مقالات

نوع الحرب يحدد نتيجة الهدنة الصينية الأمريكية

إذا تمكنت من عد القش فى الهواء، حينها ستبدو التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين قريبة من الحل.
وقال أشخاص مطلعون على الأمر لوكالة أنباء «بلومبرج»، إنَّ بكين ستؤجل لمدة 10 سنوات أهداف برنامج «صنع فى الصين 2025» والذى يستهدف الصناعات عالية التكنولوجيا، وجاءت هذه الأنباء بعد تقرير لوكالة أنباء «رويترز» يفيد بأن شركة البترول الوطنية الصينية الأم لشركة «بتروتشاينا» علقت الاستثمارات فى مشروع الغاز فى حقل بارس الإيرانى؛ بسبب العقوبات الأمريكية على إيران.
وعلاوة على ذلك، نفذت الصين بشكل مفاجئ طلبية تصل إلى 2 مليون طن مترى من فول الصويا الأمريكى، وأنهت بذلك حظراً غير رسمى كان مستمراً طوال موسم الحصاد الحالى.
وكل ذلك يبدو إيجابياً، ولكن يجب النظر إليه ضمن حقيقة أن البترول الإيرانى، وبرنامج «صنع فى الصين»، وفول الصويا، مجرد مناوشات فى الصراع الأكبر والأوسع، ولا تغير التحركات البسيطة فى الصفوف الأمامية حالة الحرب الكامنة.
دعونا نتخيل اتفاقاً بين الطرفين يذهب إلى أبعد من توقعات أى حد، ويتضمن الإلغاء التام لأهداف إحلال الواردات المثيرة للجدل لبرنامج «صنع فى الصين» – والتى تحدد مستويات ثابتة للحصة السوقية للشركات المحلية فى القطاعات الرئيسية – وليس مجرد تأجيلها، وفى الوقت نفسه إزالة اشتراطات نقل التكنولوجيا بجانب نجاح قائمة الغرامات على سرقة الملكية الفكرية التى تم الإعلان عنها أوائل الشهر الحالى فى ملء فجوة الإنفاذ فى هذا المجال، وأن تتخلى كل دولة عن التعريفات الانتقامية ضد بعضها البعض، وترفع الصين وارداتها من المواد الغذائية والاستهلاكية الأمريكية، وأن يساعد تراجع الدولار وتعافى السياحة والخدمات التعليمية الخارجة من الصين فى تضييق العجز الثنائى فى البضائع والخدمات. فهل سيكون ذلك كافياً لإنهاء النزاع بين الطرفين؟
تتعلق الإجابة فى نهاية المطاف بالحرب التى يتم خوضها، فإذا كانت مقتصرة على إصلاح المشكلات الصغيرة حول العلاقات التجارية الدولية للصين، فستكون فترة المفاوضات حتى الأول من مارس مثمرة، وستكون إزالة المهيجات المحيطة بالاستثمارات فى إيران وشراء فول الصويا طريقة معقولة لتمهيد الطريق لاتفاق ناجح، وسيساعد أيضاً فى حل مزيد من القضايا عبر قنوات منظمة التجارة العالمية.
ولكن هذه ليست الحرب التى يسعى وراءها ممثل التجارة الأمريكى روبرت لايتزر، وما هو مطلوب حقاً «تغييرات جوهرية لنظام التجارة والاستثمار الصينى، بما فى ذلك السياسات الصناعية التى تهيمن على اقتصاد الصين الذى تقوده الدولة»، وفقاً لكلماته فى تقرير يناير إلى الكونجرس بشأن الالتزام بقواعد التجارة العالمية.
ومن الصعب رؤية مساحة كافية للتوصل لاتفاق على هذه الجبهة، وكما جادلنا فى الماضى، حب الصين لرعاية أبطال الدولة الحكوميين يأتى على حساب اقتصادها.. ولكنه ليس بالضرورة تحدياً للنظام التجارى العالمى.
وفى الوقت نفسه، تعد سياساتها الصناعية واحدة من أنجح القصص الاقتصادية لعصر ما بعد الحرب، كما أنها ذات أهمية جوهرية لشرعية الحكومة، ومن المحبط كيف أن تكامل الصين مع النظام العالمى جعل حكومتها تصبح أقل ليبرالية، ما بدد آمال كثيرين عند انضمامها لمنظمة التجارة الدولية، ومع ذلك، فإنَّ محاولة إبطاء اقتصادها من خلال التعريفات والحظر لن يعكس هذا الاتجاه على الأرجح أو يحسن رفاهية شعبها، بل على العكس.
ويجب أن تحدد مفاوضات التجارة الأمريكية الصينية نوع الانتصار الذى يريدون تحقيقه فى الأشهر الثلاثة المقبلة، وإذا كان الأمر يتعلق بضبط الصعود الاستراتيجى للصين فلا مجال للتسوية، وإنما ما سيفلح هو اتفاق محدود مثل ذلك المبرم مع المكسيك وكندا وكوريا الجنوبية، وكلما كان الأمر بسيطاً كان أجمل.

بقلم: ديفيد فيكلينج

كاتب مقالات لدى بلومبرج

لمتابعة أخر الأخبار والتحليلات من إيكونومي بلس عبر واتس اب اضغط هنا

الأكثر مشاهدة

النفط يصل لأعلى مستوياته منذ شهر وسط توقعات بارتفاع الطلب

استقرت أسعار النفط اليوم الخميس لتقترب من أعلى مستوى في...

البنك الأهلي يستحوذ على 24% من رأسمال “هايد بارك” العقارية

استحوذ البنك الأهلي المصري على حصة البنك العقاري المصري العربي...

منطقة إعلانية