أخبار

المشاط: أزمة “كورونا” ستعيد تشكيل النظام الاقتصادي والاجتماعي في المنطقة

تمويل تنموي

أكدت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التعاون الدولي، أن الوضع الإقليمي والعالمي الراهن في ضوء أزمة تفشي فيروس “كورونا ” ( كوفيد-19 ) يستدعي ضرورة إعادة تشكيل النظامين الاقتصادي والاجتماعي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، من خلال رؤية حديثة تدعم القدرة على التكيف والصمود لاقتصاديات المنطقة، وتتطلب تبني لغة مشتركة للتعاون لدى جميع الأطراف ذات الصلة في المنطقة، بما في ذلك القيادات الحكومية والقطاع الخاص والمجتمع المدني والأكاديمي والعلمي.

الجائحة لا تعرف الحدود الدولية

وقالت وزيرة التعاون الدولي – لدى مشاركتها مع “ميريك دوسيك” و”آلان بيجاني” كرئيس مشارك في مجلس إدارة مستقبل الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، الذي دشنه المنتدى الاقتصادي العالمي بدافوس في يناير الماضي، وتبعته اجتماعات مع القطاع الخاص والحكومات العربية لصياغة الرؤية الإقليمية، إن جائحة “كورونا ” أثبتت أنها لا تعرف حدودا دولية، وأن أية دولة لن تستطيع أن تنعزل بنفسها عن باقي العالم، كما أن العدوى لا تقتصر على تخطي الفيروس للحدود، بل تنتشر آثاره على الإنتاج والاستهلاك العالمي، بما يتبعه ذلك من تباطؤ في النشاط الاقتصادي.

وأضافت الوزيرة ، أن دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لم تستثن من الآثار السلبية لفيروس “كوفيد-19″، بل كانت لبعض الظروف التي تخص هذه المنطقة تبعات حالت دون فاعلية استراتيجيات الاستجابة والتعافي المنفذة، حيث أنه بخلاف معاناة المنطقة من آثار جائحة “كوفيد-19″، تتعرض أيضا لتقلبات في أسعار الطاقة، وتعاني الاقتصاديات الإقليمية من آثار هذه التقلبات بنسب متفاوتة.

الأزمة تؤثر على برامج الإصلاح الطموحة

وأوضحت ، أن سيناريو الأزمة المزدوجة يؤثر على برامج الإصلاح الطموحة التي بدأت العديد من حكومات دول المنطقة تنفيدها ، وأنه بالرغم من وجود احتياطيات ضخمة لدى أكبر اقتصادياتها ، إلا أن بعض القطاعات الاستراتيجية اللازمة لتنوع هذه الاقتصاديات، مثل السياحة ووسائل الترفيه على سبيل المثال، تأثرت بشكل مباشر، الأمر الذي أضفى تعقيدا على تنفيذ برامج الإصلاح.
وأشارت إلى أن “الجائحة ” تسببت في تفاقم خطوط الصدع المجتمعي والاقتصادي داخل المجتمعات التي تعاني من النزاعات مثل: اليمن وسوريا وليبيا.

ارتفاع البطالة بين الشباب وتضخم عدد اللاجئين

ولفتت الوزيرة إلى أن تدني مستويات التكيف والصمود الاجتماعي والاقتصادي في المنطقة أدى إلى ارتفاع نسبة البطالة بين الشباب وتضخم عدد اللاجئين، وضعف آليات التكامل الاقتصادي على المستوى الاقليمي، مما أسفر عن زيادة التحديات التي تواجهها مجتمعات الشرق الأوسط وشمال أفريقيا نتيجة الآثار المترتبة على جائحة “كوفيد-19”.

وأكدت أن الركيزة الأساسية لطرح الرؤية الجديدة والمفهوم الجديد للتعاون ترتكز على تبني الشركات لقدر أكبر من الأدوار والمسئوليات، وهو تصور لنظام اقتصادي جامع للأطراف ذات الصلة، حيث يقدم فهما شاملا لأدوار الشركات، ولا تقتصر على مصالح العملاء والموردين والموظفين والمساهمين فحسب، بل تشمل النطاق الأوسع من المجتمع والبيئة، وفي مجتمعات الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ينبغي التركيز على مسئوليات الشركات تجاه الفئات الأكثر احتياجا.

ونوهت وزيرة التعاون الدولي، إلى أن المنتدى الاقتصادي العالمي أيد وجود اقتصاد جامع للأطراف ذات الصلة منذ بداية نشاطه في عام 1970، وأعاد قادة القطاع الخاص التأكيد على مبادئه في بيان دافوس أثناء اجتماعه السنوي في 2020، واليوم وفي ظل تأثير “كوفيد-19” على كافة الأنظمة الصحية والاقتصادية على مستوى العالم، أصبحت هذه المبادئ أكثر إلحاحاً من أي وقت مضى، وأصبحت جزءًا من مبادرة إعادة التشكيل التي طرحها المنتدى الاقتصادي العالمي لبناء عالم أكثر احتواءً ومرونة في أعقاب “كوفيد-19”.

مشاركة القطاعين العام والخاص

ودعت وزيرة التعاون الدولي إلى سرعة التحرك في نطاق أربعة محاور لتحديد جهود المشاركة بين القطاع العام والقطاع الخاص، وهي نتاج أفكار ورؤى اجتماع عبر وسائل التواصل الافتراضي لمجموعة العمل الإقليمي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، حيث قام عدد من القادة في عدة مجالات وقطاعات بتحديد أربعة تحديات نظامية تحتاج إلى المزيد من المشاركات بين القطاعين العام والخاص لتدشين نظام اقتصادي جامع للأطراف ذات الصلة.

