مقالات

الغاز الطبيعى المسال يدخل عصر الأسعار المتقلبة

البترول

تفتح المطاعم فى اليابان نوافذها للمساعدة فى احتواء تفشى «كوفيد- 19». ولكن قد لا تكون هذه سياسة مؤثرة على بعد 6 آلاف ميل فى بريطانيا التى تطبق الإغلاق.

والمطاعم الباردة فى طوكيو وكيوتو، حيث يسمح لها باستقبال الزبائن لساعات محددة، ليست مثالاً توضيحياً فحسب عن السياسات المختلفة التى تطبقها الحكومات للوقاية من مخاطر انتشار الفيروس، وإنما تخبرنا قصة عن أسواق الطاقة المترابطة وعن مدى تأثر بريطانيا وأوروبا بشكل متزايد بما يحدث فى آسيا، بدءاً مما يدفعه العملاء لتدفئة منازلهم إلى قدرة أنظمة شبكة الكهرباء الوطنية على الحفاظ على إنارة المنازل دون مشكلات.

وضربت موجة صقيع وحشية، اليابان وأغلب شمال شرق آسيا ، فى الأسابيع الماضية.

وناضلت مرافق الطاقة اليابانية للحصول على إمدادات الوقود، وارتفعت أسعار الطاقة هناك إلى مستويات عالية قياسية.

وطلبت الحكومة من المواطنين الحد من استهلاك الطاقة، من خلال إغلاق الأضواء والأجهزة الكهربائية، حتى فى الوقت الذى حثتهم فيه على تشغيل أنظمة التدفئة وإبقاء النوافذ مفتوحة.

لكن أكبر أزمات اليابان، كانت اعتماد الدولة على الغاز الطبيعى المسال، الذى كان فى وقت من الأوقات سلعة ذات استخدامات محدودة، ثم ازدادت أهميتها عالمياً على مدار العقد الماضى.

ولطالما كانت اليابان واحدة من أكبر مستوردى الغاز الطبيعى المسال، وهو عبارة عن غاز طبيعى مجمد ومضغوط.. وبالتالى يمكن نقله بالسفن.

وتفتقر الدولة لخطوط أنابيب الغاز الطبيعى. كما تنقصها الاحتياطيات اللازمة للتدفئة وتوليد الكهرباء والتصنيع.

ولكن مع نمو سوق الغاز الطبيعى، اضطرت اليابان بشكل متزايد، إلى التنافس مع الدول الأخرى الباحثة عن بديل للفحم شديد التلويث للهواء.
وتقدر شركة استشارات الطاقة «وود ماكينزى»، ارتفاع حصة الغاز الطبيعى المسال من %11 من إجمالى إمدادات الغاز العالمية فى 2010 إلى %15 اليوم. وتتوقع الشركة أنها ستصل إلى أكثر من %20 فى 2040.

وارتفعت أسعار شحنات الغاز الطبيعى المسال فى السوق الفورية الآسيوية إلى مستويات قياسية الأسبوع الحالى مع موجة الصقيع بحوالى 20 ضعفاً من مستواها قبل أشهر قليلة، عندما كان ينظر للسوق على أنه مفرط المعروض.

وحوّل متداولو الطاقة، شحنات الغاز الطبيعى المسال بقدر ما استطاعوا نحو السوق الآسيوى، وتدافعت الصين وكوريا الجنوبية أيضاً للشراء، ولكن قابلتهم بعض المشكلات بدءاً من نقص الحاويات والتأخيرات فى قناة بنما، إلى توقف العديد من المشروعات.

ووصف بنك «جولدمان ساكس»، الوضع الأسبوع الماضى فى سوق الغاز الطبيعى، بأنه «السوق الذى تحول من عاصفة هبوطية مثالية العام الماضى إلى عاصفة صعودية العام الحالى».

