مقالات

فيتنام تستعد لتحول سلاسل التوريد عن الصين

عندما بدأت حكومة ترامب رفع التعريفات على البضائع الصينية منذ عامين، بدت فيتنام مستعدة لتكون واحدة من الدول التى ستستفيد من الشركات المتطلعة للتنويع بعيداً عن أكبر موقع تصنيع فى آسيا.

ويحب رجال الأعمال المخضرمون مقارنة اقتصادها الصاعد ومناخ الأعمال النشط بتايلاند أثناء الطفرة المدفوعة بالاستثمار الأجنبى فى بداية ثمانينيات القرن الماضى أو بالصين منذ 20 عاماً عندما كان قطاعها التصنيعى يقلع عن الأرض.

ويشير المناصرون إلى سجل فيتنام القوى فى صناعة المنتجات المتوافقة مع المعايير العالمية وإلى اتساع شبكتها من اتفاقات التجارة الحرة بما فى ذلك مع الاتحاد الأوروبى وبريطانيا فى الآونة الأخيرة.

وأدى «كوفيد 19» وإغلاق فيتنام أمام أغلب المسافرين الدوليين إلى تهدئة النشاط بعض الشىء من خلال إعاقة قدرة الشركات على إجراء الفحص الكافى لنقل أعمالهم هناك، ومع ذلك، يقول المحللون إن الوباء أيضاً عزز الحاجة لدى الشركات لتنويع سلاسل توريدها بعيداً عن الصين حيث ضربت الأزمة أولا.

ويقول مايكل كوكالارى، كبير الاقتصاديين فى «فينا كابيتال» فى مدينة «هو تشى منه”: «اعتقدت الشركات أن لديها سلاسل توريد عالمية ولكن أظهر لهم كوفيد أن ما لديهم هو سلسلة توريد صينية.. وظاهرة انتقال الشركات من الصين بدأت لتوها وسوف نشهد تسارعا العام المقبل».

وأحد الأمثلة الشهيرة هى «آبل»، المعروفة بقاعدتها التصنيعية الكبيرة فى الصين، وبدأت إنتاج كميات كبير من بعض سماعات «آير بودز» اللاسلكية فى فيتنام فى الربع الثانى من العام الجارى عندما كان أغلب العالم فى حالة إغلاق، ولكن الداخلين الجدد للسوق قد يواجههم تحديات كبيرة فى الدولة كوجهة تصنيع.

وعلى سبيل المثال، لا يعد سوق العمالة المحلى عميقاً بقدر الصين، والطلب على المساحات الصناعية شديداً لاسيما فى الجنوب حول مدينة «هو تشى منه» حيث توجد شركات الملابس والأثاث وغيرهم من المصدرين، ويعمل مطار «تان سون نهات» الدولى فى المدينة بأعلى من طاقته القصوى، وهناك توسعة جارية ويتم بناء مطار جديد ولكن من المخطط له أن يكون جاهزا فى 2025.

والأهم من ذلك أن أغلب المكونات المستخدمة فى تصنيع المنتجات عالية الجودة فى فيتنام بدءاً من الرقاقات الدقيقة إلى الهواتف الذكية، لا تزال تأتى من الصين وكوريا الجنوبية وتايوان وغيرها فقط ليتم تجميعها هناك، وقاعدة التوريد المحلية فى فيتنام لا تضاهى تلك فى الصين.

ويقول نيجيوين لينه، مدير مشارك فى «كونترول ريسكس» الاستشارية: «عندما تنتقل الشركات إلى فيتنام يظل أغلبها معتمداً على سلسلة التوريد من الصين.. وفيتنام ليست مستعدة بعد لتحول كبير وكذلك بنيتها التحتية، واللوجستيات بحاجة للتحسين والعمالة لم تعد رخيصة مقارنة بجيرانها».

وفى الوقت نفسه، اندلعت توترات تجارية بينها وبين الولايات المتحدة وهو جانب سلبى آخر لنجاح فيتنام فى التصدير، وعلى خلفية العجز التجارى المتزايد للولايات المتحدة مع فيتنام، أطلق الممثل التجارى للحكومة الحالية الراحلة، روبرت لايتزر، مؤخراً تحقيقاً ضد الدولة يتضمن البحث فى إذا ما كانت الدولة تتلاعب بعملتها، ونفت الحكومة الفيتنامية ذلك.

ورغم أنه من غير الواضح كيف سيتأثر هذا التحقيق بوصول حكومة بايدن، فقد استخدمت واشنطن نفس العملية لفرض تعريفات على الصادرات الصينية إلى الولايات المتحدة، ما أطلق حرباً تجارية.

ويقول أرباب الأعمال إن السوق الفيتنامى يتكيف مع كل هذه الصعوبات حتى وسط الوباء، ويجرى تطوير مناطق تجارية، فعلى سبيل المثال، تطور شركة «جى إل بى»، أكبر مشغلة مخازن فى آسيا، مشروعات فى «هانوى» ومدينة «هو تشى منه» وتخطط لاستثمار 1.5 مليار دولار على مدار السنوات الثلاث المقبلة لتعزيز أعمالها فى فيتنام.

ولا تزال أرقام فيتنام قوية، ورغم الوباء، انخفض الاستثمار الأجنبى المباشر بنسبة %2 فقط منذ بداية العام حتى نوفمبر، ويبلغ 17.2 مليار دولار، وفقاً لمكتب الإحصاءات العام، ويسير الاقتصاد الفيتنامى على مسار النمو بنسبة %2.4 العام الجارى، وتستهدف الحكومة لعام 2021 نمواً بنسبة %6.5.

ويقول المحللون إن الشركات متعددة الجنسيات تبنى لنفسها فى فيتنام قواعد توريد فى خطوة تعد بأخذ القطاع التصنيعى إلى مستوى يمكن – مع الوقت – أن يجعلها حقا منافسة للصين، ويقول كوكالارى: «نحن نشهد الآن تطويراً ملائماً لسلاسل التوريد هنا».

بقلم: جون ريد

مراسل صحيفة فاينانشيال تايمز فى بانكوك

لمتابعة أخر الأخبار والتحليلات من إيكونومي بلس عبر واتس اب اضغط هنا

الأكثر مشاهدة

النفط يصل لأعلى مستوياته منذ شهر وسط توقعات بارتفاع الطلب

استقرت أسعار النفط اليوم الخميس لتقترب من أعلى مستوى في...

منطقة إعلانية