مقالات

هناك أسباب وجيهة لاستثمار قادة الشركات فى «بتكوين»

تعود جذور الشكوك حول جدوى العملات المشفرة إلى دور النقود كوسيلة للتبادل، ووحدة حساب، ومخزن للقيمة، ويشير منتقدو «بتكوين» إلى عدم استقرارها وافتقارها إلى المرونة فى المعاملات، ولكن هناك أسبابا وجيهة جدا لقادة الأعمال للاستثمار فيها.

وكوسيلة للتبادل، تعد العملات المشفرة مرهقة ومعاملاتها بطيئة فى التنفيذ مقارنة بالمنصات الحالية، مثل بطاقات الائتمان والعملات التقليدية، وبينما تستطيع «فيزا» و»باى بال» تنفيذ 24000 و193 معاملة على التوالى فى الثانية الواحدة، تستكمل «بتكوين» 7 معاملات فقط فى الثانية، وعلاوة على ذلك، ومن أجل استحقاق مكانة وسيلة للتبادل، يجب أن تكون الوسيلة المستخدمة محل ثقة على نطاق واسع وأن يكون لها مجموعة واسعة من المستخدمين.

وحاليا تفشل «بتكوين» فى كلا المعيارين، وفيما يتعلق بوحدات الحساب، يقول النقاد إن قيمة العملات المشفرة غير مستقرة للغاية، مما يعيق قدرة قادة الشركات على تخطيط أعمالهم وتشغيلها بفعالية، وأظهر تقرير صادر عن «جى بى مورجان» أن تقلبات «بتكوين» المحققة لمدة 3 أشهر، أى التحركات الفعلية فى الأسعار تقف عند %87 مقابل %16 للذهب.

ومع ذلك، يمكن أن تكون هذه العملات مخزنا موثوقا للقيمة، وتوفر حلا لعدد من المشكلات، لاسيما فى الاقتصادات الناشئة، فهى توفر طريقة بديلة لتخزين المدخرات، وعلى عكس العملات التقليدية، فهى غير معرضة لمخاطر التضخم، لذا يمكنها الحفاظ على القوى الشرائية بالقيمة الحقيقية، وفى هذا الصدد أيضا، يمكنهم تجنب مخاطر انخفاض قيمة العملة الناتج عن إسراف الحكومات.

وتسمح العملات المشفرة للأشخاص بإرسال الأموال بتكلفة أقل بكثير من العملات الأخرى، ويمكن أن تقل تكاليف المعاملات بنسبة %50 إلى %90 عن الطرق التقليدية، ومن الواضح أن هناك حجة مقنعة لصالح كون العملات المشفرة مخزنا للقيمة وهى أنها أشبه بالذهب الرقمى.

ومع ذلك، فمن غير الواضح إذا كانت العملات المشفرة قادرة على حل المشكلات الهيكلية المتعلقة باستخدامها كوسيلة للتبادل أو كوحدة حساب.

ويمكن للمرء أن يجادل فى أن إعادة تشكيل الهيكل أو النظام المالى العالمى جارية بالفعل، حيث تعد الصين أكبر شريك تجارى، ومستثمر أجنبى مباشر، ومقرض لكل من الاقتصادات المتقدمة والنامية، وثانى أكبر مقرض أجنبى للحكومة الأمريكية بعد اليابان، وعلى الرغم من ذلك، بعد عقد من التوسع، بدأت الصين فى التراجع.

وعلاوة على ذلك، تدعم الطبقة السياسية الصينية إنشاء عملتها الرقمية الخاصة «اليوان الافتراضى»، حيث يتم إصداره والتحكم فيه من قبل البنك المركزى.

وعلى عكس العملات المشفرة المتداولة بين شخص وآخر، يمكن أن تتحدى العملة المشفرة الصينية «بتكوين» والدولار الأمريكى على حد سواء.

وأعلن الاحتياطى الفيدرالى الأمريكى مؤخرًا أنه يستكشف إمكانية إطلاق الدولار الرقمى، وفى الواقع، فإن حقيقة أن الاقتصادات العالمية الكبرى يمكن أن تدعم العملات الرقمية تجعل من المستحيل على قادة الأعمال ومراقبى السوق استبعاد مستقبل منصات العملات الجديدة تماما.

وفى ديسمبر 2020، احتفظت شركة «مايكروستراتيجى»، وهى منصة لتحليلات الأعمال والحراك الاقتصادى، بـ»بتكوين» بقيمة 1.8 مليار دولار فى ميزانيتها العمومية، ومن المرجح أن يحذو بعض قادة الشركات حذوهم، توقعا بأن سعر العملة سيرتفع، وبالتالى سيكونون قادرين على بيع ممتلكاتهم بربح، وتحقيق مكاسب غير متوقعة، ولايزال البعض الآخر يرى أنه يتعين على الشركات إدخال «بتكوين» فى تعاملاتهم لكى يتمكن عملائهم أو الشركات فى سلسلة توريدهم الذين قد يرغبون بالتعامل بالعملة المشفرة من ذلك، ويعتمد مقدار ما يشترونه من العملة المشفرة بالأخير على حاجات عملائهم.

ومع ذلك، هناك سبب ثالث للنظر بجدية فى إضافة «بتكوين» إلى الميزانيات العمومية، وهو تخفيف المخاطر، وحتى إذا كان قادة الشركة لا يؤمنون بفعالية العملة على المدى الطويل، فيجب عليهم التأكد من أنهم لا يجدون أنفسهم «خارج اللعبة» أمام أحد المنافسين، وإذا استمرت عملة «بتكوين» فى الارتفاع من حيث القيمة، فإن الزيادة الكبيرة فى الميزانية العمومية للمنافس يمكن، فى الواقع، أن تعرض شركتك لخطر استراتيجى يتمثل فى الانهيار أو حتى الاستحواذ عليها.

وفى هذه الحالة، فإن شراء «بتكوين» اليوم هو فى الأساس إدارة حكيمة للمخاطر ولا علاقة له بما إذا كان مجلس الإدارة والإدارة يؤمنان بالكفاءة طويلة الأجل للعملات المشفرة أم لا، وبدلاً من ذلك، يجب أن يكون قادة الشركات متيقظين إلى نقطة التحول عندما تفوق المخاطر المطلقة لعدم امتلاك «بتكوين» مخاطر امتلاكها.

بقلم: دامبيسا مويو
الكاتبة هى اقتصادى عالمى ومؤلفة كتاب «حافة الفوضى» – «Edge of Chaos»

لمتابعة أخر الأخبار والتحليلات من إيكونومي بلس عبر واتس اب اضغط هنا

الأكثر مشاهدة

النفط يصل لأعلى مستوياته منذ شهر وسط توقعات بارتفاع الطلب

استقرت أسعار النفط اليوم الخميس لتقترب من أعلى مستوى في...

البنك الأهلي يستحوذ على 24% من رأسمال “هايد بارك” العقارية

استحوذ البنك الأهلي المصري على حصة البنك العقاري المصري العربي...

منطقة إعلانية