رغم أن العالم يعج بالخام، إلا أن منظمة الدول المصدرة للبترول وحلفائها «أوبك بلس» تعتزم ضخ مزيد من البراميل فى أقل من 8 أسابيع.
وتعتبر هذه الخطوة خاطئة بالنسبة للكثيرين فى سوق البترول، كما أن بعض الدول الأعضاء داخل تحالف «أوبك بلس» تتساءل بشكل متزايد أيضاً عما إذا كان ينبغى على المجموعة المنتجة للبترول إعادة النظر فى الأمر.
وقال المؤسس المشارك لمجموعة «ميركوريا» للطاقة، أحد أكبر شركات تجارة السلع الأساسية فى العالم، ماركو دوناند: «لسنا بحاجة إلى البترول الإضافى».
ذكرت وكالة أنباء «بلومبرج»، أن «أوبك بلس» أعلنت عن خطة قوية مكونة من ثلاث مراحل، عندما خفضت إنتاجها فى مايو الماضى فى ظل تدمير وباء «كوفيد19-» للطلب، فالمرحلة الأولى تتمثل فى الخفض الأعمق، إذ اُستخرج نحو 10 ملايين برميل يومياً، ثم المرحلة الثانية المتمثلة فى تخفيف التخفيضات إلى نحو 8 ملايين برميل يومياً، ومن المقرر أن تبدأ المرحلة الثالثة فى يناير المقبل، إذ يتعين على المجموعة تقليص التخفيضات إلى 6 ملايين برميل فقط.
لكن الآن.. تناقش «أوبك بلس» كيفية المضى قدماً، إذ تتحول الأجواء إلى حالة من الكآبة داخل «الكارتل»، فالطلب يتعافى بشكل أبطأ من المتوقع، كما أن حجم المخزونات لا ينخفض إلى المستويات التى توقعها التحالف قبل شهرين فقط، وتظل أسعار البترول أقل من آمال العديد من الدول الأعضاء.
وقال محلل البترول لدى مؤسسة «مورجان ستانلي» للخدمات المالية والاستثمارية الأمريكية، مارتين راتس، إن أساسيات سوق البترول تبدو وكأنها ضعيفة.
ويواجه وزير الطاقة السعودى عبدالعزيز بن سلمان، ونظيره الروسى ألكسندر نوفاك مهمة صعبة، ففى ظل وجود كثير من البترول، يعتقد بعض التجار أن «أوبك» ربما تلجأ لتأخير أو توزيع زيادة الإنتاج على مدى عدد من الأشهر، فى محاولة لضبط الزيادة مع الاستهلاك الموسمى.
وقال رئيس آسيا فى مجموعة «فيتول» لتجارة البترول، مايك مولر: «لا أعتقد أن السوق ترى ذلك يحدث بضربة واحدة»، وفى جلسات خاصة، يناقش بعض ممثلى «أوبك بلس» ما إذا كان ينبغى تأجيل الخفض التدريجى للإنتاج، على الأقل لبضعة أشهر حتى عام 2021.
وقال أحد ممثلى «أوبك»، والذى طلب عدم نشر اسمه، لأن المحادثات يجب أن تظل سرية، إن التأخير القصير، ربما لشهرين أو ثلاثة أشهر، يعتبر احتمالاً واقعياً، فى حين أن المندوبين الآخرين غير متأكدين تماماً من الأمر، على أمل أن يصبح سوق البترول أقوى بحلول بداية ديسمبر المقبل، إذ يشيرون إلى علامات مثل الانخفاض السريع فى المخزونات على متن السفن قبالة الصين، على سبيل المثال، أو علامات على أن الشتاء فى نصف الكرة الشمالى قد يكون أكثر برودة من المعتاد.
الانتخابات والحرب الأهلية
وقبل اجتماع المجموعة المقرر انعقاده على مدار يومى 30 نوفمبر و1 ديسمبر، يمكن أن تتغير كثير من الأمور، وأن تعيد الانتخابات الرئاسية الأمريكية المقرر انعقادها فى غضون ما يزيد قليلاً على شهر تشكيل السياسة الخارجية وسياسة الطاقة الأمريكية، ثم هناك ليبيا التى تعافى فيها إنتاج البترول بعد هدنة بين الفصائل المتحاربة، وأخيراً مسار الجائحة وإمكانية الحصول على لقاح أو علاج.
وتبدو السعودية وروسيا متحدتين، فى الوقت الراهن، بشأن كيفية التعامل مع المشكلة، إذ تنتظر كلتيهما لمعرفة كيف سينتهى شهرى أكتوبر ونوفمبر قبل الالتزام بمسار عمل، كما أن كلتيهما حريصتين على رؤية امتثال أفضل بالأهداف الحالية، خصوصاً من الإمارات والعراق، وفقاً لأشخاص مطلعين على تفكير البلدين.
وفى الوقت نفسه، اتفقت موسكو والرياض، الشهر الماضى، على أن الكارتل يجب أن يكون ذى أفعال استباقية ووقائية، وأوصيا بأن تكون الدول المشاركة على استعداد لاتخاذ مزيد من الإجراءات الضرورية عند الحاجة لذلك.
وذكرت «بلومبرج»، أن هذه المرة لن تكون الأولى التى تقرر فيها «أوبك بلس» تأجيل خطتها المكونة من 3 مراحل، ففى البداية كان من المقرر أن تبدأ المرحلة الثانية من القيود فى بداية يوليو لكنها أجلت الأمر لمدة شهر.
فقد ظهر خلاف بين روسيا والسعودية فى البداية بشأن التأخير، لكنهما سرعان ما استطاعتا خلق أرضية مشتركة، ويتوقع العديد من المراقبين وضعاً مماثلاً هذه المرة، إذ من المرجح أن تكون السعودية أكثر صخباً من روسيا، لكن من المرجح أن تجد موسكو والرياض حلاً مثلما حدث على مر التاريخ.
ويعتقد مراقبو «أوبك بلس»، الذين يتتبعون الأحاديث داخل المنظمة ويحاولون قراءة ما بين السطور بحثاً عن أدلة حول العمل المستقبلى، أن الجدل مشتعل داخل مجموعة الدول المنتجة للبترول، فى حين توجد قلة تعتقد أن المسألة قد تمت تسويتها.
وقالت الشريك المؤسس لشركة الاستشارات «إنرجى أسبكتس»، أمريتا سين، إن «أوبك بلس» تريد معرفة المزيد عن الوضع فى ليبيا وتعافى الطلب العالمى قبل اتخاذ أى إجراء. وأضافت سين: «إذا شعرت أوبك بلس أن الأسعار ضعيفة للغاية، فإن ردها المحتمل سيكون تأخير الانتقال إلى المرحلة الثالثة من الصفقة لمدة 3 أشهر».
لمتابعة أخر الأخبار والتحليلات من إيكونومي بلس عبر واتس اب اضغط هنا