«بلومبرج»: الرياض وموسكو ترسمان واقعاً جديداً لسوق الخام والإنتاج القطرى ضعيف
عندما صدمت قطر عالم البترول أمس الأول بإعلانها الانسحاب من منظمة الدول المصدرة للبترول «أوبك» بعد 57 عاماً، قال وزير طاقتها، إن القرار تم اتخاذه لأسباب «فنية»، ولكن هذه الرواية لم تدم طويلاً.
فبعد ساعات قصيرة استخدم عضو بارز فى الأسرة الحاكمة فى البلاد، موقع التواصل الاجتماعى «تويتر» لقصف «أوبك»، وهى المنظمة التى كانت قطر فى الماضى قوة دبلوماسية فيها، رغم إنتاجها الضعيف للبترول، إذ تمثل الدوحة أقل من %2 من الناتج الإجمالى للمنظمة.
وقال رئيس الوزراء السابق حمد بن جاسم بن جابر آل ثانى، إن انسحاب قطر من «أوبك» قرار حكيم، مضيفاً: «المنظمة أصبحت عديمة الجدوى ولا تقدم لنا أى شىء، ويتم استخدامها فقط لأغراض تضر بمصلحتنا الوطنية».
وقالت وكالة أنباء «بلومبرج»، إن هناك توقعات قليلة، بأن دولاً أخرى ستتبع النهج القطرى قريباً، لكن رغبة السعودية فى دفع عضو زميل فى منظمة «أوبك» نحو الخروج هو دليل آخر على أن العلاقة النفطية المهمة بالفعل هى بين الرياض وموسكو.
وقال محلل البترول والغاز فى «كانتور فيتزجيرالد»، اشلى كيتى، إن المقاطعة الاقتصادية والسياسية التى تقودها السعودية منذ فترة طويلة فى قطر لعبت دوراً كبيراً فى هذا القرار.
وفى الوقت الذى كانت تخطط فيه قطر، للانسحاب من المنظمة، كان المسئولون الروس والسعوديون يجتمعون فى موسكو للتوصل إلى اتفاق ثنائى لتمديد ما يسمى باتفاق «أوبك» الذى تم توقيعه لأول مرة فى عام 2016 بين المنظمة وحلفائها من المنتجين العالميين.
وأشارت الوكالة إلى أن هذا الاتفاق أحدث تحولاً فى سوق البترول، لكنه اعتمد بشكل كبير على أكبر مصدرين فى العالم، السعودية وروسيا.
وقال حسين كاظم بور، محافظ إيران فى «أوبك» الذى دائماً ما كان منتقد للسياسة النفطية السعودية: «هناك شعور بالإحباط السائد خصوصاً بين صغار المنتجين» حتى الأعضاء الكبار لا يمكنهم فعل الكثير للتأثير على القرارات داخل المنظمة.
وأوضحت الوكالة الأمريكية، أن إنتاج إيران أصبح مقيداً بالعقوبات الأمريكية، فى وقت تراجعت فيه فنزويلا العضو المؤسس والقوة الرئيسية فى يوم من الأيام بسبب سنوات من الأزمة الاقتصادية وانهيار الإنتاج.
يأتى ذلك فى الوقت الذى شهدت فيه صناعة البترول الليبية اضطرابات مطولة منذ سقوط نظام معمر القذافى عام 2011، ورغم أن روسيا لم تكن جزءاً من «أوبك» إلا أنها أصبحت شريكاً للمملكة العربية السعودية بنفس الثقل فى سوق البترول.
وكان الرئيس الورسى قد أعطى مباركته لمواصلة العلاقة التعاونية بعد مناقشات مع ولى العهد الأمير محمد، فى قمة «مجموعة العشرين» الأخيرة فى الأرجنتين.
وقال بوتين، للصحفيين: «لا يوجد قرار نهائى بشأن الكميات، لكننا سنعمل مع المملكة العربية السعودية لتحديد ذلك وأى رقم سيتم الافصاح عنه سيكون من خلال مراقبة وضع السوق».
وعززت هذه التصريحات القفزة الكبيرة لأسعار البترول التى شهدت أكبر ارتفاع يومى منذ يونيو الماضى.
وفى الماضى توقع المحللون أنه بعد القضاء على تخمة المعروض العالمى التى امتدت من 2014 إلى 2016 ، فإن العقوبات الأمريكية على إيران ستخلق نقصًا فى المعروض العالمى، ولكن بعد إضافة موسكو والرياض حوالى 1.4 مليون برميل يومياً إلى السوق الشهر الماضى، وتقديم الرئيس الأمريكى إعفاءات مفاجئة ضد العقوبات على مشترى الخام الإيرانى عاد التوتر من جديد بشأن توقعات الطلب فى الأسواق الناشئة.
وكانت النتائج النهائية أن الأسعار سجلت أسوأ تراجع شهرى خلال عقد من الزمن، وأشارت الوكالة إلى أنه لايزال هناك الكثير من العمل للقيام به، إذ لم يتفق مسئولو الطاقة من كلا البلدين (روسيا والسعودية) على كيفية تقاسم عبء التخفيضات حتى الوقت الحالى.
وكشفت البيانات، أن البلدين سجلتا مستويات قياسية من الانتاج تقترب من 11 مليون برميل يومياً، لكن موسكو اقترحت خفض إنتاجها بما لا يزيد على 150 ألف برميل.
ومع توقع السوق بخفض إجمالى إنتاج «أوبك +» بأكثر من مليون برميل يومياً، فإن السعوديين يرغبون أن تتحمل روسيا حصة أكبر من العبء، وفقاً لما ذكره أشخاص مطلعون على الوضع طلبوا عدم الكشف عن أسمائهم.
وقبل يومين فقط من اجتماعات «أوبك» الرسمية، فإن الواقع الجديد لسوق البترول يؤكد أن قرار الزعيمين بن سلمان، وبوتين، سيكون أكثر أهمية من قرار انسحاب قطر من المنظمة.
وقالت المحللة فى شركة «وود ماكنزى» المحدودة المتخصصة فى مجال البترول، آن لويز هيتل، إن الدول الصغيرة فى منظمة «أوبك» لها دور هادئ نسبيا فى عملية صنع القرار بالمنظمة.
وأوضحت هيتل، أن قطر لديها طاقة احتياطية ضئيلة من البترول، لذا لن يؤثر خروجها على حجم المعروض النفطى فى السوق.
لمتابعة أخر الأخبار والتحليلات من إيكونومي بلس عبر واتس اب اضغط هنا