يحبس العالم الآن أنفاسه في انتظار إعلان نتيجة الانتخابات الرئاسية الأمريكية، ولا تعتبر فرص الرئيس الحالي دونالد ترامب قوية للغاية وسط أزمات واجهها الناخب الأمريكي أبرزها أزمة الفيروس الذي أصاب 9.5 مواطن أمريكي وأودى بحياة 233 ألفا منهم، كما لم يستطع المرشح الديمقراطي بايدن حسم السباق.
تُظهر ردات فعل ترامب ميله لعدم تأثير إجراءات مواجهة انتشار الفيروس على الاقتصاد، وهو عكس ما يراه جو بادين، الذي شغل في السابق منصب نائب الرئيس في إدارة أوباما.
وبالنسبة للاقتصاد الأمريكي فيتوقع صندوق النقد أن ينكمش بنسبة 4.3% هذا العام جراء تأثيرات الوباء، لكن ماذا يهمنا نحن المصريين أو العرب في كل هذا؟
الولايات المتحدة هي أقوى دول العالم اقتصاديا بلا منازع، كما أن سياساتها الخارجية سواء كانت الاقتصادية أو السياسية تؤثر علينا ضمن دول العالم بشكل أو آخر.
الولايات المتحدة ومصر.. من المعونة لقضية السد
استمرت الولايات المتحدة الأميركية في منح مصر معونة سنوية تقدر بـ1.3 مليار دولار منذ توقيعها اتفاقية السلام مع إسرائيل، لكن المعونة ليست بقيمتها التي تمثل نسبة ضئيلة من حجم الاقتصاد المصري بقدر ما هي رمزا لعلاقة مصر بالولايات المتحدة وأهميتها بالنسبة لها.
أما عن قضية السد، فأظهرت التصريحات الأخيرة للرئيس الأميركي ترامب عن ميل رؤية إدارته في أحقية مصر في نهر النيل بعدما صرح بأن للقاهرة حق في ضرب السد الإثيوبي وسط تعنت أديس أبابا الذي يشكل خطرا مباشرا على مصر من حيث الأمن المائي والغذائي.
تبلغ حصة مصر من نهر النيل 55 مليار متر مكعب في السنة، وكل متر مكعب ينقص يعني بوار 200 ألف فدان في وقت تحاول مصر زيادة رقعتها الزراعية البالغة حوالي 9 ملايين فدان بـ1.5 مليون فدان إضافي وسط تنامي أعداد السكان.
وصول بايدن للسلطة لا يعني بالضرورة أن الإدارة الأمريكية ستغير وجهة نظرها تجاه هذا الأمر أو غيره، لكن موقف ترامب معروف.
دول الخليج.. أزمة النفط وإيران
يعادي الرئيس الأمريكي ترامب بشكل واضح النظام الإيراني، وبعيدا عن أسباب العداء، لكن مع وصول ترامب للسلطة قبل 4 سنوات ألغى معاهدة كان قد وقعها سابقه أوباما مع إيران بخصوص برنامجها النووي، وفرض عليها عقوبات حادة طالت البنوك والطيران والنفط وحتى صناعة السجاد.
ما يهم دول الخليج سياسيا هو تحجيم إيران الراغبة في التوسع، أما عن الاقتصاد فإيران لديها احتياطي نفطي ضخم يضعها في المرتبة الرابعة بين منتجي البترول في العالم كما أنها مرشحة لتحتل المرتبة الثالثة بعد السعودية بعد كشف نفطي ضخم أعلنت عنه قبل شهور.
بشكل عام تنتج إيران الآن أقل بقليل من مليوني برميل في اليوم بعدما وصل متوسط إنتاجها لـ3.5 مليون برميل يوميا في عام 2018 قبل فرض العقوبات الأمريكية، وفق بيانات أوبك.
وبمعنى أوضح، يعاني مُصدروا النفط منذ تفشي فيروس كورونا من نارين أولهما تراجع السعر في ظل هبوط الطلب، ما دفعهم لتكوين اتحاد سمي أوبك+، يضم دول أوبك ومنتجين كبار من خارجها على رأسهم روسيا، بهدف خفض الإنتاج لموازنة العرض والطلب ما يعني مبيعات أقل ومكاسب أقل.
ورفع العقوبات عن طهران وعودتها لسوق النفط بكامل طاقتها يعني زيادة تخمة السوق بالمعروض وانخفاض الأسعار، ما سيشكل مزيد من الضغط على دول الخليج.
نعود ونقول لا يعني فوز بايدن بالضرورة رفع العقوبات عن طهران، ولم نقرأ أو نسمع منه عن نيته، لكنه كان نائب الرئيس وقت توقيع الاتفاق الذي ألغاه ترامب.
بالرسوم الجمركية.. المخاوف تمتد لأقصى الشرق
نتجه لأقصى الشرق، حيث الصين أو كما يطلق عليها “مصنع العالم”، وهي التي دأب الرئيس ترامب في فرض عقوبات تجارية عليها بهدف موازنة الميزان التجاري الأمريكي الصيني الذي يميل ناحية الصين، ما يعني أن الصادرات الصينية للولايات المتحدة تفوق الواردات، وهو ما يضر بالطبع بالصناعة الأمريكية.
وتابعنا قبل تفشي فيروس كورونا في العالم، جولات الرسوم الجمركية التي فرضتها إدارة ترامب على السلع الصينية ما أضر بحركة التجارة العالمية إلى أن أتت أزمة كورونا وشلت التجارة العالمية بشكل شبه كلي، وفوز ترامب يعني استمرار الحرب التجارية إلا إذا أفلحت بكين في التوصل لاتفاق مع ترامب.
بشكل عام تؤثر السياسات الاقتصادية للولايات المتحدة، صاحبة العملة العالمية “الدولار” الذي يمثل نحو 65% من الاحتياطيات الأجنبية في العالم وهو عملة التجارة الرئيسية وهي حاليا أكبر منتج ومستهلك للنفط، على دول العالم أجمع بشكل أو آخر واختيار رئيسها يشغل الرأي العالم العالمي، فبالرغم من مؤسسية الدولة الأمريكية إلا أن طريقة تنفيذ سياساتها العامة تبقى بشكل كبير في يد الرئيس.
لمتابعة أخر الأخبار والتحليلات من إيكونومي بلس عبر واتس اب اضغط هنا