنشآت، في حين أن 19 % من العاملين بالقطاع الحكومي / قطاع الأعمال العام هم من الفقراء.

أما بالنظر إلى توزيع المشتغلين من الفقراء وفقا لقطاع العمل، فنجد أن 44.8 % منهم يعملونا بالقطاع الخاص خارج المنشآت، و40.2 % في القطاع الخاص داخل المنشآت، كذلك فإن 37.6 % من المشتغلين الذين يعيشون تحت خط الفقر هم من العمالة المؤقتة.

مؤشرات الفقر في مصر بعد الأزمة

لدراسة أثر أزمة فيروس كورونا على معدل الفقر في مصر، لابد من الأخذ في الاعتبار عدة عوامل:

تعتبر البطالة هي أحد الروافد الرئيسية للفقر، ومن المتوقع أن يرتفع عدد المتعطلين عن العمل في مصر جراء الأزمة الحالية إما نتيجة فقدان وظائفهم، أو تراجع فرص العمل المتاحة أمام الباحثين عن العمل نتيجة تراجع الأداء الاقتصادي بصفة عامة، وانخفاض الاستثمارات الأجنبية بصفة خاصة.

وهنا يمكن الحديث عن فئتين هما الأكثر عرضة لقدان وظائفهم، الفئة الأولى هم العاملون لحسابهم الخاص دون الاستعانة بالآخرين، والفئة الثانية العاملون في القطاع غير الرسمي، وهناك تداخل كبير بين الفئتين.

وبلغ عدد العاملين لحسابهم الخاص في مصر عام 2018، وفقا لمسح القوى العاملة نحو 3 ملايين عامل، ما يمثل نحو 11.5 % من إجمالي المشتغلين.

القطاع غير الرسمي

أما بالنسبة للعاملين في القطاع غير الرسمي، فلا يوجد حصر دقيق لإجمالي عدد العاملين في هذا القطاع بمصر، حيث تشير بيانات التعداد الاقتصادي لعام 2017-2018 إلى أن عدد العاملين في القطاع الخاص غير الرسمي داخل المنشآت في مصر بلغ نحو 4 ملايين عامل، يمثلون نحو 31 % من إجمالي المشتغلين في القطاع الخاص.

بينما يصل عدد المشتغلين خارج المنشآت إلى نحو 11.7 مليون عامل، يمثلون 45 % من إجمالي المشتغلين وفقا لبحص القوى العاملة، ووفقا لمنظمة العمل الدولية، يمثل العاملون بالقطاع غير الرسمي نحو 63.3 % من إجمالي المشتغلين في مصر، أو ما يعادل 16.5 مليون عامل، وهي نسبة كبيرة ربما لا تعبر عن الواقع بشكل دقيق وخاصة أنها تتعدى دولا كثيرة مثل الصين والبرازيل وفقا لذات المصدر.

وقد اشارت بعض التقديرات إلى أن الأزمة الحالية، ربما تتسبب في إضافة ما يتراوح بين 336 ألف إلى 1.3 مليون متعطل إلى إجمالي المتعطلين عن العمل في الربع الأخير من عام 2019، والذي بلغ نحو 2.3 مليون متعطل، وذلك نتيجة تأثير العمالة غير الرسمية في مصر بشكل كبير، وهو ما يعني ارتفاع معدل البطالة ليصل في المتوسط خلال عام 2020 إلى 11.5 %.

1.2 مليون فرد معرضون لفقدان وظائفهم

وقدرت وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية عدد المعرضين لفقد وظائفهم بنهاية 2019-2020 بنحو 824 ألف عامل، وفي حال استمرار الأزمة حتى نهاية 2020، فمن المتوقع أن يصل العدد إلى 1.2 مليون فرد، معظمهم في قطاعات تجارة الجملة والتجزئة والنقل التخزين والصناعات التحويلية وخدمات أفراد الخدمة المنزلية الخاصة بالأسر، إضافة إلى السياحة.

يضاف إلى ذلك العمالة العائدة من الخارج خاصة من دول الخليج والتي تأثرت بشكل ملحوظ جراء جائحة كورونا، بالإضافة إلى تراجع أسعار النفط، وهو المصدر الرئيسي للدخل بهذه الدول.

وبالطبع تمثل عودة العمالة المصرية صدمة لسوق العمل المصري، خاصة في ظل عدم قدرة سوق العمل على استيعاب هذه العمالة العائدة، والتي لا يوجد لها حصر دقيق حتى الآن، وخاصة أن ترتيب إجراءات عودتهم إلى مصر تأخذ وقتا طويلا في ظل تعليق رحلات الطيران بين الدول كافة.

لمتابعة أخر الأخبار والتحليلات من إيكونومي بلس عبر واتس اب اضغط هنا

الأكثر مشاهدة

النفط يصل لأعلى مستوياته منذ شهر وسط توقعات بارتفاع الطلب

استقرت أسعار النفط اليوم الخميس لتقترب من أعلى مستوى في...

منطقة إعلانية