قالت وكالة أنباء بلومبرج، إن الصين تستخدم هيمنتها على سلاسل التوريد العالمية فى التعافى من آلام الحرب التجارية التى شنها الرئيس اﻷمريكى دونالد ترامب عليها قبل بضعة أشهر.
وأوضح مدير التصدير فى شركة «ساكس» الصينية لمعدات المناولة، توماس وانج، فى معرض «كانتون» الذى عقد فى مدينة قوانغتشو الصينية الشهر الحالى، إن الإنتاج الصينى يهيمن على المعدات غير المعقدة منخفضة السعر، كما يتميز بفارق سعر كبير، مقارنة بالمنتجات المماثلة للمنافسين الغربيين.
وأوضح وانج، أن المشترين الأمريكيين ليس لديهم موردين جيدين للاستعاضة بهم عن الصين، وبالتالى سيتم ترحيل جميع التعريفات الجمركية المفروضة إلى المستفيدين النهائيين.
أيضا تعمل السوق المحلى سريعة النمو بشكل متزايد كمرساة لسلاسل التوريد العالمية، وبالتالى وبجانب الاعتماد المنخفض على السوق الأمريكية ربما لن تتمكن تعريفات ترامب الجمركية بقيمة 250 مليار دولار، من الإضرار بسلاسل التوريد الصينية سريعاً.
وأشارت وكالة أنباء بلومبرج، إلى أن الصادرات المتجهة إلى الولايات المتحدة تمثل ما يقل عن %20 من إجمالى منتجات الصين.
كما أن بنك «دويتشه» الألمانى، يقدر إجمالاً أن الإنتاج الصناعى فى الصين لا يتعرض للسوق الأمريكية إلا بنسبة %5 فقط.
وقال كبير الخبراء الصينيين لدى «دويتشه بنك» فى هونج كونج، تشانغ تشى وي، إن الإنتاج الصينى الذى يخدم بقية العالم أكثر أهمية بخمسة أضعاف من سلاسل التوريد التى تخدم الولايات المتحدة.
ومع ذلك تكمن المسألة الجوهرية فيما إذا كانت التعريفات الأمريكية تفرض قيوداً على سلاسل التوريد الصينية التى تخدم دولاً أخرى، لكن التاريخ يشير إلى أنها لن تصل إلى هذه المرحلة.
وأشار تشانغ، إلى إحدى الوقائع التى شهدها التاريخ الحديث، وهى فرض الولايات المتحدة رسوم مكافحة إغراق على الغسالات الكبيرة بداية 2017، مما تسبب فى انخفاض صادرات الصين إلى الولايات المتحدة، لكن التأثير على إنتاج الغسالة آنذاك لم يكن يذكر، بفضل الشحنات المتجهة إلى اﻷسواق الأجنبية الأخرى والمستهلكين فى الصين.
وفرض ترامب تعريفات جمركية بنسبة %10 على واردات صينية إضافية بقيمة 200 مليار دولار فى سبتمبر الماضى، وربما ترتفع تلك النسبة إلى %25 فى يناير المقبل.
كما أنه فرض بالفعل تعريفات بنسبة %25 على سلع بقيمة 50 مليار دولار، لترد الصين بفرض تعريفات انتقامية، ولكن ترامب هدد أيضاً بفرض رسوم على جميع صادرات الصين.
ويعتقد أكثر من 12 من صانعى المنتجات، بدءاً من الأثاث إلى الهواتف المحمولة، ممن أجريت معهم مقابلات مؤخراً فى المنطقة الصناعية الصينية فى دلتا نهر اللؤلؤة فى مقاطعة قوانغدونغ الجنوبية، إنهم سيواجهون آلاماً قصيرة الأجل إثر انخفاض الطلبيات الأمريكية عندما ترتفع التعريفات الجمركية إلى %25.
كما أنهم واثقون، أن التعريفات لن تشكل عائقاً كبيراً مع الأسواق الأجنبية الأخرى وأن المستهلكين الصينيين سيعوضون التباطؤ سريعاً.
وقالت «بلومبرج»، إن المنطقة الصناعية تعمل كمحور تقليدى للصين لتصنيع كل شيء للتصدير، بدءاً من لعب الأطفال وحتى المواد الكيميائية، بالإضافة إلى كونها موقع عالى التكنولوجيا، ويستضيف الآن المقار الرئيسية للعديد من الشركات، كما أنه مركز التجميع النهائى للعديد من السلع الاستهلاكية.
وقال مؤسس شركة «شنزن جارلانت» الصينية للتطوير التكنولوجي، أندى يو، والذى تصنع شركته الهواتف المحمولة وملحقاتها بما فى ذلك أجهزة الشحن والكابلات ومكبرات الصوت وسماعات الرأس، إن ما يقرب من %20 مبيعات شركته السنوية البالغة 150 مليون دولار تاتى من الولايات المتحدة.
وقال يو، إن المنافسين الغربيين يبيعون منتجاتهم بأسعار أعلى بكثير، فى حين يتخلف المنافسين من جنوب شرق آسيا وأمريكا اللاتينية بشكل كبير فى القدرات التكنولوجية والإدارية.
وأشار إلى أن الصين تعد المورد المهيمن على مستوى العالم، والاعتقاد فى إمكانية النزوح عنها أمر غير واقعى.
وأشارت «بلومبرج» إلى أنه مع اقتراب تطبيق الزيادة فى الرسوم الجمركية على المنتجات الصينية بقيمة 200 مليار دولار إلى %25 فى يناير المقبل، تفكر بعض الشركات الأمريكية فى نقل مشترياتها بعيداً عن الصين إلى أسواق أخرى، بما فى ذلك المكسيك والهند وحتى إلى الولايات المتحدة.
ولكن رغم التطبيق الوشيك للتعريفات الجمركية الجديدة البالغ نسبتها %25 على جميع المنتجات الصينية، فإن الميزات السعرية الكبيرة للسوق الأمريكى لا تقارن بالمنافسين، وفقاً لوانج، مدير تصدير «ساكس»، مضيفاً أن السوق الأمريكى لايزال يستحق السعى وراءه.
وقالت مارى لافلى، أحد كبار الباحثين فى معهد بيترسون للاقتصاد الدولى فى واشنطن، إن الصين لاتزال تتمتع بمزايا كبيرة فيما يخص التكاليف، بسبب اقتصاديات الحجم، كما أنها معروفة جيداً فى بعض الأجزاء من سلاسل التوريد التى تحتاج إلى شهادة يصعب الحصول عليها، بما فى ذلك الأغذية والأدوية والأجهزة الطبية وبعض معدات النقل.
وأوضحت لافلى، أن الأضرار الناجمة عن التعريفات الأمريكية يمكن تحملها بالنسبة للصين، فهذه التعريفات أحادية الجانب، كما أن الصين ستظل تمد بقية العالم بالمنتجات اللازمة.
لمتابعة أخر الأخبار والتحليلات من إيكونومي بلس عبر واتس اب اضغط هنا