قال بنك الاستثمار بلتون فايننشال، أحد أكبر بنوك الاستثمار في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، إن قرار تعويم الجنيه الذي أتخذه البنك المركزي المصري في الثالث من نوفمبر من 2016، نجح في استعادة ثقة المستثمرين الدوليين في الاقتصاد المصري، وجعل مصر الأكثر جذبًا للاستثمارات الأجنبية بين الأسواق الناشئة.
ووصفت كبير الاقتصاديين في بنك الاستثمار بلتون، علياء ممدوح، في تصريحات لوكالة أنباء الشرق الأوسط، قرار تحرير سعر الصرف بأنه كان ضروريًا للغاية في ذلك التوقيت، ولم يكن في صالح الاقتصاد المصري تأخيره أكثر من ذلك بعد تردى كثير من الأوضاع والمؤشرات الاقتصادية سواء على صعيد الاحتياطي النقدي أو الاستثمار الأجنبي، فضلا عن وجود سعرين للدولار في البلاد وتركز التعاملات في ذلك الوقت في السوق السوداء ما كان يزيد المخاطر على الاقتصاد.
التحرك السريع لسعر الصرف في السوق الموازي أعاق الاستثمارات الأجنبية
وبحسب “ممدوح” لم يكن الاقتصاد المصري قادرًا على تحمل المزيد من الأعباء الناتجة عن عدم تحرير سعر الصرف في ذلك الوقت، خاصة مع سيطرة السوق الموازي على تعاملات النقد الأجنبي، وصلت لحد استحوازها على غالبية تحويلات المصريين في الخارج والتي تشكل أحد الموارد الرئيسية للنقد الأجنبي في مصر.
وأشارت إلى أن التحرك السريع لأسعار الصرف في السوق الموازي في ذلك الوقت كان يعوق الاستثمارات الأجنبية ويزيد من حالة عدم الثقة في الاستثمار ويزيد من الصعوبات على الشركات في وضع ميزانياتها المستقبلية ودراسات الجدوى الخاصة بها.
وكانت أسعار الصرف الرسمية للدولار قبل تعويم الجنيه تدور بين مستويات 8.80 جنيه للشراء و9.80 جنيه للبيع، في حين تراوح سعر الدولار في السوق الموازي بين مستويات من 15 إلى 19 جنيهًا.
وترى “ممدوح” أن الأوضاع الاقتصادية قبل التعويم كانت جميعها تشير إلى ضرورة الحاجة إلى توفير مصادر دخل بالعملة الاجنبية وهذا ما كان ليأتي دون استعادة ثقة المستثمرين الأجانب بتحرير سعر الصرف، فضلا عن التدهور الكبير في صافي الأصول الأجنبية لدى البنوك والقطاع المصرفي بالكامل وهو ما كان يؤثر على قدرة الدولة على الوفاء بالتزاماتها وتغطية فاتورة الواردات.
هبوط الاحتياطي النقدي الى أدنى مستوياته
ونوهت إلى أن الاحتياطي النقدي كان قد وصل إلى أدنى مستوياته قرب الخط الأحمر الذي يضعه صندوق النقد الدولي للدول النامية، حيث لم يكن يسد احتياجات البلاد الاستيرادية من السلع الاساسية سوى لأقل من 3 أشهر، مقابل 8 أشهر حاليًا بعد تحرير سعر الصرف.
وكان احتياطي مصر من النقد الأجنبي قد هبط لأدنى مستوياته قرب 13 مليار دولار، قبل تحرير سعر الصرف ، وبعدها انطلق في رحلة صعود تاريخية مسجلا 45.5 مليار دولار بعد تحرير سعر الصرف بأكثر من عامين.
تعافي الصناعة
وقالت “ممدوح” إن القطاع الصناعي بدأ يتعافي بعد تحرير سعر الصرف، وظهر ذلك بشكل كبير خلال 2020، بعد مبادرات البنك المركزي التي أطلقها لدعم الاقتصاد والصناعة والتي تعد هي ايضا أحد نتائج تحرير سعر الصرف.
عودة تدفقات رؤوس الأموال الأجنبية
وأكدت أن تدفقات رؤوس الأموال الاجنبية عادت من جديد إلى السوق المصرية بعد أن هجرتها لأشهر طويلة، خاصة في أدوات الدين التي تمثل قناة مهمة لتدفقات النقد الأجنبي لمصر، وباتت مصر أكثر تنافسية وجاذبية لدى الصناديق الدولية مقارنة بدول أخرى مماثلة في الأسواق الناشئة.
وكان رصيد الأجانب في أذون الخزانة قد هبط إلى مستوى لم يتجاوز 110 ملايين دولار، قبل أن يتعافي بعد تحرير سعر الصرف ليصل إلى أكثر من 21 مليار دولار حاليا.
استعادة تحويلات المصريين في الخارج
وأشارت “ممدوح” إلى أن تحويلات المصريين العاملين بالخارج عادت من جديد لتمر عبر قنواتها الشرعية من خلال البنوك بعد أن استقطبتها السوق السوداء، لتصل خلال العام المالي 2019- 2020 إلى أعلى مستوياتها تاريخيا مسجلة نحو 28 مليار دولار، بعدما كانت قد هبطت إلى 18 مليار دولار فقط قبل تحرير سعر الصرف.
وقالت إن تحرير سعر الصرف وما تلاه من تبعات اقتصادية ايجابية مكن الدولة المصرية من إعادة بناء القطاعات الاقتصادية المختلفة، وهو ما ظهر في المشروعات القومية الكبرى التي غيرت وجه مصر وساهمت في تدفقات رؤوس أموال ضخمة إلى الاقتصاد ساعدت في تغطية عجز الحساب الجاري.
لمتابعة أخر الأخبار والتحليلات من إيكونومي بلس عبر واتس اب اضغط هنا