انضمت المياه إلى الذهب والنفط والسلع الأخرى المتداولة في وول ستريت، ما يسلط الضوء على المخاوف من أن الموارد الطبيعية التي تحافظ على الحياة قد تصبح نادرة في معظم أنحاء العالم.
وأصبح كل من المزارعين وصناديق التحوط والبلديات على حد سواء قادرين الآن على التحوط – أو الرهان على – توافر الماء في المستقبل في كاليفورنيا، أكبر سوق زراعي أمريكي وخامس أكبر اقتصاد في العالم.
التحوط هو ضمان الحصول على سلعة معينة في توقيت محدد بسعر متفق عليه مسبقا، وهو يساعد المزارعين أو غيرهم من المنتجين على حساب تكاليفهم عن طريق تقليل التكاليف المتغيرة.
تعتبر هذه الخطوة مؤشرا مهما حول العالم وخاصة لدول الشرق الأوسط خاصة الخليجية بالإضافة لمصر التي تواجه مؤخرا مشكلات حول توافر المياه بداية من أزمة السد الإثيوبي وصولا لمعدلات الزيادة السكانية التي تفرض على الدولة زيادة المساحة المنزرعة في بلد يعتبر مواطنيه من ذوي الدخل المتوسط إلى المنخفض ما يعني عدم تمكنهم من تحمل أعباء شراء سلع غذائية أساسية، خضروات أو فواكه، مستوردة كما هو الوضع في الخليج.
دول الخليج بدأت من جانبها، وبعد تأثر سلاسل الإمداد التجارية العالمية بتفشي فيروس كورونا، في الاهتمام بتوفير منتجات زراعية محلية أو على الأقل الاستثمار في بلدان زراعية من الأرجنتين إلى السودان تضمن بها ضمان توفير الغذاء حتى في الظروف الاستثنائية.
تم تداول عقد CME Group Inc لشهر يناير 2021، والمرتبط بسوق الماء الفورية في كاليفورنيا بقيمة 1.1 مليار دولار، يوم الاثنين عند 496 نقطة مؤشر، أي ما يعادل تكلفة بـ 496 دولارًا لكل فدان.
تم الإعلان عن العقود، وهي الأولى من نوعها في الولايات المتحدة، سبتمبر الماضي في وقت اجتاحت فيه الحرارة وحرائق الغابات الساحل الغربي للولايات المتحدة ومع خروج كاليفورنيا من جفاف دام ثماني سنوات.
من المفترض أن تكون هذه الخطوة بمثابة تحوط لكبار مستهلكي الماء، مثل مزارعي اللوز، ضد تقلبات أسعار المياه.
وقال المدير الإداري لشركة آر بي سي كابيتال ماركتس والمحلل دين دراي لبلومبرج: “من المرجح أن يؤدي تغير المناخ والجفاف والنمو السكاني والتلوث إلى جعل قضايا ندرة المياه والتسعير موضوعاً ساخناً لسنوات قادمة”، وأضاف “سنراقب بالتأكيد كيف يتطور عقد المياه الآجل الجديد.”
حذرت الأمم المتحدة منذ فترة طويلة من أن تغير المناخ الذي يتسبب فيه الإنسان يؤدي إلى موجات جفاف شديدة ومزيد من الفيضانات، مما يجعل توافر المياه أقل قابلية للتنبؤ به.
في ولاية كاليفورنيا، امتدت أحدث موجة جفاف حادة من ديسمبر 2011 حتى مارس من العام الماضي، وفقًا لمراقب الجفاف الأمريكي، واستقرت أكثر الآثار خطورة في يوليو 2014 ، حيث عانت 58٪ من أراضي الولاية من “جفاف استثنائي” ، مما أدى إلى خسائر في المحاصيل والمراعي وحالات طوارئ أخرى في مجال المياه.
قال كلاي لاندري، العضو المنتدب في شركة ويست ووتر ريسيرتش الاستشارية، التي توفر البيانات المستخدمة لحساب مؤشر المياه: “يسعدني أن تكون لدينا تداولات إذ من الصعب جدا إتمام صفقة في السوق الفعلي”.
ويحدد المؤشر سعرًا قياسيًا أسبوعيًا لحقوق المياه في ولاية كاليفورنيا، مدعومًا بالمتوسط المرجح بحجم التداول لأسعار المعاملات في أكبر خمسة أسواق في الولاية وأكثرها نشاطًا تداولا.
وتشمل التداولات عقودًا ربع سنوية حتى عام 2022، يمثل كل منها 10 فدادين من المياه، أي ما يعادل 3.26 مليون جالون تقريبًا.
ووفقًا لـ CME التي مقرها شيكاغو، ستساعد العقود الآجلة مستخدمي المياه على إدارة المخاطر ومواءمة العرض والطلب بشكل أفضل.
العالم يعاني من شح المياه
قال تيم ماكورت، رئيس مؤشر الأسهم والمنتجات الاستثمارية البديلة في بورصة شيكاغو، في مقابلة، إن ملياري شخص يعيشون الآن في دول تعاني من مشاكل المياه، وما يقرب من ثلثي العالم قد يواجه نقصًا في المياه في غضون أربع سنوات فقط. “من المؤكد أن فكرة إدارة المخاطر المرتبطة بالمياه تزداد أهمية.”
في الوقت الحالي، يمكن لمزارعي كاليفورنيا معرفة تكلفة المياه في لستة أشهر مستقبلية، وهو أفضل بالطبع من التخمين، كما قال باتريك وولف ، كبير المديرين ورئيس تطوير المنتجات في ناسداك ، في مقابلة.
من جانبه يرى باترون طومسون، أستاذ قانون الموارد الطبيعية في جامعة ستانفورد، أن العقود الآجلة بحد ذاتها تغير أسواق المياه، وأضاف “هذا لا يغير مخاطر أن الطلب على المياه في المستقبل في مرحلة ما ستكون أقل من العرض.
وقال لاندري، في مقابلة: “بدون هذه الأداة لا يملك الناس أي وسيلة لإدارة مخاطر إمدادات المياه، قد لا يحل هذا المشكلة بالكامل، لكنه سيساعد في تخفيف الأثر المالي التي يتعرض له الناس”.
لمتابعة أخر الأخبار والتحليلات من إيكونومي بلس عبر واتس اب اضغط هنا