ملفات

إيطاليا تفشل فى معالجة أمراضها الاقتصادية

أجرت صحيفة «فاينانشيال تايمز» البريطانية، مناقشات مع كبار الاقتصاديين والأكاديميين والصناعيين، حول الأسباب الجذرية للنمو الضعيف فى إيطاليا والمستمر منذ سنوات.
ويتمثل التحدى الذى تواجهه الحكومة الإيطالية، فى كيفية إخراج روما من مستنقع النمو البطيء أو عدم النمو على الإطلاق والذى لازم البلاد طوال القرن الحالى.
وذكرت الصحيفة البريطانية، أن توقف النمو خفض الناتج الاقتصادى للبلاد بنسبة %5 من ذروته التى سجلها قبل الأزمة المالية العالمية فى عام 2008.
وفى الوقت الحالى، أصبحت إيطاليا واليونان بمثابة بلدان الاتحاد الأوروبى الوحيدة التى فشلت فى التعافى إلى المستويات التى كانت عليها قبل 10 سنوات، لكن مشكلات روما تتعمق أكثر من ذلك.
فالناتج المحلى الإجمالى للفرد عندما يتم قياسه بالتضخم، يظهر أقل مما كان عليه فى عام 2000.
وكان التحديث الصناعى أحد أهم العوامل التى أشار إليها المحللون أثناء مناقشاتهم حول الأداء الاقتصادى، إذ يعتمد نموذج إيطاليا الاقتصادي، بشكل كبير على الشركات المملوكة للعائلات والتى عادة ما تكون أصغر وأقل إنتاجية من نظيراتها فى أماكن أخرى. وقد ازدادت هذه المشكلة سوءًا فى العقود الأخيرة.
وقالت الخبيرة الاقتصادية فى بنك «جولدمان ساكس»، سيلفيا ارداغنا، إن نموذج الأعمال الإيطالى للشركات الصغيرة والمتوسطة فى السبعينات وأوائل الثمانينيات دفع إلى تحقيق النمو.
لكنها أضافت أن العديد من تلك الشركات لم تستثمر فى البحث والتطوير وافتقرت إلى القدرات الإدارية ورأس المال البشرى الذى يتيح لها المنافسة على نطاق عالمى.
ووفقًا لتقرير الشركات الصغيرة والمتوسطة التابع للمفوضية الأوروبية، فإن %95 من الشركات الإيطالية لديها أقل من 10 موظفين.
وتظهر بيانات منظمة التعاون الاقتصادى والتنمية، أن الشركات الإيطالية بهذا الحجم لديها مستويات إنتاجية أقل من نظيراتها فى الدول المتقدمة.
يأتى ذلك فى الوقت الذى تفشل فيه الشركات الكبرى فى الابتكار، سواء بسبب الملكية العائلية التقليدية أو المقاومة للتغيير، أو صعوبة الحصول على الائتمان.
وأظهر المسح الاقتصادى الأخير الذى أجرته منظمة التعاون الاقتصادى والتنمية، أنه على عكس تجربة معظم الدول الأعضاء فى المنظمة، فإن الإنتاجية تتراجع بين أكثر الشركات كفاءة فى إيطاليا.
ورغم مبادرة الحكومة فى عام 2016 لتشجيع الشركات على تعزيز الابتكار الرقمي، فإن أقل من واحد من كل 10 شركات غير مالية فى إيطاليا تقوم بعمليات البيع عبر الإنترنت، وهذه هى ثالث أقل حصة فى الاتحاد الأوروبى بعد رومانيا وبلغاريا وفقا لما ذكره المكتب الإحصائى للاتحاد الأوروبي.
وتخصص مسودة موازنة الحكومة الإيطالية، موارد محدودة للغاية للتعامل مع مثل هذه القضايا، وكذلك لا تخطط لزيادة الأموال المتاحة لمساعدة الشركات التى لديها تحول رقمى لعام 2019 ولا تزيد على الحد الأدنى فى عام 2020.
وكان ضعف نظام التعليم التحدى الثانى الذى أشار إليه المحللون حيث أوضح الخبراء أن النظام التعليمى الذى يتمتع بدرجة عالية من المركزية والنظام النقابى يحقق نتائج سيئة من حيث المهارات الفعلية.