4 محاور رئيسية لمواجهة “كورونا”

وأشارت إلى أن مجموعة العمل قررت 4 محاور، تضمنت تسريع وتيرة التمكين الاقتصادي والمجتمعي الشامل، فمع تسبب جائحة “كوفيد-19” في إحداث تغيير كبير في طبيعة العمل والتوظيف، كانت هناك حاجة لاعتماد المزيد من الإجراءات لدمج الشباب اجتماعيا واقتصاديا وبالأخص المرأة، مع تنمية القطاع الخاص للحد من البطالة بين الشباب وتحفيز دمج المرأة واللاجئين بين القوة العاملة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

وأوضحت أن المحور الثاني يتمثل في وضع رؤية جديدة للتكامل الاقتصادي، مما يتطلب احتواء الوباء بفاعلية وضمان التعافي والتغلب عليه عند طرح استجابة تتسم بالتكامل الإقليمي، ولكن قد يعيق ذلك تدني مستويات التبادل التجاري فيما بين دول الإقليم والتعاون عبر الحدود بين اقتصاديات المنطقة المتنوعة.

التجارة البينية للسلع

وأشارت إلى أنه طبقا لدراسة أجرتها مؤسسة “ماكنزي” ، لا تشكل التجارة البينية للسلع داخل منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا سوى 16% من إجمالي التجارة ، مقارنة بـ63% بين دول الاتحاد الأوروبي و52% في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، وأنه بما أن تجزئة المنطقة تعرقل قدرة التكيف والصمود فيما بين مجتمعات الشرق الأوسط والتنمية الاقتصادية بشكل عام، دعت مجموعة العمل الإقليمي إلى تعزيز التعاون بين القطاعين العام والخاص لخلق أنظمة للتكامل الاقتصادي والتجاري، بما في ذلك تطوير آليات مؤسسية لخلق بيئة تنظيمية داعمة للقطاعين، والتي تشمل ما يتعلق بتدفقات البيانات عبر الحدود والاقتصاد الرقمي بصفة عامة.

الثورة الصناعية الرابعة

ولفتت إلى المحور الثالث الذي يركز على تسخير الثورة الصناعية الرابعة، وذلك نظرا لأن جائحة ” كورونا ” أثبتت أهمية الحلول التكنولوجية المتقدمة مثل تلك المتعلقة بتعقب “المخالطين ” والعمل عن بعد، لذا سيعتمد مستقبل المنطقة بشكل ملح على البنية التحتية القادرة على الحفاظ على التوازن بين الخصوصية والفعالية.

وأوضحت أن مجموعة العمل دعت لتحقيق المزيد من التعاون للاستفادة من عدة عوامل هامة بالمنطقة مثل توافر البنية التحتية الرقمية والاستخدام المكثف لشبكة الانترنت والشباب في المعرفة التكنولوجية من أجل الوصل بين الاقتصاديات الرقمية بالمنطقة، وإتاحة منصات تنفيذية لخدمات متنوعة، والاستفادة من حلول التكنولوجيا المالية لخلق المزيد من الشمول المالي من خلال أنظمة الدفع الرقمية.

وقالت إن المحور الرابع تمثل في تعزيز الإدارة والاشراف البيئي بعد أن أوضحت الأزمة الحالية للجميع الدرجة التي تستطيع بها كارثة غير متوقعة واسعة التأثير مثل جائحة كورونا، أن تضر بالحياة الاقتصادية والسياسية على مستوى العالم، وبما أن المنطقة تواجه عددا من التهديدات الخطيرة المرتبطة بالتصحر وندرة المياه والموجات الحارة، توجد حاجة ملحة لإعادة التركيز على البيئة للحد من المخاطر المتعلقة بالمناخ وتجنب الاضطرابات المحتملة ذات الصلة مستقبلا.

التحول للاقتصاد الأخضر

وأكدت الوزيرة أنه في ضوء حاجة دول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا للتحول إلى اقتصاديات “أكثر خضارا” ، فإن هناك فرصة لقيام الحكومات بتصميم استجاباتها المالية والنقدية بشكل يسمح بالدفع بالاقتصاديات الوطنية في اتجاه يركز على تحقيق الاستدامة البيئية، ويشمل ذلك دعم المشروعات الخضراء المبتكرة في مجال الاقتصاد المستدام على سبيل المثال.

وكشفت عن أن أزمة “كورونا ” تمنح فرصة نادرة لصانعي القرار بالمنطقة، حال تطبيق نظام اقتصادي جامع للأطراف ذات الصلة بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، إذ ستتاح الفرصة لطرح استجابة لا تتطرق نتائجها للمشكلات الحالية فحسب، بل تعيد تشكيل المجتمعات والاقتصاديات لتسمح لها بالخروج من الجائحة أقوى من ذي قبل وأكثر قدرة على التكيف والصمود.

لمتابعة أخر الأخبار والتحليلات من إيكونومي بلس عبر واتس اب اضغط هنا

الأكثر مشاهدة

النفط يصل لأعلى مستوياته منذ شهر وسط توقعات بارتفاع الطلب

استقرت أسعار النفط اليوم الخميس لتقترب من أعلى مستوى في...

“بولد رووتس” للتسويق العقاري تدشن أول مكتب إقليمي لها في دبي

عقدت شركة "بولد رووتس" للتسويق العقاري أولى فعالياتها في ختام...

منطقة إعلانية