وذهب البعض لأبعد من ذلك، وقال المحلل فى معهد اقتصاديات الطاقة والتحليلات المالية، بروس روبرتسون، إن العالم قد يكون على مقربة من نهاية عصر أسعار الغاز المستقرة.

وخصصت شركات الطاقة ومنها «رويال داتش شل»، و»شيفرون»، عشرات مليارات الدولار لاستثمارات الغاز الطبيعى المسال.

وبجانب دول مثل قطر واستراليا والولايات المتحدة وروسيا، سيكون هناك مستفيدون فوريون حتى إذا ضعفت موجة الصعود بمجرد عودة الدفء للطقس.

ومع ذلك، يثير ارتفاع أسعار الغاز الطبيعى المسال عدداً من الأسئلة على الأقل للمشترين فى آسيا والدول الأخرى بما فى ذلك أوروبا وبريطانيا.

ورغم أن أغلب شحنات الغاز الطبيعى المسال تتداول وفق عقود طويلة الأجل، ما يقدم بعض اليقين بشأن الإمدادات، فإن ذلك أيضاً يعنى أن السوق الفورية أصغر وأقل مرونة من السلع الأخرى فى الاستجابة لفترات ازدياد الطلب قصيرة الأجل.

وفى بريطانيا، كان أكثر من %20 من الغاز المستهلك فى 2019 عبارة عن غاز طبيعى مسال اقتنصه المتداولون بأسعار رخيصة فى أوقات ارتفاع المعروض.

ولكن عندما يرتفع الطلب على الغاز الطبيعى المسال فى آسيا، فإن هذا المعروض سيستنزف سريعاً، ومثل أغلب الدول الأوروبية، تستطيع بريطانيا تعزيز واردات الغاز عبر خطوط الأنابيب.

ومع ذلك، فإن ارتفاع أسعار الغاز الطبيعى المسال يكشف عن ثغرة لا تختلف كثيراً عن تلك التى واجهتها اليابان وكوريا الجنوبية الأسبوع الماضى.

وارتفعت أسعار الغاز فى بريطانيا الأسبوع الماضى لأعلى مستوى فى عامين، نتيجة ارتفاع أسعار الغاز الطبيعى المسال.

كما صعدت أسعار الطاقة أيضاً ما أجبر بريطانيا على حرق المزيد من الفحم لمقابلة الطلب على الطاقة، ومن المتوقع أن تصبح الدولة أكثر اعتماداً على واردات الغاز فى السنوات المقبلة نتيجة تراجع الإنتاج من بحر الشمال.

وقال فرانك هاريس من «وود ماكينزى»، إن ارتفاع أسعار الغاز الطبيعى المسال ستكون له تداعيات طويلة الأجل على القطاع، بدءاً من تحسين الشهية للاستثمار فى المشروعات المستقبلية إلى جعل المرافق تفكر ملياً فى كيفية تأمين الشحنات على الأجل الطويل.

وأضاف: «سيصبح المشترون أكثر وعياً بأنهم لا يستطيعون دائماً تأمين شحنات من السوق الفورى بغض النظر عن السعر.. والنتيجة الأكثر ترجيحاً هى أن يتحطم بعض الهدوء الذى ساد السوق خلال الـ 12 حتى 18 شهراً الماضية»

بقلم: ديفيد شيبرد
محرر الطاقة لدى صحيفة “فاينانشال تايمز البريطانية”

لمتابعة أخر الأخبار والتحليلات من إيكونومي بلس عبر واتس اب اضغط هنا

الأكثر مشاهدة

النفط يصل لأعلى مستوياته منذ شهر وسط توقعات بارتفاع الطلب

استقرت أسعار النفط اليوم الخميس لتقترب من أعلى مستوى في...

البنك الأهلي يستحوذ على 24% من رأسمال “هايد بارك” العقارية

استحوذ البنك الأهلي المصري على حصة البنك العقاري المصري العربي...

منطقة إعلانية