وكشفت البيانات أن أقل من واحد من كل ثلاثة من الإيطاليين الذين تتراوح أعمارهم بين 25 و 34 عاماً حاصلين على شهادة جامعية، أى أقل بكثير من متوسط دول منظمة التعاون الاقتصادى والتنمية والبالغ %44.
واوضحت «فاينانشيال تايمز»، أن إيطاليا لديها واحدة من أعلى معدلات ترك الدراسة فى منظمة التعاون الاقتصادى والتنمية. فواحد من كل أربعة إيطاليين تتراوح أعمارهم بين 15 و34 عاماً تركوا العمل أو التعليم وهى النسبة الأكبر فى الاتحاد الأوروبى.
وتتضمن خطة موازنة إيطاليا، إصلاحات منها توسيع نطاق التعليم، وتغيير توظيف المعلمين، والحد من أعداد تاركى الدراسة.. لكنها ليست من بين التدابير التى تتلقى مبالغ إضافية كبيرة.
وكشفت تحليلات الاقتصاديين أيضاً أن بيئة العمل فى ايطاليا غير جيدة، إذ تحرز روما نتائج ضعيفة فى معظم مقاييس كفاءة الحكومة والرضا عن الخدمات العامة.
وتحتل ايطاليا المرتبة 111 من أصل 190 دولة على مستوى العالم لتسهيل تطبيق العقود وفقاً لمؤشر سهولة ممارسة الأعمال الذى يصدره البنك الدولي.
يأتى ذلك فى الوقت الذى تسجل فيه مستوى عالى من البيروقراطية فى حل ملفات التخلف عن السداد ودفع الضرائب والتعامل مع تصاريح البناء.
ويعد اقتصاد إيطاليا أكبر من إسبانيا .. لكن روما حصلت على أقل من نصف مستوى الاستثمار الأجنبى منذ عام 2003 .
وفى رسالته إلى بروكسل، كتب وزير المالية الإيطالى جيوفانى تريا، أن الإصلاحات الهيكلية المستقبلية بما فى ذلك إصلاح القانون المدنى ستحفز النمو الاقتصادى وتضمن استدامة المالية العامة الإيطالية على المدى الطويل.
وأفادت الحكومة الائتلافية الإيطالية بأن خطط الإنفاق ستساعد فى تعزيز النمو لكن العديد من الخبراء الذين استشارتهم «فاينانشيال تايمز» أشاروا إلى أن الدين العام المرتفع قد حد من الموارد التى خصصت للقطاع الإنتاجى.
وأوضحت البيانات أن ايطاليا صاحبة ثانى أعلى نسبة من الديون إلى الناتج المحلى الإجمالى فى الاتحاد الأوروبي، أنفقت %3.7 من ناتجها المحلى الإجمالى على الفائدة على الديون أى ضعف متوسط الاتحاد الأوروبى.
وتتوقع أحدث أرقام المفوضية الأوروبية، أن ترتفع هذه النسبة إلى %3.9 بحلول عام 2020 نتيجة لارتفاع عائدات السندات وأسعار الفائدة.
وقال باستي، إن عبء ديون إيطاليا يستهلك موارد مالية كبيرة ويقلل الأموال المخصصة للاستثمار فى البنية التحتية ويؤدى إلى ازدحام الاستثمار فى الأعمال.
وأكدّ نيكولا نوبيل، الخبير الاقتصادى فى جامعة «أكسفورد إيكونوميكس» أن السيناريو الأساسى لدينا هو أن الحكومة الجديدة لن تقدم للاقتصاد دفعة الإصلاح المطلوبة لتعزيز الإنتاج.

المصدر: جريدة البورصة

لمتابعة أخر الأخبار والتحليلات من إيكونومي بلس عبر واتس اب اضغط هنا

الأكثر مشاهدة

النفط يصل لأعلى مستوياته منذ شهر وسط توقعات بارتفاع الطلب

استقرت أسعار النفط اليوم الخميس لتقترب من أعلى مستوى في...

تمويل ميسر من مؤسسة التمويل الدولية لـ”أوراسكوم للتنمية مصر” بقيمة 157 مليون دولار

وقعت مؤسسة التمويل الدولية اتفاقية مع ”شركة أوراسكوم للتنمية مصر”،...

منطقة إعلانية