عندما ينحسر المد، يصبح بإمكانك رؤية من كان يسبح عارياً، وهى وجهة نظر يشتهر بها المستثمر الملياردير «وارن بافيت»، ومع بدء انحسار السوق الصاعدة فى الأسهم العالمية، ستجد شركات إدارة الأصول نفسها مكشوفة بشكل خطير، بينما تواجه الشركات متوسطة الحجم خطر أن تجد نفسها ترتجف على الشاطئ.
وتعيش شركات الاستثمار بفضل الحظ الجيد منذ بعض الوقت، ومنذ أن تم تنظيمها فى 2007، نمت أرباحها بنسبة هائلة بلغت فى العام الماضى وحده %20 فى أمريكا الشمالية وآسيا، وبنسبة %18 فى أوروبا، وفقاً لدراسة نشرتها حديثاً شركة «ماكينزى آند كو» للاستشارات.
ومع ذلك تحمل الصورة التى رسمتها الشركة الاستشارية الكثير من المجاملة، فقد ساعدت أسواق الأسهم المزدهرة على تضخم الأصول العالمية تحت الإدارة بنسبة %11 إلى مستوى قياسى عند 88.5 تريليون دولار.
وعلى سبيل المثال، أضافت المكاسب السوقية تلك 12 مليار دولار إلى إجمالى أرباح شركات الاستثمار الأمريكية، وعززته إلى 44.5 مليار دولار فى 2017، وفقاً لدراسة «ماكينزى»، وإذا احتسبنا ارتفاع التكاليف، والرسوم الأقل، والتحول إلى المنتجات الأرخص فسوف نطرح 6.7 مليار دولار من الإجمالى المتاح، وبالتالى إذا استبعدنا تأثير المكاسب السوقية فستكون صورة الربحية فى القطاع صعبة للغاية.
وهذا يمثل مشكلة فى العام الجارى، فقد كان أداء سوق الأسهم مفتقداً للحماسة على أفضل التقديرات، وانخفض مؤشر «إم إس سى آى» للأسهم العالمية بنسبة تعد على أصابع اليدين، بينما خسرت المؤشرات الأساسية الأمريكية مكاسبها الاسمية العام الجارى، وظلت نظيراتها فى أوروبا وآسيا بالمنطقة الحمراء أغلب العام، وعلاوة على ذلك، لا تزال الرياح المعاكسة للقطاع بما فى ذلك التكاليف والرسوم قوية كما كانت دوماً.
وبالتالى، لا عجب إذن فى أن المستثمرين عاقبوا أسهم مديرى الصناديق بشكل متفاوت، ويتجه مؤشر «بلومبرج إنتيليجينت» لأسهم الشركات الاستثمارية الكبيرة، والذى يضم «بلاك روك»، و»جانوس هيندرسون»، و»أموندى»، إلى أسوأ عام له فى 10 سنوات بعدما فقد ثلث قيمته العام الجارى.
ومع ذلك، توجد بعض العلامات المشرقة، فهوامش الدخل الثابت أفضل من هوامش الأسهم، كما أن المنتجات النشطة بشكل عام لا تشهد نفس التراجع الحاد فى الرسوم مثل متتبعى المؤشرات، ورغم أن الحماسة للاستثمارات السلبية منخفضة التكلفة مستمرة بلا هوادة، فإن التراجع فى الرسوم عبر القطاع يضر ببعض فئات الأصول بقدر أكبر من غيرها.
وتقدر «ماكينزى» أن 653 مليار دولار خرجت من صناديق الأسهم النشطة فى أمريكا الشمالية العام الماضى، بينما نظرائهم السلبيين تمتعوا بتدفقات داخلة تقدر بـ505 مليارات دولار، وهو ما يتناقض مع الصورة فى الدخل الثابت، حيث انقسمت التدفقات البالغة 500 مليار دولار بالتساوى بين الاستراتيجيات النشطة والسلبية.
ولم يقدم تقرير «ماكينزى» الكثير من الراحة للشركات متوسطة الحجم فى قطاع الاستثمار، وفازت مجموعة العمالقة الذين حظو بتدفقات وصلت لتريليون دولار بمعظم التدفقات الجديدة، وفشلت الفئة المتوسطة فى الفوز بأى أعمال جديدة العام الماضى، فى حين أن الشركات صغيرة الحجم كان أدائها أفضل من الفئة الأعلى منها.
وتتشابه نصيحة «ماكينزى» لمديرى الأصول متوسطى الحجم مع نغمة تتردد كثيراً هذه الأيام وهى: كبروا حجمكم لتستفيدوا من اقتصاديات الحجم، واستثمروا فى التكتولوجيا لتخصيص المنتجات المتاحة للمستثمرين، وحاولوا أن تضيفوا المزيد من استراتيجيات الاستثمار المعقدة التى تتطلب رسوماً أعلى.
وهذه نصائح جيدة، ولكن عندما يكون أكبر عامل محدد لربحية مديرى الأصول خارج عن سيطرتهم بالكامل – مثل أداء أسواق الأسهم العالمية – ينبغى أن نفكر إلى متى ستتمكن بعض الشركات من التعمق فى المياه قبل أن تغرق.
بقلم: مارك جيلبيرت
كاتب مقالات رأى فى “بلومبرج” يغطى قطاع إدارة الأصول
لمتابعة أخر الأخبار والتحليلات من إيكونومي بلس عبر واتس اب اضغط هنا